بقلم : عبدالنبي التليدي ان الانسان اوجده خالقه في هذه الحياة لغايات منها غاية العمل ( وقل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون ) الذي يجب الا يكون اي عمل بل لا بد ان يكون عملا صالحا يفيد الحياة والناس اجمعين والا يكون من شانه الاضرار بالناس والفساد في الارض لان هذا من الظلم وهو ما حرمه الخالق على نفسه كما جعله محرما بين الناس..فالدين الحق هو تقوى الله والمعاملة بالخير ، وعدم ربط الدين بالعمل الصالح وبالمعاملة الطيبة يبقي الدين بعيدا عن الغاية التي من اجلها كان اصلا ويصبح مجرد يافطة ترفع امام الناس ووسيلة تستعمل للركوب عليها من اجل استغلال الناس لهذا اعتقد ان كارل ماركس شبه الدين بالافيون بعدما صار يستغل من قبل الكنيسة في اوربا التي اغتنت فيها على حساب المواطنين الابرياء وابتعدت بذلك عن روح الدين وعن مقاصده ، رغم ايماني العميق بان الدين الحقيقي هو ما يبعد المؤمن به عن اي افيون او ما شابهه من مخدرات مادية او سياسوية و اخلاقوية او فكرية ظلامية واستغلالية او عن امكانية استغلاله من طرف عدوه “الكافر “. فهل يقوم الانسان بتحقيق الغاية من وجوده بالعمل الصالح والاخلاص فيه ام ان اكثر الناس ظالمون لانفسهم بحكم ان اعمالهم سيراها الله وظالمون للناس ؟ ان النظر في حالة المجتمع يبين ان كثيرا من بني ادم ظالم لنفسه ولغيره وفاسد في الارض وجهول بواجباته سواء تجاه ربه الذي حمله المسؤولية الاولى في ارضه وسيحاسبه عليها او تجاه القانون الذي ينظم العلاقة بين الناس في المجتمع لانه يخل بواجباته ولا يحترم كثيرا من التزاماته ويخرق المقتضيات بالتعسف في تطبيق القانون وفي التمييز بين الناس وفي التعدي على حقوقهم وفي ظلمهم وايثار نفسه على الباقي وفي اخذ ارزاقهم ان مباشرة او من خلال الرشوة او من خلال كثير من الاساليب الغير مشروعة. وما يلاحظه الجميع من مظاهر التخلف داخل المحتمع بين الناس هنا وهناك ومن اختلالات اجتماعية ومن فوارق طبقية ومن تفاوت في مستوى المعيشة والتعليم وفي امكانيات العلاج من الامراض ومن انتشار للمخدرات وللجريمة الا مظاهر لاعمال الانسان الغير الصالحة وللسلوكات الفاسدة للحياة والظالمة لاخيه الانسان . وهي ناتجة اساسا عن انانية كثير من الناس الذين يفضلون انفسهم على باقي البشر ويؤثرون انفسهم على باقي المواطنين ويستحوذون على ثمرات ارض الله ويستغلون كثيرا من الوسائل استغلالا مجحفا لصالحهم ومن اجل تحقيق كثير من ماربهم البعيدة عن مارب غيرهم وعن صالح الجماعة بما في ذلك السلطات التي تعتبر وسيلة لتنظيم العلاقة بين المواطنين في الدولة ولتنزيل الحقوق والواجبات فيها ولتوزيع الخيرات والثمرات على اسس من العدل والمساواة من دون تمييز لاي سبب من الاسباب ولا تفريط او افراط بغاية اساسية هي تماسك المجتمع وتازره ونشر الامن والامان بين افراده ودعم استقراره وابعاد كل ما من شانه خلق الفوارق بينهم او الفتن بين مكوناته مهما اختلفت في الاصل او الانتماء او حتى في الدين .. ولهذا لا يحق لاي احد ان ياتي من الاعمال التي من شانها الاضرار بالاخرين او يخل بالتوازن داخل المجتمع او من السلوك ما يعتبر خيانة لله وتجاوزا لارادته وظلما لعباده في ارضه كان يستغل السلطة التي اوكلت اليه استغلالا فيه تعسف وظلم لان في ذلك السلوك خيانة للوطن واخلالا بواجباته الوظيفية كانت سياسية او ادارية او احتماعية او غيرها لانه مؤتمن عليها ومسؤول امام الجميع الذي انتدبه لوظيفته.. ليقوم بها احسن قيام اما بالتعيين او بالانتخاب باعتبار ان هذا الجميع هو مصدرالتشريع و السلطة وسيد نفسه نفسه لذلك يمكنه بل يجب عليه استرداد امره واستعادة سلطته عندما يلاحظ اي خروج بها غير مشروع عن الغاية التي تم تعيين المسؤول او انتخاب المنتخب لان استمراره في مباشرتها والحالة هذه قد يخرج البلاد عن جادة الاستقرار ويخلق لها مشاكل كثيرة سياسية واجتماعية واقتصادية لا قبل له بها لحلها مما قد يدفع بالمجتمع الى فتن وقلائل بل الى حروب طاحنة تاتي على الاخضر واليابس ان عاجلا او اجلا خاصة عندما تكون كثير من الظروف غير عادية وكثير من شروط امكانية انتشار الفتنة في المجتمع متوفرة كالشروط الاجتماعية الغير مناسبة وعدم الرضا على الاوضاع والاحساس بالغبن وبالجور وعدم التجاوب مع تطلعات الناس الى الكرامة والاحترام والعيش اللائق ووجود تفاوت منكر وواسع بين الافراد في المجتمع بل وحتى في ظل شروط سياسية متسمة بالتعصب في الراي والميل الى فرض الراي الواحد وبالتحكم اللاعاقل وغياب الامال في تحقيق طموحات المواطنين التي توافق عليها الجميع مسؤولون ومواطنون ودخول بعضهم في صراعات سياسوية لا جدوى منها الا الرغبة في التحكم والاستئثار بالحكم وبالامتيازات ليس لخدمة الوطن والمواطنين وتنمية البلاد من اجل رفاهية العباد وانما لصالح المسؤول ولصالح صحبه وحزبه لغاية ظاهرة كالرغبة في الحصول على اكبر قدر من الاصوات في الانتخابات وبالتلي الاستمرار في الاستفادة من ريع السلطة والتحصين بها ومن امتيازات الحكم و لغاية باطنة لكنها معلومة غير خافية تظهر عندما يشعرالمتسلط ورفاقه بان مصالحهم اصبحت قاب قوسين او ادنى من الزوال او صارت مهددة . وعليه فان مسؤولية الفرد في المجتمع مسؤولية كبيرة بل وخطيرة عليه دائما ان يقدر عواقبها وان يشعر بمسؤوليته تجاه الجميع وان يقدر تبعات سوء اعماله وسيئاات تصرفاته وان يعرف ان اعمال الرجال منزهة عن العبث وان المصلحة العامة مقدمة على المصلحة الخاصة كانت شخصية او حزبية وان الوطن هو الاول والاخر بعد الله ودلك هو السياسي الصادق والوطني الحق.