مباحثات مغربية موريتانية حول تعزيز آفاق التعاون الاقتصادي بين البلدين    استثناء.. الخزينة العامة للمملكة توفر ديمومة الخدمات السبت والأحد    ترامب يتحدث إلى رئيس تيك توك .. هل يتراجع عن حظره ؟    بعدما أحرقته إسرائيل... منظمة الصحة العالمية "تنعي" مستشفى كمال عدوان    مونديال الأندية.. الوداد الرياضي يشارك في ورشة عمل تنظمها "الفيفا" بأمريكا    مواجهات حارقة في مستهل إياب البطولة الوطنية    سطاد المغربي يهدد صدارة رجاء بني ملال    تقرير للفيفا يشيد بإنجازات الكرة المغربية في 2024    وفاة نجمة فيلم "روميو وجولييت" أوليفيا هاسي عن 73 عاما    مبادرة مدنية للترافع على التراث الثقافي في لقاءات مع الفرق والمجموعة النيابية بمجلس النواب    وفاة زوج الفنانة المصرية نشوى مصطفى وهي تناشد جمهورها "أبوس إيديكم عايزة ناس كتير تيجي للصلاة عليه"    فينيسيوس الأفضل في العالم ورونالدو في الشرق الأوسط وفق "غلوب سوكر"    طقس السبت: نسبيا باردا إلى بارد مع جريحة محلية خلال الليل والصباح    3 سنوات ونصف حبسا نافذا في حق محمد أوزال الرئيس الأسبق للرجاء    كيوسك السبت | الحكومة تلتزم بصياغة مشروع مدونة الأسرة في آجال معقولة    حريق يأتي على منزلين في باب برد بإقليم شفشاون    التحقيق في فاجعة تحطم الطائرة الأذربيجانية يشير إلى "تدخل خارجي"    الرئيس الموريتاني يجري تغييرات واسعة على قيادة الجيش والدرك والاستخبارات    الكعبي ينهي سنة 2024 ضمن قائمة أفضل الهدافين    أزولاي يشيد بالإبداعات في الصويرة    البرازيل: ارتفاع حصيلة ضحايا انهيار جسر شمال البلاد إلى 10 قتلى    النفقة و"تقاسم الثروة" و"إيقاف السكن" .. تصحيح مغالطات حول مدونة الأسرة    يامال يتعهد بالعودة أقوى بعد الإصابة    اقتراب مسبار "باركر" من الشمس يعيد تشكيل فهم البشرية لأسرار الكون    توقيف سائقي سيارتي أجرة بمدينة طنجة بسبب القيادة بشكل متهور قرب المطار    *بعيدا عن المنطق الاقتصادي: الأسرة تآلف بين القلوب لا تخاصم بين الجيوب    لأداء الضرائب والرسوم.. الخزينة العامة للمملكة تتيح ديمومة الخدمات السبت والأحد المقبلين    وزارة النقل تؤجل تطبيق معيار "يورو6" على بعض أصناف السيارات    أمريكا: روسيا وراء إسقاط طائرة أذربيجانية    خطة استبقاية قبل ليلة رأس السنة تُمكن من توقيف 55 مرشحاً للهجرة السرية    وليد كبير: الرئيس الموريتاني يستبق مناورات النظام الجزائري ويجري تغييرات في قيادات الجيش والمخابرات    نشرة إنذارية.. تساقطات ثلجية مرتقبة بعدة مناطق في المغرب من السبت إلى الإثنين    تراجع كمية مفرغات الصيد البحري بميناء المضيق    الحكومة ترفع الحد الأدنى للأجر في النشاطات الفلاحية وغير الفلاحية    المدونة: قريبا من تفاصيل الجوهر!    بورصة البيضاء تغلق التداولات بالأحمر    وفاة الرئيس التاريخي لمجموعة "سوزوكي" أوسامو سوزوكي    الجولة 16 من الدوري الاحترافي الأول .. الرجاء يرحل إلى بركان بحثا عن مسكن لآلامه والجيش الملكي ينتظر الهدية    فوج جديد من المجندين يؤدي القسم    ما حقيقة اعتزال عامر خان الفن؟    اختتام ناجح للدورة الخامسة لصالون الإلهام الدولي للفن التشكيلي بتارودانت    لقاء تواصلي حول وضعية الفنان والحقوق المجاورة بالناظور    نواب كوريا الجنوبية يعزلون رئيس البلاد المؤقت    المصادقة على مقترحات تعيين في مناصب عليا    تراجع أسعار الذهب وسط ترقب المستثمرين للاقتصاد الأمريكي    بايتاس: إعداد مدونة الأسرة الجديدة مبني على التوجيهات الملكية والنقاش مستمر في مشروع قانون الإضراب    2024.. عام استثنائي من التبادل الثقافي والشراكات الاستراتيجية بين المغرب وقطر    ارتفاع ليالي المبيت بمؤسسات الإيواء السياحي المصنفة بالرباط ب 4 في المائة عند متم أكتوبر    استهلاك اللحوم الحمراء وعلاقته بمرض السكري النوع الثاني: حقائق جديدة تكشفها دراسة حديثة    الثورة السورية والحكم العطائية..    هل نحن أمام كوفيد 19 جديد ؟ .. مرض غامض يقتل 143 شخصاً في أقل من شهر    دراسة تكشف آلية جديدة لاختزان الذكريات في العقل البشري    برلماني يكشف "تفشي" الإصابة بداء بوحمرون في عمالة الفنيدق منتظرا "إجراءات حكومية مستعجلة"    نسخ معدلة من فطائر "مينس باي" الميلادية تخسر الرهان    للطغيان وجه واحد بين الدولة و المدينة و الإدارة …فهل من معتبر …؟!!! (الجزء الأول)    حماية الحياة في الإسلام تحريم الوأد والإجهاض والقتل بجميع أشكاله    عبادي: المغرب ليس بمنأى عن الكوارث التي تعصف بالأمة    توفيق بوعشرين يكتب: "رواية" جديدة لأحمد التوفيق.. المغرب بلد علماني    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ارتدادات "اكديم ايزيك"
نشر في لكم يوم 03 - 05 - 2011

منذ نهاية أحداث "اكديم ايزيك" ، والمشهد برمته لا يزال يؤرقني. و العديد من الأسئلة لا تزال تطرح نفسها علي ، كمثقف أولا وكصحفي ثانيا، حول الإرهاصات الأولية لفكرة تأسيس المخيم ، مرورا بطريقة تشييده ، وانتهاء بالمشهد الشكسبيري لنهايته.
إذ انه رغم أنني في البداية لم اعر قضية تشييد المخيم كل تلك الأهمية ، ربما بحكم طبيعتي الأقرب إلى البداوة ، والتي لا يشكل لها بناء الخيام سوى قضاء وقت ممتع . إلا أن معدل تنصيب الخيام ليلا و نهارا، والتنظيم المحكم للمخيم، دفعا بي إلى الذهاب إلى هناك، بل والى كتابة مقال حول المخيم تم نشره بالعدد 402 من جريدة "الوطن الآن" بتاريخ:28-10-2010. ومنذ ذلك الوقت حتى الآن لم يراودني أدنى شك من أن فكرة إنشاء المخيم كانت بسيطة للغاية. مجموعة قليلة من الصحراويين من عديمي الدخل ، ولم يسبق لهم أن استفادوا من السكن،وفاقدين لأي أمل في تحسن وضعيتهم، تولوا زمام المبادرة ، ونجحوا في أن يضعوا والي العيون أمام خيارين : إما أن يمنحهم العمل والسكن ، وإلا فإنهم عازمون على أن يرحلوا عن المدينة ، ويشيدوا مخيما على أطرافها . وهي أول بادرة من هذا النوع منذ سنة 1975، مما حذا بالبعض إلى تفسيرها بأنها نوع من العصيان المدني للسلطات المغربية.
تزاحمت العديد من الأسئلة في ذهني. إلى أي حد كان الوالي مسؤولا عن تشييد المخيم؟ هل كانت لديه الاستقلالية الكافية عن وزارة الداخلية؟ هل كان المشكل نتيجة غير مباشرة للصراع المحتدم بين الوالي المحسوب على " الهمة" ، وبين رئيس المجلس البلدي للعيون " ولد الرشيد" المحسوب على حزب الاستقلال؟ أي دور كان للأجهزة الأمنية المدنية والعسكرية؟ لماذا لم تتعاط الوسائل الإعلامية المغربية الرسمية والمستقلة مع الحدث بسرعة؟ ولماذا لعب المسمى" رضا الطاوجني " ، (" جمعية الصحراء المغربية" ولسانها "الجريدة الأسبوعية" )، دور الصوت النشاز والمساند لمطالب المخيم حتى النهاية؟ لماذا دافع جل الصحفيين المغاربة عن وجهة نظر الناطق الرسمي باسم الحكومة؟ لماذا تمت الاعتقالات بطريقة مشابهة لتلك التي حصلت سنة 1976 مع فرق بسيط ؟ لماذا صمت "خليهنا ولد الرشيد" طيلة مدة الأزمة؟ ولماذا انسحبت قوات الأمن الوطني من شارع السمارة منذ الصباح الباكر وحتى تدخل الجيش حوالي الواحدة والنصف ؟ ولماذا لم تحدد تقارير لجان التحقيق المسؤوليات ؟
كل تلك الأسئلة وغيرها لم تجد إجابات شافية.
لقد كان المشهد النهائي الذي طوي عليه ملف "اكديم ايزيك" شكسبيريا بكل ما تعني الكلمة . فقد تعاملت الحكومة المغربية مع الملف في البداية بنوع من التجاهل. لتتبنى مطالب المخيمين على أساس أنها مطالب اجتماعية، مشروعة، معقولة، وعادلة، من مواطنين غيورين". وما لبثت أن شرعت في التفاوض مع اللجنة التنظيمية للمخيم. بل إنها ذهبت إلى أكثر من ذلك لتعلب دور الحارس لربوع المخيم ( حادثة 24 أكتوبر المعروفة بقضية " ادجيجة" ) . لكنها صبيحة اليوم الأخير للمخيم قلبت المعادلة، فأصبحت المطالب الاجتماعية،"سياسية"، وأصبح المواطنون "مجموعة من الدخلاء الخطيرين، الذين يخدمون أجندة خارجية " و"مجرمين مسلحين يحتجزون الشيوخ والنساء والأطفال بالقوة" ، وعليها أن تقوم بدور "تحريرهم" عن طريق "تفكيك" المخيم ، وهي عبارة عادة ما تستخدم ضد الخلايا الإرهابية . وتبعا لذلك أمسى جميع أعضاء اللجنة التنظيمية "مجرمون" (خصوصا وان بيان الحكومة تحدث عن مقتل 12 عشر عنصرا من القوة العمومية وبطريقة وحشية). سقط الأبطال إذن في الرذيلة والخيانة والإجرام. تماما كما يحصل في الدراما الشكسبيرية حيث يهوي البطل من الشهامة إلى الوضاعة .
إن من المحقق أن الحكومة المغربية كسبت نتيجة عاجلة وحيدة؛وهي الصور الملفقة التي بثها المنتمون إلى البوليساريو على شبكة الانترنت، والتقطتها بعض القنوات الاسبانية. هذا إن لم يكن مجمل الأمر اختراق ذكي من المخابرات المغربية لتلك المواقع.
ومهما حدث ، فان جل سكان المدن الصحراوية أصبحوا مقتنعين بان "أحداث اكديم ايزيك والعيون" كانت مرحلة فاصلة. وان تدخل السكان المدنيين من الوافدين على الإقليم تدعمهم قوات الأمن، ضد منازل بعض المواطنين الصحراويين ( تمت تصفية بعض الحسابات الشخصية ذلك اليوم)، ترك جرحا عميقا في الذاكرة الجماعية للصحراويين ( وهي المرة الثانية بعد إحداث 1999 )، وهو ما قد يطرح سؤال الهوية من جديد وبإلحاح؟
على الصعيد الدولي كان قرار البرلمان الأوربي ضد المغرب واضحا .
كما أن بعض المحللين ربطوا بين ما حدث في العيون و"اكديم ايزيك"، وأحداث سيدي بوزيد بتونس، وهي التي لا تزال ارتداداتها تصنع الحدث في العديد من الدول العربية .
وجاء تقرير لجنة التحقيق البرلمانية غامضا، من حيث عدم تحديد المسؤوليات. ويمكن تطبيق نفس الشيء على جل تقارير المنظمات الحقوقية المغربية الأخرى.
كجمولة بنت ابي العائدة من البوليساريو، وعضو البرلمان عن حزب التقدم والاشتراكية فقد أكدت للصحافة الاسبانية أنها "صدمت لما رأته يوم :08 نونبر 2010، و"اكدت عدم براءته" ، وقد خلقت تصريحاتها تلك ارتجاجا قويا، إن في الوسط الحزبي أو الصحافة المغربية. وهي الوحيدة التي تبنت معتقلي الأحداث وطالبت بإطلاق سراحهم ( 172 شخصا تم اعتقالهم على اثر الأحداث، واستمرت الاعتقالات حتي شهر يناير 2011 ).
د.بيد الله عضو حزب الأصالة والمعاصرة، ورئيس غرفة المستشارين وصف الأحداث بأنها " 11 شتنبر جديدة" ، ولم يضف أية توضيحات أخرى.
جبهة البوليساريو وصفت ما حدث بالمجزرة، لكنها عجزت عن تقديم أي دليل عدا عن كون جميع المعتقلين والقتيلين من أصل صحراوي، ومداهمات المنازل .
بينما صمت المثقفون والأطر الصحراويين المستقلين، في المدن الصحراوية الأربعة، ربما لأنهم لم يجدوا مساحة كافية في الصحافة المغربية، )بعدما أوصدت الصحافة المغربية أبوابها في وجوههم تحت ذريعة "المساس بوحدة التراب المغربي، وبعدما بات التعامل مع الصحافة الأجنبية جريمة يعاقب عليها القانون ).


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.