03 سبتمبر, 2016 - 12:45:00 عادت عائلة بونغو لتشغل اهتمام الرأي العام الدولي عقب أحداث العنف التي تعيش على وقعها الغابون منذ الإعلان عن نتائج الانتخابات الرئاسية التي جرت السبت الماضي، وتشكك المعارضة في مصداقية نتائجها. وتستفرد هذه العائلة بالسلطة في هذا البلد منذ حوالي نصف قرن. أغنى بلد إفريقي يحتل الوضع في الغابون هذه الأيام صدارة الأحداث على الصعيد الدولي عقب رفض المعارضة نتائج الانتخابات التي أفضت إلى فوز الرئيس المنتهية ولايته علي بونغو أوديمبا (57 عاما) فيها بنسبة 49.80 وما تلاها من أعمال عنف، ما أعاد إلى الواجهة اسم عائلة بونغو التي استفردت بالسلطة طيلة خمسين عاما في هذا البلد الذي يعيش ثلث سكانه في الفقر على الرغم عائداته النفطية إضافة إلى ثرواته الغابوية والمعدنية. ومنذ انضمامها مؤخرا إلى منظمة أوبك وارتفاع نصيب الفرد الواحد من الناتج المحلي الإجمالي إلى عشرة آلاف دولار، صارت الغابون إحدى أغنى الدول الأفريقية، لكن أغلب الثروة تتركز في أيدي نخبة ضيقة. وتحكم عائلة بونغو الغابون منذ 1967، ووصل علي بونغو الابن إلى السلطة في 2009 شهرين بعد وفاة والده عمر بونغو، وهذا عقب انتخابات رئاسية استقبلت بنوع من الترحيب من قبل الأوساط الدولية. وتولى عمر بونغو الأب السلطة في الغابون العام 1967 بعد وفاة رئيس البلاد ليون مبا. واستطاع أن ينال ثقته في سن مبكر حيث لم يكن عمره يتجاوز 27 عاما عندما عين رئيسا لمكتب الرئيس، ثم عينه في 1966 نائبا له إثر المحاولة الانقلابية التي تعرض لها. في 1993 سمح بونغو الأب بتنظيم أول انتخابات بضغط من المعارضة دون أن تؤدي لأي تغيير في طبيعة النظام السياسي في البلاد، بحكم أنها كانت انتخابات شكلية أراد بموجبها تلميع صورة نظام قائم، وليس منح نفس جديد للحياة السياسية في البلاد. الغابون وسياسة "فرنسا أفريقيا" اختار عمر بونغو فرنسا لزيارته الأولى خارج أفريقيا عند انتخابه في 2009 حيث التقى نيكولا ساركوزي (كان حينها رئيس فرنسا) للتأكيد على رغبته في عودة العلاقات الوثيقة إلى طبيعتها بين القوة الاستعمارية السابقة وأحد أكبر حلفائها في أفريقيا، فالغابون ظلت لعقود في صلب ما يعرف بسياسة "فرنسا أفريقيا"، التي كانت هدفا للكثير من الانتقادات من قبل مراقبين ووسائل الإعلام الفرنسية. وينظر لها بكونها سياسة اعتمدتها غالبية الرؤساء الفرنسيين السابقين لضمان مصلحة باريس في القارة السمراء قبل أن تأخذ منحى جديدا مع وصول فرانسوا هولاند إلى الإليزيه. ولم يكن لوزارة الخارجية الفرنسية في ظل سياسة "فرنسا أفريقيا" سلطة كبيرة على الشؤون الدبلوماسية في أفريقيا، حيث كانت توجد إلى عهد قريب خلية خاصة في الإليزيه يوكل لها دراسة جميع الملفات التي تخص هذه القارة، إلا أن الرئيس الحالي فرانسوا هولاند اكتفى بمستشار للشأن الأفريقي على غرار ما هو معمول به من قبل الرئاسة تجاه بقية الملفات الدولية. وأشارت الصحافة الفرنسية في مناسبات إلى أن الأموال الغابونية كانت حاضرة في الحياة السياسية الفرنسية، حيث استفاد منها مرشحون في حملاتهم الانتخابية مثل نيكولا ساركوزي في سباق الرئاسة في 2007. وتملك عائلة بونغو عقارات في فرنسا بينها "فيلا" في نيس وفندق في باريس تم حجزه من قبل القضاء في أبريل من العام الجاري، بتهمة تحصيل أملاك بطرق غير مشروعة، وفق ما ذكرته صحيفة "ليزيكو" أمس الخميس. أحداث العنف تثير مخاوف فرنسا أحداث العنف التي هزت العاصمة ليبرفيل عقب الإعلان الرسمي عن نتائج الانتخابات، أفرزت ردود فعل دولية مختلفة، كان أبرزها تلك التي صدرت من باريس التي عرفت منذ عقود لدعمها للحكم في بونغو. وطالبت فرنسا على لسان الرئيس فرانسوا هولاند "بمسلسل يضمن الشفافية" في هذه الانتخابات، كما دعا وزير الخارجية جان مارك أيرولت إلى إعادة عد الأصوات في جميع المراكز الاقتراع "مركز تلو مركز". وقال الباحث فيليب هوغون في تصريح لصحيفة "ليزيكو" الاقتصادية إن الموقف الفرنسي من هذه الانتخابات ينسجم مع نظيره الأوروبي، و"ما تتمناه فرنسا هو أن تكون نتائج هذه الانتخابات شفافة، وتعكس الحقيقة، وتخشى أن تتطور الأمور في اتجاه سلبي كما حصل في دول أفريقية أخرى". وتؤكد صحيفة "ليزيكو" أن مستوى العلاقات التجارية بين باريس وليبرفيل تراجع كثيرا مقارنة مع حقبة سابقة، وصفتها بحقبة البترول الذهبية، وهذا لحساب الصين التي وضعت يدها، تضيف نفس الصحيفة، على الاقتصاد المحلي. - المصدر: فرانس 24