سجلت الجمعية المغربية لحقوق الإنسان توالي الحوادث المفجعة التي يذهب ضحيتها العمال والعاملات بسبب استفحال الفساد والاستهتار التام للسلطات بمسؤولياتها، والاستخفاف بالأرواح، وغض الطرف عن جشع المشغلين محليين وأجانب. وعبرت الجمعية في بيان لها عن غضبها من سياسات الدولة التي أدت لفاجعة طنجة، حيث لقي 28 عاملا وعاملة مصرعهم، ومن ضمنهم قاصرون، إذ كانوا يتعرضون لاستغلال بشع، وانتهاك سافر لحقوقهم الدنيا المنصوص عليها في مدونة الشغل أمام مرأى السلطات. وطالبت بالإعلان عن هوية كل المقاولات المشاركة في سلسلة الإنتاج من الشركات العالمية صاحبة الطلبيات إلى الورشة مكان الحادث، ومضامين الاتفاقات التي أبرمت في مختلف المراحل والتصريحات التي سلمت لتنفيذها، إعمالا للحق في المعلومة بخصوص مدى احترام حقوق العاملات والعمال. وشددت الجمعية الحقوقية على ضرورة تكثيف الجهود لمواجهة الاستغلال البشع الذي تلجأ إليه الشركات العالمية اتجاه شعوب دول الجنوب لرفع أرباحها بشكل صاروخي، على حساب حياة وكرامة وحقوق العمال والعاملات، تهربا من التزاماتها الاجتماعية في بلدانها. وأشارت الجمعية الحقوقية إلى أن هذا الحادث المأساوي ليس معزولا ولا استثناء أو سابقة، بل هو نتاج للفساد المستشري في كل دواليب الدولة، مما يؤدي إلى تواطؤ المسؤولين مع الشركات الجشعة، ويحمي المشغلين الذين لا تهمهم إلا الأرباح ولو على حساب الأرواح، وهو ما يجعل منه انتهاكا جسيما لحقوق الضحايا وذويهم، يستوجب العقاب وجبر الضرر وعدم التكرار. واعتبرت أن التصريحات الواردة على لسان رئاسة الحكومة، وما نقلته وسائل الاعلام التابعة لها، من أن وحدة الإنتاج المعنية تعمل في السرية، هي اعترافات تدينها ولا تبرئها، وهي عذر أكبر من الزلة وينضاف لها. واستنكرت الجمعية ما أقدمت عليه السلطات المحلية بفرض دفن الضحايا في وقت متأخر من مساء يوم الحادث، حارمين الأسر المفجوعة من تأبين ضحاياها وإعلان الحداد عليهم، وتلقى العزاء فيهم، وتسييد المقاربة الأمنية، دون احترام لمشاعر الأسر المكلومة، وتدابير التحقيق، مما يستوجب مساءلتها بخصوص هذا القرار. وطالبت بجعل حد لأسلوب التماطل الذي ساد في التحقيقات بشأن الحوادث المماثلة السابقة، بعدم الإعلان عن نتائجها، مما يؤدي إلى تكرارها بسبب سياسات الإفلات من العقاب التي تحمي المفسدين وتشجع على المزيد من انتهاك القانون وضرب حقوق الإنسان. وشددت على ضرورة التحقيق الفوري، الجدي والفعال، من أجل إجلاء الحقيقة كاملة وإعمال القانون بشأن هذه الفاجعة، وترتيب المسؤوليات، والإعلان عن مآل التحقيق ونتائجه للرأي العام، مع جبر ضرر أسر الضحايا معنويا وماديا، ووضع حد لما يسمى القطاع غير المهيكل في مجال الصناعة. وخلص البيان إلى الدعوة لتشكيل حركة نضالية واسعة ضد الفساد والاستبداد والرشوة واللوبيات الاقتصادية المنفلتة من أية التزامات اجتماعية، باعتبارها السبب الرئيس لتكرار هذه الفواجع وتواتر المآسي التي يسقط فيها عشرات الضحايا بسبب لقمة العيش، حتى لا تذهب أرواح ضحايا هذه الفاجعة سدى.