إحياء للذكرى السنوية لشيخ المتصوفة، القطب الرباني مولاي عبد السلام بن مشيش، جد الشرفاء العلميين، تنظم الطريقة المشيشية الشاذلية أيام فاتح وثاني وثالث يوليوز المقبل بجبل العلم بجماعة تزورت بإقليم العرائش موسم مولاي عبد السلام بن مشيش برئاسة نقيب الشرفاء العلويين عبد الهادي بركة تحت شعار “المشيشية الشادلية ورهانات التعايش الديني والتنوع الثقافي”. وتتضمن فعاليات هذا المحفل الديني، الذي يحظى برعاية مولوية، تتجسد في الهبة الملكية التي يسلمها الحاجب الملكي، كل سنة إلى الشرفاء العلميين، برنامجا متنوعا يشمل سلكا من الذكر الحكيم وحلقات الذكر والصلاة المشيشية، وأمسيات من السماع والمديح النبوي الشريف وندوات فكرية ودينية في التصوف والعلوم الشرعية تتمركز حول تيمة التسامح ودوره في تحقيق الاستقرار والتنمية، من بينها ندوة فكرية للدكتور الغزواني المتيوي حول موضوع التصوف والتعايش السلمي بالمدرسة المشيشية الشادلية ،وندوة أخرى حول الصوفية والتنوع الثقافي بالمدرسة المشيشية الشادلية يلقيها فضيلة الدكتور السمان ،كما يتضمن برنامج الاحتفال بالولي الصالح مولاي عبد السلام بن امشيش ندوة فكرية أخرى بعنوان المدرسة المشيشية الشادلية والتنمية الشاملة للدكتور عبد الرحيم العلمي .وندوة حول المدرسة المشيشية الشادلية وخدمة الثوابت الوطنية يلقيها الدكتور عمر حجي .....فضلا عن تنظيم معرض للمنتوجات الفلاحية والمجالية بالمنطقة. وتتميز دورة هذه السنة بحضور شيوخ ومنتسبي ومحبي الطريقة من كل أنحاء العالم والمغرب، خاصة من الأقاليم الصحراوية، حيث يحضر شرفاء الركيبات، والعروسيين، وأهل الشيخ ماء العينين، وأولاد دليم، وأولاد تدرارين، وأيت أوسى، المنتسبين للقطب مولاي عبد السلام، سواء عبر رابطة الدم أو المصاهرة. وحسب السيد عبد الهادي بركة نقيب الشرفاء العلميين لمولاي عبد السلام بن امشيش ،وأحد المشرفين على هدا الموسم الناجح الدي يلفت له الأنظار كل ينة من جميع أقطاب العالم، فإن “زيارة الوفد الصحراوي غنية بدلالاتها، فأبناء الصحراء المغربية هم أحفاد القطب الرباني، مولاي عبد السلام بن مشيش، الذي ذاع صيته وتفرق نسله بالمغرب وبالخارج، وهو ما يؤكد وجود علاقات قوية بين شمال المغرب وجنوبه، تمتد إلى علاقات القرابة”. كما تعتبر هذه الزيارة يضيف الشريف عبد الهادي بركة “بمثابة صلة رحم وإحياء للروابط التاريخية بين الشمال والجنوب، وهي تجسيد لوحدة الدم بين الشرفاء المشيشيين والعلميين والأدارسة والشرفاء الصحراويين”. وككل سنة يحج إلى جبل العلم عشرات الآلاف من الزائرين، للاحتفال بالذكرى السنوية لشيخ المتصوفة، ولا يقتصر الأمر على المريدين، فقط، بل إن عددا من رجال الدين والباحثين والعلماء من المغرب والعالم، يحجون إلى الجبل، للمشاركة في إحياء موسم مؤسس الطريقة الشاذلية، وتبادل الآراء، حول ثقافة الإسلام والوجود، حيث شهدت المواسم السابقة. وقبل أيام من انعقاد الموسم، تبدأ أفواج الحجيج، من مختلف أقاليم المملكة ومن خارجها، بالتوافد على ضريح هذا الولي الصالح، الموجود على قمة جبل العلم بقبيلة بني عروس، استعدادا ليوم الاحتفال الأكبر، الذي يصادف الفاتح من يوليوز من كل سنة. ويلعب موسم مولاي عبد السلام بن مشيش، دورا مهما في لم شمل مختلف الأطياف الدينية والفكرية، وخلق التلاحم الصوفي، الذي تذوب فيه كل الفوارق، ما يؤكد إمكانية أن يلعب هذا اللقاء الروحي دورا كبيرا في مجال حوار الحضارات، من خلال الحضور اللافت للعديد من الشخصيات الفكرية والدينية من مختلف القارات. فالطريقة المشيشية الشاذلية مدرسة نموذجية في قيم الانفتاح، والاعتدال، والتسامح، والحوار البناء بين مختلف الباحثين عن السلم الداخلي، وعن الخلاص الروحي في زمن طغيان تيارات التطرف الديني، والتهافت المادي. فالخصوصية الدينية التي يتمتع بها موسم الزاوية المشيشية مكنته من لعب دور بارز في التقاء الحضارات، وفي كل سنة ينكب الحاضرون، على طرح مواضيع للنقاش، وخلق جو من التسامح قلما نشهد مثيلا له في مكان آخر، ما يؤكد أن المناسبات الدينية، يمكن أن تكون فرصة سانحة لتحقيق التصالح وقيم الانفتاح وروح التسامح بين الديانات والتعايش بين الحضارات، وهي الرسالة التي حملها المغرب، منذ الأزل، ويتعين إيصالها إلى الأجيال المقبلة.