23 مارس, 2017 - 10:05:00 تفاعلا مع التقرير الذي نشره موقع "لكم" تحت عنوان "صراع خفي بين العماري وأخنوش لدخول الحكومة ولا أتوقعهما معا داخلها"، والذي أورد تصريحا للأستاذ الجامعي والمحلل السياسي عبد الرحيم العلام، مفاده أن ""دخول البام للمعارضة من عدمه يخضع للاختيارات الكبرى للدولة"، توصل الموقع برد من إلياس العماري، الأمين العام لحزب "الأصالة والمعاصرة" يوضح فيه طريقة اتخاذ القرارات داخل حزبه. وجاء في الرد الذي كتبه العماري على شكل مقال، أن حزبه يتخذ قراراته داخل أجهزته القريرية، وأن خيار المعارضة البرلمانية تبناه الحزب مباشرة بعد ظهور نتائج انتخابات 7 أكتوبر، والتي بوأت حزب "العدالة والتنمية" صدارة نتائجها، مشيرا إلى أن الحزب اختار هذا الموقف حتى قبل تسمية عبد الإله بنكيران، رئيس الحكومة المعين سابقا لتشكيل الحكومة المقبلة. وأضاف العماري أن حزبه ما زال عند هذا الموقف حتى بعد تعيين سعد الدين العثماني رئيسا للحكومة مكلفا بتشكيل أغلبية جديدة. وفيما يلي نص مقال الذي يفتح النقاش واسعا حول طريقة صنع القررات داخل بعض الأحزاب السياسية. أين تصنع قرارات حزب الأصالة والمعاصرة؟.. ردا على الأستاذ عبد الرحيم العلام من الطبيعي أن تواكب التحليلات السياسية مسارات تشكيل الحكومة بعد إعفاء الأستاذ عبد الإله بنكيران، عقب فشله في جمع الأغلبية لكسب التأييد لحكومته داخل مجلس النواب داخل الآجال المعقولة، وتكليف الأستاذ سعد الدين العثماني، عن الحزب المتصدر لنتائج انتخابات السابع من أكتوبر، بمهمة إعادة المحاولة لتشكيل حكومة تحظى بموافقة الغرفة الأولى. وفي هذا الإطار نقل موقع "لكم2" تصريحا للأستاذ عبد الرحيم العلام، بصفته محللا سياسيا، واختار له كعنوان: "صراع خفي بين العماري وأخنوش لدخول الحكومة ولا أتوقعهما معا داخلها". ومن واجبي، كأمين عام لحزب الأصالة والمعاصرة، أن أتحاور مع الأستاذ العلام، على اعتبار أنه قدم معطيات حول شخصي والحزب الذي أتولى تدبير شؤونه. لا أعتقد أن المعني بالتصريح كان مصيبا في المعطيات التي قدمها حول حزبنا، حتى وإن كانت القراءة التي قدمها حول احتمالات المشاركة من عدمها للحزب الذي يعنيني، فيها اجتهاد ويمكن أن تكون موضوع نقاش وتحليل ومقارنة، وفق ما تقتضيه أدبيات التحليل السياسي المتعارف عليها أكاديميا. ما استوقفني في التصريح المنسوب للسيد عبد الرحيم العلام هو جزمه بأن "دخول البام للمعارضة من عدمه يخضع للاختيارات الكبرى للدولة"، مستطردا أن "توجيهات الدولة هي التي ستسلك في هذا السياق، وليس اختيارات إلياس أو أخنوش". وهنا أود أن أسأل صاحب التصريح، بصفته محللا سياسيا، هل منهجية المحلل تسمح ببناء تحليل سياسي سليم على أساس معطيات مبنية للمجهول؟ ألا تقتضي صرامة التحليل وشرط الموضوعية، الإفصاح، ولو في هامش التصريح، أو بين قوسين، عن مصدر "المعلومة" التي تفيد أن قرار دخول البام من عدمه هو في يد "الاختيارات الكبرى للدولة" أو "التوجهات الكبرى للدولة"، وليس في يد الحزب وأجهزته؟ عندما يلبس المرء قبعة المحلل السياسي ليكتب أو يقول أو يصرح، فإن القارئ أو المستمع يتلقى منه الرسائل التي يفترض أن تكون مختلفة عن كتابات وتصريحات وأقوال السياسيين أو عامة الناس. فعلى الأقل كان على الأستاذ العلام، وهو أدرى مني بذلك، أن يستند في المعطى التقريري الذي بنى عليه "تحليله" إلى تصريح أو مكتوب أو تسجيل لمسؤول تخول له قوانين الحزب تبليغها وتبيانها للرأي العام. أو كان، على الأقل، قد كلف نفسه عناء البحث والتنقيب في أدبيات ومرجعيات الأصالة والمعاصرة للكشف عما يشفع له بادعاء تفويض قرارات الحزب لجهات معينة غير أجهزته التقريرية. وإلا فإنه قد وقع خطأ أو سهو في نسب صفة "المحلل السياسي" لصاحب التصريح في هذا الموضوع. وأنا أتفاعل مع الأستاذ العلام، أود التأكيد له بأنني، من موقع المسؤولية التي أتحملها داخل الحزب، في حاجة إلى إفادته لي بخصوص مصدر معلوماته حول ارتباط قرار الحزب بالدولة. فبكل صدق، أنا والمكتب السياسي نجهل تماما هذه المعلومات، وإذا كان الأستاذ المحترم، في عباءته العلمية والأكاديمية، يتوفر على معلومات دقيقة حول ما يدعيه، فمن باب المسؤولية الفكرية، والأمانة العلمية أن يكشف عن هذه المعلومات ويشير إلى مصدرها ولو في هامش المتن الذي نسب إليه. أما إذا كان مصدر "معلومته" من خارج مرجعية الحزب وأجهزته ومؤسساته الرسمية والمعلنة، أو من داخل الدولة التي يدعي أنها تملك قرارات البام، فليتحلى بالجرأة الأخلاقية والعلمية وليفصح عن مراجعه احتراما لشرف مرتبة المحلل السياسي، وتعميما للفائدة العلمية التي ينبغي أن تكون معينا للطلبة والباحثين و للسياسيين أيضا. وأعود لموضوع دخول الحكومة من عدمه، لأذكر الأستاذ عبد الرحيم العلام بأن حزبنا عبر عن موقفه من هذا الموضوع حتى قبل تسمية الأستاذ عبد الإله بنكيران مكلفا بتشكيل الحكومة. وحتى في اللقاء مع الأستاذ سعد الدين العثماني كنا منضبطين للموقف الأول الذي اختار المعارضة. في الأخير، واستنادا إلى مرجعيتنا الحزبية وإلى قوانينه ومؤسساته، أرى أنه من الضروري التأكيد على مسألة مهمة جدا في التحليل السياسي. إن الأحزاب السياسية المدنية ذات المرجعية الوضعية، تختلف، في رأيي، بشكل جذري عن أحزاب الإسلام السياسي ذات المرجعية الدينية والدعوية. فالأحزاب المدنية، وأنا متيقن أن الأستاذ العلام يعرف ذلك جيدا، تعمل وفق بنيات تقريرية وتنظيمية معلنة يتم انتخابها وفق الضوابط القانونية المعلنة أمام الجميع. أما الأحزاب والتنظيمات والحركات الدينية فتشتغل ببنيات وأجنحة تحتية تتحكم في قراراتها وترتبط بتنظيمات من خارج التنظيم المعلن، قد تكون من داخل الوطن أو حتى من خارجه. وأدعو الأستاذ العلام، بصفته الأكاديمية، إلى الحضور، كملاحظ وباحث، في جميع الاجتماعات التقريرية التي يعقدها المكتب السياسي والمجلس الوطني، ليتيقن علميا كيف تتخذ القرارات داخل حزب الأصالة والمعاصرة. - إلياس العماري، الأمين العام لحزب "الأصالة والمعاصرة"