ظاهرة ” البغاء ” طابو يكسر على طاولة ندوة فكرية بمرتيل المختار العروسي - طنجة
كسرت جمعية المرأة المناضلة إحدى الطابوهات المسكوت عنها في المجتمع المغربي بعد أن وضعت ظاهرة ” البغاء ” التي يتحاشى الكثيرين الحديث عنها على طاولة النقاش لملامسة أسبابها ودواعيها في ندوة نظمتها الجمعية أمس السبت بمرتيل. ” خلود السباعي ” أستاذة علم النفس بكلية الآداب التابعة لجامعة الحسن الثاني بالمحمدية وفي مداخلة لها مستندة على بحث ميداني أجرته مع عدد من ” الباغيات ” أو عاملات الجنس أكدت أنهن يعشن بالأساس حالات التنافر المعرفي في حياتهن، ففي الوقت الذي تصر فيه جل ” الباغيات ” على أن دخولهن عالم ممارسة الجنس كن مرغمات عليه بسبب الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية كالفقر والعنف والاغتصاب وبالتالي يبررن ويفسرن أسباب دخول هذا العالم. فإن الباغية تدافع عن دور الضحية من جهة أخرى فهي تتشبت بنوع من الحرية في ممارستها للجنس ( كنبغي ندير ) وبالتالي لا يحق لأحد محاسبتها على دخولها عالم البغاء، وهنا تتقمص الباغية دور الضحية من جهة ودور الإنسانة المتحررة من جهة ثانية تؤكد الأستاذة ” السباعي خلود “. وتتعدد حالات التنافر عند الباغيات من الرغبة في كسب المال مقابل ممارسة الجنس مع أي كان وكيفما كان المقابل، إلى التبذير المستمر لذلك المال والإنفاق بشكل مسرف باعتباره مال حرام لا بركة فيها ويصرف بسرعة لغضب الله عليه وسخطه. كما أن الباغية وحسب ذات البحث الميداني تصر على أنها تكون ضحية للزبون في غالب الأحيان لأن الاعتداء أمر بديهي مرتبط بعلاقات مع مجهولين، ما يجعلها تلجأ للشرطة من أجل الحماية واسترداد حقها، حيث تصر العديد من المستجوبات على كون الشرطة هي أكثر من يعتدي عليهن، وهنا حسب الأستاذة ” السباعي ” تظهر حالة تنافر جديدة فالباغية تعرف أنها تعمل في مجال يعرف العنف والزبون هو مشروع عنيف وفي نفس الوقت يلجأن لطلب الحماية. عبد الواحد الفقيهي الباحث في علم النفس استعرض دور الرجل في صناعة البغاء من خلال وضع تساؤلات حول الفاعل الحقيقي، وهي أسئلة تجلعنا نتواجد في عمق التاريخ والمؤسسة، فالفعل الجنسي في المجتمعات القديمة حسب ” الفقيهي ” كانت مقدسا وهو ما كسفت عنه العديد من الدراسات، فالرجل والمرأة بجزيرة ” غاوا ” يمارسن الجنس في العراء في بداية حصاد الأرز لزيادة المحصول. ويضيف ” الفقيهي ” على كون الرجل صور نفسه كضحية للمرأة الشريرة، وهي سبب الخطيئة وبالتالي بنى الرجل الصورة على المرأة بالأسطورة والتاريخ التي تتحدث على كون المرأة هي سبب غواية الرجل وإيقاعه في الرذيلة. الدكتور ” الفقيهي ” حمل المسؤولية لبعض الكتب الفقهية التي تزخر بكراهية النساء على الرغم من خلو القرآن على نص يعطي مؤشر على كراهية النساء، وهو مظهر من مظاهر ذكورية الفقه. بعض المداخلات من طرف الحاضرين التي جاءت على هامش الندوة أجمعت على أن ” ممارسة الجنس “ليست أقدم مهنة في التاريخ، بل وليست مهنة بالأساس لأن الباغية مستغلة جنسيا بسبب مجموعة من الظروف وهو الأمر الذي يستوجب تصحيح بعض المصطلحات في الحديث عن ” الباغية “