10 فبراير, 2018 - 03:34:00 نظمت وكالة بيت مال القدس ندوة بعنوان " هوية القدس ومركزها الديني والحضاري"، يوم أمس الجمعة، وذلك على هامش فعاليات المعرض الدولي للنشر والكتاب المقام حاليا في الدارالبيضاء، من 9 إلى غاية 18 فبراير الجاري. الندوة عرفت مشاركة عدة متدخلين من فلسطين ولبنان، أجمعوا على مكانة وهوية القدس في التاريخ العربي والاسلامي وعلى ضرورة أن تبقى مدينة جامعة للديانات السماوية الثلاثة وليس لليهودية فقط، وعلى ضرورة مواجهة كل الأخطار التي تحدق بها وفي مقدمتها عملية التهويد التي تتعرض لها بشكل يومي. ماذا فعلنا للحفاظ على القدس؟ وقال ناجح بكيرات مدير التعليم الشرعي في القدس والمسجد الأقصى، إن أهمية القدس وإشعاعها الحضاري يتمثل فإنها مركز لمختلف الديانات السماوية، لكن بسبب الممارسات الإسرائيلية، فإنه يتم التضييق على المسلمين من الصلاة في المسجد الأقصى، كما أن المسيحيين محرومون من الوصول إلى المدينة وزيارة كنسية القيامة باعتبارها تشكل رمزا وجدانيا للديانة المسيحية. وأضاف بكيرات أن مدينة القدس تشكل حالة فريدة من نوعها، حيث أن أجراس الكنائس تعانق مآذن المساجد، فكنيسة القيامة ترتل ترانيمها مع تلاوة القرآن في جامع عمر المقابل لها. ودعا بكيرات المانحين بالحفاظ على معالم المدينة وتفعيل الصناديق الخاصة بالقدس لإنقاذها من الذين يريدون اختطافها، "لأنه لا يعقل أن إسرائيل تضخ 10 ملايين دولار لتهويد المدينة، في حين ماذا فعلنا نحن للحفاظ عليها". القدس جوهرة الشرق وهذا سر شقائها من جانبه، قال محمد ذياب أبو صالح مدير البحث والتوثيق بوزارة الأوقاف الفلسطينية سابقا، إن مدينة القدس من أقدم مدائن الدنيا وأقدسها لأنها مرتبطة بجميع الديانات التوحيدية، لأنها ملتقى الحضارات ومهد العديد من الأديان ومنذ وجودها والصراع عليها محتدم بين الأمم والشعوب لأنها جوهرة الشرق وهذا سبب من أسباب شقائها على حد وصفه. وأضاف أبو ذياب أن القدس تعرضت على مدى تاريخها الطويل إلى العديد من الغزوات والهجمات، ودمرت وأحرقت عدة مرات، لكن موقعها كمدينة ذات تاريخ مجيد بقي خالدا تجدده الحضارات المتعاقبة عليها، وتعيد بناءه الشعوب والأمم اللاحقة. وأكد أبو ذياب أن القدس من أكثر المدن في تاريخ البشرية التي كتبت عنها كتب التاريخ بشكل كبير وبمختلف اللغات، مشيرا أن تسمية القدس مشتقة من القداسة، كما أن لها 55 إسما، وكثرة الأسماء تدل على عظمة المسمى. وأشار أبو ذياب أن الاسرائليين يريدون صياغة تاريخ جديد للمدينة، على حساب هويتها الحضارية وتاريخها الحقيقي، لكن حججهم تبقى مفلسة لأنه أحصى 400 نص في الثوراة تدل على أسماء القرى والمدن الفلسطينية قبل دخول بني إسرائيل بآلاف السنين. إسرائيل تصنع تاريخا جديدا للقدس أما خليل تفكجي وهو مدير دائرة الخرائط بالقدس، فقد أكد أن الإسرائليين عندما لم يجدوا شيئا فوق الأرض ذهبوا إلى تحتها لينقبوا عن تاريخ جديد يصنعونه على هواهم، وأن يوجدوا رواية أخرى مفادها "أن الفلسطيني والعربي والاسلامي لم يكن موجودا في هذه المدينة على الرغم من أن قبة الصخرة وهي رمز إسلامي وجد في الفترة الأموية ولا يستطيع أي إنسان أن يلغيه". وأوضح تفكجي أن كنيسة القيامة هي أيضا رمز كبير لمدينة القدس، يريد الإسرائليون إيجاد بديل لها بكنيسة "الخراب"، حيث "عمدوا إلى تغيير خرائط وتاريخ المدينة من أجل أن يقولوا للعالم أن لهم حضارة وتاريخ في فلسطين". وأكد تفكجي أن المسلمين منذ أن وجدوا في القدس لم يغيروا مواقعها التاريخية ولا تراثها، بحيث بقيت الكنائس في مواضعها ولم يجري تخريبها أو هدمها، حيث أن الكنائس والزوايا والتكايا بقيت كما هي منذ التاريخ البيزنطي حتى فترة العثمانيين، لكن كل هذا تغير مع الاحتلال الإسرائيلي. لم يعد هناك شيء إسمه حل الدولتين من جهته، قال الصحفي والمحلل السياسي اللبناني فيصل جلول، إن العرب لم يتمكنوا من النفاذ إلى جوهر التفكير الإسرائيلي، بحيث أنهم لو نجحوا في ذلك لكانوا امتلكوا الطرق والوسائل لمواجهة مختلفة عن التي اعتمدوها في صراعهم مع إسرائيل حتى الآن. وأضاف جلول الذي أصدر برفقة العديد من الباحثين العرب كتابا جماعيا حديثا بعنوان" القضية الفلسطينية في مئويتها الثانية"، أن العرب أمضوا قرنا بكامله وهم يتحدثون عن حقهم التاريخي في القدس، وعن امتلاكهم أدلة وإتباثات وبراهين، و"هذا الحق لا جدال فيه لكن مع الأسف هذا جرنا إلى صراع تاريخي مع الإسرائليين، وهذا الصراع التاريخي البحثي لم يفضي بنا لأي مكان، لأننا لسنا أمام محكمة تاريخ عادلة حتى نقدم لها الوثائق فتقول الحق معكم". وأكد جلول أنه قد حان الوقت في مئوية وعد بلفور أن يتم اتخاذ خطوات أبعد، خاصة أن الرئيس الفلسطيني محمود عباس حول بحل الدولتين الحق الفلسطيني في القدس إلى حق نسبي، لكن قرار ترامب جعل قضية القدس برمتها في سياق آخر مختلف ولم يعد الآن هناك شي ء إسمه حل الدولتين. تجدر الإشارة أن الندوة عرفت أيضا حضور جمال الشوبكي السفير الفلسطيني بالرباط، الذي قدم كلمة بالمناسبة أكد فيها، أن "الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أتبث باعترافه بالقدس كعاصمة لإسرائيل أنه جاهل بالتاريخ ولا يعي مكانة القدس في نفوس ملايين العرب والمسلمين والمسيحيين، مشيرا أنه تلقى إجابة مهمة من مختلف دول العالم ضد قراره، عندما صوتت 128 دولة لصالح قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة الذي دعا واشنطن إلى سحب قرارها الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل".