تم مساء أول امس الجمعة بجماعة بني عروس بمنطقة مولاي عبد السلام بن مشيش تكريم النقيب الاستاذ عبد الهادي بركة في حفل روحاني كبير اختلطت فيه الدكر والسماع مع تقديم شهادات في حق المحتفى به وقدمت خلال حفل التكريم، الذي تميز بحضور عدد كبير من سكان وأعيان منطقة مولاي عبد السلام ، وثلة من العلماء والفقهاء والمفكرين و الشخصيات السياسية والقضائية والدبلوماسية والفنية ،شهادات في حق المحتفى به، أجمعت على غزارة وتنوع عطاءاته وإسهاماته الفكرية والسياسية والنضالية، وكذا دوره الريادي في النهوض بتنمية منطقة بني عروس والترويج لها على المستوى الوطني والدولي. وفي هذا الصدد، أجمعت كل الشهادات بالقول ، إن الاحتفاء بسيدي عبد الهادي بركة هو احتفاء بالوطني المخلص وبالمناضل الغيور وبرجل الدولة بامتياز الذي ناضل على كل الواجهات والمستويات وبصم عن حضور متميز في كل المجالات والتجارب التي خاضها. وتابع دات المتحدثين ” إن الاحتفاء بالسيد عبد الهادي بركة يعتبر تكريما كذلك لجيل الرواد بأكمله وذلك تقديرا لإسهاماته ولكل الجهود العظام والتضحيات الجسام التي أسهمت في بناء مغرب اليوم، مغرب التعددية الحزبية والديمقراطية التشاركية والانفتاح السياسي وحرية العمل الجمعوي والتضامني والخيري الدي بصم مسيرته. أمسية بعبق التاريخ، ذرف خلالها النقيب عبد الهادي بركة دموع الشكر والثناء ودموع الفرحة على كل الأسماء التي حضرت حفل تكريمه ، مبديا امتنانه لكل من رافقوه في مساره السياسي الحزبي والبرلماني، وكذا أثناء كل التظاهرات والمبادرات التي يشهدها ضريح القطب الرباني مولاي عبد السلام بن مشيش دفين جبل العلم. بركة الذي بدا متأثرا طوال اللقاء، شكر في كلمة له كل من اشتغل معه طوال مساره السياسي والحزبي والجمعوي والحقوقي، مثمنا كلماتهم الرقيقة في حقه. وأضاف “حضور اليوم تشريف حقيقي لي، فأنا لم أشتغل يوما لوحدي، بل عملت على الدوام بمعية ساكنة هده المنطقة وزملاء آخرين، خصوصا بعد أن كلفت بتحمل مسؤولية الإشراف على ضريح مولاي عبد السلام بن مشيش كنقيب للشرفاء العلميين. وللإشارة فقد دخلت عائلة بركة المعترك النضالي السياسي في زمن طويل، ولكنك إذا جالست أحد أبنائها وتحدثت معهم أمثال سيدي عبد الهادي بركة، نقيب الشرفاء العلميين لمولاي عبد السلام، ونجل المجاهد الكبير محمد بركة، لن تتأخر لحظة في الحكم بأنه ليس له من الشباب إلا سنه، ونشاطه، وإقدامه، أما العقل والرزانة وأصالة الرأي، فكل ذلك قد فاق فيه كثيرا من كبار الشيوخ المجربين. وهو يحكي عن هذه الحقبة التاريخية، يبرز لنا الحاج عبد الهادي بركة، أطال الله عمره، ما قام به والده الحاج محمد بركة في شمال المغرب وجنوبه. وهو في سن صغيرة لا ينساها ولا ينسى التاريخ معه زيارة الزعيم والعالم الكبير علال الفاسي إلى منزل الحاج محمد بركة جد الدكتور نزار بركة، الأمين العام الحالي لحزب الاستقلال، وهي الزيارة التي كانت مناسبة للتجمعات الكبيرة مع الحركة الوطنية، أمثال الاستاذ الزعيم عبد الخالق الطوريس، كما كانت تقام اجتماعات تاريخية مع المقاومين وجيش التحرير المغربي مع هذا المناضل الدكتور علال الفاسي، كما كان هذا الاجتماع يقام مع ثلة من المسؤولين في القيادة التاريخية، أمثال المجاهد الدكتور عبد الكريم الخطيب،و المجاهد عبد الرحمان اليوسفي، والقيادة التحريرية المغربية. وكما يروي الحاج عبد الهادي بركة عن هذه الفترة التي تجسد منعطفا حاسما في مسيرة الكفاح الوطني، في سياق مسار نضالي متعدد الأشكال والصيغ ومتواصل الحلقات، ومحطة مفصلية وحاسمة في مسيرة الكفاح والنضال من أجل الحرية والاستقلال وتحقيق الوحدة الترابية، "كانت مناسبة استراتيجية لتنظيم الكفاح العسكري والسياسي في المدن والقبائل المجاهدة المغربية، وكانت مناسبة كذلك في تلك الفترة لتقدم الشكر وعظيم الامتنان للمجاهد الحاج بركة من طرف الحركة الوطنية من المقاومين والزعماء الوطنيين للمجهود المعنوي والمادي لهذا المناضل الكبير". الحاج عبد الهادي بركة يعتز بانتمائه لشجرة عائلية ضاربة في جذور التاريخ، إذ تعود جذور بركة إلى جماعة تزروت، حيث يوجد ضريح مولاي عبد السلام بن مشيش، بل إن عبد الهادي بركة، عم نزار، هو نقيب الشرفاء العلميين في المنطقة، والذي حازه بصفته الاعتبارية كشريف. عبد الهادي بركة، نقيب الشرفاء العلميين لمولاي عبد السلام اقترن اسمه بزوجته زهور أيت أحمد، شقيقة حسين أيت أحمد، القيادي الجزائري السابق، والتي انتقلت إلى عفو الله أخيرا. وفي حفل تأبينها، قال عميد أسرة بركة إن الفقيدة ماتت وفي قلبها غصة العلاقات المغربية- الجزائرية المتوترة. وفاة زهور التي كنا حاضرين في جنازتها، جمعت الاستقلاليين بالاتحاديين حين كان عبد الرحمن اليوسفي من بين مقدمي العزاء لعائلة بركة. وتفتخر عائلة بركة بنزار ابن المرحوم حسن بركة، أخ عبد الهادي بركة، الذي ولد بمدينة الرباط سنة 1964، وسط أسرة تتنفس هواء السياسة، فهو حفيد الزعيم الاستقلالي علال الفاسي، وصهر الأمين العام السابق للحزب عباس الفاسي، حيث اقترن بابنته راضية. وفي سنة 1981، حاز نزار على شهادة الباكلوريا وعمره 17 سنة فقط، حيث كان تعليمه الثانوي في مدارس البعثة الفرنسية بالعاصمة، قبل أن يلتحق بكلية الحقوق بجامعة محمد الخامس أكدال، التي حصل فيها سنة 1985 على الإجازة في الاقتصاد.. ليشد الرحال صوب مارسيليا لاستكمال دراساته الاقتصادية، قبل أن يعود إلى البلاد سنة 1992 متأبطا شهادة الدكتوراه. انخرط نزار رسميا في حزب «الميزان» سنة 1981، وحين عاد إلى المغرب لم يصطف في طوابير حملة الشهادات العليا، حيث عين مدرسا بكلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية بجامعة محمد الخامس أكدال، قبل أن يحط الرحال سنة 1996 بوزارة المالية. ارتبط نزار بركة براضية، الابنة المدللة لعباس الفاسي، الوزير الأول السابق، وتحول من صهر إلى ابن لم يلده عباس، الذي أنجب «راضية» المحامية، و«ماجدة» المهندسة، و«فهد» مسير شركة، وعبد المجيد الذي يتابع دراسته بإنجلترا.. لهذا كان من الطبيعي أن ترافع المحامية في حضرة والدها كي يضم زوجها إلى التشكيلة الأساسية للحكومة وهو ما حصل، سيما وأن نزار أصبح أكثر من وزير، بل غدا مستشارا في الخفاء للأسرة الملكية وعائلة عباس الفاسي. كل هذه الأحداث صنعت من آل بركة عنوانا من الذكريات المجيدة في ملحمة الكفاح الوطني من أجل الحرية والاستقلال وتحقيق السيادة الوطنية والوحدة الترابية، وتكريسا لقوة التحام العرش بالشعب دفاعا عن المقدسات الدينية والثوابت الوطنية، مع استشراف آفاق المستقبل. ويبقى اسم آل بركة مرتبطا بكل الذكريات، ونضالها حدثا تاريخيا بارزا في ملحمة الكفاح الوطني من أجل الحرية والاستقلال وتحقيق السيادة الوطنية والوحدة الترابية، وهي الذكرى التي يحتفي بها المغاربة وفاء وبرورا برجالات الحركة الوطنية والمقاومة وجيش التحرير، وتخليدا للبطولات العظيمة التي صنعها أبناء هذا الوطن بروح وطنية عالية وبإيمان عميق.