تتوالى الحوادث المفجعة التي يذهب ضحيتها العمال والعاملات بسبب استفحال الفساد والاستهتار التام للسلطات بمسؤولياتها والاستخفاف بالأرواح وغض الطرف عن جشع المشغلين محليين وأجانب .وهو ما تجدد صباح يوم الإثنين 8فبراير بطنجة حيث لقي 88شخصا 01عمال و08عاملة حتفهمبعد أن غمرت مياه الأمطاروحدة إنتاجيةللنسيج يشتغلون به، يوجد في مرآب فيلا من طابقين وتنعدم فيه أبسط شروط الصحة والسلامة، ويشغل أكثر من 01عاملة وعامل، أغلبهم نساء ومن ضمنهم قاصرين، حيث كانوا يتعرضون لاستغلال بشع، وانتهاك سافر لحقوقهم الدنياالمنصوص عليهافي مدونة الشغل أمام مرأى السلطات.إن المكتب المركزي للجمعية المغربية لحقوق الإنسان،إذ يعبر عن حزنه العميق لهذه الفاجعة الإنسانية التي أزهقت أرواح بشرية كثيرة،وعن غضبه الشديد من السياسات المفلسة للدولة التي أدت إليها، فإنه أمام هذه الفاجعة: يتقدم بأصدق التعازي وعبارات المواساة للأسر التي رزئت في ذويها في هذا الحادث، ويعبر عن مساندته لها أمام هذا الظلم الكبير الذي طالهاوأفقدها أهاليها في تلك الظروف المؤلمة؛ يعتبر أن هذا الحادث المأساوي ليس معزولا ولا استثناء أو سابقة، بل هو نتاج للفساد المستشري فيكل دواليب الدولة، مما يؤدي إلى تواطؤ المسؤولين مع الشركات الجشعة، ويحمي المشغلين الذين لا تهمهم إلا الأرباح ولو على حساب الأرواح،وهو مايجعل منه انتهاكا جسيما لحقوق الضحايا وذويهم، يستوجبالعقاب وجبر الضرر وعدم التكرار؛ يعتبر أن التصريحات الواردة على لسان رئاسة الحكومة وما نقلته وسائل الاعلام التابعة لها من أن وحدة الإنتاج المعنية ،تعملفي السرية هي اعترافات تدينهاولاتبرئها، وهي عذر أكبر من الزلة وينضاف لها ؛ يستنكر ما أقدمت عليه السلطات المحلية بفرض دفن الضحايا فيوقت متأخر من مساء يوم الحادث، حارمين الأسر المفجوعة من تأبين ضحاياها وإعلان الحداد عليهم، وتلقى العزاء فيهم،وتسييد المقاربة الأمنية، دون احترام لمشاعر الأسر المكلومة،وتدابيرالتحقيق، مما يستوجب مساءلتها بخصوص هذا القرار؛ يطالب بجعل حد لأسلوب التماطل الذي ساد في التحقيقات بشأن الحوادث المماثلة السابقة، بعدم الإعلان عن نتائجها مما يؤدي إلى تكرارها بسبب سياسات الإفلات من العقاب التي تحمي المفسدين وتشجع على المزيد منانتهاك القانون وضرب حقوق الإنسان، ويطالب بالتحقيق الفوري، الجدي والفعال من أجلإجلاء الحقيقة كاملة وإعمال القانون بشأن هذه الفاجعة وكل ما واكبها من قرارات وإعمال العدالة الفعلية بشأنها، وترتيب المسؤولياتومعاقبة كل من يثبت تقصيره أو تواطؤه أو مسؤليته المباشرة أو غير المباشرة في ما وقع،والاعلان عن مآل التحقيق ونتائجه للرأي العام، تفعيلا لحقه في الصول إلى المعلومة،وجبر ضرر أسر الضحايا معنويا وماديا؛يطالب بوضعحد لما يسمى القطاع غير المهيكلفي مجالالصناعة،وخاصة النسيج والصناعات الجلدية والتي تنشط بقوة في العديد من المناطق، ويؤكد على ضرورة ضمان الصحة والسلامة للعاملات والعمال في كل الوحدات الانتاجية، وتفعيل دور لجن السلامة وفق الضوابط القانونية ذات الصلة؛ يطالب بالإعلان عن هوية كل المقاولات المشاركة في سلسلة الإنتاج من الشركات العالمية صاحبة الطلبيات إلى الورشة مكان الحادث، ومضامين الاتفاقات التي أبرمت في مختلف المراحل والتصريحات التي سلمت لتنفيذها إعمالا للحق في المعلومة بخصوص مدى احترام حقوق العاملات والعمال؛ يدعو كل الهيآت والتنظيمات المناهضة للظلم والاستعباد إلى مواجهة الاستغلال البشع التي تلجأ لها الشركات العالمية اتجاه شعوب دول الجنوب لرفع أرباحها بشكل صاروخي على حساب حياةوكرامة وحقوق العمال والعاملات، تهربا من التزاماتها الاجتماعية في بلدانها.وحتى لا تذهب أرواح ضحايا هذه الفاجعة سدى، يجب أن تشكل منطلقا لحركة نضالية واسعة ضد الفساد والاستبداد والرشوة واللوبيات الاقتصادية المنفلتة من اية التزامات اجتماعية،باعتبارهم السبب الرئيسي لتكرار هذه الفواجع وتواتر المآسي التي يسقط فيها عشرات الضحايا بسبب لقمة العيش، هذا الحق الذي يعد أساسيا،ومن مسؤولية الدولة أن توفره للجميع، وأن تمكن منه كافة الناس بكرامة.