إسم "البيازين" يصلح لفيلم سينمائي يحكي عن محنة الأندلسيين المورسكيين بعد سقوط غرناطة. حسن أوريد حكى في روايته le morisque" " عن جانب من معاناة المورسكيين بعد سقوط غرناطة و بداية حرب تطهير عرقي لكل ما له علاقة بوجود عربي إسلامي في اسبانيا. الرواية التي جمعت بين المتخيل و الوثيقة التاريخية و سرد وقائع مؤلمة من تاريخ المغاربة الأسبان و ما سمي بالمسيحيين الجدد شهادة أخرى عن العنف و الأصولية و القمع و القتل و الوحشية و الحرب الصليبية التي قادتها الكنيسة و الجيوش المنتصرة ضد كل شيء يحيل إلى ماضي اشبيلية و غرناطة و الروندة و توليدو .ذلك الماضي الذي يشهد الشجر و الحجر أنه كان جزء من بلاد المغرب الكبير و بلاد الإسلام. يحمل الحي الذي جرت فيه إحدى صور حرب التطهير العرقي اسم" البيازين".و لعل اسم البياز و البيازي المتداول في مناطق مغاربية يرتبط بهذا الحي الأندلسي.أعتقد ذلك من المنظور اللساني. زهرة فتاة إسبانية لها شقيق إسمه pedro.والاسباني بيدرو اسمه الحقيقي في الخفاء و السرية هو أحمد.كان محو الذاكرة قسريا بالقوة و بالحديد و النارو المشانق . كل شيء يذكر بالماضي يجب أن ينتهي. أحمد يتحول إلى بيدرو . زهرة تتمزق بين حبها للأرض و القرية التي ولدت فيها و بين الهروب إلى المغرب.هل تغير معتقدها و تبقى من المسيحيين الجدد المشتبه فيهم و المتهمين حتى تثبت الإدانة أم تهرب إلى تطوان و فاس و سلا و الرباط وتلمسان . زهرة ستختفي في ظروف غامضة و سيتم العثور عليها جثة ممزقة مشوهة جانب الواد.من قتل زهرة الشابة الأندلسية الجميلة الوديعة المتدفقة بالحب و الحياة ؟ أكيد أنها شهيدة موريسكية قتلت بسبب الحقد الديني الأعمى رغم أن الدين بالنسبة لها سواسية لا فرق بين نصراني و مسلم. فيلم البيازين المتخيل يمكن تصوره مثل أفلام سينمائية كثيرة تحدثت عن جرائم النازية ضد اليهود في أوروبا: la vie est belle و. la liste de schindler وفيلم katyn صورة فظيعة عن العنصرية و الكراهية و الحقد و القتل و التشريد و الطرد تحت غطاء الدين و العرق و الطائفية. التسامح و التعايش عملة مفقودة لدى الكنيسة المتعطشة للدم. القصة موجودة لا ينقص سوى المخرج و الممثلون و سعار اليمين الاسباني الذي ينتفض حين يتعلق الأمر بعلاقات اسبانيا التاريخية بالضفة الجنوبية للبحر و بالغازات السامة في الريف. كان السكان مضطرون لتغيير الأسماء و عدم التحدث بالعربية وإنشاد الأشعار و الغناء و إعداد المرقة عوض وجبة الكسكس الذي تتبعه التهمة . وكانوا مضطرين تعليق الصليب في الدار و مسحه من الغبار تفاديا للشبهات تحكي رواية أوريد الكاتب الذي ينتقل بمهارة و إتقان من العلوم السياسية و القانون إلى الشعر و الرواية و التاريخ و الآداب و الفلسفة. كانوا يعيشون حياة مزدوجة صعبة.كيف سيتزوجون و كيف سيموتون و يدفنون.بطقوس الإسلام أم المسيحية؟ الوقائع و القصص تتزامن مع الفترة التي حكم فيها احمد المنصور الذهبي من عاصمة مملكته مراكش.و يكفي أن يشهد "خايمي" و رفيقه و قد و صلا من الأندلس إلى أزمور شهادة المسلمين ليعاملا برعاية ضيوف السلطان و يصلان إلى درب باشاي في قلب المدينة الذي صار اسمه "داباشي" في اللغة العامة و يحظران حفلة السلطان و يدخلان قصر البديع للقاء الملك. هل سيحرر احمد المنصور الذهبي الأندلس و يدخلها فاتحا كما فعل طارق بن زياد أم أن التاريخ له مفاجآته و ألغازه. التسامح قيمة سامية عالية راقية نبيلة من ما يسمى الإيتيقا . جزء من التصوف الديني و العلماني و ليس مفهوما في الأخلاق الحميدة و دروس الوعظ و الإرشاد و خطب الأئمة في المساجد و رجال الدين في الفاتيكان و الكنائس و الأديرة. التسامح لفظة أصلا مزعجة و بلا معنى. سواء وردت على لسان مسلمين أو من ديانات أخرى.التسامح الحقيقي إذا جاز قبوله هو مستوى تفكير متصوفة دينيين و علمانيين على حد سواء .التسامح حب. سنعرف التسامح حين نعرف كيف نحب و كيف نقسو و كيف نغفر للآخرين خطاياهم و كيف نتصالح مع ذواتنا و أنفسنا و نعتبر الدنيا فانية بدون رقيب من السماء و بدون طمع في كسب الجنة و بدون خوف من عقاب. إدمون عمران المالح كان يسخر و يشمئز من كلمة تسامح. عليك الرحمة الحاج إدمون.