كشفت لجنة التقصي، في تقريرها، الذي قدمته، مساء يوم الأربعاء المنصرم، بمجلس النواب، في جلسة عمومية أعقبت الأسئلة الشفوية، تورط الجزائر وبوليساريو رفقة مجرمين مبحوث عنهم من طرف العدالة.. ومهربين للسلع والبشر، في أحداث يوم 8 نونبر الماضي، وأن الصراع حول الاختصاصات بين والي جهة العيون الساقية الحمراء السابق، ورئيس المجلس البلدي لمدينة العيون، إضافة إلى الصراع السياسي بين بعض الأحزاب في جهة العيون الساقية الحمراء، وإثارة النعرات القبلية، كلها عوامل استغلها مثيرو الشغب لصالحهم ومكنتهم، بطريقة غير مباشرة، من تنفيذ مخططهم الإجرامي، الذي يستهدف وحدة المغرب وزعزعة استقراره. وقال أحمد الزايدي، رئيس الفريق الاشتراكي، ومقرر لجنة التقصي، في قراءته للتقرير، إن "السماح باستمرار توسع المخيم لمدة شهر كامل خطأ إداري واجتماعي وسياسي، يتعين التحقيق فيه لمعرفة المسؤوليات". ووقفت اللجنة على وجود "خروقات في مجالات السكن، وتدبير الأملاك، وامتيازات الصيد البحري، وجميع المواد الاستهلاكية المدعمة من قبل الدولة"، مطالبة بتحديد المسؤوليات في تلك الخروقات، من أجل إعادة النظر في عمليات استفادة المواطنين منها. ودقت لجنة تقصي الحقائق ناقوس الخطر من سوء التأطير السياسي في الأقاليم الجنوبية، داعية الأحزاب، وكل مكونات المجتمع المدني، بالأقاليم الجنوبية إلى ضرورة الاشتغال على تأطير المواطنين في العيون، بما يخدم المصلحة العليا للمغرب، ويذكي الروح الوطنية، بدل توظيف النعرات القبلية، وتأجيج الفتنة. يشار إلى أن التقرير، الذي عرضته اللجنة على البرلمان، استمعت فيه إلى 122 من الشهود، إضافة إلى وزراء الداخلية والخارجية والإعلام، ومسؤولين محليين في العيون، وإلى مختلف الأطراف المعنية بالموضوع. وجمعت اللجنة، خلال تحقيقاتها، ما يقرب من 60 ساعة من التسجيلات. ويضم التقرير 12 ملحقا إضافيا، تشير إلى تفاصيل جزئية أخرى. في ظاهرة غير مسبوقة انشغل الرأي العام الوطني بما وقع يوم ثامن نونبر 2010 من اصطدامات وأحداث رهيبة، كانت ضواحي مدينة العيون، ثم أطراف المدينة نفسها مسرحا لها. شكل هذا الحدث صدمة في نفوس الساكنة. بل ولدى كافة المغاربة أينما وجدوا، لم يكن مصدر الصدمة الحركة الاحتجاجية الاجتماعية في منطلقها، فحرية التعبير بمختلف الأشكال السلمية ظلت حقا مشاعا بين كل المغاربة، بل إن مصدر الهزة الصادمة للجميع كان هو هذه الأفعال الإجرامية الشنيعة ممثلة في أعمال الذبح، والقتل، والتشويه بجثث الضحايا، في مجتمع مغربي مشبع بقيم الإنسانية النبيلة وبروح التسامح الإسلامي والحضارة الإنسانية وهو ما جسدته القيم المغربية المتأصلة في ثقافتها، وفي طبيعة الحياة بالأقاليم الجنوبية للمملكة نفسها عبر قرون خلت. لقد تناسلت مجموعة تساؤلات مزعجة دفعة واحدة. بحثا عن خيط ناظم لفهم عمق ما جرى منها ما هو تدبيري لموضوع الاحتجاجات التي أدت إلى إحداث مخيم اكديم إيزيك، ومنها ما يندرج في إطار إشكالية الحكامة الترابية المحلية «واختلاطها بالسياسي» في نسيج اجتماعي له خصوصياته المتميزة. وهذا ما يفترض من منطلق المسؤولية إعادة تقييم مشروع البناء والإدماج الاجتماعي والإنساني على مدى 35 سنة، في ارتباط بمدى نجاعة مؤشرات التنمية وانعكاساتها على تكافؤ الفرص لدى الساكنة في الاستفادة من مجهود الدولة، وخاصة في مجالات السكن والشغل. ومنها ما له طابع اجرامي وإرهابي في عملية منظمة ذات مرجعيات سياسية انفصالية تخضع لمشروع تخريبي يستهدف استقرار المغرب وأنماط النمو الاقتصادي والسياسي التي يرتكز عليها. تناسلت أسئلة أيضا من قبيل تقييم المقاربة الاجتماعية المحلية نفسها، باعتماد قيم المواطنة المسؤولة (حقوقا وواجبات) وإحلال ثقافة الكفاءة والاستحقاق بدل ثقافة الاتكالية والامتيازات والريع. أسئلة أيضا من قبيل اختلالات التأطير السياسي وخطورة توظيف النعرات القبلية والحزبية لتأجيج الفتنة على حساب قيم المواطنة والوحدة الترابية. ولم لا أسئلة أخرى من قبيل: هل الأمر مجرد خطأ في المعالجة التدبيرية للأحداث؟ أم أن التسيب بلغ حدا من الاستهتار جعل المصالح العليا للوطن تحت رحمة تصرفات أطراف لا مسؤولة؟ الهزة الصادمة الغير مسبوقة إذا جعلت كل المغاربة ينخرطون في حركة احتجاجية تضامنية ضد ما وقع، وما خروج نحو ثلاثة ملايين من المغاربة من كل المناطق عبر شوارع الدارالبيضاء يوم 2010/11/28 مجددين رفضهم لكل مس بوحدة واستقرار المغرب والمغاربة أيا كان مصدره إلا دليلا على هول الصدمة وإفرازاتها العنيفة. الرأي العام الوطني بمختلف تعبيراته لم يقف عند حد شجب هذه الأعمال الإرهابية التي راح ضحيتها شهداء من أفراد القوات العمومية ومدنيان اثنان، وخلفت خسائر وجروحا نفسية عميقة محليا ووطنيا، بل إن الشجب رافقه سؤال وطني كبير ظل حاضرا بين كل الأسر المغربية. ماهي حقيقة ما وقع؟ من المسؤول عما وقع؟ كيف نعالج ما وقع؟ إلى غير ذلك من تفصيلات هذا السؤال الكبير الذي يجسد حسا ومسؤولية وطنية في غاية التعقيد تهم مستقبل الوطني وتستدعي بالتالي معالجتها انخراط مختلف الأطراف، دولة، ومؤسسات سياسية، وكافة مكونات المجتمع كل من موقعه. وسط تداعيات هذه الصدمة التي كانت لها أصداء داخلية متفهمة لأسلوب الاحتجاج السلمي، وناقمة على الالتفاف عليه انفصاليا، وفي ذات الوقت رافضة لما وقع باعتباره غريبا عن سلوك المجتمع المغربي وقيمه، وقد اقترن سؤال إجلاء الحقيقة هنا بضرورة عدم الإفلات من العقاب وأن تأخذ العدالة مجراها الطبيعي، بينما تراوحت الأصداء الخارجية بين متفهمة لما حدث ووضعه في إطار الصحيح، وأخرى انحرفت به عن الحقيقة في إصدار لأحكام وقرارات متسرعة وجائرة. من أجل النفاذ إلى عمق ما وقع، وإطلاع الرأي العام على حقيقة الأحداث، وانطلاقا من مسؤولياته كمؤسسة منتخبة ممثلة للشعب المغربي، جاءت مبادرة مجلس النواب بمختلف مكوناته مستعملة حقها الدستوري في الدعوة إلى تأسيس لجنة البحث والتقصي في إطار ما يضمنه الدستور المغربي. تشكيل اللجنة: طبقا لأحكام الدستور وخاصة المادة 42 في فقراتها الأخيرة المتعلقة بتكوين لجان تقصي الحقائق. وتنفيذا لمقتضيات مواد القانون التنظيمي رقم 5.95 المتعلق بتسيير لجان تقصي الحقائق كما وقع تغييره وتتميمه بالقانون رقم 54.00. وآخذا بعين الاعتبار مقتضيات النظام الداخلي لمجلس النواب، وخاصة المواد 167 168 169. وبناءا على الطلب الذي تقدمت به كافة الفرق البرلمانية الممثلة بمجلس النواب، تشعر من خلاله رئاسة المجلس بقرارها من أجل تشكيل لجنة لتقصي الحقائق حول الأحداث التي شهدتها مدينة العيون ومخيم «اكديم إيزيك». وبعد الإجراءات الترتيبية وفق النصوص القانونية المشار إليها أعلاه، تم بتاريخ 27 نونبر 2010 تشكيل لجنة لتقصي الحقائق انتخبت أجهزتها وحددت عدد أعضائها في 13 عضوا يمثلون الفرق المتواجدة بمجلس النواب وفق التمثيل النسبي (الملحق رقم 1). المهام والأهداف: جاء الإعلان عن تشكيل لجنة تقصي الحقائق وسط مناخ تداخلت فيه مجموعة أحداث أبانت مداولات اللجنة لاحقا بأن لها مستويين: مستوى المطالب الاجتماعية الصرفة، وكيفية تدبيرها، قبل أن تتحول إلى مستوى ثان ببعده الانفصالي في ارتباط مع إرهابيين وذوي سوابق. أبانت أيضا مداولات اللجنة أن هذه الأحداث تناسلت مستفيدة من مجموعة اختلالات مرتبطة بالحكامة الترابية والمحلية. وأن استغلال هذه الاختلالات وسوء تدبير الاحتجاج، شكلا وقود حركية مخيم «اكديم إيزيك» الذي أخذ يتعاظم تدريجيا إلى أن حدث الانفلات الاجتماعي والأمني مهددا بأوخم العواقب. أجندة ومنهجية اشتغال اللجنة: انطلاقا من الإطار الذي حددته لعملها اشتغلت لجنة التقصي في جلسات مرطونية استمعت خلالها إلى 122 من الشهود عبر خلاصات تمثلت في ما يقارب الستين (60) ساعة تسجيل وقسمت عملها إلى 3 محاور: 1 محور جلسات الاستماع على الصعيد المركزي وقد شملت وزير الداخلية والي العيون السابق، ثلاث ولاة من الإدارة المركزية، وزير الشؤون الخارجية والتعاون، وزير الاتصال الناطق الرسمي باسم الحكومة. 2 محور جلسات الاستماع في عين المكان (مدينة العيون) وشملت على الخصوص والي جهة العيون الساقية الحمراء، المسؤولون الذين أشرفوا على تدبير تفكيك المخيم، الوكيل العام للملك، مدير المستشفى المدني، مدير السجن، رئيس المجلس البلدي بالعيون والمعارضة، رئيس المجلس البلدي للمرسى، الأحزاب السياسية، المنظمات الحقوقية، منظمات المجتمع المدني المتضررون مواطنون عايشوا الأحداث، شيوخ القبائل وغيرهم (ملحق 2). 3 أما المحور الثالث فهم تجميع الوثائق والمعلومات الضرورية لعمل اللجنة. وانطلاقا من هذه المنهجية، ومن أجل نجاعة أشغالها، ارتأت اللجنة تحديد أفق مكاني للبحث، وافق زمني، وتم بالتوافق تحديد مدة 45 يوما مبدئيا لإنهاء أشغالها، بينما تم التعامل مع الأفق المكاني وطبيعة البحث بحرية. إذ أن اللجنة وإن كانت قد حددت نقطة الانطلاق مبدئيا في «إنشاء مخيم اكديم إيزيك» ونقطة النهاية «تفكيك المخيم وأحداث العيون وتداعياتهما» فإن الصلاحية تركت لأعضاء اللجنة لصياغة كل الأسئلة وكل الاستفسارات التي تفرضها طبيعة المهمة ولحظية النقاش. الأسئلة المثيرة: لقد تمحورت الأسئلة الكبرى عموما حول الإشكالات التالية: ما هي الأسباب التي أدت إلى وقوع الأحداث؟ ضرورة تحديد المسؤوليات فيما وقع؟ تفكيك الوقائع والبحث عن الإجابات الواضحة من قبيل ظروف وملابسات إنشاء المخيم؟ لماذا تساهلت السلطات العمومية وهي ترى المخيم يتوسع إلى أن أصبح خارج التحكم فيه؟ ماهي تركيبة المخيم وبنيته الديموغرافية؟ ماهي أساليب وطرق تأطير وتنظيم المخيم واللوجستيك المعتمد؟ ماهي شرعية ما يسمى «بتنسيقية المخيم»؟ وما هو دور المنتخبين؟ وما هي أسباب رفض الحوار عن طريق المنتخبين والأعيان والشيوخ؟ وماهي ظروف تفكيك المخيم؟ هل احترمت الإجراءات القانونية قبل القيام بعملية التفكيك من إشعار وغيره؟ ماهي الوسائل التي استعملت في عملية التفكيك؟ هل تم استعمال الذخيرة الحية؟ كيف سقط الضحايا من القوات العمومية والوقاية المدنية ومدنيين اثنين؟ وهل كان يتوقع إقدام عناصر الشغب على القيام بعمليات إرهابية من قبيل القتل والذبح والتنكيل بجثت الضحايا؟ كيف انتقلت الأحداث إلى مدينة العيون؟ وهل اتخذت الاحتياطات لحماية الساكنة وكيف؟ كيف تمكن المخربون من إحراق وتدمير الممتلكات العمومية؟ وكيف واجهت قوات الأمن الوضعية التي سادت العيون صبيحة يوم تفكيك المخيم 8 نونبر؟ هل كان من الضروري المخاطرة بحياة أفراد القوات العمومية وهم عزل دون توقع تعرض حياتهم للخطر؟ هل حدثت أعمال مداهمات للمنازل؟ وهل حدثت إصابات أو وفيات في صفوف المدنيين؟ هل احترمت المساطر في المتابعات القضائية؟ وكل عدد الموقوفين؟ وهل هناك مختفون؟ وهل توصلت النيابة العامة بشكايات وما هي طبيعتها؟. وبلورت اللجنة أسئلة أخرى ذات طبيعة تتجاوز الأحداث نفسها من قبيل: ما هي طبيعة الحكامة المحلية؟ أين تكمن الاختلالات الإدارية والمؤسساتية المبررة للحركات الاحتجاجية؟ ماهي آثار السياسات المتبعة في مجال الإدماج الاجتماعي وخاصة بالنسبة لفئة الشباب؟ مدى فاعلية أو محدودية البنيات التقليدية للوساطة؟ هذه نماذج فقط من الاستهداف الذي حددته اللجنة لأشغالها وجاءت الإجابات وفق المساطر القانونية بعد أداء اليمين والتقيد بأعمال السرية التامة في كافة مراحل أشغالها. فيما استعملت الوثائق المحصل عليها في تحليل المعطيات والوصول إلى الخلاصات. الكرونولوجيا العامة للأحداث اعتمدت اللجنة معطيين اثنين لفهم تسلسل الأحداث والتعامل معها بعمق. المعطى الأول: الإفادات التي استمعت من خلالها لمختلف الأطراف، إدارة ومؤسسات وفاعلين سياسيين وحقوقيين وجمعويين ومواطنين وشهودا ومتضررين إلى جانب مسؤولين عن قطاعات ذات حساسية خاصة كالإسكان والتعمير، ومؤسسة العمران، والصيد البحري، والأملاك المخزنية والمحافظة العقارية. المعطى الثاني: الوتيرة التركيبية لتتالي الأحداث أو الكرنولوجيا الزمنية، وبهذا النهج وفرت للجنة لعملها وتيرة مندمجة أطرتها تراكمات سريعة متتالية، لضمان رؤية شمولية وعميقة على مستوى الأحداث نفسها، أو الأجواء المرتبطة بها، وبصفة دقيقة المخلفات والتبعات الناجمة عن هذه الأحداث، للوقوف عند الحقائق والقدرات التي توافرت لتدبير عملية مخيم اكديم إيزيك قبل وأثناء وبعد عملية التفكيك، وكيف انتقلت أعمال الشغب والعنف إلى مدينة العيون وما خلفته من ضحايا وخسائر مادية وجروح نفسية وانعكاسات على المستوى الخارجي. وأخيرا الوقوف على حقيقة الاختلالات التي أوصلت الأمور إلى وما وصلت إليه. مزودة بإفادات المسؤولين عن الإدارة الترابية مركزيا على الخصوص وانطلاقا من الاستنتاجات الأولية ستقف لجنة تقصي الحقائق فوق الأرض بمدينة العيون عند مخلفات الحرائق وآثار الدمار التي لحقت بمنشآت اقتصادية، وإدارية، وعمرانية، وبأن المدينة عاشت فعلا لحظات رهيبة، وأنه رغم مرور الوقت فإن جراح ما حدث، حاضرة بقوة تبلورها الشهادات التي استمعت إليها اللجنة. وفي ذات الوقت وقفت اللجنة على الاهتمام الخاص لدى الساكنة وهي تبحث عن فهم ما جرى والتطلع لتحديد المسؤوليات. وقفت اللجنة بمكان إقامة مخيم اكديم إيزيك والذي لم يكن اختياره اعتباطيا، فبالإضافة إلى كونه نقطة تتوفر عل نصيب من الماء فإن إقامته في مكان منحدر عن سطح البحر ومحاط ببعض التضاريس الطبيعية، وفر للخيام التي كان يأويها فضاء مؤمنا من العواصف والرياح التي تميز مناخ الصحراء، إضافة إل قربه من مدينة العيون حوالي (15 كلم) ومحاذاته لطريق استراتيجي يربط سمارة بالعيون وعبرها بمختلف الأقاليم الجنوبية للمملكة. الكرنولوجيا الترابية للأحداث تبين للجنة من خلال الشهادات والإفادات أن الحركة الاحتجاجية بدأت ما بين 27 و30 شتنبر 2010 بمحاولة إنشاء أول تجمع من 9 خيام على بعد 23 كلم جنوب شرق مدينة العيون بمطالب تم تشخيصها في 44 حالة هعمت مجالات السكن والشغل تمت الاستجابة لبعضها، ووقع تفكيك المخيم. يومان بعد ذلك جاءت محاولة جديدة ب 108 مطلبا اجتماعيا، تم إعطاء وعد بتسوية مطالبها قبل أن يتوقف النقاش بسبب توتر أجواء الحوار. مخيم آخر من 10 خيام سيرى النور على بعد 16 كلم شرق مدينة العيون، سيتم تفكيكه بعد يومين من إنشائه. إلا أن يوم 10 أكتوبر سيتميز بميلاد حدثين: أولهما إقامة مخيم من 15 خيمة على طريق طرفاية، في الوقت الذي اتجهت العملية الكبرى وفي نفس اللحظة إلى إقامة مخيم «أكديم إيزيك» على بعد 15 كلم نحو طريق السمارة وهو المخيم الذي سيتوسع بسرعة قياسية وسيخضع لعملية تنظيم رهيبة سيقدم التقرير تفاصيل بشأنها إذ انتقل المخيم من 30 ثلاثين خيمة يوم 10 أكتوبر ليصل إلى 300 خيمة في أقل من 24 ساعة. هكذا خرج للوجود مخيم أكديم إيزيك ذو المطالب الاجتماعية بالتأكيد ولكن أيضا ذو المصير المتجه نحو المجهول. 10 أكتوبر 2010، 1 - بدأت تتوافد أعداد كبيرة من المواطنين على المخيم نتيجة إشاعة تحث السكان على التوجه إلى المخيم قصد الاستفادة من المنافع. 2 - تم نصب المخيم بشكل محكم يتعذر معه تدخل السلطات، إذ أقام الإرهابيون حزاما من الخيام على شكل جدار أمني لتحصين المخيم عبر استعمال الكهول والنساء والأطفال كدروع بشرية لمواجهة أي تدخل محتمل للقتوات العمومية. 3 - تم تسريب أنباء من داخل المخيم تفيد أن بعض الأشخاص مدججين بالأسلحة البيضاء والعصي وبنادق صيد يقطنون الصف الثاني من الخيام لمنع القاطنين من الصف الأول من الفرار في حال تدخل قوات الأمن. 4 - في نفس اليوم أقدمت السلطات على محاولة أولية لتفكيك المخيم، وفور وصول القوات الأمنية إلى عين المكان، لاحظت أن عدد الخيام تكاثر، وعدد المعتصمين تجاوز 300 شخصا في حين أن عدد رجال الدرك ورجال القوات المساعدة آنذاك لم يكن يتجاوز 30 دركيا ونفس العدد من أفراد القوات المساعدة تعذر عليهم التدخل لفك الاعتصام، بعد أن وجدوا أنفسهم في مواجهة مباشرة مع دروع بشرية مكونة من عجزة ونساء وأطفال. 5 - الساعة السادسة مساء، يعقد الوالي اجتماعا مع الشيوخ والأعيان والمنتخبين وبعض فعاليات المجتمع المدني لدراسة الوضع، حيث بادرت السلطات المحلية للتعبير عن استعدادها للاستجابة للمطالب الاجتماعية التي عبر عنها المعتصمون، شريطة احترام مبدأ المساواة والشفافية والاستحقاق وهو ما ستؤكده تنسيقية الحوار نفسها. 11 - أكتوبر 2010: 1 - الساعة الحادية عشرة صباحا، يتوجه الشيوخ والأعيان إلى «مخيم أكديم إيزيك» قصد فتح حوار مع المعتصمين والاطلاع على مطالبهم، غير أنهم ووجهوا بالعنيف الكلامي ورفض الحديث أو النقاش معهم بدعوى أن ليس لديهم ما يمنحونه وأن مجموعة من الشيوخ والأعيان والمنتخبين قد راكمت ثروات فاحشة على حساب الساكنة والمستضعفين. 2 - بعد فشل مساعي الحوار، الوالي يصدر أمره للمرة الثانية لفلك المخيم والاعتصام خصوصا بعد وصول تعزيزات أمنية من مناطق أخرى، غير أن السلطات الأمنية لم تستطع التدخل نظرا لعدم التناسب العددي بين المحتجين والقوات العمومية من جهة والمراهنة بعد ذلك على إمكانية التوصل إلى حل عبد الحوار. 3 - بعد التأكد من استحالة فك الاعتصام وهدم الخيام عمليت السلطات المحلية على توفير الخدمات الصحية عبر استقدام الوقاية المدنية وأطباء من المستشفى المدني، غير أن أجهزة المخيم منعتم من الولوج. فأقاموا خياما بجوار المخيم خارج الحزام لتقديم الخدمات الصحية والإسعافات الأولية عند الحاجة. بعد يومين فقط أي 12 أكتوبر 2010 1 - ارتفع عدد الخيام إلى 800 خيمة وسيتجاوز 6.000 خيمة يوم 8 نونبر 2010 قادرة على استيعاب ما يزيد عن 20.000 شخص. وتنقسم الخيام إلى نوعين: نوع من الأغطية على شكل خيام تم نصبها بالأوتاد والحبال، وخيام حقيقية تمتلكها ساكنة المنطقة بشكل عادي مع العلم أن معظم هذه الخيام كانت لا تستعمل بشكل كلي إلا في عطلة نهاية الأسبوع تحسبا لمنافع محتملة. 2 - اعتماد هيكل تأطيري على شكل هرم مكون من مجموعات، وزعت مهام التدبير بين أعضائها حيث تم تشكيل لجنة مكونة من 27 شخصا على رأس الهرم تدعى لجنة التنسيق تقوم بقيادة المخيم وتدبير كل شؤونه الداخلية والخارجية في حين تم تشكيل لجنة للحوار مكونة من 9 أشخاص تقوم بمحاورة السلطات (ملحق 3). وقد تبين لاحقا أن التنسيقية لم تكن مدرجة ضمن التنظيم الرسمي للمخيم لكي لا تتمتع بالشرعية التي تؤهلها لاتخاذ القرارات أثناء المفاوضات، في حين تم إحداث إدارة عامة للأمن وإدارة عامة للشؤون الداخلية، وإدارة للمراقبة العامة، وقسم المخيم إلى 6 دوائر، وأحياء وحرس داخلي وخارجي (ملحق 4). وبطبيعة الحال فإن الهدف كان في الختام هو إدامة المخيم وتحويل ساكنته إلى عنصر دلالة لدى المنظمات الأممية والدولية لخدمة أجندة خارجية. 4 - التركيبة الديموغرافية للمخيم أفادت المعطيات بكيفية تقريبية أن: - حوالي 20٪ من قاطني المخيم هم الذين يعتبرون فعلا أصحاب الحاجة الماسة وأن باقي قاطني المخيم ينتمون إلى فئات مختلفة انخرطت في الحركة الاحتجاجية للمخيم: * تنسيقية العائلات الصحراوية المطالبة بإنصافها لكونها بدون دخل ولا سكن. * مجموعة المكتب الشريف للفوسفاط. * مجموعة الإنعاش الوطني. * مجموعة المعطلين حاملي الشهادات ومجموعة الأشبال * مجموعة الأرامل والمطلقات. * مجموعة الخيرية الإسلامية. * عمال شركة ورود البحر (Fleurs de Me) الملفسة. * مجموعة من المهاجرين العائدين من إسبانيا والمتضررين من الأزمة الاقتصادية. * مجموعة تلوح بالانفصال من الداخل وخاصة تلك التي تنقلت بين المغرب والجزائر عدة مرات خلال السنة. * فئة ذوي السوابق والمبحوث عنهم في ملف عصابات التهريب الذين سدت في وجوههم كل إمكانيات التهريب، خاصة تهريب الإبل، تهريب السجائر، تهريب المخدرات الصلبة، (الهجرة السرية) تهريب الأسلحة والذخيرة وعلاقتهم بالإرهاب. هذه الفئة هي مجموعة من الشبكات المتخصصة والمتدربة على استعمال المسالك الوعرة عبر استعمال سيارات الدفع الرباعية، واستعمال المواصلات اللاسلكية الجد متطورة، فئة تضررت مصالحها من الاتفاق الحاصل بين المغرب والاتحاد الأوروبي، لمحاربة الهجرة السرية والمخدرات والإرهاب، حيث تم تم تفكيك ما يزيد عن 35 شبكة. 16 - أكتوبر 2010، 1 - الأمين العام للأمم المتحدة السيد بان كيمون يقوم بزيادة للمغرب. 17 - أكتوبر 2010، 1 - محمد عبد العزيز زعيم الانفصاليين يوجه رسالة إلى الأمين العام للأمم المتحدة يدعي فيها بأن ما يزيد عن 7.000 شخصا يحتجون على ما يسميه «استعمار أراضيهم». 2 - في تصريح آخر، يدعي عبد العزيز أن القوات المغربية تحاصر المحتجين بوضع سياج من الأسلاك الشائكة حول المخيم ومنع قاطنيه من التزود بالمؤن الغذائية والأدوية والماء الصالح للشرب. 18 - أكتوبر 2010، 1 - المسمى ولد السالك يطلب من الأممالمتحدة عبر منظمة غوث اللاجئين ومنظمة الهلال الأحمر الدولي، التدخل الفوري لمنع ما يسميه «بقوات الاحتلال المغربية» من القيام «بمجزرة جماعية». 2 - المدعو البخاري من قيادة البوليساريو يوجه رسالة إلى رئيس مجلس الأمن يحذره مما سماه بوقوع كارثة إنسانية ويطلب تدخل مجلس الأمن. 19 - أكتوبر 2010: 1 - وزارة الداخلية توفد لجنة من ثلاث ولاة مركزيين إلى مدينة العيون لتقييم الوضع وتقدم اقتراحات وحلول. 21 - أكتوبر 2010: 1 - تنظيم أول لقاء للجنة مع تنسيقية المخيم المكونة من 9 أشخاص هؤلاء أكدوا تشبثهم بمغربيتهم، وأن مطالبهم تكتسي صبغة اجتماعية محضة ولا علاقة لهم بالانفصاليين، وأن لهم مؤاخذات على المجالس المنتخبة. 2 - بعد التأكيد على التزام الإدارة المركزية بالاستجابة للمطالب المتمثلة في توزيع بطائق الإنعاش، وتوفير بعض مناصب الشغل ومعالجة إشكالية السكن عبر إحصاء دقيق، طلبت التنسيقية مهلة 48 ساعة لإجراء عملية الإحصاء داخل المخيم. ورفضت في ذات الوقت مساعدة الإدارة في عملية الإحصاء والتوقيع على محضر الاتفاق بدعوى أنهم لا يتوفرون على تفويض. 24 - أكتوبر 2010: 1 - المدعو دجيجة الداودي من ذوي السوابق القضائية يطرد من المخيم على إثر الشغب والفوضى التي قام بها داخل المخيم تحت تأثيرالمخدرات ودخوله في مشادة كلامية مع ما يسمى بأمن المخيم. 2 - يتجه دجيجة الداودي نحو المدينة ويعبئ خمسة من الشباب مدججين بالسلاح الأبيض ممتطين سيارة رباعية الدفع، حيث اقتحموا الحاجز الأمني للقوات العمومية، فتمت مطاردتهم مما نتج عنه قتل الشاب الكارح الناجم وإصابة الأربعة الآخرين بجروح متفاوتة الخطورة (وقد فتح القضاء تحقيقا في الموضوع). 27 - أكتوبر 2010: 1 - لجنة الإدارة الترابية تنتقل إلى عين المكان لمعاينة الإحصاء. 2 - التنسيقية تطلب مهلة إضافية من 5 أيام لإجراء الإحصاء. 3 - اللجنة تمد التنسيقية بكل الأدوات اللوجيستيكية لتسهيل عملية الإحصاء. 29 - أكتوبر 2010: 1 - وزير الداخلية يعقد بمدينة العيون اجتماعا موسعا مع المنتخبين والشيوخ والأعيان وفعاليات المجتمع المدني ويؤكد على الالتزام بتنفيذ المقترحات المقدمة من طرف لجنة الإدارة الترابية. 31 - أكتوبر 2010: 1 - لجنة الإدارة الترابية تعقد اجتماعا رابعا مع التنسيقية حيث عبرت هذه الأخيرة عن تضايقها من قرار السلطات القاضي بالشروع في توزيع المنافع، وطالبوا بإشراك الشيوخ والأعيان في المفاوضات بعدما كانوا يرفضون الجلوس معهم، ورفعوا سقف المطالب كربط العيون وأكادير بطريق سيار وبناء جامعة وتوظيف كل الشباب بدون استثناء ومنح العفو الشامل لكل المتابعين قضائيا والمبحوث عنهم في جميع الجرائم. 2 - لجنة الإدارة الترابية تتأكد من عدم جدوى استمرار التفاوض، وأن التنسيقية أصبحت متجاوزة وأن المتحكمين الحقيقيين في المخيم هم مجموعة من الانفصاليين مع حلفائهم من ذوي السوابق والإرهابيين. 2 و 3 نونبر 2010: - اجتماع آخر لوزير الداخلية مع الفعاليات المحلية من منتخبين، وشيوخ، وأعيان، ومجتمع مدين، وممثلي السلطات المحلية حيث تم إبلاغهم بمستجدات وتطور المفاوضات والحلول المقترحة ومواقف التنسيقية المتناقضة. 4 نونبر 2010: 1 - وزير الداخلية يعقد اجتماعا مع التنسيقية في جولتين: * الجولة الأولى من الساعة الرابعة زوالا إلى الثامنة والنصف مساءا. * الجولة الثانية من العاشرة ليلا إلى ساعة متأخر من الليل، 2 - حرر اتفاق يتضمن التزام التنسيقية بفك الاعتصام والمخيم مقابل التزام الإدارة بتنفيذ المطالب التالية: * توظيف وتشغيل جميع فئات الشباب. * توزيع بقع أرضية مع تقديم دعم مالي للبناء. * توفير بطائق الإنعاش لكل من تجاوز عمره 45 سنة. * تكملة بطائق الإنعاش لمن يحصل على النصف فقط. * الاستجابة لمطالب فئة أشبال الحسن الثاني. 3 - بعد توصل الأطراف إلى صيغة نهائية للاتفاق، مع لجنة الحوار المنبثقة عن المخيم تعود هذه الأخيرة لترفض توقيع محضر الاجتماع (ملحق 5). 5 نونبر 2010: 1 - وزير الداخلية يعرض تفاصيل المفاوضات في اجتماع موسع حضره كل من المنتخبين وشيوخ القبائل والأعيان وهيآت من المجتمع المدني والسلطات المحلية، في حين رفض ما يسمى بأمن الميخم السماح لوالي الجهة ومرافقوه بولوج المخيم من أجل تنفيذ بنود الاتفاق. 2 - بلاغ لوزارة الداخلية يؤكد أن مجموعة من النساء والأطفال محاصرة في المخيم وغير مسموح لها بمغادرته، تأكد أيضا أن هناك جهات أجنبية حاضرة في المخيم مدعمة من طرف البوليساريو والجزائر، وأن هناك أجانب تسربوا داخل المخيم متنكرين في لباس صحراوي مختبئين في الشاحنات التي تنقل المواد الغذائية، وسيتم العثور لاحقا على عمليات أجنبية من قبل الأورو، والدينار الجزائري والدولار الأمريكي. 3 - ما يسمى بأمن المخيم يحتجز صحفيين اثنين من جون أفريك ورويترز وتم استنطاقهما قبل إطلاق سراحهما في حين منعت وسائل الإعلام الوطنية من دخول المخيم وأمام هذه الوضعية تأكد لدى السلطات العمومية عدم جدوى الاستمرار في المفاوضات وضرورة التدخل العاجل لقوات الأمن لتفكيك المخيم. 8 نونبر 2010: 1 - السلطات المحلية تشعر النيابة العامة بقرار التدخل لفك المخيم. 2 - الوكيل العام للملك يصدر أمره بفك المخيم ويوفد نائبا للوكيل العام للملك للوقوف على عملية الإخلاء والسهر على تطبيق واحترام المساطر والإجراءات القانونية. 3 - إصدار أمر لقوات الأمن بعدم حمل الأسلحة النارية. 4 - حوالي الساعة السادسة صباحا تحلق مروحيات الدرك الملكي فوق المخيم وتستعمل مكبرات الصوت نفس العملية استعملت أرضا مخبرة قاطني المخيم بضرورة مغادرة المكان فورا وفي هدوء حيث وضعت حافلات رهن إشارتهم لتسهيل التنقل من المخيم إلى المدينة. 5- الساعة السادسة والنصف تدخلت المجموعة الأولى من قوات الأمن وشرعت في تفكيك المخيم وحماية المحتجزين ومساعدتهم على المغادرة. 6- أمام مقاومة عناصر ما يسمى بأمن المخيم والمواجهات بين القوات العمومية وهذه العناصر، تتدخل المجموعة الثانية معززة بشاحنات وخراطيم المياه والقنابل المسيلة للدموع. 7- يتم إضرام النار في بعض الخيام لمنع قوات الأمن من ولوج المخيم فيما كان الإرهابيون يستعملون سيارات الدفع الرباعية في هجمات جماعية حيث داسوا عددا من أفراد القوات العمومية،وهو أسلوب يستعمل لأول مرة. 8- عائلات قاطني المخيم المتواجدة بالمدينة تخرج إلى شارع السمارة وبعض أطراف المدينة اثر عملية الشروع في تفكيك المخيم التي رافقتها إشاعات مفادها أن هناك مذابح ارتكبت أثناء عملية تفكيك المخيم. مجموعة من الملثمين أغلبهم غادر المخيم بعد تفكيكه، تعود عمليات الشغب والتخريب بالمدينة انضافت إليها العناصر المساندة عبر سيارات رباعية الدفع ومسلحة بالسيوف والسكاكين وقنينات الغاز الحارقة. 9- عمليات التخريب تطال مؤسسات عمومية، وخاصة ومحلات تجارية وسكنية، وإحراق السيارات وتعرض عدد من المواطنين للطعن بأسلحة بيضاء والضرب بالحجارة والعصي كما جرت محاولة اختطافهم واحتجازهم كرهائن. 10- في حادث سير تدوس سيارة أمن مسرعة مدنيا وتريده قتيلا يتعلق الأمر بالسيد بابي حمدي بويمة ويعمل بفوسفاط بوكراع. القضاء يفتح تحقيقا في الموضوع. 11- عدد من أفراد القوات العمومية يلقون حتفهم، وأحدهم تم ذبحه بوحشية من الوريد إلى الوريد. 12- تم تخريب جانب من مقر الإذاعة والتلفزة الجهوية بالعيون ومحاولة الاستيلاء والسيطرة على الجهاز الدافع، غير أن تدخل وحدات الأمن حال دون ذلك. 13- مجموعة من الملثمين توجهت إلى السجن المدني مستغلة وقت الزيارة في محاولة لإطلاق سراح السجناء. تم إخبار مدير المؤسسة بتنقلهم فتم إغلاق السجن ومنعت الزيارات. 14- الساعة الواحدة بعد الظهر بدأت التعزيزات تصل إلى المدينة وتمت السيطرة تدريجيا على الوضع. قراءة في مضمون الأحداث من خلال كرنلوجيا الأحداث وإخضاعها للإفادات المختلفة وقفت اللجنة عند مجموعة معطيات يمكن وضعها في خانة الاستنتاجات الأولية والتي ستشكل أرضية لخلاصات وتوصيات اللجنة: أولا: إن السماح بإقامة المخيم وتركه يكبر ويتعاظم كان خطأ تدبيريا بكل المقاييس أمنيا، واجتماعيا، وسياسيا. ثانيا: لابد من القول بأن هناك مجموعة عوامل تداخلت لتسهيل إنشاء مخيم «اكديم إيزيك» والانخراط المضطرد، لإعطائه مظهريا واجهة الاحتجاج الشعبي بمطالب اجتماعية مشروعة، في وقت كان يتم التهيىء لمشروع مغاير يلتف على المطالب الاجتماعية لفائدة كمشة من الذين يلوحون بالتوجه الانفصالي بتوجيه وتأطير من الجزائر وبتنسيق مع ذوي السوابق والمهربين والمبحوث عنهم من الإرهابيين. ثالثا: هناك العديد من القرائن والأدلة التي تثبت بما لا يدع مجالا للشك ارتباط مجموعة كانت متواجدة داخل المخيم بالجزائر والبوليساريو حيث تم تأطير هذه المجموعة عبر الزيارات المتتالية لمخيمات تندوف على مدى حوالي سنة ونصف. وقد بينت وسائل الاتصالات اللاسلكية ذات التقنية العالية والتي تم حجزها بالمخيم إلى جانب العثور على عملات أجنبية من قبل الدينار الجزائري، والأورو والدولار أكدت ارتباط هذه المجموعة فعلا بالجهات الأجنبية المذكورة إلى جانب جهات أخرى. رابعا: إن هناك بالفعل فئة من ساكنة العيون احتجت لمطالب اجتماعية وللحيف الذي مسها لعدم استفادتها من السكن، والشغل، وبطائق الإنعاش الوطني، حيث ظلت تنتظر إنصافها على مدى ثلاثة عقود، وهي تتفرج على اختلالات تدبير الشأن المحلي وتفشي الزبونية في توزيع المنافع الممنوحة للساكنة. مما شكل لديها إحباطا ما فتئ يتغذى بتناسل الأخبار المتواترة حول هذه السلوكات. خامسا: إن هذه الفئة المحتجة نجحت في إظهار تظلمها من خلال اعتماد شريحة هشة اعتبرت نفسها ضحية لسياسة الحيف وهي شريحة الأرامل ثم فئة المطلقات (وهذه الأخيرة تشكل فئة عريضة) ثم المعوزين لينضم إليها العاطلون والأشبال مما جعل فئات أخرى تتخرط في مطالبها في وقت ركبت مجموعات ثالثة انتهازيا على الحدث. سادسا: أسهم مناخ التنافر الحاصل بين الوالي ورئيس المجلس البلدي للعيون نتيجة التباين في فهم الاختصاصات في تعقيد التعامل مع الأزمة الاجتماعية التي أدت إلى أحداث المخيم بدل البحث في تناسق للخروج من هذه الأزمة التي باتت أخطارها محدقة بالمصالح العليا للبلاد. سابعا: إن الاختلالات التي شهدتها بعض القطاعات وتناسل التقارير عن خروقات في مجال الحكامة المحلية من قيبل توزيع حوالي1900 بقعة أرضية وحوالي 900 من بطائق الإنعاش إضافة إلى خروقات في مجال السكن، والتزوير في مجال المحافظة العقارية، للاستحواذ على الملك العمومي، وامتيازات في مجال الصيد البحري، وغيرها، جعل الأجواء مشحونة للالتحاق بالمخيم. ثامنا: إن هناك انتقادات في المقابل للوالي السابق بتهميش دور الملجس البلدي والانفراد بالقرار والتصرف في الميزانيات المتعلقة بالمواد الغذائية المدعمة والخاصة بالجهة، إضافة إلى ميزانيات برامج التنمية البشرية ومنح العجزة علما أن هذه الاختصاصات موكولة بحكم القانون لمؤسسة الوالي. تاسعا: إن محدودية التأطير السياسي ودور آليات الوساطة بين الدولة والساكنة سواء تعلق الأمر بالوسائط المؤسساتية-الأحزاب، النقابات، منظمات المجتمع المدني، المجالس المنتخبة-أو التقليدية شريحة الشيوخ والأعيان أبان جعل مؤسسات الدولة إبان إحداث المخيم في عزلة بل وفي مواجهة مع شرائح مجتمعية بأهداف مختلفة وأحيانا متناقضة. عاشرا: إن تمويل المخيم، وتوفير اللوجستيك الكامل له عبر إمداده بانتظام بالمواد الغذائية، وتوفير المحروقات لأسطول من الشاحنات والسيارات ذان الدفع الرباعي والتغطية الهاتقية، وتوفير السيولة لشباب من المفروض أنه جاء للبحث عن شغل، كلها أسئلة تستحق تعميق البحث وتفكيك خيوطها وفتح تحقيق بشأنها، وهو ما لم تتوصل بشأنه اللجنة إلى خلاصات باستثناء ما صرح به الوالي السابق بالقول: «إن سكان المدينة ساهموا في عملية التمويل لتحقيق أغراض انتخابية مضيفا في ذات الوقت بأن شخصا من الأعيان زود المخيم ب1000 غطاء ودون أن تكون له نية مبيتة على حد قوله». احد عشر:إن وقتا كبيرا قد تم استنزافه فيما يسمى بالحوار مع «تنسيقية المخيم» التي كانت الأحداث قد تجاوزتها وبالتالي كان حريا باستغلال هذا الوقت في البحث عن بدائل ناجعة لتطويق الأزمة. اثنى عشر: كرنولجيا أيضا، لابد من وضع أحداث المخيم في بعدها الدولي، من جهة بارتباطها مع زيارة الأمين العام للأمم المتحدة، ثم مبعوثه الشخصي حول الصحراء وتحديد موعد مفاوضات الحكم الذاتي. وفي بعدها الوطني ارتباطا بخطاب جلالة الملك محمد السادس في السادس مم نونبر بمناسبة الذكرى 35 للمسيرة الخضراء، والإصلاحات التي أعلن عنها الخطاب الملكي. كل هذه المعطيات جعلت من شهر أكتوبر وبداية نونبر موعدا حافلا بالأحداث، كانت العناصر الانصالية داخل المخيم تؤججه لفائدة أطروحتها بدليل عرقلة الحوار ما أمكن لربح الوقت بناءا على مشروع ظل في طي الكتمان طبعا(مما يطرح مسؤولية أجهزة الدولة في مجال الاستعلامات والرصد). ثلاثة عشر: إن اللجنة إذ تسجل بأن تفكيك المخيم قد تم في ظروف استثنائية تستحق التنويه، وأن القوات العمومية تمكنت في ظرف 55 دقيقة من إنهاء عملية التفكيك بدون ضحايا غي صفوف ساكنة المخيم، فإن اللجنة تعتبر مع ذلك أن الشهداء الذين سقطوا من أفراد الدرك والقوات المساعدة والوقاية المدينة كان يجب أن يتمتعوا بالحماية اللازمة لأرواحهم، وتتساءل عن مدى توقع المخاطر قبل الشروع في عملية التفكيك، ونفس التساؤل عن توقعات تبعات الأحداث في بعض أحياء مدينة العيون. أربعة عشر: إن الأجوبة التي تلقتها اللجنة حول توفر التغطية الأمنية الكافية بالعيونالمدينة عقب تفكيك المخيم لم تكن مقنعة أمام فداحة الخسائر، والاعتداءات التي تعرضت لها الممتلكات العمومية والخاصة (إحراق 46 إدارة و8 أبناك 5 شركات لتحويل الأموال إلحاق أضرار جسيمة ب 167 منزلا، 145 مرفقا تجاريا وإحراق 90 سيارة) بالإضافة إلى عدد كبير من الجرحى والمصابين جراء أعمال الشغب والإرهاب التي شهدتها المدينة طيلة صبيحة يوم 8 نونبر و إلى حدود الساعات الأولى من بعد ظهر نفس اليوم(ملحق7). خمسة عشر: إن اللجنة قد استعمت في إطار ما يسمح به القانون لإفادات السيد الوكيل العام للملك بالعيون بخصوص مسطرة المتابعات القضائية، والتقيد باحترام المساطر في المتابعة والتفتيش وحرمة المساكن، وظروف الاعتقال، وإشعار العائلات وضمان حقوق الدفاع، وحق العائلات في الزيارة والتواصل، لتؤكد ثقتها في القضاء وفي أن تأخذ العدالة مجراها الطبيعي بما يكفل لكل المواطنين حقهم في قضاء عادل أمام مختلف محاكم المملكة مدنية كانت أم عسكرية بحسب الجرائم. وتسجل تجاوب السيد الوكيل العام مع كل الأسئلة وإفاداته بظروف وعدد الأشخاص الذين قدموا للمحاكمة (إذ بلغ عدد 185 متابعا 19 تسعة عشر منهم أحيلوا على القضاء العسكري للاختصاص، وخمسة عشر 15 تم حفظ المتابعة في حقهم وإطلاق سراحهم، وأحيل واحد على قاضي الأحداث، فيما تمت متابعة 132 معتقلا أمام استئنافية العيون في حالة اعتقال، وأربعة عشر أمام ابتدائية العيون في حالة سراح (ملحق 8)، وقال الوكيل العام للملك بخصوص التجاوزات التي قد تكون حدثت أثناء عمليات الاعتقال أنه فتح تحقيقا في كل الشكايات المتوصل بها. ستة عشر: إن اللجنة وقد استمعت لعائلات الضحايا بحثت مع الجهاز الصحي في عين المكان عدد القتلى والمصابين وقد تأكدت بأن ليس هناك وفيات باستثناء ما أعلن عنه رسميا، وأن لا أثر لإطلاق الرصاص قطعا في جميع الإصابات. وأن عدد الجرحى بلغ 238 جريحا في صفوف القوات العمومية منهم 134 في صفوف الدرك الملكي و56 من أفراد القوات المساعدة و26 من أفراد قوات الأمن الوطني و10 أفراد من الوقاية المدنية. وبلغ عدد الجرحى في صفوف المدنيين 112 وجهوا لمستشفى مولاي الحسن بلمهدي و22 وجهوا للمستشفى العسكري، وكل الجروج التي كانت نتيجة مشاداة أعمال الشغب مصدرها آلات حادة. وكل الجرحى والمصابين غادروا المستشفيات باستثناء شخص واحد (ملحق9). سبعة عشر: إن اللجنة وهي تؤكد على اعتبار الحق في ممارسة الحريات العامة عبر مظاهر التعبير والاحتجاج بالطرق السلمية حقا مشروعا بقوة القانون، تؤكد للرأي العام أنها كانت حريصة على التنبيه إلا أن كل مس بهذه الجقوق يعرض صاحبه للمساءلة وأن انفتاح اللجنة على كل المكونات الجمعوية والحقوقية جاء من هذا المنطلق للاستماع لأكبر عدد من الفاعلين وضمنهم الذين لهم رأي مخالف لرأي السلطات العمومية للوصول إلى الحقيقة. وتسجل اللجنة في هذا الإطار التجاوب الكامل لمختلف الفاعلين، من هيئات سياسية، ونقابية، وجمعيات حقوقية، وأطر، ومقاولات، ومنظمات المجتمع المدني، وشيوخ القبائل ومواطنين عاديين. ثمانية عشر: إن اللجنة وقد استمعت للإفادات المتعلقة بحرص السلطات العمومية على حماية الأمن العام والسكينة، وحماية الممتلكات انطلاقا من المهام الموكولة لها قانونا، تلقت شكاية تتعلق ببعض التجاوزات في إطار عمليات البحث والتفتيش عن مرتكبي الجرائم وتعتبر المس بحرمة المساكن والممتلكات والأمتعة عملا غير مقبول في دولة الحق والقانون. تسعة عشر: إن اللجنة وقد استعمت للمتضررين من جراء أعمال الشغب في هذه الاعتداءات من ساكنة وتجار ومستثمريت وذوي المهن الحرة عموما سجلت بتأثير خاص حجم المعاناة النفسية والإنسانية التي تعرضوا لها وكذا حجم الخسائر التي لحق بممتلكاتهم. الأقاليم الجنوبية بين الجهد التنموي ومعطيات التطور والإدماج الاجتماعي من خلال جلسات الاستماع التي همت مختلف الشرائح، ومن خلال تحليل المعطيات والوثائق التي توصلت إليها اللجنة أمكن الوقوف على بعض الاستنتاجات خاصة على مستوى تعاطي الدولة مع متطلبات التنمية خلال الخمس وثلاثين سنة الأخيرة بالأقاليم الجنوبية ومدى بلوغ الأهداف المتوخاة في مواجهة مطالب الساكنة مقارنة مع مستوى الإنفاق وحجم الاستثمار العمومي، وأيضا على مستوى الآليات التي تدبر الموارد المادية والبشرية أو على مستوى أنماط الحكامة المحلية ثم الإفرازات التي نتجت عن هذا التدبير في ارتباط مع طبيعة النخب المحلية، مما يجعلنا نقف في هذه المحطة عند مجموعة من المفارقات والتساؤلات الجوهرية تعتمد على لغة الأرقام والتحليل العلمي بعيدا عن الفرضيات والاحتمالات. عناصر المفارقة 1 مجهود استثماري استثنائي للدولة: خلافا لاعتقادات سائدة، اليوم في الأقاليم الجنوبية، فإن تحليل تطور المؤشرات الاقتصادية والاجتماعية يبرز تقدما كبيرا يفوق، في أغلب الحالات، ما وصلت إليه الجهات الأخرى للمملكة. فمساهمة الأقاليم الجنوبية في الإنتاج الوطني تصل إلى حوالي 4%، كما تجسد نسبة مناصب الشغل المحدثة 6% من ما يحدث على الصعيد الوطني، في حين أن مجمل ساكنة الأقاليم الجنوبية لا تتجاوز 2,7% من المجموع الوطني. ويرجع هذا التقدم إلى المجهودات التي بذلت من طرف الدولة في ميدان الاستثمار العمومي والتي تفوق الانجازات التي وصلت إليها الجهات الأخرى للمغرب. وهكذا ومن أجل تقوية البنيات التحتية الاقتصادية والاجتماعية لأقاليم الجنوب من طرق، وموانئ، ومطارات، ومستشفيات، ومدارس، وسكن إلخ تم تعبئة موارد مالية ضخمة تقدر بمئات الملايير درهم ما بين 1976 و2010. ويبلغ الاستثمار العمومي للفرد بهذه الأقاليم معدلا سنويا يفوق 12.820 درهم، في حين لا يتجاوز هذا المعدل على الصعيد الوطني 5.820 درهم. وترتفع الاستثمارات العمومية بمدينة العيون سنة 2010 إلى حوالي 3 ملايير درهم، أي ما يقارب 22٪ من مجموع هذه الاستثمارات داخل الأقاليم الجنوبية. كما بين افتحاص المداخيل العادية لميزانية الدولة، والحسابات الخصوصية للخزينة والمؤسسات العمومية، أن الأقاليم الجنوبية مقارنة مع 62٪ على الصعيد الوطني. ونتيجة لهذا المجهود في ميدان الاستثمار العمومي تحسن مؤشر التنمية البشرية بكيفية ملموسة، إذ قفز هذا المعدل إلى 0,729، أي أعلى مستوى في البلاد إذا استثنينا جهتي «الرباطسلا زمور زعير» والدارالبيضاء الكبرى». 2 حكامة محلية تشكو من عدة اختلالات رغم المجهودات المبذولة من طرف الدولة، ظل الإدماج الاقتصادي والاجتماعي لساكنة الأقاليم الجنوبية ضعيفا بسبب تنامي ديمغرافي سريع لأقاليم الجنوب نتيجة عوامل جاذبية، صنف منها حقيقي ويتعلق بحجم الاستثمارات العمومية والصنف الثاني مصطنع، ويتمثل في نظام الامتيازات الموضوع من طرف الدولة والذي أصبحت تتحكم في تدبيره سلوكات الزبيونية والولاءات المختلفة بعيدا عن أي منطق للاستحقاق أو الشفافية، ونتيجة هذا التزايد بلغت مدينة العيون ساكنة تقدر ب 230.000 نسمة من مجموع ساكنة الجهة الذي يصل إلى 314.000 نسمة جلها شباب. محدودية الحكامة المحلية: تطرح تعبئة الموارد العمومية الضخمة لصالح الأقاليم الجنوبية عدة تساؤلات حول مستوى نجاعتها ومدى تلبيتها للحاجيات الاجتماعية المتصاعدة للساكنة، فرغم تحسن مجمل المؤشرات الاقتصادية والاجتماعية بنسب تفوق المعدل الوطني، يبقى المناخ الاجتماعي متوترا داخل الأقاليم الجنوبية وتعتريه، من حين لآخر، احتجاجات المواطنين التي أدت إلى أحداث العيون. فهذه المفارقة بين حجم الاستثمارات ومستوى المؤشرات المرتفعين من جهة وتصاعد الاحتجاجات الاجتماعية من جهة أخرى تطرح علينا سؤالين جوهرين: 1 ما هي طبيعة الحكامة المحلية التي تحدد تدبير الموارد المرصودة إلى الأقاليم الجنوبية؟ 2 ما هي العوامل الذاتية التي تعوق إدماج المواطنين بالأقاليم الجنوبية في المسار الاقتصادي والاجتماعي التي تعرفه البلاد؟ طبيعة الحكامة المحلية: تطرح تعبئة الموارد الضخمة في الأقاليم الجنوبية عموما ومدينة العيون على وجه التحديد إشكالية نجاعة تدبيرها على المستوى المحلي من أجل تلبية الحاجيات الاقتصادية والاجتماعية للمواطنين، إذ أن القراءة الأولية لبنية الاستثمارات العمومية تبين هيمنة الموارد الموجهة للبنيات التحتية وضعف الموارد التي تهم البرامج الثقافية والاقتصادية من أجل إدماج الشباب. وتبرز لائحة المشاريع المنجزة من طرف الدولة، أو المؤسسات العمومية، أو الوكالة، أهمية الموارد المخصصة للتجهيزات الأساسية. فإذا أخذنا مجمل المشاريع الممولة من طرف الدولة والوكالة مثلا خلال الفترة الممتدة من 2004 إلى 2010، نلاحظ أن 11,7 مليار درهم من أصل مجموع 12,8 مليار، تم اعتمادها في تقوية البنيت التحتية، في حين أن دعم الأنشطة المدرة للدخل والمبادرة الخاصة لا يتجاوز 1 مليار درهم. كما يبدو أن هذه السياسة الاستثمارية للدولة لم ترتكز على تدبير مصاحب للموارد البشرية داخل الإدارة المحلية يمكن من تثمين استعمال هذه الموارد المالية الضخمة. ذلك أن تسيير المرافق العمومية الاقتصادية والاجتماعية الأساسية داخل مدينة العيون يبقى متواضعا نظرا لضعف بعض الكفاءات وغياب سياسة محفزة لمردودية الموارد البشرية داخل الإدارة. وإذا أبرزنا أن هذا الضعف للقدرة المؤسساتية للإدارة قد يزيد حدة إذا ما أخذنا بعين الاعتبار تلاقي بعض المصالح الإدارية المحلية مع مصالح المنتخبين المحليين والأعيان. سنتمكن من فهم الاختلالات التي تحرف مجموعة من البرامج الاقتصادية والاجتماعية عن أهدافها في خدمة الصالح العام، إلى أهداف تخدم مصالح خاصة عبر قنوات الزبونية والولاءات. وفي هذا السياق قد تصبح ميزانيات المجالس المنتخبة، وبرامج الإنعاش الوطني، وبرامج السكن الاجتماعي، وسياسة إنعاش الاستثمار، وبرامج التنمية البشرية، ودعم المواد الغذائية والمحروقات في خدمة مصالح ضيقة للنخب السياسية السائدة وتقصي غالبية المواطنين من الاستفادة من هذه الإجراءات الاقتصادية والاجتماعية للدولة التي كان من المفروض أن تحسن ظروف عيشهم. إن التوزيع غي العادل للمنافع وتخلي الإدارة الترابية في الفترة السابقة عن دورها في تدبير العديد من الملفات (توزيع بطاقات الإنعاش الوطني، التحكم في منح جمعيات المجتمع المدني، وتوجيه الاستفادة في إطار المبادرة الوطنية للتنمية البشرية وتوزيع المواد الغذائية المدعمة) مكن ليس فقط من خلق لوبي قوي وضاغط، بل وصل تأثيره للعديد من المصالح الخارجية للدولة. الشيء الذي خلق جوا من الاحتقان الاجتماعي يغذيه الإحساس بالظلم والتهميش من طرف شرائح عريضة. وهكذا، رغم أهمية حجم ما تم انجازه من سكن منذ 1976 من طرف الدولة في جهة العيون الساقية الحمراء وادي الذهب، أي ما يفوق 44.000 سكن وبقعة أرضية، جلها في مدينة العيون (منها 6777 سكن و28.500 بقعة)، كان أول مصدر للاحتجاجات الاجتماعية المسببة لمخيم «اكديم إيزيك»: توفير السكن الاجتماعي، ويمكن اعتماد نفس الملاحظة فيما يخص الإنعاش الوطني الذي جسد كذلك موضع احتجاج رغم أن المستفيدين حاليا يفوق 11.000 مستفيد، وهنا لابد من القول بأن هناك مجموعة شرائح مكونة لساكنة العيون من بيها سكان مخيمات الوحدة والعائدون وغيرهم قد استفادت على دفعات من السكن في حين بقي جزء كبير من الساكنة الأصلية للعيون خارج الاستفادة من السكن وأيضا من بطائق الإنعاش الوطني. وهنا نفهم أسباب الإحتقان الاجتماعي بمدينة العيون في الأيام الأخيرة، والذي أفضى إلى ما بات يعرف بأحداث العيون الناتجة عن تفكيك مخيم «اكديم إيزيك»، ويمكن الوقوف عند التجاوزات والخروقات بالرجوع إلى تقرير التفتيشية العامة للسكن والتعمير بتاريخ 2009/03/18 (ملحق 9) وتقرير الإفتحاص المعد من طرف شركة العمران بتاريخ يونيو 2009 (ملحق 10). 2 العوامل الذاتية المعيقة لإدماج المواطنين في مسار تنموي حقيقي: تبرز قراءتنا لأنظمة الحكامة المحلية المعتمدة أن استغلال الامتيازات الممنوحة من طرف الدولة خارج منطق الاستحقاق والشفافية أنتج تبعية بعضا من نسيج المجتمع المدني وليس كل المجتمع المدني إلى ثقافة الريع والاتكالية التي بذل أن تخدم قضايا محلية ووطنية وساهم في الدفاع عن القضية الوطنية تخدم مصالح بعض النخب السائدة بالتالي أصبح جزء من النسيج الجمعوي فضاءا متحكم فيه لأغراض لا علاقة لها بالعمل الجمعوي. رصيد وطني يوظف خارج إطاره: من بين الظواهر السلبية التي أفرزتها بعض السياسات العمومية وتدبير جانب من مكونات الطبقة السياسية والنخب للشأن المحلي بروز ما يمكن أن نسميه باعتماد ثقافة المنافع إلى حد الابتزاز، ابتزاز لم تنج منه الدولة نفسها من خلال تضخيم البعض لهاجس الانفصال والتهويل من إمكانياته، وقد تمكنت بعض الزعامات، من استغلال هذا الهاجس واستعماله كوسيلة للاغتناء واحتلال المناصب والتقرب من مراكز القرار السياسي والاقتصادي، في الدولة وفي الأحزاب، دون الانخراط بشكل أعمق في الإشكالات المجتمعية. لقد ألحقت صناعة النخب على هذا النحو المبني على المنافع الشخصية، فضلا عن أنها أسلوبا غير ناجع في التأطير السياسي، ضررا كبيرا بالمشروع الوطني، بالنظر إلى ما حملته من تناقضات وبالنظر إلى تداخل عدة أطراف ومصالح فيها، لقد أتاحت هذه السلوكات لمجموعة من المنتفعين التحول إلى زعامات تستقوي بالمكون الاجتماعي الأساسي في الصحراء، أي «القبيلة» التي يفترض فيها كما كانت أن تظل أداة إسناد للوطن، فإذا بهؤلاء يحولونها إلى أداة للاستقواء على الوطن. لقد شكلت القبيلة في الأقاليم الجنوبية على مدى التاريخ، إطارا وطنيا لمقاومة الغزو الأجنبي ولتجسيد الولاء لسلاطين المغرب ولبناء اللحمة الوطنية من خلال امتداداتها المجالية من الشمال إلى الجنوب، فإذا بالبعض يحاول تحويلها إلى أداة لتخويف الدولة والمزايدة عليها، وجعلها رهينة مطالب بعض الزعامات التي توثر مصالحها الشخصية على مصالح الوطن. وقد وقعت بعض الأحزاب السياسية في هذا الشرك، فعوض أن تتوجه إلى العمق وإلى القواعد، إلى الناس البسطاء وإلى الطبقة المتوسطة وإلى النخب المثقفة النقية، للقيام بدورها الدستوري في التأطير، تعاملت بدورها بنوع من النزعة المصلحية، إن لم نقل الميكيافلية، وتهافتت نحو الزعامات المذكورة، بقصد الحصول على حصتها من الأصوات في كل استحقاق انتخابي. هكذا فقد التأطير معناه الحقيقي والنبيل، واستبدل العمل السياسي الجماهيري العمومي المتواصل واليومي والمرتبط بقضايا الناس وانشغالاتهم، بخرجات مناسباتية فيها الكثير من الشكل والقليل من المضمون والجوهر. فيما الوضع في الأقاليم الجنوبية يستدعي جهودا مضاعفة في التأطير وفتح نقاشات متواصلة سياسية حول القضايا المحلية وخاصة حول حمولات ودلالات مقترح الحكم الذاتي. ولقد أصبحت هذه الظواهر تهدد إفقار الإطار الاجتماعي الأساسي في الأقاليم الجنوبية، أي القبيلة من كل قيم النبل وكل الكبرياء والأنفة التي تميز، دورها الإيجابي. لقد كانت النتيجة هي إضعاف وتبخيس دور الوسائط التقليدية وتبخيس دور المؤسسات المنتخبة من خلال إفراغها من مسؤولياتها وعدم محاسبتها أو تهميش بعضها مما جعلها عرضة للابتذال ومصدر عدم ثقة وتوجس في الحالة التي لا تكون مصدر انتفاع مباشر. لقد كان لنظام الامتيازات والريع انعكاسات على مجموع النسيج الاقتصادي والاجتماعي بهذه المنطقة حيث عمق الفوارق الاجتماعية وساهم في إشاعة ثقافة الربح السريع عوض ثقافة الإنتاج، إنه نظام يناقض أهداف الدولة في التنمية والتضامن والتحديث والانسجام الاجتماعي. دور الإعلام في بروز وعي سياسي وطني وإذا كان الإرهابيون والمخربون قد استهدفوا فيما استهدفوا من منشآت في الطليعة السيطرة على محطة الإذاعة والتلفزة أثناء الأحداث فلسنا في حاجة إلى التذكير بدور الإعلام في ربح المعارك السياسة اليوم. وقد فرض على بلادنا أن تواجه حملت إعلامية مغرضة، ارتفعت حدتها خلال وبعد أحداث العيون، خاصة من جانب الإعلام الجزائري والإسباني بمختلف أصنافه. ولقد استمعت اللجنة للسيد وزير الاتصال وثمنت عمل الحكومة للرد على الحملات المتسهدفة لوحدتنا الترابية إلا أن إدانتنا الكاملة لهذه الحملات التي التقى فيها التغليط واختلاق الأحداث وتأجيج الأوضاع، بالكذب والافتراء، لا يعفينا من مساءلة ذواتنا وضرورة الاعتراف بقصور إعلامنا بمناسبة هذه الأحداث وغيرها، في سياق الدفاع عن حقوقنا الوطنية. ويجب علينا اليوم في قضية وطنية مصيرية التعرض لهذا التطور، والاختلالات الغير المقبولة ونكتفي بثلاثة منها : هناك أولا: تعاطي مناسباتي: فمن التقاليد السلبية التي ورثها إعلامنا العمومي من فترات سابقة تعامله المناسباتي مع الأحداث، واجتراره لنفس الخطاب، إما الممجد السارد للإيجابيات المتغني بالمكتسبات دون تثمينها وإبراز كلفتها وسياقاتها، أو الناقد، وعلى نحو جاف، للانحرافات والسلوكات غير المواطنة والخطابات المسيئة للوطن دون مقارعتها وإخضاعها للتحليل والنقد بالحجج والدلائل والوقائع والأرقام. ثانيا: تعاطي من موقع المدفاع: لقد أثبتت أحداث العيون بأن إعلامنا ليس إعلاما استباقيا. فهو انتظاري ينتظر الحدث وتغطية الحدث والتعليق على الحدث من جانب الآ]رين ليعقب عليه على لسان السياسيين، وحين يكون التعقيب متسمال بترديد الخطاب السياسي يفقد الأداء الإعلامي قوته واستقلاليتها ويصبح أثره ضعيفا ووقعه بعيدا عن المتوخى. وفيما حققنا مكتسبات هامة في مجال الديمقراطية والحرية وحقوق الإنسان، ما يزال إعلامنا يجتر الهاجس الأمني الذي تحكم فيه لسنوات عديدة خاصة في ما يرجع إلى القضية الوطنية وإلا كيف نفهم التعامل الذي تم مع أحداث المخيم وهي تعمر لمدة شهر كامل. نتساءل ما الذي منع إعلامنا العمومي من فتح نقاش حول مخيم اكديم إيزيك في بداية تشكيله. وما الذي منعه من أن يجعل منه قضية رأي عام ويجعل الرأي العام في صورة الذي كان يتم التخطيط له وما الذي منعه من أن يكون هو مصدر الخبر. ثانيا: تغيب النقاش السياسي: ما تحقق من إنجازات ومكاسب في الأقليم الجنوبية مبهر واستثنائي، ولكن تثمينه من جانب الإعلام الوطني لم يكن على النحو الذي ينفذ إلى عمق الأشياء: كيف كانت أوضاع الأقاليم الجنوبية وكم كان دخل المواطن وما هو حجم الإنفاق العمومي في هذه الأقاليم؟ وما هي كلفة النزاع وخلفياته التاريخية والإستراتيجية؟ وما هي متطلبات مجتمع المعرفة والإأعلام في سياق معولم؟ أو ليس هذا هو المدخل إلى إرجاع الثقة إلى الإعلام. رابعا: ضعفنا في مجال الإعلام الالكتروني: وفي المقابل غيبنا دور الإعلام الالكتروني والانترنت في معركتنا من أجل الحقيقة، وهو السلاح الذي استعملته الأطراف الأخرى، وربحت به عطف فئات حسنة النية. إنها ثغرة وقفت عليها اللجنة ونحن مطالبون باستدراكها إذ أن المعارك الحالية، وخاصة المقبلة، في مجال الدبلوماسية والإعلام ستحسم من خلال هذه الدعامات ومن خلال الصورة. توصيات لجنة تقصي الحقائق حول أحداث مخيم "أكديم إيزيك" والعيون انطلاقا من المعطيات التي تجمعت لديها وهي تباشر مهامها سواء على الصعيد المركزي أو في أماكن الأحداث، وأخذا بالاستنتاجات التي توفرت لديها سواء من خلال الشهادات أو الوثائق المحصل عليها وتحليل مضامينها وتجلياتها. واستئناسا بخلاصات تقارير المنظمات الحقوقية المغربية والدولية والتقارير الإعلامية والحقوقية الأخرى وقد اشتغلت على نفس الأحداث. ومن أجل المساهمة في تحسين الحكامة الترابية بالأقاليم الجنوبية تماشيا مع التوجهات الكبرى التي عبر عنها الخطاب الملكي ل 6 نونبر 2010، والتي وضعت خارطة طريق للإصلاحات، ولسياسة ترابية جديدة هادفة إلى إدماج حقيقي ومنتج للساكنة في المسار التنموي للبلاد. فإن لجنة تقصي الحقائق: 1 تؤكد بدءا أن لجوء جزء من ساكنة مدينة العيون إلى أسلوب الاحتجاج السلمي وعن طريق المخيمات كان في منطلقه بريئا وبأهداف اجتماعية صرفة مؤداها ان جزء من الساكنة وقد تعرضوا للحيف الاجتماعي طيلة سنوات، يطالبون الاستفادة من السكن، والتشغيل، وما يعتبرونه امتيازا من قبيل بطائق الإنعاش الوطني. وأن هذه المطالب المشروعة والسلمية سرعان ما تم الالتفاف عليها في صفقة مخطط لها بين مجرمين. وذوي سوابق، ومجموعة من الإرهابيين ذات توجه انفصالي مدعمة من قبل الجزائر لتحويلها إلى حدث يستهدف وحدة المغرب وزعزعة استقراره. 2 إن لجنة تقصي الحقائق المشكلة من قبل مجلس النواب وهي تترحم على أرواح الشهداء الثلاثة عشر من أفراد القوات العمومية الذين ذهبوا غدرا ضحية الأحداث الأليمة وضمنهم اثنين من المدنييين، إذ تثمن عدم استعمال الذخيرة الحية في تفكيك مخيم «اكديم إيزيك» حفاظا على أرواح المدنيين فإنها تسجل في ذات الوقت عدم اتخاذ احتياطات أكبر لضمان السلامة الدنية وضمان الحق في الحياة بالتساوي فيما يتعلق بحماية أرواح أفراد القوات العمومية، وتندد بالأساليب الوحشية من قتل وذبح وتمثيل حقير بجثث الضحايا، وتطالب بأن تأخذ العدالة مجراها عقابا للجناة. 3 إن لجنة تقصي الحقائق أيا كانت طبيعة الاحتجاجات الاجتماعية تعتبر أن إقامة تجمع سكاني للخيام بهذا الحجم وبشكل عشوائي عمل مخالف لمقتضيات القوانين الجاري بها العمل، وان السماح باستمرار المخيم وتوسعه على مدى حوالي الشهر يعتبر خطأ إداريا، واجتماعيا، وسياسيا، يتعين فتح تحقيق بشأنه لتحديد المسؤوليات. 4 إن اللجنة تذكر بخلفيات وأسباب الفعل الاحتجاجي ومضاعفاته الأمنية والاجتماعية والنفسية وتحذر في ذات الوقت بكون أي استغلال سياسي من أي جهة كانت عل حساب قضية مقدسة كالوحدة الترابية يعتبر مرفوضا سياسيا وأخلاقيا ويستحق التحقيق والإدانة بكل قوة. 5 إن اللجنة وقد تأكدت من عدم حدوث أية وفيات خارج ما أعلن عنه رسميا، استنادا لبعض الشهادات لتسجل حدوث تجاوزات محدودة أثناء عمليات البحث والمداهمة في ملاحقة المشتبه فيهم مما يستوجب إيلاء الشكايات المسجلة في الموضوع كامل ما تستحقه من عناية حتى يأخذ القضاء مجراه الطبيعي في إجلاء الحقيقة وتحديد المسؤوليات. 6 إن اللجنة وقد وقفت على الخسائر المادية الجسيمة التي لحقت بالممتلكات لتسجل عدم اقتناعها بتوفر التغطية الأمنية بالعدد الكافي بالعيونالمدينة طيلة صبيحة يوم ثامن نونبر وإلى حدود الساعات الأولى من بعد ظهر نفس اليوم، وتطالب بتعميق البحث والتحقيق في هذه النقطة. 7 إن اللجنة وهي تشجب كل محاولة لاستغلال أحداث الشغب لزرع بدور التفرقة بين سكان المنطقة وقد شكلت بعض الاعتداءات أفعالا انتقائية، لترى أن واجب التضامن الوطني يستوجب المصالحة ونبد التفرقة وتكريس قيم المواطنة والوحدة لقطع الطريق أمام خصوم وحدتنا الترابية وتوصي اللجنة بضرورة المساهمة في تعويض المتضررين من الساكنة والتجار والمستثمرين الذين تعرضت ممتلكاتهم للتخريب. 8 إن اللجنة وقد اطلعت عل مجموعة خروقات في مجالات، السكن، وتدبير الأملاك المخزنية والمحافظة لعقارية والإنعاش الوطني، وامتيازات الصيد البحري، وجميع المواد الاستهلاكية المدعمة الخاصة بجهة العيون بوجدور والساقية الحمراء. لتوصي بفتح تحقيق حول هذه القطاعات لتحديد المسؤوليات. 9 إن لجنة التقصي وقد عمقت البحث حول أبعاد وخلفيات ظاهرة الاحتجاجات الاجتماعية بالمنطقة إذ تثمن عاليا الجهد الذي بذلته بلادنا على مدى خمس وثلاثين سنة عبر تخصيص إمكانيات غير مسبوقة للعملية التنموية بالأقاليم الجنوبية، لتوصي بضرورة مراجعة التوجه التنموي وأسلوب الحكامة المحلية بما يستجيب للحاجيات الجديدة في أفق إدماج عملي للطاقات البشرية الواعدة بالمنطقة وتشجيع استثنائي للاستثمار الخاص من أجل نجاعة تنموية محلية تجعل هدفا لها القضاء على الفوارق والاتكالية، واقتصاد الريع، وفي هذا الإطار توصي اللجنة بضرورة مراجعة النظام الضريبي المعتمد في الأقاليم الجنوبية من أجل عقلنته وسن سياسة تحفيزية حقيقية للاستثمار. 10 إن اللجنة وقد سجلت محدودية التأطير السياسي والحزبي بما لا يتلاءم وحاجيات وخصوصيات المنطقة، لترى أن هذه الأحداث تشكل فرصة لمختلف الأطراف لتقييم أدائها وتؤكد في ذات الوقت عل خطورة توظيف النعرات القبلية باعتبارها مؤججا للفتنة يعصف بقيم المواطنة وأسس العمل الديمقراطي. 11 إن اللجنة وقد استمعت للسيد وزير الخارجية والتعاون بخصوص الإفرازات الدبلوماسية لحادث مخيم «اكديم إيزيك» لتسجل بكل أسف تسرع بعض الأوساط في اتخاذ قرارات جائرة في حق المغرب دون الاطلاع حتى علي المعطيات الحقيقية، وتحمل مسؤولية التقصير للدبلوماسية المغربية بالدرجة الأولى وبشكل مواز لباقي المؤسسات التي يعطيها الدستور حق تمثيل المواطنين. 12 إن اللجنة وهي تعمق البحث حول مدى التجاوزات التي قد تكون حدثت ومدى تقيد السلطات باحترام الضوابط والقوانين ومرجعيات حقوق الإنسان لتثير انتباه المنظمات الدولية لخطورة ما وقع، حيث تم الالتفاف على مطالب اجتماعية لحساب أجندة سياسية خارجية هدفها التفجير العنيف في اتجاه التدويل وإدامة المخيم مما يبرز بجلاء التوظيف الواضح لموضوع حقوق الإنسان في قضية أساسها معاكسة الجزائر للمغرب في وحدته الترابية وليكون ضاغطا، وللأسف تستغل سجلات حقوق الإنسان بعيدا عن أخلاقيات ومستلزمات النضال الحقوقي، وإلا كيف يستصاغ، تحالف من ذوي النزعة الانفصالية مع عصابة من الإرهابيين وذوي السوابق والمهربين ليقوموا بعمليات ذبح وقتل واعتداءات على ممتلكات أبرياء في عملية وحشية لم تقيم أي وزن لحقوق الإنسان. 13 إن لجنة تقصي الحقائق وقد اطمأنت لتفسيرات السيد وزير الاتصال الناطق الرسمي باسم الحكومة بكون عمليات إبعاد بعض الأجانب الذين انتحلوا صفة صحفي هي عملية محدودة وتمت في إطار ما تسمح به القوانين الوطنية وأنها همت فقط هؤلاء الأشخاص والذين لا يخفون انخراطهم في المشروع الانفصالي بخلفيات مجهولة، لتؤكد أن الأصل هو حرية التعبير والحق في الوصول إلى الخبر. وتدعو وزارة الاتصال والسلطات العمومية إلى الحرص علي احترام هذا المبدأ… وفي ذات الوقت فإن اللجنة تندد بالأسلوب اللاخلاقي واللامهني الذي نهجته بعض وسائل الإعلام وخاصة الإسبانية باستعمال أساليب التحريف من قبيل استغلال صور أطفال غزة ضحايا العدوان الإسرائيلي على أنهم أطفال مخيمات صحراوية إضافة إلى صور فاضحة لجرائم الحق العام ندد بها الصحفيون المهنيون أنفسهم تضاف إلى الإدعاءات المغرضة التي تحدثت عن فئات القتلى والجرحى في أحداث العيون والتي أثبتت الوقائع زيفها (ملحق 12). 14 ارتباطا بموضوع الإعلام والاتصال تسجل اللجنة مرة أخرى أنه كان على الإعلام الرسمي أن يحكون في الموعد في موضوع خطير يهم وحدة الوطني حيث تعاملت وسائل الإعلام الرسمية مع أحداث المخيم وكأنها حدث عادي وتوصي في هذا الصدد بإعادة النظر في السياسة الإعلامية الوطنية. خاتمة: هذه خلاصة تقرير لجنة تقصي الحقائق حول الأحداث الأليمة التي كان مخيم «اكديم إيزيك» ومدينة العيون مسرحا لها، والتي كانت لها انعكاسات مؤلمة داخليا، وتم استغلالها في أبشع صورة لدى بعض الجهات خارجيا. لقد حرص التقرير أن ينقل بأمانة جهد كافة مكونات أعضاء اللجنة، تحت ضغط حساسية الحدث وإكراه الزمن، وحرص التقرير على أن ينقل بأمانة ما توصل إليه من نتائج وان ينقل الحقائق والخلاصات بكل موضوعية ووطنية غير مكترث بأية عوامل جانبية. لقد كانت الغاية الأسمى التي خيمت على أشغال اللجنة، هي البحث عن الحقيقة وتقديمها للرأي العام ووضع خلاصاتها وتوصياتها في مكانها الصحيح. إن هذا التقرير بتوصياته الواضحة تضاف إليه الملاحق الاثنى عشر (12) التي أعدتها اللجنة سيوضع في يد أمينة على مسار بلد وشعب، امينة على وحدة أرض وأمة. وأمينة على سيرورة تاريخ المملكة المغربية باعتباره إرثا تاريخيا وحظريا وإنسانيا تناقلت أمانته الأجيال على مدى قرون خلت وتنصهر اليوم في الدفاع عن كينونته مختلف شرائح المجتمع المغربي.. أملنا أإ٫ يكون نواب الأمة بهذا العمل في قدموا خدمة جليلة واسهاما إيجابيا في مسار قضية وحدثنا الترابية التي يلتف حولها كل المغاربة ملكا وشعبا. حرر بالر باط في الساعة الواحدة من صباح يوم الأربعاء 7 صفر 1432 موافق 12 يناير 2011 عن لجنة تقضي الحقائق مقرر اللجنة إمضاء: أحمد الزيدي