14 غشت, 2017 - 11:20:00 تحل الذكرى ال72 لقصف أمريكا مدينتي هيروشيما وناغازاكي اليابانيتين، (خلّفت أكثر من 129 ألف قتيل)، بوقت تتسابق واشنطن وبيونغ يانغ في "حرب كلامية" يرافقها شبح حرب نووية قد تجعل المأساة اليابانية لا تذكر أمامها، نظرًا لما قد تسفر عنه من ضحايا. والجمعة الماضي، أكد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، أن قوات بلاده "معبأة وعلى أهبة الاستعداد"، لأي هجوم تشنه كوريا الشمالية، وذلك عقب سلسلة تهديدات متبادلة بين زعيمي البلدين. فبعد تقارير أمنية عن احتمال قدرة بيونغ يونغ، على تزويد صواريخ باليستية عابرة للقارات برؤوس نووية، قرر ترامب، تغيير سياسة الصمت الحذر التي مارستها الإدارات الأمريكية السابقة ضد كوريا الشمالية، بالقول "سنواجه بالنار والغضب". تصريح ترامب، دفع نظيره الكوري الشمالي إلى التهديد بضرب جزيرة "غوام" الأمريكية، والتي تحتضن قواعد عسكرية في المحيط الهادئ، ويقطنها قرابة 163 ألف أمريكي، منهم 6 آلاف عسكري. وعليه، ردّ وزير الدفاع الأمريكي الجنرال جيمس ماتيس، بتحذير بيونغ يانغ، من "انتهاء النظام وتدمير شعبه"، بعدما أشار إلى قدرة أمريكا العسكرية وحلفائها في الجارة الجنوبية واليابان. تصعيد تصريحات تصعيد التصريحات الأمريكية، دفع لاحقاً التلفزيون الكوري الشمالي الرسمي "كي سي ان اي"، إلى الإعلان عن خطة يعمل عليها الجيش، "من أجل اعتراض قوات العدو (الولاياتالمتحدة) في (جزيرة) غوام". وأوضح التلفزيون أنه سيتم الانتهاء من الخطة منتصف غشت الجاري؛ قبل أن تُعرض على الرئيس الكوري الشمالي كيم جونغ أون، الذي سيتخذ قراراً بالهجوم أو لا. ووصف التلفزيون الكوري الشمالي، تهديد الرئيس ترامب بأنه "كم من الكلام الفارغ"، وأن "الحوار المتعقل غير ممكن مع هذا الرجل الفاقد للعقل، ولا ينفع معه غير القوة المطلقة". وانطلق في وصف مسار صاروخ "هواسونغ-12" البالستي متوسط المدى إذا ما أطلق باتجاه جزيرة غوام، في سابقة لم تحدث في تاريخ التوتر الممتد لعقود بين البلدين، حسب تقارير إعلامية. وفي رسالة طمأنة بهذا الشأن، قال حاكم "غوام" ايدي كالفو، عبر "تويتر" إنه "لا يوجد تهديد للجزيرة حاليًا". وبحسب مقال نشرته مجله "فورين بوليسي" الأمريكية، الأربعاء، فإن واشنطن أطلقت، الإثنين الماضي، قاذفة القنابل الطائرة "بي-1 بي" في طلعة تدريبية استمرت 10 ساعات تقريبا، بمرافقة طائرات مقاتلة من اليابانوكوريا الجنوبية. وصعد ترامب، حدة لهجته الخميس الماضي، قبيل عقده اجتماعاً مع أعضاء مجلس الأمن القومي للبيت الأبيض، بالقول "ربما لم يكن (تصريح النار والغضب) شديداً بما فيه الكفاية". وتابع متحدثاً للصحفيين المرافقين له "إذا فكرت كوريا الشمالية بإيذاء أحد حلفائنا، فسيصبحون مرتبكين". ورفض ترامب، الحديث عن طبيعة الرد إذا ما أقدمت بيونغ يانع، على ضرب "غوام"، إلا أنه قال "ستحدث لهم أشياء، لم يكونوا يتوقعونها". وقبل ذلك قال وزير الدفاع الأمريكي، الخميس الماضي، إن واشنطن لا تفضّل اتخاذ خطوات فردية، على الرغم من امتلاكها الخيار العسكري. وأضاف: "نحن نعمل مع حلفائنا عن كثب لنضمن ذلك". ضربة استباقية وطبقاً لتقرير لقناة "إن بي سي نيوز" الإخبارية الأمريكية، فإن "البنتاغون، أعد خطة محددة لضربة استباقية لمواقع صاروخية في كوريا الشمالية، في حالة أمر الرئيس ترامب بذلك". ونقلت القناة، عن مسؤولين عسكريين كبيرين وآخرين متقاعدين (لم تكشف أسماءهم)، أن الجزء الأساسي من الخطة هو أن تنطلق طائرات قاذفات القنابل "بي-1 بي" من قاعدة "أندرسن" الجوية في جزيرة غوام. وأشارت إلى أن طائرتين من هذا الطراز نفذتا 11 تمريناً في مهمات مشابهة، منذ نهاية ماي الماضي، جرى آخرها، الإثنين الماضي. وعن هذه الطائرات يقول التقرير "أثناء التحليق تكون مدعومة بالأقمار الصناعية (للتصوير)، وطائرات الدرون (بدون طيار)، ومحاطة بطرازين آخرين للقتال والإرضاع الجوي (لتزويدها بالوقود)، وطائرات للتشويش الإلكتروني". ونقل عن الأدميرال بحري والقائد الأعلى السابق لقوات حلف شمال الأطلسي في أوروبا "جيمس ستافيرديس": "من بين جميع الخيارات العسكرية يستطيع (ترامب) اعتبار هذا (استخدام طائرات بي-1 بي)، من حلين أو ثلاثة يمكن ألا تؤدي إلى تصعيد الموقف". إلا أن "ستافيرديس"، حذر من رد كوريا الشمالية على ذلك، عبر استهداف مواقع قريبة منها كعاصمة جارتها الجنوبية التي لا تبعد عن حدودها سوى 40 كيلومترا، أو أخرى بعيدة مثل قاعدة "أندرسن" الجوية، في غوام. ويقول: "سيكون كيم جونغ أون، مضطراً للرد، وسوف يدفع جيوشه على الأقل باتجاه كوريا الجنوبية وربما أهداف بعيدة المدى، وتلك نتائج سيئة". وتحتوي "غوام" ست قاذفات قنابل، تم مضاعفة قدراتهن، بحسب التقرير. ويشير مستندًا لمصادر لم يسمّها إلى "تحديد 24 موقعًا صاروخيًا لكوريا الشمالية كأهداف، في حال أمر ترامب، بضربة استباقية". ووفق رؤية لأستاذ الاستراتيجيات والسياسات بكلية الحرب الأمريكية "جميس هولمز"، فإنه في حال جدّية تحذير ترامب بشأن استخدام "النار والغضب"، فذلك يعني اعتماد واشنطن على طائرات الشبح الخفيفة، التي لا يلتقطها الرادار. ونفى "هولمز"، أن يكون هناك "هجوم أمريكي من البحر". ويوضح أن إطلاق أمريكا صاروخ بالستي يحمل رأسًا نوويًا سيُفهم على أنه تهديد للصين وروسيا، "لذا فإن هذا الاحتمال غير مطروح أيضًا". وأعرب "هولمز"، عن اعتقاده بأن الضربة الأمريكية لمنشآت كوريا الشمالية النووية ستكون عبر "قاذفات القنابل طراز بي-2". إلا أن مجلة "ناشيونال انتريست" الأمريكية، تشير إلى أن محدودية ذخيرة "جي بي يو 57 اي/بي" التي تمتلكها أمريكا قد لايكفي لتدمير برنامج كوريا الشمالية النووي. موقف الصين مجلة "غلوبال تايمز" الصينية، ترى ضروة وقوف بكين، على الحياد بين واشنطن وبيونغ يانغ، في حال بدأت كوريا الشمالة بإطلاق الصورايخ على أمريكا، وردت الأخيرة. واستدركت المجلة القول "لكن إذا نفذت واشنطنوسيول، غارات بهدف قلب النظام في بيونغ يانغ، فعلى الصين منع ذلك". وتعتقد مجلة "ذي اتلانتك" الأمريكية، أن مصطلح "الخيارات العسكرية" لا يعني المواجهة الفعلية، إنما من الممكن أن يعبر عن "نشر قوات ومعدات عسكرية (أمريكية) لردع كوريا الشمالية". أسلحة نووية وتكشف المجلة أن هذه التعزيزات "قد تتضمن تكثيف أنظمة الدفاع الصاروخي الأمريكية في سيول، أو إعادة تقديم أسلحة نووية إلى اليابانوكوريا الجنوبية". وتؤكد أن كيم جونغ أون، كوالده، "يرى الأسلحة النووية، أكثر الأساليب الموثوقة لردع العدوان الأجنبي". من جهته، يقول العقيد البحري المتقاعد "جيمس هينركس"، ل"سي ان ان" الأمريكية إن عملية تحييد القدرات الدفاعية لبيونغ يانغ، بضربة استباقية سيتطلب من واشنطن "ضرب قدرات صواريخ أرض-جو الكورية الشمالية". وتابع "كما سيتطلب ذلك حملة جوية مشتركة لطائرات أمريكية مع مقاتلات جوية تمتلكها اليابانوكوريا الجنوبية". وتابع "هينركس"، ربما تستخدم أمريكا أيضًا طائرات موجهة دون طيار لتقليل الخطر على الطيارين، ومن الممكن أن تحرّك طائرات إضافية للمحافظة على قاعدتي "أوسان" و"كون سان" الجويتين، بكوريا الجنوبية. ويلفت إلى أن قاذفات القنابل (بي-1، وبي-2، وبي-52) يمكن استدعاؤها جميعًا من جزيرة غوام. ويتابع رؤيته بالقول: "السفن الحربية الأمريكية تطلق بدورها صواريخ توماهوك، ضد الموقع الصاروخية لكوريا الشمالية ونظم الدفاع، وقواعد الرد على إطلاق أسلحة نووية انتقامية". وكشف أن واشنطن تمتلك 10 مدمرات وسفن حربية للصواريخ الموجهة، متمركزة في اليابان، مزودة بصواريخ توماهوك وأنظمة صاروخية أخرى. ويرى الضابط المتقاعد ضرورة استخدام واشنطن قدراتها الإلكترونية؛ لتحديد الأهداف. لكن القائد السابق للمركز الاستخباري المشترك لعمليات المحيط الهادئ "كارل شوستر"، يحذّر من أن هجوما أمريكياً بهذا السعة سينهك مخزون الولاياتالمتحدة العسكري. ويرى "شوستر"، ضرورة تأمين أمريكا مخزونًا عسكريًا كافيًا، قبل نشر طائرات "بي-1"، والتي ستحتاجها لمهاجمة المواقع المحصِّنة لأسلحة كوريا الشمالية النووية.