إن المؤتمر الوطني الثاني للقطاع النسائي للنهج الديمقراطي، المنعقد بالرباط بومي 29 يونيو 2019، تحت شعار "قطاع نسلي قوي رافعة لبناء عليه الطبقة العاملة وعموم الكادحات والكادحين"، والذي افتتح بندوة دولية ناجحة حول "دور النساء في الحركة الشعبي" بمساهمة ممثلات عن تنظيمات يسارية وماركسية من كل من فلسطين وتونس وإسبانيا وفرنسا والمغرب بعد تحليله لمميزات الوضع السياسي الراهن، وللأوضاع العامة للنساء في العالم ووقوفه عند النضالات التي بحضنها عالميا وجهويا ووطنيا، وتقييم أداء القطاع من خلال مناقشة التقرير الأدبي المقدم من طرف السكرتارية الوطنية للعمل النسائي، وبعد التداول حول مضامين مشاريع الأوراق المعدة من طرف اللجنة التحضيرية للمؤتمر والبث فيها، خلص إلى ما يلي: على المستوى الدولي ينعقد المؤتمر الثاني للقطاع النسائي في ظرفية عالمية تتميز بتعمق أزمة الرأسمالية العالمية بشكل غير مسبوق، تعکس فشل مشروعها الاقتصادي المعولم الجامح المهدد لمستقبل البشرية من خلال الحروب التي تشعلها القوى الإمبريالية في كل مكان، وانقضاضها علي ثروات بلدان الجنوب والزج بشعوبها في الفقر والجهل والأمراض، واستنزاف شركاتها العابرة للقارات بشكل مفرط للموارد غير المتجددة، وإجهازها على التوازنات الطبية، وتشديدها للاستغلال الوحشي للطبقة العاملة وضرب مكتسباتها الاجتماعية، وتعميق الفوارق الطبقية وتسييد العنف والتميز الجنسي، واضطهاد الشعوب الأصلية وانتهاك حقوق الأقليات بتشجيع من خطابات قوى اليمين المتطرف المتصاعد، والحركات الفاشية والعنصرية المتنامية. إنها ظرفية تؤدي فيها النساء الثمن الأكبر جراء التقسيم الجنسي للعمل وتكريس الرأسمالية للتوزيع النمطي للأدوار بين الجنسين وحمايتها للنظام الباتريارکي المضطهد للنساء الذي تعتمده لتبرير الاستغلال الفاحش للنساء في مجالي الإنتاج وإعادة الإنتاج. على المستوى العربي يتزامن المؤتمر مع انعقاد ما سمي بورشة البحرين المشؤومة التي تعكس تغول الامبريالية وهجومها الكاسح على الشعوب ومحاولتها تصفية القضية الفلسطينية باعتمادها على تواطؤ الأنظمة العميلة في المنطقة المغاربية والعربية التي باعت القضية الفلسطينية للنظام الإمبريالي العالمي مقابل حمايته لها من غضب شعوبها الرافضة لفساد واستبداد حكامها، وكل هذا أمام صمت مطبق للمنتظم الدولي. وفي الشرق الأوسط لازالت النساء تستعمل حطبا للحروب والنزاعات المسلحة، حيث ترتكب أبشع الجرائم من طرف الأنظمة الاستبدادية والقوى الفاشية الإرهابية المنتشرة في المنطقة بعد فشل الدول وانهيار الوضع الأمني، حروب أشعلتها ودعمتها القوي الامبريالية المستفيدة من انتشار الفكر الظلامي المكرس لثقافة تبضيع المرأة وامتهان كرامتها وإنسانيتها. وتتلقى النساء الرافضات لهذا الوضع أوخم الانعكاسات الناتجة عن الحروب والنزاعات إذ يتقدمن جحافل النازحين واللاجئين والمهاجرين هربا من الموت والفقر، بحثا عن الأمان والكرامة لهن ولأطفالهن. على مستوى شمال إفريقيا ينعقد المؤتمر وشعبي السودان والجزائر يكتبان ملاحم نضالية بطولية ضد الديكتاتورية وحكم العسكر. وتحتل النساء موقع الصدارة في صفوف الجماهير المنتفضة في هاذين البلدين، متحديات لموقع الدونية الذي تضعهن فيه المجتمعات الذكورية السائدة في المنطقة، مكسرات للأغلال التي تقيد بها الثقافة السائدة أيديهن، ورافضات للأدوار النمطية التي تعمل الرجعية على تخصيصها لهن. يتزامن المؤتمر والضربات الإرهابية الجبانة التي ارتكبت بتونس حيث يشكل الإرهاب إحدى التحديات التي تواجه الشعب التونسي وقواه التواقة لمجتمع ديمقراطي آمن. وهو ما يتهدد بشكل خاص النساء اللواتي يقاومن فلول النظام الرجعي والقوى النكوصية في بالدهن، في الوقت الذي لعبت فيه المرأة التونسية أدوارا رائدة في المرحلة الانتقالية، وحققت الحركة النسائية مكاسب هامة ولازالت تناضل من أجل تحصينها وتحقيق المزيد في هذا البلد التي واصلت فيه النساء احتلال مركز الصدارة في المنطقة. على المستوى الوطني ينعقد المؤتمر الوطني الثاني في سياق يتميز بالهجوم الكاسح على مكتسبات الشعب المغربي عبر تمرير مشاريع تصفوية للقطاعات الاجتماعية الأساسية، وإغراق البلاد في المديونية، واستمرار انتهاك حق الشعب المغربي في تقرير مصيره في ظل دستور محزني يسلب الشعب حقه في السيادة والسلطة الكاملة، ومواصلة الإجهاز على الحقوق والحريات المتجلي في الردة الحقوقية التي تعمقت منذ بضع سنوات بتصاعد القمع والحصار ضد القوى المناضلة وعودة الأحكام الجائرة والانتقامية ضد النشطاء والمعارضين عبر التوظيف السياسي للقضاء وجعله آلية قمع و استبداد. ويتميز الظرف الحالي أيضا بتصاعد مقاومة الجماهير الشعبية المتضررة من السياسات الاجتماعية التراجعية، وانطلاق حراكات احتجاجية في العديد من المناطق ووجهت بالقمع والاعتقالات. وكما في العديد من مناطق العالم التي ترزح فيها تحت السياسات النيولبرالية المتوحشة تشكل النساء هدفا لها، يتجلى ذلك في مختلف المؤشرات التي تعكس وضعهن ّ الشعوب ، المأساوي من نسبة العنف المهولة، والأمية المتفشية، وتراجع مستوى النشاط الاقتصادي وسط النساء، وتكثيف الاستغلال ضد العاملات، منهن اللواتي يسقطن ضحايا حوادث سير متواترة بسبب الظروف الكارثية التي ينقلن فيها للضيعات، وتمركز أغلبهن في القطاعات الأشد استغلال والأقل حماية والأكثر قسوة. تتعرض آلاف النساء من ضمن اللواتي تدفعهن الحاجة للهجرة للاستغلال البشع، خاصة في ضيعات جنوباسبانيا في ظروف صعبة، كما يسقط العديد منهن ضحايا شبكات الاتجار في البشر التي تجعلهن عرضة ألبشع أنواع الاستغلال والتعذيب النفسي والجسدي وخاصة في دول الخليج. تخوض الساكنة في عدد من المناطق الجبلية بالمغرب، ومنطقة سوس بشكل أكبر، نضالا شرسا ضد الانتهاكات السافرة لحقها في الأرض وفي الماء من طرف الدولة المغربية، التي تمارس سلب الأراضي و الموارد الطبيعية والثروات المعدنية، وضم الأراضي لما يسمى الملك الغابوي وانتشار الرعي الجائر، وتفويت الأراضي لشركات المناجم والمافيات العقارية، وفي هذا السياق تتلقى النساء الأمازيغيات تبعات هذه الوضعية بشكل مضاعف نظرا لارتباطها بالأرض وانعكاس أزمات المياه على حياتها. وعلى المستوى التشريعي، في الوقت الذي تخوض فيه الحركة النسائية والحقوقية الديمقراطية نضالات من أجل تحسين أوضاع النساء عبر سن تشريعات جديدة كفيلة بحماية حقوقهن وكرامتهن، تقدم الدولة على تمرير قوانين متخلفة رديئة شكلا ومضمونا، من قانون عاملات البيوت وقانون حماية النساء من العنف وقانون هيئة المناصفة ومناهضة كل أشكال التمييز، التي رفضتها الحركة الديمقراطية لكونها لن تغير شيئا من واقع العنف والاستغلال والتمييز ضد النساء. إن المؤتمر الوطني الثاني للقطاع النسائي للنهج الديمقراطي، إذ يعبر عن تضامنه مع نساء العالم في نضالاتهن البطولية ضد الامبريالية والرأسمالية والباطرياركا وكل أصناف الهيمنة والاستغلال، ومع النساء المغربيات بشكل خاص ضحايا الفكر الرجعي المعادي للمساواة وحقوق النساء في كل الفضاءات، وفي مقدمتهن العاملات وعموم الكادحات اللواتي يقاومن جبروت الرأسمال وعنف الاستغلال والاستعباد في أماكن العمل، ويجدد مساندته ألأمهات وزوجات المعتقلين السياسيين المكافحات من أجل أبنائهن وأزواجهن وأيضا من أجل مغرب خال من الاعتقال السياسي، فإنه : – يؤكد مضمون شعاره "قطاع نسائي قوي رافعة لبناء حزب الطبقة العاملة وعموم الكادحات والكادحين" الذي يعلن من خلاله انخراط القطاع النسائي، كجزء لا يتجزأ من التنظيم، في مشروع بناء حزب الطبقة العاملة وعموم الكادحات والكادحين، بحكم ضرورته لتنظيم الطبقة العاملة ونضالها ضد النظام الرأسمالي التبعي المهيمن في بألدنا، وما يستوجبه من مشاركة فعالة للنساء العاملات والكادحات كشرط لتحقيق هذا المشروع الكبير. – يعبر عن اعتزازه بالدور الأساسي الذي تلعبه النساء في خضم نضالات الشعوب ضد هجوم الأنظمة الرأسمالية وبالموقع الذي يحتلنه في صفوف المقاومة الشعبية من أجل مستقبل أفضل للإنسانية وفي مساهمتهن في صد تغول الاستبداد وفضح أنظمة النهب والفساد، ودورهن في حماية الحقوق من الارتداد والدفاع عن المكتسبات، مؤكدا مساندته للحركة النسائية العالمية المناضلة ضد الباطرياركا والرأسمالية والعنصرية والاحتلال وكل أشكال الهيمنة والاستغلال والاضطهاد. يدين استمرار سياسة النظام السائد المبنية على الاستبداد وعلى الفساد ونهب ثروات البلاد والزج بأغلب النساء وأسرهن بين مخالب الفقر والحاجة وجعلهن طعما صائغا لشبكات الاتجار في البشر وللشركات المنتهكة ألبسط حقوق الشغل والحماية الاجتماعية. كما يدين السياسات الرسمية التي تكرس صورة سلبية للمرأة في العالم وفي مضامين التعليم، وتشجع الثقافة الشعبية الرائجة المهينة للمرأة والتوظيف الفج للخطاب الديني ضد حقوق النساء وكرامتهن. يجدد المؤتمر التزام القطاع النسائي، كجزء من حزب يساري ماركسي يصبو إلى القضاء على المخزن وبناء الدولة الوطنية الديمقراطية، وأيضا كجزء من الحركة النسائية التقدمية التي تناضل من أجل التحرر الفعلي للنساء من كل أشكال الاستغلال، بالنضال إلى جانب الحركة النسائية العالمية المتبنية للتقاطعية كأداة لتحليل مختلف أصناف الهيمنة والاضطهاد والتمييز الذي تتعرض له النساء وبناء الخطط والتحالفات بناء على نتائجه. يطالب بإطلاق سراح المعتقلين السياسيين موجها تحية عالية لعائلاتهم وللحركة الحقوقية المدعمة لهم، ويطالب الدولة بالاستجابة لمطالب الحراكات التي اعتقل في إطارها هؤلاء النشطاء، وجعل حد لسياسة القمع الممنهج ضدها. يحيي نضالات الحركة النسائية الديمقراطية من أجل الحقوق الإنسانية للنساء ويساند مبادرتها بإعادة طرح ملف مراجعة مدونة الأسرة مؤكدا على مطلب القطاع النسائي للنهج الديمقراطي في إقرار قانون أسرة عصري وديمقراطي يقر المساواة التامة بين النساء والرجال دون تحفظات. يساند المؤتمر نضالات النساء النقابيات في معاركهن من أجل مشاركة قوية للنساء في النقابات كشرط لبناء عمل نقابي ديمقراطي كفيل بحماية المكاسب وتحقيق المطالب وفي مقدمتها المطالب النسائية. يساند نضال النساء الأمازيغيات من أجل الأرض ومن أجل العيش الكريم والآمن وضد القوانين الاستعمارية. يدعو القطاعات النسائية للتنظيمات اليسارية المناضلة إلى جبهة نسائية يسارية باعتبارها رافعة للنضال من أجل حقوق النساء في المساواة والحرية والكرامة وتعزيزا للنضال اليساري ببلادنا ضد الاستبداد والفساد. يجدد المؤتمر تضامنه مع النساء في كل بقاع العالم وخاصة منهن : + النساء في الجزائر السودان اللواتي يساهمن بشكل قوي في انتفاضة شعبيهما. + النساء في أمريكاالجنوبية اللواتي يواجهن التدخل الامبريالي في بلدانهن والهجوم على المكتسبات الديمقراطية لشعوبهن، وفي مقدمتهن نساء فنزويلا المناضلات ضد الاعتداءات الأمريكية المستمرة، ونساء البرازيل اللواتي سجلن ملحمة بطولية في مواجهة اليمين المتطرف والوقوف في وجه مؤامرات الرجعية والامبريالية ضد اليسار في بالدهن والدفاع عن مكتسباتهن كجزء من المكتسبات الديمقراطية لشعبهن. + النساء في سوريا والعراق وليبيا واليمن وكردستان وغيرها من البلدان التي ترزح فيها النساء، تحت عنف الأنظمة الاستبدادية والحرب العدوانية وجرائم المجموعات الإرهابية، واللواتي يخضن نضالات مريرة ضد الانتهاك السافر لحق شعوبهن في تقرير مصيرها واختيار حكامها، ويواجهن التدخلات الامبريالية في بلدانهن. + النساء في السعودية المعرضات لشتى أنواع الظلم والعنف من طرف النظام القووسطي الدموي السائد، ويطالب المؤتمر بإطلاق سراح المدافعات عن حقوق الإنسان المعتقلات بالسعودية واللواتي يتعرضن ألبشع أصناف التعذيب. + النساء الفلسطينيات اللواتي يتعرض شعبهن ألخطر مؤامرة في التاريخ ضد وجوده وقضيته، واللواتي يسجلن باستمرار نضالات بطولية، كجزء من الشعب الفلسطيني الباسل الذي يواصل – في تحد لكل المؤامرات وجرائم الاحتلال الصهيوني وتواطؤ الأنظمة العربية – كفاحه من أجل الاستقلال وحق العودة وبناء الدولة الفلسطينية على كامل أراضيها. + يطالب المؤتمر بإطلاق سراح الأسيرات الفلسطينيات وكل الأسرى الفلسطينيين ومن ضمنهم الأطفال القاصرين، ويحيي حركة المقاومة المدنية من خلال الشبكة العالمية من أجل المقاطعة وسحب الاستثمارات وفرض العقوبات التي حققت مكاسب كبيرة. المؤتمر الثاني للقطاع النسائي للنهج الديمقراطي الرباط 30 يونيو 2013