-أمال العتاق -صحفية متدربة 02 يوليوز, 2018 - 11:01:00 لا يحظى كل من نال شهادة البكالوريا بفرصة للالتحاق بإحدى المدارس أو المعاهد العليا، وذلك لأسبابٍ متعددة ، فهناك من لم يحصل على عتبة الانتقاء المطلوبة، ومنهم من كان من المتفوقين النجباء إلاّ أنه لم ينجح في اجتياز مباريات الولوج إليها؛ لينتقل التلميذ بهذا من واقع يتميز بتشييد الأحلام إلى مرحلة اكتشاف الحقائق حيث تتحول أحلام الكثيرين إلى كوابيس تقض مضاجعهم أمام عتبات الانتقاء "المرتفعة" من جهة أو المباريات "المعقدة" من جهة أخرى. "مباريات معقدة.." كثيرون هم التلاميذ الذين صدموا بمدى صعوبة هذه المباريات والفرق الشاسع بين ما امتحنوا فيه خلال الباكالوريا وما يمتحنون فيه خلالها ؛ إذ يعتبروها قاسية عليهم لأنها كانت تقصي حتى أصحاب الميزات العالية من قبيل "حسن" و"حسن جدا" والذين يجدون أنفسهم عاجزين أمام اجتيازها بنجاح. شيماء ، حصلت على شهادة الباكالوريا بميزة "حسن جدا" سنة 2017 إلا أنها لم توفق في اجتياز أي مباراة بنجاح، وتتابع الآن دراساتها الجامعية بكلية محمد الخامس بالرباط "مكرهة "، حسب تعبيرها. "أصبحت باكالوريا اليوم بدون قيمة، ولم تعد سوى بابا دون مفتاح لأحلام وطموح الشباب وأتمنى أن يلغى نظام المباريات لأنه حطم طموحي إلى الولوج لكلية الطب وهو الحال بالنسبة للعديد من الحاصلين على ميزات عالية ،" وتابعت في التصريح ذاته: "المباريات جد معقدة ولا مجال للمقارنة بينها وبين ما درسنا طوال مسيرتنا الدراسية." سعد مرتاح ، عضو في الاتحاد الوطني لطلبة المغرب، فسر هذا الأمر بتدني المحتوى التعليمي والعلمي في صفوف التلاميذ الراجع إلى إضعاف الجهات المسؤولة عن القطاع للمحتويات التعليمية بالمدرسة العمومية قائلا : " أرادت الجهات المسؤولة عن قطاع التعليم في المغرب الرفع من نسبة النجاح ،" مردفا: "فبدل من تنمية الفكر النقدي للتلاميذ والعمل على تحسين المحتويات التعليمية لجأت الدولة إلى إضعاف هذه الأخيرة مما أدى إلى صدمة التلاميذ بالفرق المعرفي والبيداغوجي بين ما درسوه وبين ما يمتحنون فيه خلال المباريات. " وأحال المتحدث أثناء حديثه إلى مقارنة نسب النجاح بين الحاضر والماضي، حيث كانت المدرسة المغربية في أوج عطائها على حد تعبيره أنه " لم تكن نسبة النجاح تتجاوز 20 في المائة سابقا حيث كانت الامتحانات الوطنية في المستوى أما الآن فقد أصبحت هذه النسب تتجاوز الخمسون في المائة والامتحانات سهلة جدا." من جهة أخرى ، أكد زميله في الاتحاد إسماعيل الريسوني، أن الدروس الممنهجة خلال الباكالوريا تهيئ التلاميذ قبليا للمباريات وان الأمر يتعلق أساسا بمشكل لغوي وليس في مستوى المباريات، مردفا : " إن اجتياز المباريات باللغة الفرنسية بعد سنوات من دراسة جل المواد بالعربية يعد عائقا أمام أغلبية التلاميذ وهو في العمق ذو طبيعة طبقية لأنه يقصي أبناء الكادحين ضحايا المدرسة العمومية." تجارة في التعليم.. قد يلجأ العديد من منهم مقبلون على ولوج المعاهد والمدارس العليا إلى دروس الدعم بأحد مراكز التحضير للمباريات والتي يصل سعرها إلى 1400 درهم في الأسبوع الواحد ، ويختلف الثمن باختلاف نوعية المباراة المراد التحضير لها ؛ إذ يتطلب التحضير لمباراة الطب أو الصيدلة مثلا 1600 درهم أما عن مباريات ولوج مدارس الهندسة أو الاقتصاد فيتراوح الثمن بين 1000و1200 درهم. وفي هذا الصدد، أوضح لحسن مادي، أستاذ التعليم العالي بالمدرسة العليا للأساتذة، أن الأمر يتعلق ب"تجارة في التعليم" موردا أن "مراكز التحضير للمباريات ليست تابعة للدولة وتتوفر على الرخصة لمباشرة أعمالها ،" وزاد: "الأسر الفقيرة ذات الإمكانيات المحدودة هي التي تذهب ضحية هذا الإقصاء إلا أنه ليس لأحد الحق محاربة هذه المراكز أو منعها من العمل إلا في حالة عدم توفرها على الرخصة." وأضاف الدكتور المتخصص في علوم التربية في تصريح لجريدة "لكم" : " إن المشكلة تكمن في كون أن التلميذ لا تكون له دراية مسبقة بنوعية الأسئلة في المباريات والتي غالبا ما تكون مركبة وبالتالي فهي تتطلب منه مجهودا وذكاء خاص ، فالمدارس العليا تختار الأجود والأصلح وبالتالي لا يمكن أن تفتح أمام الجميع وان تلغي نظام المباريات." جدير بالذكر انه سبق أن أعلنت وزارة التعليم العالي وتكوين الأطر عن تأجيل العمل بمسطرة احتساب المعدلات المحصل عليها في البكالوريا لولوج المؤسسات الجامعية ذات الاستقطاب المحدود عوض مباريات الولوج المعمول به حاليا، إلى غاية الموسم الجامعي 2017-2018 على الأقل ل"اعتبارات تقنية تعذر معها العمل بالمنصة الإلكترونية المعدة لهذه الغاية في الآجال المحددة." وعند سؤالنا مصدرا داخل وزارة التعليم العالي وتكوين الأطر والبحث العلمي، أشار إلى أنه سيتم استمرار العمل بنظام المباريات لولوج المعاهد والمدارس العليا إلى غاية اجل غير محدد في ظل استمرار العطب التقني. الجامعة.. حل أخير حين تغلق أبواب الفرص في وجوه بعض الطلبة الحالمين ، تكون الجامعة "ملجأهم الوحيد" ،كما صرح حمزة طالب الاقتصاد بكلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية بالرباط الذي يتابع دراسته حاليا لعدم قبوله في أي مؤسسة أخرى. وفي هذا السياق، يؤكد سعد مرتاح، أن الجامعة المغربية أصبحت تعرف هجوما عنيفا من قبل الطلبة بسبب سمعتها السيئة التي نتجت عن "تعيين عمداء ومسؤولين فاسدين" على حد تعبيره ، وأضاف : " إن كل من الاكتظاظ وقلة بنيات الاستقبال وضعف التكوين بالجامعة أفعال متعمدة من المسؤولين عن القطاع بهدف خوصصته." في حين دعا الأستاذ مادي، إلي استبعاد "أحكام القيمة" في حق الجامعة المغربية التي يعتبرها المكان الذي تكوَّن به جل الأطر الكفء وكبار الأساتذة بالمغرب وزاد: "التعليم الجامعي مفتوح أمام الجميع، لكن هذا لا يمنع من القول أن المنظومة التعليمية تعاني من عدم تكافئ الفرص لهذا يجب توفير ظروف جيدة للتدريس ومحاربة الاكتظاظ ."