إن المجلس الوطني النسائي للنهج الديمقراطي المجتمع في دورته الثالثة، يومه السبت 29 يونيو 2013 بالدارالبيضاء، تحت شعار : "من أجل جبهة نسائية لتحقيق المطالب الديمقراطية للحركة النسائية"، بعد تدارسه للظروف السياسية والاقتصادية والاجتماعية ، دوليا وجهويا ووطنيا، التي يلتئم فيها المجلس، وبعد تداوله بشأن الأوضاع العامة التي تعيشها النساء في مختلف بقاع العالم، واطلاعه على نضالات الحركة النسائية من أجل الكرامة والحرية والمساواة، وبعد الوقوف على المهام المطروحة على النهج الديمقراطي في مجال قضايا النساء على ضوء مقررات وتوصيات المؤتمر الوطني الأخير، خلص إلى ما يلي : · تتميز الأوضاع السياسية والاقتصادية والاجتماعية عالميا بتفاقم الأزمة العالمية وانعكاساتها على الشعوب، وعلى الطبقة العاملة بشكل خاص، وهي الأزمة التي تتلقى النساء النصيب الأوفر من نتائجها الوخيمة المنتهكة لحقوقهن الأساسية، والتي تتجلى في استعمال العنف ضدهن والاغتصاب بشكل خاص، كسلاح حرب في النزاعات المسلحة، والاستغلال المتزايد لهن من طرف شبكات الهجرة غير النظامية، واستغلال فقرهن من طرف شبكات الاتجار في أجساد النساء والأطفال، وانتشار البطالة والفقر وسطهن بمعدلات أعلى، وتدهور أوضاعهن في ميدان الشغل التي تزداد هشاشة في القطاعات الأكثر تأنيثا. وتعتبر هذه الأوضاع نتاج لمحاولة الرأسمالية حل أزمتها حلى حساب الطبقات المنتجة والتي تجد في المجتمع البطريركي المبني على التمييز الجنسي وهيمنة السلطة الذكورية ما يشرعن الاستغلال في ظروف أكثر بشاعة لقوة عمل النساء واضطهادهن المضاعف. · إن التطورات السياسية التي عرفتها المنطقة العربية والمغاربية جعلت أيضا النساء في قلب الأحداث، من خلال تبوئهن صدارة المظاهرات والمسيرات وتواجدهن وسط ميادين الاعتصامات. كما وجدن في واجهة الصراع من أجل استرجاع الثورة واستكمال مهامها بعد صعود القوى النكوصية والأنظمة المعادية لحقوق الإنسان والمساواة بين الجنسين في العديد من دول المنطقة، والتي انقضت مباشرة بعد وصولها إلى الحكم على مكاسب النساء وعلى رموز النضال الديمقراطي والحقوقي من مناضلين وهيآت مدنية. وتوجد النساء في سوريا، بشكل خاص، وسط حرب، لم يقررنها، دمرت جل المنشآت وهجرت الأطفال والنساء، من طرف قوى أجنبية تتصارع فوق أرض بلدهن لتثبيت مصالح الأمبريالية والصهيونية في المنطقة بعد إجهاضها لثورة سلمية للشعب السوري ضد الدكتاتورية، وتعيش مئات آلاف النساء السوريات كلاجئات في البلدان المجاورة تتحملن مسؤولية الأطفال والرضع في ظروف مأساوية. · وفي المغرب الذي عرف بدوره حراكا شعبيا ضخما شاركت فيه النساء بقوة، وتمكن من زعزعة بنيات النظام لازالت مطالب الشعب المغربي بإسقاط الاستبداد والفساد وتحقيق الحرية والكرامة والعدالة الاجتماعية التي رفعها لم يتم تحقيقها، بعدما تم الالتفاف عليها بتمرير دستور ممنوح يكرس الحكم الفردي المطلق، ويعزز سلطات الملك، ويتحايل على بعض المكاسب الحقوقية التي تضمنها بإفراغها من مضمونها، أو تكبيلها بفصول تحول دون تطبيقها الذي يستوجب تشييد دولة الحق والقانون المبنية على فصل السلط واستقلال القضاء والمساواة أمام القانون واحترام للحريات. وشكلت المساواة بين الجنسين المشار إليها في الفصل 19 من الدستور إحدى المطالب النسائية التي تم التحايل عليها من خلال اشتراطها بالمقومات الثقافية والتوابث الوطنية التي كانت دائما مصدرا لعرقلة حقوق المرأة ومساواتها مع الرجل وأساس لتحفظات الدولة عليها. · إن أوضاع المرأة المغربية سنتين بعد تمرير الدستور وبعد تحالف الأحزاب البرلمانية والمخزن في مواجهة حركة 20 فبراير ومحاولة القضاء عليها تتميز بتردي عميق من خلال تدهور شروط العيش لأغلب الفئات الكادحة من الشعب المغربي وتراجع مستوى عيش الطبقات الوسطى بسبب ارتفاع كلفة المعيشة وتزايد عدد الأسر التي تكفلها النساء اللواتي يشتغل أغلبهن في ظروف استغلال بشعة، إذ تتمركزن في المجالات الأكثر هشاشة وفي مجالات لا يعترف بها القانون كخدمة البيوت والصناعة التقليدية التي تستغل فيها الطفلات أبشع استغلال. كما تلقى على كاهل النساء العديد من المسؤوليات الاجتماعية الناتجة عن تخلي الدولة عن الخدمات الاجتماعية الأساسية. كما تعيش النساء الإذلال والمهانة بسبب تواتر الولادات في أماكن تنتهك فيها خصوصيتهن وتهدد حياتهن ومنهن من فقدن الحياة بسبب الإهمال وغياب الخدمات الصحية الضرورية. ولازالت نسب الأمية والعطالة والفقر وسط النساء من أكبر النسب من بين الدول التي لها نفس الدخل. كما عاشت النساء في السنتين الأخيرتين مآسي الطرد من البيوت وهدمها باعتبارها مشيدة خارج نطاق القانون، دون توفير بدائل لأسر ترمى في الشارع بأكملها، أو مآسي سقوط البنايات العتيقة في تجاهل تام للسلطات لمعاناة الضحايا. وتتسم أوضاع النساء بالمغرب كذلك بالأرقام المهولة لضحايا العنف وسطهن والتي تؤكد تعرض ثلثي النساء لمختلف أشكال العنف، وهو إحدى المؤشرات لأزمة القيم التي نتجت عن السياسات العمومية للدولة في مختلف المجالات، والتي تتجلى أيضا في الانتشار المهول لجرائم اغتصاب الأطفال والطفلات التي عجزت الدولة عن حمايتهم رغم تصديقها على العديد من المواثيق الدولية المعنية بحقوق الطفل . وعمقت الحكومة التي وضعها المخزن بعد انتخابات 25 نونبر، مسلسل التراجعات بتعميق سياسة ضرب الحريات، وانتهاك الحق في العيش الكريم بسبب الغلاء وتجميد الأجور وتدهور الخدمات، والتراجع على التزامات الدولة مع النقابات، بتجاهل اتفاق 26 أبريل 2011، ومع المعطلين بعدم تنفيذ مضامين محضر 20 يوليوز، ومع الحركة النسائية بتقزيم وتشويه وبتر "الأجندة الحكومية من أجل المساواة"، وإعداد مخططات تراجعية أخرى ستكون النساء أول ضحاياها وفي مقدمتها ما يعرف بإصلاح صندوق المقاصة. إن المجلس الوطني النسائي، وانطلاقا من المرجعية الفكرية للنهج الديمقراطي، وتماشيا مع مواقفه الثابتة من نضال الشعب المغربي من أجل الانعتاق والتخلص من الاستبداد ومن أجل بناء الديمقراطية وضمان حقه في تقرير المصير، وتماشيا مع مواقفه وتصوراته العامة حول جذور اضطهاد النساء ومنظوره الماركسي لتحرر المرأة، إذ يعتبر أن نضال النساء من أجل تحررهن جزء لا يتجزأ من النضال العام الهادف إلى بناء مجتمع خال من الطبقات ومن الاضطهاد والاستغلال، وبناء على برنامج عمله الصادر عن المؤتمر الوطني الأخير : · يعبر عن تضامنه مع نساء العالم ضحايا الحروب والنزاعات المسلحة والمخططات الأمبريالية والصهيونية وضحايا البنى الاجتماعية المتخلفة والسياسات الرجعية المهددة لمكاسب النساء، وضحايا شبكات الاتجار في البشر التي تستغل أوضاع الفقر والحاجة لدى فئات واسعة من النساء اللواتي يضطرن للهجرة بحثا عن لقمة العيش لهن ولعائلاتهن، ويعبر عن مساندته لنضالات النساء وتضحياتهن، على مختلف الجبهات السياسية والنقابية والحقوقية والجمعوية والإبداعية وغيرها، من أجل حياة أفضل وعالم آمن تسود فيه العدالة الاجتماعية وتنتصر فيه الكرامة الإنسانية، وفي مواجهتهن للامبريالية ويعبر عن دعمه لنضالهن ضد الإمبريالية الرأسمالية ونظام الباطرياركا المكرسين للفقر والعنف ضد النساء. · يجدد دعمه للمعركة المصيرية التي تخوضها النساء في المنطقة العربية والمغاربية ضد الأنظمة النكوصية التي أجهزت على الثورات في المنطقة. ويدعو إلى تعزيز التضامن النسائي كإحدى آليات المقاومة والدفاع عن المكتسبات. ويعبر بشكل خاص عن تضامنه مع النساء في سوريا واللاجئات منهن إلى البلدان المجاورة، مطالبا كل القوى الديمقراطية في العالم بالضغط من أجل توقيف الحرب التي تديرها القوى الأجنبية المتصارعة على أرض سوريا، وجعل حد لانتهاكها السافر لحق الشعب السوري في تقرير المصير. ويوجه المجلس الوطني نداء إلى المنظمات الحقوقية الدولية للمطالبة بفتح تحقيق حول الجرائم ضد الإنسانية المرتكبة ضد الشعب السوري فوق ارضه من طرف مختلف المجموعات المسلحة، ومن ضمن تلك الجرائم ما تتعرض له النساء من عنف واستغلال بشع بمختلف أصنافه، وفي مقدمته ما تسميه القوى الظلامية بالنكاح الجهادي. · يستنكر مسلسل التراجعات على المكاسب من طرف الحكومة الحالية، وفي مقدمتها المكاسب النسائية، ويدين التماطل الذي تواجه به مطالب النساء ويطالب بتحسين الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والثقافية للمرأة المغربية على مستوى التشريع والواقع. · يؤكد الاستمرار في النضال من أجل جعل حد للاستغلال الطبقي البشع للنساء في العديد من القطاعات وفي مقدمتهن العاملات الزراعيات اللواتي يعملن في ظروف مأساوية،. ويطالب بالحقيقة وعدم الإفلات من العقاب بشأن ما ارتكبته أجهزة الدولة من تدخلات قمعية ضد العديد من النساء في مختلف المناطق التي عرفت احتجاجات اجتماعية شعبية من إفني وتازة وطنجة والشليحات وبني بوعياش وحودران وأكلموس...وغيرها من المناطق كثير. ·يعبر عن دعمه للحركة النسائية المناضلة من أجل الحقوق الإنسانية للمرأة التي أقرتها العهود والمواثيق الدولية لحقوق الإنسان في كونيتها وشموليتها، رافضا أي تذرع بالخصوصيات لتكبيل الحقوق والحد من التمتع بها من طرف النساء، ومعتبرا أن التحديات الكبرى التي تواجه الحركة المناضلة من أجل حقوق النساء تستدعى استجماع القوى، وتعزيز التعاون وتظافر الجهود في أفق خلق جبهة نسائية قوية قادرة على حماية المكتسبات والدفاع عن المطالب الديمقراطية للحركة النسائية. · يعبر عن تضامنه مع حركة 20 فبراير ويدعو كافة القوى الديمقراطية بدعمها لتحقيق أهدافها المناهضة للاستبداد والفساد، ويطالب بإطلاق سراح معتقليها وكافة المعتقلين السياسيين بالمغرب، وبالحقيقة في قضية شهداء الحركة وجعل حد للإفلات من العقاب للمتورطين في جرائم انتهاك حقهم في الحياة. · يعبر المجلس الوطني عن مساندته لكافة المناضلات في إطار حركة المعطلين، ويحيي المؤتمر الوطني الحادي عشر للجمعية الوطنية لحملة الشهادات المعطلين المنعقد بطنجة في تزامن مع انعقاد المجلس الوطني، متمنيا له النجاح والتوفيق بما يخدم حقوق المعطلين والمعطلات في الشغل والحياة الكريمة، ويعزز نضال الحركة الديمقراطية المغربية. · يطالب بإقرار دستور ديمقراطي – شكلا ومضمونا – يضمن حق الشعب المغربي في تقرير مصيره ويقر حقوق المرأة والمساواة الكاملة والفعلية بين الجنسين كما هي منصوص عليها في المواثيق الدولية لحقوق الإنسان، وينص على الآليات التي تضمن احترامها في الواقع. المجلس الوطني النسائي للنهج الديمقراطي الدارالبيضاء في 29 يونيو 2013