حذرت الرابطة المغربية للمواطنة وحقوق الإنسان، من الانتهاكات الصارخة التي يتعرض لها المرضى العقليون والمدمنون بالمغرب، مسجلة تفاقم أوضاع ومعاناة هذه الفئة، جراء الإهمال الرسمي الممنهج وانعدام رؤية صحية وحقوقية متكاملة. وجاء في بلاغ للرابطة أن "الظروف اللاإنسانية التي تحيط بالصحة النفسية في المغرب تنتهك الحق الدستوري في الصحة والكرامة"، معربة عن قلقها من "الخصاص المهول في البنيات التحتية والموارد البشرية".
ورصدت الرابطة الحقوقية، خطورة الوضع والذي كشفته الأرقام الرسمية، التي تحدثت، عن توفر 2260 سريراً فقط للطب النفسي، بمعدل لا يتجاوز 6.64 سرير لكل 100 ألف نسمة، مؤكدة أن الرقم مهول، في ظل وجود 655 طبيبا نفسيا فقط على الصعيد الوطني، بينهم 37 طبيبا فقط في القطاع العام. وأضافت الهيئة الحقوقية، أن ميزانية الصحة النفسية لا تتجاوز 6% من الميزانية العامة لقطاع الصحة، "في وقت تغيب فيه مراكز الإيواء المخصصة لهذه الفئة، مع محدودية الاستجابة في العديد من المدن الكبرى والجهات الجنوبية، وهو ما يفاقم هشاشة المرضى ويعرضهم للإقصاء والتشرد". ورصدت الرابطة، تأخر فتح مستشفى الأمراض العقلية بمدينة القنيطرة رغم انتهاء الأشغال به منذ مدة"، مشددة على أن "هذا التأخر ساهم في تفاقم معاناة الأسر التي تجد نفسها عاجزة عن توفير الرعاية لأبنائها المرضى، واضطرت في حالات عديدة إلى التنقل لمسافات طويلة دون جدوى". كما شددت الرابطة، على أن "هذا الوضع أدى إلى انتشار عدد من المرضى العقليين في شوارع مدينة القنيطرة دون مأوى أو رعاية، مما يشكل خطرا على أنفسهم وعلى المواطنين"، خاصة في غياب أي تدخل فعلي من طرف الجهات المسؤولة لتأمين حقهم في العلاج والحماية كما تفرضه المواثيق الوطنية والدولية. وعبرت الهيئة الحقوقية عن استنكارها، واقعة رفض استقبال مريض في حالة نفسية حرجة بمستشفى إنزكان، ينحدر من مدينة الوطية بإقليم طانطان، مشيرة إلى أن هذه الحادثة تجسد هشاشة المنظومة الصحية في الاستجابة للحالات العاجلة، وتكشف غياب النجاعة والتكافؤ في الولوج إلى العلاج والرعاية النفسية. وأكدت الرابطة، على ضرورة التدخل العاجل لمعالجة هذه الاختلالات، وتعزيز البنية الصحية والعلاجية الخاصة بالصحة النفسية والعقلية، بما يضمن الحد من التهميش ويفي بحقوق هذه الفئة وفقًا لما ينص عليه الدستور والمواثيق الدولية ذات الصلة. مطالبة وزير الصحة والحماية الاجتماعية، أمين التهراوي، بتحمل مسؤوليته كاملة، واتخاذ قرارات شجاعة ومستعجلة من أجل إنصاف هذه الفئات الهشة، وصون كرامتها، وضمان حقها في العلاج والرعاية، وذلك بهدف إعادة الثقة في الدولة ومؤسساتها لدى من طالتهم الهشاشة والتهميش.