عبدالرحيم محراش يدخل العداء المغربي سفيان البقالي في صراع قوي على زعامة سباق 3000م موانع هذا الموسم ، بعد البداية القوية التي بصم عليها العداء الأثيوبي، لاميشا جيرما، المتخصص في سباق ثلاثة ألاف موانع، عندما سجل الأسبوع الماضي أسرع توقيت عالمي في سباق 3000 متر داخل الصالة في أول ظهور له هذا العام، برقم قياسي مذهل بلغ 7.23.81د في ملتقى ليفين لألعاب القوى بفرنسا، و دخل التاريخ كونه أول عداء ينزل عن سقف 7.24 د في تاريخ السباق، ناسخا الرقم القياسي السابق بأكثر من ثانية، ليبعث تحذيرا قويا لمنافسيه في سباق 3000 متر موانع، قبل أقل من شهر على إنطلاق موسم سباقات الهواء الطلق، و منهم بالخصوص العداء المغربي سفيان البقالي الذي يتسيد هذه المسافة منذ عامين بعد أن توج بكل الألقاب الممكنة، بطلا اولمبيا، و بطلا للعالم وبطلا للدوري الماسي. و الأكيد سيكتسي سباق 3000 متر موانع الذي يخوضه العداء المغربي سفيان البقالي أهمية بالغة هذا العام، في ظل المنافسة القوية ، بوجود أكثر من متسابق من المستوى العالي، خصوصا بين سفيان البقالي، حامل لقب بطل العالم العام الماضي بيوجين، و وصيفه الأثيوبي لاميشا جيرما الذي سيكون رقما صعبا هذا العام، و أحد أبرز نجوم هذا السباق، بعد أن أعطى إشارات السنة الماضية في سن 21 عاما فقط، بمستواه المثير للإعجاب، حيث تمكن من تحقيق أفضل الأرقام في السباق، و كان الوحيد الذي إستطاع كسر حاجز الثماني دقائق ثلاثة مرات و في ظرف أقل من عشرة أيام، قبل أن يفجر طاقاته في أول إطلالة له هذا العام داخل الصالات المغلقة في سباق 3000 متر الذي قدم فيه أداء عاليا ليسجل رقما خرافيا بمقدار 7:23.81د، و يحطم أحد الأرقام القياسية التي ظلت عصية منذ أكثر من 25 سنة. و بدا واضحا أن أداءه تطور بشكل كبير جدا و أصبح أكثر مناعة، الشي الذي سيجعله يشكل خطرا كبير على البطل سفيان البقالي هذا العام و يزاحمه على عرش السباق. العداء لاميشا، البالغ من العمر (22 عاما)، ينتمي إلى منطقة أسيلا بأثيوبيا التي ينتمي إليها هايلي جيبريسيلاسي و كينينيسا بيكيلي و أسرة ديبابا. و بدأ لاميشا مسيرته في سباق 1500 متر في أكاديمية البطلة الأولمبية السابقة تيرونيش ديبابا، و لما لاحظ مدرب النادي طوله و خطواته الطويلة في الركض إقترح عليه أنه سيكون أفضل لو غير إختصاصه إلى سباق الموانع، و أخذ بنصيحته ليلتحق بأكاديمية الشباب الرياضية بالعاصمة الأثيوبية أديس أبابا تحت إشراف المدرب الوطني للمنتخب الاثيوبي في سباق الموانع. ليسطع نجمه في هذا الإختصاص كعداء متميز وموهوب في سن صغيرة، و بدأ بداية واعدة في مشواره ضمن الكبار رغم صغر سنه، حيث إستطاع مقارعة أقوى العدائين في سباق الموانع، ليسطر تاريخه مبكرا و تحديدا في بطولة العالم لألعاب القوى 2019 بالدوحة، بعد فوزه بفضية سباق 3000 متر موانع في سن 18 سنة، بعد منافسة شرسة في السباق النهائي المثير للإعجاب الذي حسم للعداء الكيني كيبروتو بعد اللجوء إلى تقنية الفوتو فينيش بفارق 0.01 ثانية، و حاز البقالي في هذا السباق على الميدالية البرونزية. و واصل بعد ذلك تطوره الرقمي وسجل تطورا في مستواه وأدائه سنة بعد أخرى. كما حافظ على حضوره المتميز في البطولات العالمية الكبرى، و توج بفضية أولمبياد طوكيو، و فضية أخرى في مونديال يوجين العام الماضي الذي أحرز خلاله كذلك فضية سباق 3000 متر في مونديال الصالات ببلغراد. و حقق كله هذه الانجازات في سن أقل من 21 سنة، و تقديرا لكل هذه الإنجازات منحه الإتحاد الإفريقي لألعاب القوى جائزة أفضل رياضي شاب لعام 2022. ويبقى الهدف الرئيسي للعداء لميشا هو التتويج باللقب عالمي، و الفرصة سانحة أمامه هذا العام في بطولة العالم لألعاب القوى ببودابيست الصيف المقبل، و سيكون مرشحا بقوة للفوز بأول لقب عالمي في مسيرته، و يفك بذلك نحس مركز الوصافة التي لازمه في أربع بطولات عالمية كبرى متتالية. و يشير مستوى الاثيوبي لاميشا جيرما من خلال أداءه الباهر قبل أسبوع في سباق 3000 متر داخل الصالة بفرنسا، إلى أنه أصبح إسما صعبا و قويا سيهدد العداء سفيان البقالي، بطل العالم و حامل الذهبية الأولمبية، هذا العام على زعامة سباق 3000 متر موانع في ملتقيات الدوري الماسي التي تشتعل فيها المنافسة و تعرف مشاركة أجود العدائين على الاطلاق يتزعمهم البقالي إلى جانب كوكبة العدائين الكينيين المتخصصين الذين سيطروا على هذا السباق لسنوات طويلة، مما سيعطي لهذا السباق قدرا كبيرا من المتعة و الإثارة هذا العام و سينعكس إيجابا على زمن و نتيجة هذا السباق و يجعل رقمه القياسي في خطر. و من جانبه، يدرك سفيان البقالي جيدا، أن مهمته هذه السنة لن تكون بالسهلة و تنتظره منافسة قوية و شرسة من العداء الأثيوبي لاميشا جيرما الذي أظهر أنه أصبح أكثر نضج و مناعة من خلال مستوياته العام الماضي خصوصا بداية هذا العام، إذ أبان عن قدرات متميزة و إنطلاقة واثقة في سباق تاريخي كبير فجر خلاله كل طاقاتها و أزاح خلاله أحد أصعب الأرقام العالمية داخل الصالات تحديدا في مسافة 3000 متر، ليعطي إشارة بأنه سيكون هذا العام المرشح الأبرز ليكون الملك الجديد لسباق الموانع و أحد النجوم الكبار التي تتجه لهم الأنظار في مضامير ألعاب القوى. و رغم أن منافسات سباقات الهواء الطلق ما زالت لم تبدأ بعد لمعرفة مدا قوة و جاهزية عداء عن الآخر، إلا أن زعامة هذا السباق التي كانت حكرا على الكينيين، قبل أن ينتزعها منهم سفيان البقالي قبل عامين، ستكون المنافسة عليها مفتوحة على مصراعيها بين كوكبة العدائين الكينيين و الأثيوبيين و المغربي سفيان البقالي، و يصعب التكهن باسم الفائز نظرا لتقارب مستواهم. و سيحاول البقالي بدوره أن يثبت أنه نجم هذا السباق بلا منازع، و يواصل سلسة إنتصاراته و زعامته للسباق رغم المنافسة القوية التي ينتظرها من لاميشا. و قدم البقالي موسما رائعا و مثاليا العام الماضي حيث لم يخسر طوال العام أي منافسة أو بطولة أو ملتقى دولي، وتوجه بالفوز بلقب الدوري الماسي و اللقب العالمي منهيا مرة أخرى السيطرة الكينية في البطولة العالمية كما فعل نفس الشيء في أولمبياد طوكيو. و رغم أنه حقق تقريبا كل الألقاب الممكنة، الا أنه ما زال يطمع في المزيد من الإنجازات و شهيته مفتوحة لألقاب أخرى في سباقه المفضل، حيث يواصل تحضيراته بمعنويات عالية للموسم الجاري الذي سيشهد إقامة بطولة العالم لألعاب القوى التي يسعى من خلالها الإحتفاظ بلقبه العالمي. وأعلن البقالي في حوار له مع مجلة ويكلي أتليتيكس البريطانية المتخصصة، في حفل توزيع جوائز ألعاب القوى لعام 2022،عن نيته لتحطيم الرقم القياسي العالمي لسباق 3000 متر موانع، الذي يحتفظ به العداء القطري سيف سعيد شاهين منذ عام 2004، و البالغ (7:53.63د). و أوضح، أن لهذا السبب، سيركز في عام 2023 على تحسين سرعته عبر المشاركة في مسافة 1500 متر الذي يملك فيها رقم جيد بمقدار 3:31.95د، لإنهاء سباقه المفضل "3000 متر موانع" بقوة أكبر و بزمن أقل من الرقم العالمي. ونزل سفيان البقالي عن حاجز الثماني دقائق في سباق 3000م موانع مرتين في مسيرته. و يملك أفضل رقم عالمي من بين العدائين الناشطين حاليا بقدر 7:58.15د سجله عام 2018 بموناكو، و الذي يضعه في المركز العاشر كأسرع زمن على الإطلاق، و المركز الثاني في المغرب بعد رقم المغربي إبراهيم بولامي البالغ 7:55.28د الذي حققه عام 2001 و هو رقما قياسيا وطنيا . لكن حسب رأي المتتبعين و الفنيين، فإن الطريقة التي يخوض بها البقالي سباقاته، يبقى كسر الرقم العالمي صعب المنال بالنسبة له، حيث يظل في كل سباقاته مختبأ في الخلف ثم الخروج في الأمتار الأخيرة، و هي طريقة لا تساعد على تحقيق أرقام قوية جدا. في المقابل يبدو لاميشا جيرما الأقرب حاليا لتحطيم او الاقتراب من الرقم العالمي، و يملك المقومات والمؤهلات لتحطيم الرقم القياسي العالمي بطريقته المثلى بشجاعته في أغلب سباقاته بالقيادة منذ البداية و السيطرة على السباق و مجاراة إيقاع أرانب السباق مع رفع الإيقاع القاتل في اللحظة المناسبة، و هذا التيكتيك يجعل المتسابق أقرب إلى الرقم القياسي العالمي للمسافة ، و كل هذا يتطلب أن يكون العداء في جاهزية تامة لمواجهة التحدي، و هو ما شاهدناه في السباق الكبير و المذهل الذي قام به لاميشا في ملتقى ليفين الفرنسي هو الذي شهد تحطيمه للرقم القياسي العالمي في سباق 3000 م داخل الصالات والذي كان بحوزة الكيني دانييل كومان منذ 25 عام. والحديث عن بطولة العالم القامة المقررة الصيف المقبل بالعاصمة الهنغارية بودابيست، قد يكون سابق لأوانه الان، بحكم ان سباق الموانع يجرى فقط في الهواء الطلق، و منافساته مازالت لم تبدأ بعد لمعرفة مستوى كل عداء، لكن المنافسة و لقب السباق لن يخرج من بين عدائي أثيوبيا بزعامة لاميشا جيرما و سفيان البقالي الذي يأمل في الحفاظ على لقبه العالمي، رغم أن مهمته هذه المرة ستكون صعبة في التتويج باللقب للمرة الثانية على التوالي، إلى جانب كوكبة العدائين الكينيين الذي سيسعون إلى إستعادة هيبتهم على هذا الإختصاص الذي كان ملكا لهم، بعد خسارتهم للقب الأولمبي ثم العالمي في العامين الماضيين، و إعادة اللقب إلى بلدهم، وهم الذين احرزوا لقب البطولة 13مرة من أصل 18 نسخة حتى الآن إضافة إلى 12 ميدالية فضية و 6 برونزيات. و المدرسة الكينية عودتنا كل عام على إعداد جيل واعد من العدائين من المستوى العالي، فكلما تراجع مستوى عداؤوها ظهر بدلا منهم كثيرون. و يبقى هدفهم المقبل هو استعادة اللقب العالمي لسباق الموانع في بودابيست 2023. وأثبت الأثيوبي لاميشا جيرما، أنه في قمة عطائه هذا الموسم، خصوصا بعد بدايته الرائعة و المذهلة داخل الصالات، و يبقى أبرز مرشح للفوز باللقب العالمي هذا العام. و يبدو أنه تعلم الدرس من العام الماضي، بخوضه سباقات كثيرة على طول العام في الصالات والضاحية و في الهواء الطلق مما جعله يتعرض في نهاية الموسم لاصابة أرغمته على الغياب عن السباق النهائي للدوري الماسي الذي فاز به سفيان البقالي. وسيسعى لاميشا للتأر من البقالي الذي حل وصيفا له مرتين في الألعاب الأولمبية طوكيو 2021 و مونديال يوجين لألعاب القوى 2022، و حرمانه من الدفاع عن لقبه في سباق الموانع، و أن يصبح أول عداء أثيوبي يفوز باللقب العالمي في المسابقة، و يفك النحس الذي لازمه في أربع بطولات عالمية كبرى متتالية (بطولة العالم 2019، 2022، و أولمبياد طوكيو 2021، مونديال الصالات 2022) والتي اكتفى فيها بالميدالية الفضية.