عبدالحكيم الرويضي 25 يناير, 2017 - 06:30:00 كشفت منظمة الشفافية الدولية "ترانسبرانسي" أن ظاهرة الرشوة لازالت مزمنة وبنيوية في المغرب، بعدما لم يحقق أي تقدم على مستوى مكافحة الرشوة منذ 1999، على الرغم من التغير الطفيف على مستوى ترتيب البلد في "مؤشر إدراك الرشوة" الذي تصدره المنظمة سنويا، حيث حل برسم سنة 2016 في المركز 90 ضمن 176 دولة ب37 نقطة على 100، والمرتبة التاسعة في مجموعة الدول العربية. نتائج مؤلمة خلال ندوة صحفية نظمها فرع المنظمة بالمغرب، يوم الأربعاء بالرباط، أكد عز الدين اقصبي، عضو "ترانسبرانسي المغرب" والخبير الاقتصادي، أن النتائج جد مؤلمة بالنسبة للمغرب ولا تدعو للتفاؤل، مما يفيد أن البلد لا يزال يتخبط داخل قوقعة الفساد. وشدد أقصبي على أن الاستراتيجية الوطنية لمحاربة الرشوة التي أعلنت عنها الحكومة سنة 2015 لم تجد طريقها بعد إلى التفعيل، "ذلك أن التماطل في تفعيل الاستراتيجية قد يجعل منها مجرد عنصر لسياسة الترويج الإعلامي" حسب الخبير الاقتصادي الذي أشار إلى أنه ليست المرة الأولى التي يقدم فيها المغرب وعودا تفيد التزامه بمحاربة الرشوة خاصة في القطاع العمومي. الرشوة في القضاء والصحة وفقا ل"الباروميتر العام للرشوة" الذي شمل عينة تضم 1200 شخص، تنتشر الرشوة بالدرجة الأولى في مجال العدالة والقضاء حسب 49 في المائة من المجيبين، و 38 في المائة يعتقدون أن الرشوة منتشرة بشكل لافت في المستشفيات العمومية، وأكد 33 في المائة تفشي الرشوة في الإدارة، في حين لفت 33 في المائة إلى انتشار الرشوة في المدارس العمومية. وتظهر دراسة النتائج على المدى الطويل أن المغرب يوجد في وضعية رشوة مرتفعة، حيث حصل على نتائج أفضل نسبيا في بداية العشرية لسنة 2000، تم اتسمت وضعيته بالجمود في نقط ما بين 3,2 و 3,5 على 10. وعرفت عملية التنقيط المعتمدة في سلم مؤشر إدراك الرشوة تغييرا منذ سنة 2012 حيث أصبحت تحتسب ما بين 1 و 100 نقطة، حيث أن 1 يعني درجة مرتفعة جدا من الرشوة في البلاد و 100 تعني مستوى نزيه جدا للبلد. احتلت الدانمارك ونيوزيلاندا المراتب الأولى بنقطة 90 على 100، متبوعة بفنلندا (89) و السويد (88) وسويسرا التي حصلت على 86 نقطة. أما الصومال والسودان وكوريا الشمالية فقد حصلا على أدنى النقط وهي 10 و 11 و 12 على التوالي. ولاحظت منظمة الشفافية الدولية أن غالبية الدول العربية هذا العام لم تستطع تحقيق نتائج حقيقية تعكس إرادة الشعوب في بناء أنظمة ديمقراطية فعالة تعطي مساحة للمساءلة والمحاسبة، بالرغم من مرور ست سنوات على بداية التغيير في المنطقة، إلا أن هذا التغيير لم يحصد بعد نتاجه على صعيد مكافحة الفساد ووضع حد للإفلات من العقاب. وحصلت الدول العربية على معدل عام ب 32,7 في المؤشر، حيث أن المعدل الدولي هو 43 على 100. واحتلت بذلك الامارات العربية المتحدة المرتبة 24 عالميا، والأولى على الصعيد العربي متبوعة بقطر والأردن والسعودية وعمان والبحرين والكويت وتونس والمغرب ثم الجزائر. 6 سنوات من التغيير ..بلا نتيجة ولفت المنظمة إلى أن 6 من أكثر 10 دول فساد هي من المنطقة العربية، ويتعلق الأمر بسوريا والعراق والصومال والسودان واليمن وليبيا، مرجحا ذلك إلى انعدام الاستقرار السياسي والنزاعات الداخلية والحروب وتحديات الإرهاب والتي تؤكد على ان الصراعات والحروب تغذي الفساد وخاصة الفساد السياسي. وأفاد ذات المصدر أن تونس هي من الدول التي أظهرت تحسنا طفيفا على المؤشر وذلك يعود لعدة إجراءات اتخذتها لمحاربة الفساد وأهمها إقرار قانون حق الحصول على المعلومة والذي يعتبر من أفضل القوانين الموجودة في المنطقة العربية. بالإضافة إلى تطوير قدرات هيئة مكافحة الفساد والمصادقة على الاستراتيجية الوطنية لمكافحة الفساد، ووجود مساحة مساءلة جيدة نوعا ما لمؤسسات المجتمع المدني. وتوصي المنظمة التي تتخذ من العاصمة الألمانية برلين مقرا مركزيا لها، دول المنطقة العربية بوضع حد للفساد السياسي الذي يعتبر عاملا أساسيا في استشراء الفساد، وجود إرادة سياسية فاعلة في تحقيق الالتزامات الدولية حسب الاتفاقيات الدولية وتعهدات الدول ضمن أهداف التنمية المستدامة. كما تؤكد المنظمة على ضرورة ضمان حق حرية الرأي والتعبير والمساءلة ووضع حد للضغوط على النشطاء والمبلغين ومؤسسات المجتمع المدني، واستقلال القضاء من أجل محاسبة الفاسدين واسترداد الأموال المنهوبة. ويستند مؤشر إدراك الرشوة على مصادر مختلفة من الأبحاث لتحديد نقطة وترتيب الدول في سلم الرشوة وغياب الشفافية. وقد تم اعتماد 13 مصدرا سنة 2016. وخضع المغرب لهذا البحث الميداني منذ سنة 1999، حيث تم استعمال 7 ابحاث مختلفة خلال 2016 بالنسبة للمغرب.