في إجماع نادر، كما علقت الصحف الفرنسية على الحدث، صوت البرلمان الفرنسي قبل أسبوعين على مشروع قانون بشأن إلغاء البغاء، تقدم به النائب الفرنسي «دانيال بوسكيه» الذي ترأس لجنة برلمانية قامت بجمع المعلومات ورصد ظاهرة البغاء في المجتمع الفرنسي، ويهدف مشروع القانون إلى تجريم عملاء البغاء وإعادة النظر في العقوبات. وفي هذا الصدد، أكد علي الشعباني أستاذ علم الاجتماع، أن المجتمع الذي يفكر في محاصرة ظاهرة الدعارة مجتمع نظيف يفكر في مستقبل أجياله، وأضاف في تصريح ل»التجديد»، أن إقدام فرنسا على هذه الخطوة ومصادقة برلمانها على مشروع قانون بشأن إلغاء البغاء يفيد بأنها تريد محاصرة الظاهرة لا تقنينها، وأشار أن إصدار مثل هذه القوانين يدل أن مراقبة البغايا وتقنين الظاهرة لا ينفع إطلاقا. من جهتها، اعتبرت خلود السباعي أستاذة علم الاجتماع بجامعة الحسن الثاني، أن مشروع القانون إيجابي وفي صالح المرأة والجسد الأنثوي، وأكدت أن القرار سيشكل ضربة قاسية للتجار و»المافيا» التي تتاجر بجسد المرأة، وقالت في تصريح ل»التجديد»، إن الجميل أن فرنسا التي كانت من الدول الأولى التي دعت إلى الجنس واعتبرت أن تحرير المرأة جنسيا هو الذي يؤدي إلى تحريرها فكريا يصادق برلمانها على مثل هذا المشروع، وشددت السباعي، على أن الخطوة التي أقدم عليها البرلمان الفرنسي تطرح الاستفسار حول «هل تحررت المرأة لما تعرى جسدها؟». واستند مشروع القانون الذي صوت عليه البرلمان الفرنسي والذي خلق نقاشا واسعا بين أطراف متعددة في المجتمع، على عدد من الاتفاقيات الدولية، منها اتفاقية الاتفاقية الدولية لمنع الاتجار بالأشخاص واستغلال دعارة الغير، والتي تنص على أن الاتجار في البشر لأغراض الدعارة، يتنافى مع كرامة وقيمة الإنسان، وأيضا على ضوء اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة التي اعتمدتها الجمعية العامة للأمم المتحدة، إلى جانب بروتوكول اتفاقية الأممالمتحدة لمكافحة الجريمة المنظمة عبر وطنية لمنع وقمع ومعاقبة الاتجار بالأشخاص، وبخاصة النساء والأطفال، ثم اتفاقية مجلس أوروبا الخاصة بالعمل ضد الاتجار بالبشر، والتي تشكل اثنين من المراجع الدولية في مجال مكافحة الاتجار بالبشر. واعتبر مشروع القانون، البغاء كشكل من أشكال العنف ضد المرأة، والجنس الذي يصاحب الدعارة انتهاك خطير بشكل خاص للسلامة الجسدية للبغايا. كما اعتبر أيضا، أن ممارسة البغاء بشكل رئيسي من قبل النساء وكون الزبائن كلهم تقريبا من الرجال، خلل لمبدأ المساواة بين الجنسين. ووفقا لمشروع القانون، فإن الهدف هو الوصول إلى مجتمع بدون بغاء، وعدم إضفاء الشرعية على البغاء، ويرى مشروع القانون أنه من الضروري تقديم بدائل ذات مصداقية لممارسة الدعارة وضمان الحقوق الأساسية للبغايا، إضافة إلى تأكيده على أن الدعارة سوف تنخفض بفعل تغيير تدريجي في المواقف والعمل الدؤوب للوقاية والتثقيف. ومن المنتظر أن يواجه مشروع القانون صعوبات كبيرة من تنزيله على أرض الواقع، بعد المعارضة القوية التي أبدتها بعض الجمعيات والشركات الممولة والمدعومة والتي تغذي صناعة الجنس.