شهد المغرب في السنوات الأخيرة تطوراً ملحوظاً في مجال رقمنة الإدارة، وهو ما يعتبر خطوة إيجابية تسهم في تسهيل حياة المغاربة المقيمين داخل الوطن وخارجه على حد سواء. من بين أهم الإنجازات التي تم تحقيقها في هذا الصدد يمكن ذكر اتفاقية "الأبوستيل"، التي تسمح بتوثيق الوثائق الرسمية إلكترونيًا، وعقود الازدياد عبر الإنترنت، والتحولات البنكية ،بالإضافة إلى متابعة الملفات القضائية عن بعد. هذه الخدمات تعد مكسباً كبيراً للجالية المقيمة بالخارج، حيث توفر عليهم عناء التنقل إلى المغرب لإتمام معاملاتهم الإدارية وتسهّل عليهم الحصول على الوثائق الضرورية بسرعة وسهولة. تعتبر هذه الخطوات جزءًا من استراتيجية أوسع لتحسين جودة الخدمات الإدارية وتقريب الإدارة من المواطنين أينما كانوا. بالنسبة لمغاربة العالم، الذين يقدر عددهم بالملايين، فإن مثل هذه المبادرات تعد ضرورية لتلبية احتياجاتهم الإدارية وتسهيل تواصلهم مع وطنهم الأم. على سبيل المثال، خدمة "الأبوستيل" الإلكترونية تمكن المغاربة المقيمين بالخارج من تصديق وثائقهم بسرعة دون الحاجة إلى الذهاب إلى القنصليات أو السفارات، وهو ما يسهم في تسهيل إجرائهم لمعاملات مثل الزواج أو الدراسة أو العمل في البلدان التي يقيمون بها. ورغم هذه الجهود المبذولة، لا يمكن تجاهل أن هناك بعض التحديات والمشاكل التي ما زالت تواجه مغاربة العالم عند سعيهم لقضاء اغراضهم الإدارية في المغرب. فعلى الرغم من رقمنة العديد من الخدمات، إلا أن البعض منهم قد يجد صعوبة في التفاعل مع النظام الإلكتروني أو يواجه عقبات تتعلق بالبنية التحتية التقنية، خاصة في المناطق الريفية أو النائية. كما أن بعض الإدارات ما زالت تعتمد على الإجراءات التقليدية أو تعاني من نقص في الكفاءة أو الشفافية، مما قد يعرقل استفادة مغاربة العالم من هذه التحسينات بشكل كامل إضافة إلى ذلك، هناك حاجة ماسة لتعزيز التواصل بين الإدارات المغربية و مغاربة العالم المغربية ، سواء من خلال توفير قنوات دعم فنية للمساعدة في استخدام الخدمات الرقمية أو من خلال تنظيم حملات توعوية لتعريف المغاربة في الخارج بحقوقهم وكيفية الاستفادة من هذه الخدمات. ختاماً، يمكن القول إن المغرب قد قطع عدة مراخل في مجال رقمنة الإدارة، مما يعود بالنفع على جميع المغاربة، سواء داخل الوطن أو خارجه. ومع ذلك، يبقى التحدي الأكبر هو ضمان أن تكون هذه الخدمات الرقمية متاحة وفعالة للجميع دون استثناء، وأن يتم التغلب على العقبات التي قد تواجه مغاربة العالم في هذا الصدد. وبالتالي، فإن الاستمرار في تحسين هذه الخدمات وتوسيع نطاقها سيساهم بلا شك في تعزيز الارتباط بين المغاربة المقيمين بالخارج ووطنهم الأم، ويجعل من السهل عليهم تلبية احتياجاتهم الإدارية بكل يسر وسلاسة.