نشر المعارض السوري المقيم في باريس، المفكر برهان غليون، ورقة على موقع «فايسبوك»، ضمّنها موقفه من وحدة المعارضة وأسباب عدم توحّدها بعد، من المنطلق الذي يعمل في إطاره، أي من كونه ناشطاً فاعلاً منذ بدء الحركة الاحتجاجية. وروى غليون جزءاً من وقائع حالت دون توحُّد المعارضة السورية بمختلف فروعها حتى الآن، كاشفاً، للمرة الأولى، عن بعض الحيثيات التي دارت فصولها، وخصوصاً بينه وبين «جماعة إسطنبول». وذكّر بأنه يدعو منذ الشهر الأول للانتفاضة السورية إلى «تكوين جبهة عريضة تقف إلى جانب شباب الثورة وتقدم لهم الغطاء أو المظلة السياسية». وفيما يشير إلى علمه بالخلافات والاختلافات العميقة داخل صفوف المعارضة، يؤكد إصراره على «دفع الأطراف السياسية السورية المختلفة إلى الاتفاق في ما بينها على العمل داخل إطار جامع لعدم ترك أحد يفرط بالمبادئ الأساسية، وكي نحدّ من قدرة السلطة على التلاعب داخل صفوف المعارضة أو اختراقها والتشويش عليها». ويبرّر غليون زيادة الاتجاه نحو توحيد القوى المعارضة في الخارج ب«تعثُّر العمل في الداخل لتكوين قوة معارضة قادرة على التأثير والفعل السياسي والدولي لمساعدة الثوار، على أمل أن يساعد ذلك على توحيد الداخل وربطه بحركة التوافق الوطني في ما بعد». وعن هذا الموضوع، يفصّل غليون كلامه على مؤتمر إسطنبول، الذي قرر «العمل المشترك لتأليف مجلس وطني يقوم بالمهمات التي كان من منتظراً من جبهة المعارضة الموحدة أن تقوم بها، أي أن يدافع عن الثورة في الداخل والخارج ويعرض قضية تحرر الشعب السوري من وباء الطغيان على الساحة الدولية». ويلفت إلى أنه بعد أيام من مؤتمر إسطنبول، دُعي إلى المشاركة في لقاء تشاوري في «المركز العربي للدراسات» الذي يرأسه عزمي بشارة في الدوحة، فوجد نيّة من جميع المشاركين «في تكوين ائتلاف وطني يجمع قوى المعارضة الكبرى المعروفة، وانتهى النقاش في اليوم الأول بتأليف لجنة لتحرير بيان الائتلاف النهائي، كان من بين أعضائها اثنان أو ثلاثة مما سيسمى في ما بعد جماعة إسطنبول». وفي السياق، يكشف غليون عن بعض تفاصيل عمل «مجموعة إسطنبول»، بدءاً من الخلاف على الاسم المقرر للإطار المعارِض الذي كان مقرراً له أن يكون «التحالف الوطني السوري»، فاقتُرحت تسمية «الائتلاف الوطني السوري». لكن هنا أيضاً، قال البعض، بحسب المعارِض السوري نفسه، إنهم لم يأتوا للتوقيع على ائتلاف، بل لإنتاج مجلس وطني، فما كان من البيان الذي صدر إلا توضيح أن «الائتلاف هو أحد مكونات المجلس الوطني الذي ينبغي أن يستكمل مع توحيد قوى الثورة من الهيئة العامة ولجان التنسيق المحلية والمجلس الأعلى». وفي السياق، يكشف غليون عن أن بعض رموز «جماعة إسطنبول طلبوا منه عدم إذاعة نبأ رفضهم توقيع بيان الائتلاف»، بداعي أنهم لم يرفضوا «لكننا نريد فرصة للتفكير وقد نوقع غداً». وتابع غليون قائلاً إنه في اليوم التالي «جاء الإخوان المسلمون (إلى الدوحة) الذين لم يُدعَوا من قبل، واتُّفق على الإعلان الرسمي لولادة الائتلاف يوم الأحد في 11 أيلول، وإعلان أسماء الهيئة القيادية بعد أسبوع». وفي السياق، جزم غليون بأنه لم يحصل نقاش «بأي مبادرة عربية، ولم يكن هناك أي خلاف على هدف إسقاط النظام أبداً، لا قبل قدوم الإخوان المسلمين ولا بعده، بل كان الخلاف على تكوين مجلس وطني قبل الائتلاف أو أن نكون ائتلافاً أصبح جاهزاً قبل المجلس الوطني أو مقدمة له». ويكمل غليون رواية تفاصيل عمل المعارضة الخارجية، موضحاً أنه يوم الاثنين (12 أيلول)، أعلنت «جماعة إسطنبول، من دون أي إعلام مسبق لي أو لأي طرف آخر، ولادة المجلس الوطني، على أن تُعلَن أسماء أعضائه بعد يومين، فيما لم نكن قد قمنا بعد بتأليف أي قائمة أسماء ولا استشارة أي شخص». وعندما اتصل شباب «التنسيقيات» بغليون، مستفسرين عن المجلس الوطني، «قلتُ لهم إنني مستعد للمشاركة، لكن في مجلس متوازن يمثّل جميع الأحزاب والتنسيقيات والشخصيات الوطنية أو معظمها، ولا يقتصر على لون واحد»، بحسب غليون الذي وافق كل من ملهم الدروبي ووائل ميرزا على اقتراح اسمه، «على أن نعلن المجلس يوم الخميس (15 أيلول)، ونؤجل قائمة الأعضاء لأسبوع تالٍ نقوم خلاله بالمشاورات والاتصالات الضرورية لاستكمال قائمة المشاركين في المجلس، ثم ندعو إلى عقد مؤتمر المجلس الأول بكامل أعضائه في القاهرة، حيث يُنتَخَب مكتب المجلس التنفيذي». ووفق الرواية نفسها، أصرّت «جماعة إسطنبول» على ضرورة إعلان قائمة الأسماء أو على الأقل قسم كبير منها «لأنهم وعدوا بذلك». ويضيف غليون أنه «أمام هذا المأزق، وتحت ضغط الوفد الذي وقف معي في المفاوضات، وإعراباً عن حسن النية، قبلتُ بالذهاب إلى إسطنبول لمتابعة الحوار، واتصلتُ في مطار إسطنبول بمسؤول في الإخوان المسلمين، ثم بأعضاء في جماعة إسطنبول لأعرف الموقف النهائي». ويتابع: «عندما علمتُ أنه ليس هناك تغيير ولن يكون هناك تغيير وأن جماعة إسطنبول مصرّة على رفض أي اقتراح لإعطاء فرصة لإعادة النظر في القوائم أو التفكير في توسيع الاستشارات والاتصالات، اعتذرتُ من أعضاء الوفد وأخبرتهم بأنني عائد إلى باريس حتى لا أزيد في تشويش الموقف». وخلص غليون إلى أن موضوع المجلس الوطني «لا يزال في يد التشكيلات الرئيسية لقوى الثورة من هيئة عامة ومجلس أعلى ولجان. والمشاورات لا تزال مستمرة معها من أجل التوصل إلى صيغة تسمح بإعادة هيكلة المجلس بما يجعله معبّراً بنحو أكبر عن أهداف الشعب وأطيافه وقواه الحية معاً، وفي مقدمها ممثلو الثوار في المدن السورية الثائرة». وفي الإطار، يقترح غليون تأليف «لجنة متابعة» تضم ممثلين للقوى الشبابية والتشكيلات السياسية وبعض الشخصيات المستقلة «ذات الصدقية الوطنية لتقود عملية إعادة هيكلة المجلس الوطني»، لضمان «التزام القوى السياسية بالعمل الجاد داخل المجلس ولبنائه بناءً متوازناً من حيث التوجهات والأطياف الفكرية والسياسية». وبالنسبة إلى المواصفات العامة التي يراها غليون ضرورية في المجلس الوطني، استثناء أعضاء قيادته من حق الترشيح لأول دورة انتخابات دستورية، وأن ينص المجلس على حلّه التلقائي فور بدء المرحلة الانتقالية وانتخاب الهيئة التمثيلية الجديدة التي ستصبح مصدر السلطة في البلاد بعد التحرير. ورغم الإخفاق السالف الذكر، فإنّ غليون يطمئن إلى أن تأليف المجلس «لن يغير من التزامي العمل إلى جانب الثوار حتى سقوط النظام، وسأستمر كما بدأت في خدمة الثورة وتحت تصرف هيئاتها».