حاورها سعيد السالمي 12 سبتمبر, 2018 - 11:58:00 في هذا الحوار الذي أجراه موقع "لكم" مع مريم رمضان، نجلة المفكر الاسلامي طارق رمضان الذي اعتقل في فرنسا على ذمة التحقيق بتهمة الاغتصاب، تتحدث عن مستجدات القضية والمواجهة المقبلة بينه وبين إحدى المشتكيات، وسبب عدم تمكينه من السراح المؤقت. كما تحدثت عن ظروف والدها الذي تقول انه "معتقل سياسي تمت متابعته بشكل متعمد ضدا في وضعه الصحي حتى أصيب بإعاقة". في ما يلي نص الحوار. بداية، هل لك أن تحدثينا عن مستجدات المتابعة القضائية في حق طارق رمضان؟ وجهت التهم القضائية لوالدي بموجب شكايتين، بينما يتابع كشاهد في شكاية ثالثة (ما يدل على خلو الملف من عناصر ذات مصداقية وفقا للقضاة) حول وقائع ظل ينفيها نفسا قاطعا منذ البداية.
طالب محاميه بإسقاط التهم الموجهة إليه بموجب الشكايتين الاوليين بحجة انعدام أية قرائن تثبت الوقائع المنسوبة إلى موكله. إلا أن القضاة اعتبروا أنه كان من المبكر جدا اتخاذ هذا القرار، ما حذا بالمحامي إلى الاستئناف. وأود أن أشير هنا إلى أن القضاة لا يأخذون بعين الاعتبار الا المعطيات التي تورطه، بينما يهملون، أو يؤجلون، أو بكل بساطة يتجاهلون المعطيات التي تبرئه، على غرار الكذب، والتناقضات، وغياب التطابق في الأقوال، والمحادثات التي تمت بين المشتكيات الخ...
الملف ينهار ولكن والدي ما يزال رهن الاعتقال بسبب تأجيل المواجهة مع المشتكية الثانية التي كان من المرتقب أن تتم يوم 18 يوليوز، وأجلت إلى 18 سبتمبر.
محامو والدك يحتجون على ظروف الاعتقال. هل لك أن تحدثينا عنها؟
والدي يعاني من مرض خطير ومزمن (التصلب اللويحي) تفاقم في فترة الاعتقال لأنه أصبح اليوم معاقا، ويتنقل على كرسي متحرك. كما أنه يعاني من آلام في الرأس وتشنجات حادة طوال الوقت منذ سبعة أشهر ونصف.
لا يتلقى العلاجات التي من المفروض أن يتلقاها. يعيش في عزلة طيلة اليوم 24/24، في زنزانة انفرادية، وحتى خلال جولة الاستراحة، فيما يشبه تعذيبا جسديا بل وحتى نفسيا، بينما ما يزال القضاة يعتمدون على الجزء الأول من التقرير الذي أنجزه خبراء (بتفويض من القضاة) واعتبروا فيه أن حالته الصحية تتوافق مع الاعتقال إذا تم توفير شروط معينة، وهو ما لم يتوفر.
على سبيل المثال، قال هؤلاء الاطباء المختصون إن وضعه الصحي يستدعي حصة إلى حصتي تدليك طبي كل يوم، والحال أنه الآن لا يتلقى إلا حصتين أو ثلاثة في الاسبوع، ويتم التعامل معه بشكل مهين وغير لائق. إنه شيء خطير. لقد سبق لمحاميه، الاستاذ مارسينييه، ان طالب باحترام قرينة البراءة وكرامة طارق رمضان، إلا أن القضاة لم يولوا الأمر أي اهتمام.
وفضلا عن هذا فإنه لا يتوصل أبدا بالرسائل واليوم بتنا نعلم أن الرسائل التي أرسلت إليه بين مارس وماي اختفت كليا!
هناك مسألة تثير تساؤلات وسط المتابعين للقضية وهي أن القضاة يرفضون باستمرار تمتيعه بالسراح المؤقت. ما هي الحجج التي يبنون عليها هذا القرار؟
القضاة يرفضون تمكينه من السراح المؤقت لأسباب تختلف كل مرة، ومنها ما يمكن أن نصفها بالغبية والمضحكة حتى.
في البداية قالوا إن والدي "يدعي أنه مريض".
بعد ذلك قالوا إنه هدد المشتكيات، والواقع أنه أطلق نداء أمام العموم لاحترامهن، وعدم شتمهن، واحترام القضاء (حدث هذا منذ بدايات القضية ما بين أكتوبر 2017 و يناير 2018، أي قبل اعتقاله).
لقد ذهب القضاة حد القول إن والدي "سويسري مصري" سيفر إلى مصر! والواقع انه لم يسبق أبدا لطارق رمضان ان حمل الجنسية المصرية، وجنسيته الوحيدة هي الجنسية السويسرية، ناهيك انه ممنوع من الذهاب إلى مصر منذ عشرين سنة لأسباب سياسية!
ثم قالوا، اي القضاة، إن والدي مجرم خطير يمكن أن يعود إلى الإجرام، مع أن الخبرات النفسية أثبتت العكس، فضلا ان الحديث عن حالة العود فيه خرق لقرينة البراءة التي تجعل منه بريئا الى أن يثبت العكس. إن رفض تمكينه من السراح المؤقت بمبرر العود يفترض أنهم أخذوا بعين الاعتبار إدانته قبل الحكم عليه.
يجب أن أضيف أيضا انه منذ انطلاق حركة " metoo" يعتبر طارق رمضان الرجل الوحيد في العالم الذي لم تحترم قرينة براءته. وفي فرنسا على وجه التحديد تم تمكينهم جميعا من السراح المؤقت.
وفي ما يخص التحقيق، كيف تقيمون الحجج التي تقدمت بها المشتكيات؟
الشكايات التي تقدمت بها المتهمات مليئة بالأكاذيب والتناقضات والمفارقات.
المشتكية الاولى، هند عياري، قدمت ثلاث روايات مختلفة وذكرت مرتين في ما يخص تاريخ ومكان الاغتصاب المفترض. أصدقاؤه الذين ذكرتهم بوصفهم شهودا، وكذلك عمها، وابنها يقولون انها امرأة كذوبة. كما ان عائلتها ادلت بصور وفيديوهات العرس الذي حضرته ليلة الاغتصاب المزعوم.
المشتكية الثانية Paule Emma A, أو "كريستيل" كما تسمى في الصحافة، فقد كذبت عندما قالت إنها لا تعرف المشتكية الاولى، كما أنها غيرت روايتها ثلاث مرات، وتقول إنها التقت خمسة أشخاص في الفندق وفي الحافلة ولدى الشرطة، ولا أحد أكد أقوالها. صديقة لها أدلت بشهادة قالت فيها ان "لديها خطة لإسقاط طارق رمضان". ان Paule Emma A تربطها علاقة بأشخاص معروفين بعدائهم لوالدي وتنامي إلى حزب يميني متطرف.
هل ما زلت تؤمنين ببراءة والدك؟
انا لست فقط متأكدة من براءته، بل انني مقتنعة، بالنظر للملف القضائي، والمبررات الواهية التي قدمت من اجل الإبقاء عليه رهن الاحتجاز، بأن القضاة يعرفون بأنه بريء، غير انهم يتعرضون لضغوط سياسية واعلامية. من الواضح ان القضاء الفرنسي ليس مستقلا بتاتا في هذه القضية.
إن والدي معتقل سياسي، يزعج لأنه حر ومستقل ولا يتردد في انتقاد السياسيين والمثقفين الفرنسيين. انهم يريدون أن يدفع ثمن "الجرأة" التي لا تقبل اذا أتت من مسلم أو من عربي.
كما تعلمين فإن الجميع في المنطقة يتابع هذه القضية منذ اندلاعها. ما هي رسالتك إلى جمهور والدك، الذي يناصره والذي ينتقده؟
يجب استخلاص العبر من ابتلاءات الحياة. لا شيء يحدث بالصدفة، وكل ما يحدث له معنى. يتعين أن يعود المرء الى الله وأن يثق فيه. عسى ان نكره شيئا وهو خير لنا وان الله يحب الصابرين.
ليس هناك انسان كامل، وهناك امور تخص كل واحد منا في علاقته مع ربه، ومن اهم تعاليم الإسلام ان يترك المرء ما لا يعنينه. لكل إنسان علاقة خاصة وحميمية مع الله وهي ملك له.
الآن في ما يخص عدالة البشر فإنها تعنينا ويجب أن نجعل منها قضيتنا. يجب الا نقبل الظلم وأن نقاومه بأيدينا وكلماتنا وقلوبنا. ينبغي التنديد بالظلم الذي يتعرض له والدي وجميع ضحايا الميز حول العالم. يجب أن نتسلح بالشجاعة والصبر.
وبالمقابل فإن الشيء الوحيد الذي يجب ان نتجنبه هو الكسل والصمت المتواطئ مع الظلم. انها رسالة والدي منذ ثلاثين سنة: صيانة الكرامة والدفاع عن العدل وقول الحق، بدون عنف، وبكل هدوء وحزم وشجاعة.