16 مارس, 2018 - 07:40:00 اعتبرت صحيفة "واشنطن بوست" الأميركية، الخميس 15 مارس الجاري، أن شعبية الرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي، الذي يستعد لانتخابات رئاسية جديدة، تأكلت بشكل ملحوظ، في الوقت نفسه تنامت حالة السخط ضده من قِبل المؤسسة العسكرية، مما يصعّب فترة رئاسته المقبلة، التي سيفوز بها بأريحية. وقال بهي الدين حسين، مدير مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان، في مقال له بالصحيفة الأميركية، إنه منذ الخريف الماضي، وشعبية السيسي تتضاءل باطراد، ليس فقط بين العامة وكثيرٍ من العلمانيين ورجال الدين المسلمين في مصر، لكن أيضاً بين المؤيدين الرئيسيين لنظامه. لكنَّه سيفوز في الانتخابات الرئاسية الصورية، المزمع إجراؤها بين 26 و28 مارس الجاري، بيد أنَّ هناك مؤشرات كثيرة على أنَّ فترة رئاسته الثانية ربما لن تستمر بالقدر الذي يأمله. حملة قمعية كبيرة وأضاف أن السيسي أطلق العنان لحملة قمعية على المعارضة، ليس لها مثيل في تاريخ مصر الحديث. وحتى الآن، تعجز هذه الحملة عن تحقيق أهدافها المرجوَّة؛ إذ يختمر السخط ضمن طبقة النخبة الحاكمة، ومن ضمنها الجيش. ويُمثل هذا تهديداً أكثر خطورة بكثير على الرئيس من المعارضة الإسلامية والعلمانية. وبعدما أخفق السيسي في مسعاه لتعديل الدستور، الذي كان سيمدد الفترة الرئاسية إلى 6 سنوات بدلاً من 4، وسيمكِّنه من تجنُّب إجراء انتخابات هذا العام- شرع في محاولةٍ لضمان الفوز بالرئاسة؛ بمنعه أشد معارضيه من الترشح في الانتخابات. وعملت الحكومة لضمان ترحيل أحمد شفيق -رئيس الوزراء الأسبق وقائد القوات الجوية، الذي أعلن اعتزامه إقامة حملة انتخابية وسط المصريين في الخارج- من الإمارات إلى القاهرة، حيث احتُجِز في فندقٍ ناءٍ حتى تراجعَ عن ترشحه، بحسب المقال. وبعد ذلك بفترة وجيزة، أعلن سامي عنان، رئيس أركان حرب القوات المسلحة الأسبق، عزمه الترشح للرئاسة، وبعد بضعة أيام اختطفه جنودٌ من سيارته. وعندما شرع نائبه هشام جنينة، وهو رئيس سابق للجهاز المركزي للمحاسبات التابع للحكومة، في تقديم طعن على قرار استبعاد عنان من الانتخابات، تعرَّض لاعتداءٍ وحشي من جانب بلطجية تابعين للشرطة. وفي غضون ذلك، حُكِم على عقيدٍ في الجيش بالسجن 6 سنوات، بعد إعلانه هو الآخر رغبته في الترشح للرئاسة. وأُقيل اثنان من أقوى المسؤولين الأمنيين واعتُقلا، هما خالد فوزي مدير جهاز المخابرات العامة المصرية النافذ، ومحمود حجازي رئيس أركان حرب القوات المسلحة (ويقبع هذا الأخير تحت الإقامة الجبرية في منزله). صراع على السلطة وبحسب الكاتب المصري، يدور صراعٌ حقيقي على السلطة في البلاد؛ إذ كان عنان يدفع بخطة، كان من شأنها أن تُضعِف قبضة الجيش على السلطة. وطُرحت هذه الرؤية، التي تطورت عن طريق المشاورات مع السياسيين العلمانيين والعديد من ضباط الجيش الكبار السابقين والحاليين، بديلاً للنظام السياسي الحالي، الذي تتوزع فيه السلطة بين كبار قادة القوات المسلحة. وأضاف الكاتب المصري: "ينبع السخط ضمن صفوف الجيش من 3 مصادر؛ الأول هو قرار السيسي قبل أكثر من عام بنقل سيادة جزيرتين مصريتين إلى السعودية. ويتضمن الثاني تقارير وسائل الإعلام الأجنبية، التي ترجح أنَّ السيسي ربما يكون بصدد الاستعداد للتخلي عن أجزاء في شبه جزيرة سيناء كجزءٍ من تسوية إسرائيلية-فلسطينية. أما المصدر الثالث، فهو إخفاق الحكومة الملحوظ في الرد بفاعلية على الإرهاب، خاصةً منذ استخدام شفيق وعنان كلمة (الخيانة) في تعليقهم على الإخفاقات الأمنية. وتفاقمَ حجم السخط بفعل سلسلة من التسريبات، التي انعكست بصورة سلبية على السيسي وجهاز المخابرات الحربية، الداعم الأول له. ولم تحدث مثل تلك التسريبات في عهد الرئيس الأسبق حسني مبارك". وفي أعقاب اعتقال عنان، أُلقي القبض على 23 من ضباط الجيش المؤيدين له. وأثارت الاعتقالات الغضب في صفوف الجيش، لدرجة دفعت القيادة العليا لإصدار بيان داخلي يحظر النقاشات السياسية في المنشآت العسكرية، حتى رغم كون مثل تلك النقاشات محظورة بالفعل. تصفية جهاز المخابرات العامة وبحسب المقال، فإنه منذ أن جاء السيسي لسدة الحكم، أُقيل المئات من ضباط جهاز المخابرات العامة أو جرى نقلهم. ولم يشغل منصب مدير جهاز المخابرات العامة شخصٌ من داخل الجهاز، ولكن تولاه عباس كامل، مدير مكتب السيسي. وتَمثل القرار الأول لكامل في إقالة عشرات آخرين من كبار المسؤولين بناءً على قائمة أعدَّها محمود السيسي، نجل الرئيس، الذي يشرف على الأمن الداخلي لجهاز المخابرات العامة. (وأثار المنصب البارز لمحمود السيسي انتباه شركاء مصر في واشنطن). وفي أثناء ذلك، أصبح ابنٌ آخر للسيسي، يُدعى مصطفى، وهو ضابط بالجيش، عملياً، الشخص الأكثر نفوذاً في الجهاز الذي يوافق على تعيين كبار المسؤولين الحكوميين، ومن ضمنهم الوزراء. في بداية فترته الرئاسية الأولى في 2014، كان السيسي يحظى بتأييدٍ بلغت نسبته 90% ودعمٍ لا يتزعزع من الليبراليين ومجتمع الأعمال والبيروقراطية الحكومية والجيش. وبعد مرور 4 سنوات، انحسرت الدائرة المقربة للرئيس إلى حفنةٍ من المستشارين وأفراد العائلة. ولا يتوافق هذا التآكل الكبير في التأييد مع رواية نظامٍ يحظى بسيطرةٍ لا تشوبها شائبة، بحسب المقال. وبدلاً من إقامة حملة انتخابية والترويج لإعادة انتخابه، كان الرئيس الحالي في الأسابيع الماضية، حاضراً بصورة متزايدة، في الاحتفالات العسكرية والشرطية، حيث كان يرتدي الزي العسكري ويتودد إلى أولئك الذين يعتقد أنَّ بإمكانهم منحه الدعم الذي يحتاجه، حتى رغم أنَّ أفراد قوات الأمن العاملين في الخدمة ليس لهم الحق في التصويت طبقاً للدستور المصري. وختم الكاتب المصري مقاله بقوله: "إذا سارت الانتخابات وفق الخُطة، فستكون الفترة الرئاسية الثانية للسيسي -على الأرجح- عاصفة. لكن، هناك تساؤلات أوسع نطاقاً، تستحق التدقيق فيها بصورة عاجلة: ماذا ستكون التكلفة النهائية لمحاولاته الحفاظ على حكمه الشخصي؟ وما هي تداعيات ذلك على الاستقرار في مصر والمنطقة؟".