يتيح معرض (زمن مفقود) فرصة لعدد من الأسيرات الفلسطينيات في السجون الإسرائيلية وعائلاتهن رواية جزء من حكاياتهن مع الاعتقال بالصوت والصورة والكلمة. اختار المصور الايطالي فنتورا فورميكوني أن يقدم في المعرض، الذي افتتح مساء الأربعاء، في قاعة غاليري المحطة في رام الله ضمن مشروع تنفذه هيئة الأممالمتحدة للمرأة في الأراضي الفلسطينية صورا ركز فيها على وجوه الأسيرات وكتب إلى جانب كل منها تاريخ ميلادها وعمرها عند الاعتقال وسنوات سجنها وحالتها الاجتماعية واقتبس منها جملتين أو أكثر لتروي حكايتها. وقال فورميكوني لرويترز خلال افتتاح المعرض «الفكرة بدأت عندما التقيت عددا من الاسيرات اللواتي افرج عنهن من السجون الاسرائيلية واستمعت منهن الى قصص انسانية حول ظروف اعتقالهن وقررت ان اساعدهن على ايصال رسالتهن الى العالم فتوجهت الى المؤسسات الفلسطينية التي تعنى بالاسيرات وحصلت منها على عناوينهن وبدأت رحلة البحث». وأضاف «التقيت 18 أسيرة أفرج عنها و18 عائلة لأسيرات لازلن داخل السجن وتعاونوا معي بشكل كبير. وكما تلاحظ فإن الصور هي بورتريه للوجه لأن ذلك يخلق حالة أكبر من التواصل مع المشاهد لها إضافة إلى أنني وضعت جزءا من الحكاية إلى جانب الصورة وكذلك يستمع زوار المعرض إلى صوت الأسيرات يروين جزءا من حكاياتهن». وتقف الشابة سناء عامر (23 عاما) التي أمضت سبع سنوات في السجن بتهمة محاولة طعن جندي إسرائيلي وسط المعرض إلى جانب صورتها التي كتب إلى جانبها «انسجنت في عمر كثير حساس 16 ل23 ...أنا صار لي تقريبا سنة طالعة. بتكوني محتارة ما بين انه بدك تكملي بعد سبع سنين وإلا بدي اشيل السبع سنين وابلش من عمر 16». وتروي سناء تجربتها «في السجن بتتعلم انه فيه بكرة وفيه يوم أحسن من اللي قبله ما دام انت بتنفس معاناته انت بتقدر تعوض كثير في حياتك. لازم الواحد يكون ايجابي لانه فيه كتير اشياء سلبية في الحياة ليش انا لازم اكون من ضمنها». واختارت سناء التي حصلت على شهادة الثانوية العامة خلال وجودها في السجن أن تكمل مسيرتها التعليمية وقالت لرويترز «أنا اليوم باتعلم التسويق في الكلية... بدك تاخذ مكانك في الحياة». وتقول سناء التي لها شقيقة تمضي حكما بالسجن لستة عشر عاما أمضت منها إلى الآن 11 عاما أنها ليست نادمة على سنوات عمرها التي قضتها في السجن. وجاء في كتيب وزع بالمعرض «منذ سنة 1967 تعرض أكثر من 700 ألف أسير فلسطيني إما إلى الاعتقال أو الاحتجاز في سجون ومراكز الاحتجاز الإسرائيلية ومن ضمنهم عشرة آلاف امرأة». وتظهر إحصاءات المؤسسات الفلسطينية التي تتابع شؤون الأسرى الفلسطينيين في السجون الإسرائيلية ما يقارب من 5500 أسير منهم 38 أسيرة. ونجحت فصائل المقاومة الفلسطينية في عام 2010 في الإفراج عن 20 أسيرة مقابل شريط فيديو للجندي الإسرائيلي جلعاد شليط الذي أسرته في عام 2006 كدليل على انه لا يزال على قيد الحياة. وتطالب هذه الفصائل بالإفراج عن جميع الأسيرات والأسرى القصر في أية صفقة تبادل تسعى ألمانيا ومصر للتوسط فيها بينهم وبين إسرائيل. وترى سناء التي لا تفارق الابتسامة وجهها أن المعرض «ليس مجرد صور بل وراء كل صورة حكاية إنسانية وفيها من المشاعر التي لابد أن يتأثر كل من يشاهدها». وتتفق سحر فرنسيس من مؤسسة الضمير التي تعنى بمتابعة شؤون الأسرى مع هذا الرأي وقالت لرويترز «المعرض يعكس الجانب الإنساني للأسيرات من خلال صور الوجوه وأقوال الأسيرات التي تطرح هذه القضية على المجتمع الدولي بعيدا عن الأرقام والإحصائيات لأن الأسرى والأسيرات الفلسطينيين ليسوا مجرد أرقام.. وراء كل أسير هناك قصة وحياة وعائلة وتجربة إنسانية». ويسعى برنامج هيئة الأممالمتحدة للمرأة في الأراضي الفلسطينية (الأسيرات الفلسطينيات في السجون الإسرائيلية) الممول من الحكومة الاسبانية إلى تقديم المساعدة القانونية إلى جانب الدعم النفسي للأسيرات اللواتي أفرج عنهن أو اللواتي مازلن في الأسر. وقالت علياء اليسير مديرة البرنامج لرويترز «البرنامج يقدم المساعدات القانونية لكافة الأسيرات دون أي تمييز أو النظر لانتمائهن السياسي اضافة الى تسليط الضوء على الانتهاكات التي تجري بحقهن سواء من حيث طريقة الاعتقال او ظروف التحقيق واماكن الاحتجاز اضافة الى المساعدة في اعادة دمج الاسيرات في المجتمع». واضافت «المعرض جزء من هذا المشروع وسبق ان تم عرضه في اسبانيا مع ترجمة بالاسبانية للنصوص المكتوبة وسيكون له جولة اخرى في عدد من الدول بعد الانتهاء من عرضه هنا في الاراضي الفلسطينية. وهو فرصة تقدم فيها الأسيرات شهادات حية وتسجيلات صوتية إلى العالم». ويظهر تسجيل فيديو لردود فعل الجمهور الذي شاهد المعرض في اسبانيا مدى تأثره بما رآه من صور وقرأه من حكايات عن الاسيرات اضافة الى النصوص الاخرى التي تتحدث عن الاوضاع القانونية للاسيرات الفلسطينيات في السجون الاسرائيلية. ويستمر المعرض في رام الله حتى السابع من يوليوز. *رويترز