08 سبتمبر, 2018 - 11:46:00 نظمت مجلة النداء التربوية، اليوم السبت، بالرباط، ندوة شارك فيها فاعلون تربويون وحقوقيون حول " ضرب مجانية التعليم وخلفيات وأبعاد الدعوة للدراجة"، وذلك على إثر النقاش الدائر حاليا حول استعمال بعض مفرادت من الدارجة في مقرر خاص بالغة العربية، و مصداقة المجلس الوزاري على القانون الإطار لإصلاح منظومة التعليم الذي اعتبرت بعض الأصوات أنه يؤسس لضرب مجانية التعليم. التدريس بالدارجة مشروع استعماري قديم وقال محمد حمداوي رئيس تحرير المجلة إن مشكل التعليم في المغرب هو إشكالية ضخمة جدا، لأنه كان خاضعا تاريخيا للقرار السياسي ولم يكون مفتوحا أمام جميع الفاعلين في المجال. وأكد حمداوي أن لغة التدريس في أي تعليم ناجح هي اللغة الوطنية، والدول الرائدة حاليا تدرس في جامعاتها ومدارسها بلغتها الوطنية، كما أن أفضل 500جامعة دولية في العالم يوجد فيها التدريس باللغات الوطنية. وأوضح حمداوي أن قضية اعتماد اللغة العامية هي مشروع استعماري قديم يحاول البعض تجديده اليوم، علما أن هذا المشروع يعود إلى القرن 18 مع تأسيس معاهد لدراسة اللغة العامية في الدول الاستعمارية. وأضاف حمداوي أن سلطات الحماية الفرنسية بالمغرب جمعت المختصين لجعل الدارجة لغة رسمية للبلاد لكنها لم تنجح في ذلك. وأشار حمداوي أنه يجب الانتباه لأن قضية اللغة تكون دائما مرتبطة بمشروع ثقافي واجتماعي واقتصادي، وأن هناك فئة قليلة بالمغرب مقتنعة باللغة العامية وهي حرة في ذلك لكن لا يمكن أن تفرض رأيها للجميع. اعتماد الدارجة يهدد وحدة البلاد وشدد حمداوي على أن اعتماد الدارجة في التعليم أمر مهدد لوحدة البلاد، لذلك ينبغي أن لا ننخرط في هذا المشروع القديم الذي كان يهدف تفتيت النسيج الاجتماعي بالمغرب، وأن نعمل على النهوض باللغة العربية. وأكد نفس المتحدث أن المغرب لم تكون فيه أبدا مجانية للتعليم، بل هناك مجانية مقنعة، منها رسوم التسجيل، كما ينظر إليه دائما بنظرة استهلاكية وليس استثمارية. وأبرز حمداوي أن لجوء الأسر خاصة في الطبقات المتوسطة للتعليم الخاص هو اضطرار وليس اختيار بالنظر لما تعانيه المدرسة العمومية من مشاكل. وأكد حمداوي أن المغرب إذا أراد فعلا إصلاح التعليم فإنه لن يتذرع بقضية تمويله، فالأموال المهربة إلى الخارج ، وأموال الفوسفاط على اعتبار أنه ثروة وطنية يجب أن يستفيد منها جميع المغاربة كافية لإحداث إصلاح حقيقي في التعليم. وشدد حمداوي على أن تفاعل المجتمع وهبته ضد استعمال الدرجة في التعليم كانت لافتة وهو أمر مهم للغاية يدل على أن المجتمع رافض لمشروع الدارجة. ليس هناك تعليم مجاني بالمغرب من جهته، شدد فوزي بوخريص رئيس شعبة الفلسفة وعلم الاجتماع بجامعة "ابن طفيل" بالقنيطرة، على أن التربية كما الثقافة والصحة هي ليست بضاعة ولا يمكن أن تخضع لمنطق التسليع. وأضاف بوخريص، أنه على مستوى الواقع الجميع يناقش قضية التعليم وكأنه بضاعة، علما أنه خاضع لمنطق التسليع منذ سنوات، وارتفاع نسبة التلاميذ في المدارس الخصوصية هو خير دليل على هذا، إضافة إلى ازدهار الجامعات والمعاهد الخاصة ، والساعات الإضافية، ودروس التقوية والدعم المؤدى عنها. وأكد بوخريص على أن تكلفة التعليم بالمغرب يستفيد منها البعض، على حساب البعض الآخر، ويجنون أموالا طائلة منها. وأوضح نفس المتحدث أنه إذا تأملنا تعليمنا منذ سنوات سنعي بأنه لم يكن هناك تعليم مجاني، فالأسر تؤدي رسوم التسجيل، وبعض الأسر الفقيرة ليس لها المال لدفع مستلزمات دراسة أولادها، لذلك فالقول الصحيح أنه في المغرب هناك مستوى من المجانية، وهو في تراجع منذ عقود وفي السنوات الأخيرة وصل إلى مستويات قياسية. وأبرز بوخريص أن هذا المستوى من المجانية مهدد بشكل صريح في القانون الإطار لإصلاح التعليم، حيث تنص المادة الرابعة منه على تحمل الأسر لتمويل التعليم على قدر استطاعتها. وشدد بوخريص على أن التعليم في الدول المتقدمة استثمار مهم ومربح حتى في ظل الأزمات الاقتصادية، لأنه استثمار من أجل المستقبل. التعليم بالدارجة سيكرس التفاوت الاجتماعي وأشار بوخريص أن النقاش حول الهندسة اللغوية يعكس طبيعة الصراع بين كيانات المجتمع، على اعتبار أن اللغة هي سلم وأداة للترقي الاجتماعي والاقتصادي، ولهذه الأسباب تذهب الكثير من الأسر نحو تعليم أولادها في المدارس الخاصة، على اعتبار أن هذه الأخيرة تركز بشكل كبير على اللغة الفرنسية. وأكد نفس المصدر أن الكثير من مشاكل التعليم بالمغرب مرتبطة باللغة ، ولدمقرطة التعليم ينبغي دعم اللغات الوطنية أي العربية والأمازيغية، وليس دعم التفاوت الاجتماعي. وأبرز بخوريص أن مشروع التدريس بالدارجة ترعاه فئة معينة والشخص الذي يمثله ( نور الدين عيوش) نجح في فرض رأيه ليس بالحجة والبرهان لكن بقوة الاقتصاج والسياسة، والدفاع عن الفرنسية والدارجة دفاع عن المصالح والمواقع الاقتصادية. وأوضح نفس المتحدث أن النقد والسخرية التي تم استعمالها ضد توظيف الدارجة في التعليم، ناتجة على أن المجتمع يعبر عن نفسه بشكل مباشر ودون آليات ومؤسسات الوساطة، لذلك حدث نوع من المبالغة والتضخيم في التعاطي مع الموضوع. الدولة ليست لها إرادة سياسية لإصلاح التعليم من جانبه، أكد الحقوقي محمد الزهاري أن هناك إرادة سياسية معاكسة لتطور التعليم، لأن الدولة المستبدة تخاف من النخب المثقفة والعقول المتعلمة. وأوضح الرئيس السابق للعصبة المغربية للدفاع عن حقوق الإنسان، أن الدستور المغربي الحالي نص بشكل محتشم على مسؤولية الدولة في ضمان تعليم مجاني يضمن تكافؤ الفرص للجميع، حيث أن الفصل 31 منه استخدم عبارة " تعمل الدولة والجماعات المحلية على تيسير الولوج إلى التعليم". وأضاف الزهاري أنه في الوقت الذي تطمح فيه الدولة لتعميم التعليم تغلق 180مدرسة ابتدائية بالدار البيضاء، ويفرض نظام التعاقد الذي لا يضمن الحقوق الكاملة لرجال ونساء التعليم. وأكد نفس المتحدث أن التعليم في المغرب يتخبط في دوامة من المشاكل، منها الخصاص في الأطر التربوية، ضعف المردودية، اكتظاظ مهول، لذلك صنفت اليونسكو المغرب في آخر الترتيب بالنسبة لجودة التعليم، حيث جاء من ضمن 15دولة الأكثر تخلفا في التعليم، وحل في المرتبة 108من أصل 128دولة شملتها الدراسة. وأشار الزهاري أن الدولة قامت بعدة مبادرات لإصلاح التعليم، منها المخطط الاستعجالي الذي صرفت عليه أموال طائلة ولم يكن على مستوى تطلعات وطموح الأطر التربوية والمجتمع المغربي. وشدد الزهاري على أنه لا يمكن لأي إصلاح في قطاع التعليم أن ينجح دون إرادة سياسية، ومن خلال حكامة جيدة وربط للمسؤولية بالمحاسبة، والحرص على ترسيخ مبادئ الجودة والشفافية وتكافؤ الفرص، والتحفيز المادي والمعنوي والتكوين المستمر للمدرسين.