21 فبراير, 2017 - 07:20:00 رغم مرور نحو خمسة أشهر على تكليفه، لم يستطع زعيم حزب "العدالة والتنمية" المغربي الفائز في الانتخابات البرلمانية، عبد الإله بنكيران، الوصول بمشاوراته مع أحزاب الائتلاف الحكومي المنتهية ولايته إلى تشكيل الحكومة الجديدة، مما عقد من مهامه وأصبح عاجزا عن "امتلاك المبادرة من جديد" حسب متتبعين، بحيث خاطب أعضاء شبيبته مؤخرا بالقول :" نحن أمام مشهد سوريالي غير معقول، ولا يمكن أن نبقى ننظر صامتين، لابد أن نتحمل مسؤوليتنا التاريخية"، كما لمح إلى خيارين إما إعادة الانتخابات أو العودة إلى المعارضة. مؤشر ينذر بفشل بنكيران في تشكيل الحكومة المرتقبة، وهو ما يضع البلاد أمام حالة "ترقب" إلى حين عودة ملك البلاد من جولته الإفريقية، وهو ما أكد عليه رئيس الحكومة بنفسه في التصريحات الأخيرة أمام نقابته وشبيبة حزبه. تصريحات اعتبرها محللون نهاية تحمل بنكيران لتبعات "البلوكاح" ونفاذ صبره تجاه مناورات حزبي "الإتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية" و"التجمع الوطني للأحرار". اليحياوي: بنكيران يتصارع مع "الحظوة المخزنية" التي تمتلك المصالح الاقتصادية أستاذ الجغرافيا السياسية بجامعة الحسن الثاني بالمحمدية، مصطفى اليحياوي، قال في تصريح لموقع "لكم"، إن "الأزمة الواقعة حاليا بين رئيس الحكومة من جهة والأحزاب الأخرى هي أزمة مصالح وتموقع في الحكومة المقبلة"، بحيث "أن الصراع الحقيقي هو بين الطرفين المعنيين بتشكيل الحكومة، العدالة والتنمية بخطابه التخليقي، والتجمع الوطني للأحرار الذي يتفاوض بمصالح الحظوة المخزنية". وأوضح المتحدث أن تصريحات بنكيران الأخيرة استهدفت بشكل مباشر هذه "الحظوة المخزنية" التي تشكل جزءا أساسيا في أزمة تشكيل الحكومة، بحيث أن "بنكيران طالبها بضرورة التوزيع العادل للثروات، وهو شعار رفعته الحركة الوطنية في وقت سابق، كما كان أحد المطالب الأساسية للحراك الشبابي إبان مرحلة 20 فبراير" حسب ما جاء في لسان المتحدث. اليحياوي أكد على أن بنكيران لا يتردد في استدعاء خطاب "العدالة الاجتماعية" ليوجه رسالته لمن يهمه الأمر، والمقصود لمن يهمه الأمر حسب المتحدث هو حزب التجمع الوطني الأحرار، مشيرا إلى أنه "لأول مرة يستدعي رئيس الحكومة منطق التفاوض حول الثروة لإبراز إشكالية المصالح المبطنة للحظوة المخزنية، أي "اعتبارها إشكالا حقيقيا اليوم في تدبير البلوكاج". ولفت اليحياوي، إلى أن بنكيران حسم أمره في تحديد الخلاف الأساسي، والذي يتعبره في جوهر وجود الأحزاب الاخرى، والمتمثل حسب المتحدث، في "حماية مصالح النخبة الاقتصادية المبطنة والتي استفادت منذ الاستقلال بقربها من القصر، وهو ما نجده اليوم سواء في نظام دعم المواد الأساسية أو الميزانية العامة لوزارة المالية من خلال مدونة الصفقات العمومية الموجهة لكبار المؤؤسسات والمصالح العليا والتي تعتبر أن الدورة الاقتصادية مبينة على وجودها"، مضيفا إلى أن استمرارية هذه الحظوة المخزنية متمثل اليوم في تواجدهم القوي في الزيارات الرسمية بافريقيا وتواجدهم في الإعلام. وبالإضافة إلى معطى الصراع حول المصالح، يفترض اليحياوي مدخلين آخرين يمكن لبنكيران أن يلتجئ إليهم، الأول يتمثل في "تدخل الملك بشكل مباشر، ليس بمنطق "التحكيم الملكي"، بل لكونه "الساهر على حماية الانتقال الديمقراطي" أي أن من مسؤولية الملك حماية الاختيار الديمقاراطي والذي تمثله الشرعية الانتخابية، وهذا ما يجعل "الملك أمام مسؤولية تاريخية في أن يتدخل لتقريب وجهة نظر الفاعلين الأساسيين: البيجيدي والحظوة المخزنية" وفق نفس المصدر. المدخل الآخر، استعبده المتحدث، وهو أن يضع بنكيران "السوارت" ويعلن عن فشله في تشكيل الأغلبية الحكومية، أي عودة البيجيدي لخيار المعارضة أو إعادة الانتخابات، على اعتبار "أن العدالة والتنمية لن يضحي بكل ما راكمه في علاقته مع القصر"، موضحا "بنكيران تجنب الصراع مع القصر كثيرا في هذا البلوكاج" يضيف اليحياوي، مشيرا إلى أن " تلميحه إلى العودة للمعارضة أو إعادة الانتخابات يدخل في إطار الضغط على الحظوة المخزنية للتراجع عن مواقفها". منجب: القصر رفض دعم بنكيران في تشكيل الحكومة من جانبه، المعطي منجب، المحلل السياسي والمؤرخ المغربي، حلل تصريحات "بنكيران" الأخيرة، على أساس أنه " تلميح إلى الاستقالة أي إعادة الانتخابات، وهو ما قد يفهم أن هذا الحزب قد لا يكون في الحكومة المقبلة"، لكن " النظام السياسي لا يتحمل أن يتواجد البيجدي خارج الحكومة"، موضحا :" ستكون هناك قرارات اقتصادية صعبة من قبيل تعويم الدرهم وما لها من آثار اجتماعية، قد تعجل بعودة الاحتجاجات وقد تكون معارضة البيجيدي أقوى". ولفت منجب إلى أن القصر رفض أن يدعم بنكيران في تشكيل الحكومة، مضيفا :" يعني إما أن يقبل بنكيران كل شروط القصر أو يبقى بدون أظافر وبدون منبر، ويمرر كل القرارات بما فيها المتعلقة بتراجع الحريات العامة". واستعبد منجب أن تكون تصريحات زعيم "العدالة والتنمية" بمثابة انتقادات للسياسة الخارجية للملك، مؤكدا على أن كلام بنكيران، يأتي في سياق التذكير إلى الظروف السياسية التي كانت قبل الحراك سنة 2011، وأن الرجوع إلى تلك الحالة السياسية قد تغضب الشارع من جديد، بيحث أن بنكيران من خلال حديثه طالب فقط باحترام الناخب المغربي وأن عدم احترام إرادته قد تمكن من عودة شروط قيام الحراك الذي عرفته البلاد سنة 2011. حسن طارق: تصريحات بنكيران تحدث توترات داخل مطبخ السلطوية في حين اعتبر المحلل السياسي وأستاذ القانون الدستوري بجامعة محمد الخامس بالرباط، حسن طارق الخرجات الأخيرة لعبد الاله بنكيران استمرار لنفس النظرة ولنفس الخطاب الذي يركز على استثمار أحداث 20 فبراير، لكن الذي ميزها هذه المرة هو توقيتها المرتبط بحالة "البلوكاج السياسي الذي تشهده البلاد منذ انتخابات 7 أكتوبر". وأوضح طارق في اتصال مع "لكم"، أنه لا يمكن تجاهل مسألة مهمة مفادها أن "العدالة والتنمية" بنى خطابه السياسي منذ سنة 2011 باستحضار مطالب "الحراك الشعبي"، ونفى أن تكون تصريحات زعيم "البيجيدي" بمثابة تحول في خطابه السياسي، مشيرا إلى أنه يصعب الانطلاق من هذه التصريحات لبناء تحليلات تخص تحول الخطاب البنكيران. وأكد المتحدث على أن توضيحات محمد يتيم وخرجة نائب الأمين العام لحزب "العدالة والتنمية" نفخت في كل الغبار الذين كان يلف مضمون كلام بنكيران حول "انتظاره عودة الملك"، مشيرا إلى أن "بنكيران كحالة تواصلية لا يمكن أن ننتظر منه الصيام من الكلام". وقال طارق، إن "تصريحات بنيكران مصدر قوة وفي نفس الوقت مصدر هشاشة"، على اعتبار أن " الكلام المباشر لم تتعود عليه الطبقة السياسية من قبل وهو غير مسبوق لما بعد المسؤولية"، مضيفا "تصريحاته كذلك مصدر هشاشة لما تحمله من توترات داخل مطبخ السلطوية".