تشهد أسعار المواد الأساسية ارتفاعا ملحوظا في الأسواق، ويشمل ذلك منتجات من قبيل اللحوم والخضر والفواكه والسمك والبيض، وأخرى يزيد الإقبال عليها خلال شهر رمضان، وهو ما خلف استنكارا واسعا وسط المواطنين، بدأ يتحول إلى دعوات للمقاطعة. وتشير أصابع الاتهام أساسا في غلاء الأسعار إلى "التجار" المضاربين والمحتكرين وإلى اختلالات السوق، وهو ما تقر به الحكومة، وتوالت بشأنه البلاغات الاستنكارية من هيئات حقوقية وسياسية ونقابية. وتجد هذه الاختلالات بيئة مناسبة في ظل ضعف المراقبة من طرف السلطات المختصة، وغياب الوعي الاستهلاكي لدى المواطنين.
وعلى غرار التأكيد الحكومي، أبرز بوعزة الخراطي رئيس الجامعة الوطنية لحماية المستهلك أن العرض من المنتوجات الأساسية متوفر بشكل جيد بمختلف الأسواق، إلا أن الأسعار تعرف ارتفاعا إضافيا ما بين 2% و6% خلال هذه الفترة، يدعمه تهافت المواطنين. وانتقد الخراطي سلوك المستهلك المغربي الذي يميل نحو اقتناء نفس المنتجات في نفس الفترة وبكميات كبيرة، ما يفتح الباب أمام الباعة لرفع الأسعار، بحكم أن السوق حرة، وتخضع لقاعدة العرض والطلب. واعتبر الخراطي في تصريح لموقع "لكم" أن هذا السلوك المتهافت للمواطنين قبيل شهر رمضان وخلاله، يكون له انعكاس على جيوبهم، داعيا إلى اقتناء المنتجات بما يفي بالحاجة وليس أكثر من ذلك، وترشيد السلوك الاستهلاكي، وهو ما من شأنه أن يساهم في تراجع الأسعار. وإذا كان سلوك المستهلك يساهم في الغلاء، فإن ضعف المراقبة وفشل السياسات الحكومية تعد أهم أسباب لهيب الأثمان، وقد اعتبر الخراطي أن ما تم اتخاذه من إجراءات وإعفاءات ضرببية بخصوص اللحوم الحمراء لم يكن لها أي وقع على المستهلك، وكانت بدون نتائج تذكر على المواطنين. وفي الوقت الذي يتم فيه دعم استيراد اللحوم الحمراء من الميزانية العامة دون أن يتحقق غرض خفض الأسعار، دعا الخراطي إلى تحديد سعر هذه المادة، من خلال إعمال المادة 4 من قانون حرية الأسعار والمنافسة الذي يعطي للحكومة الحق في تحديد الأثمان. وتواجه حكومة أخنوش انتقادات لاذعة بسبب الغلاء، ولا تقتصر هذه الانتقادات على أحزاب المعارضة والهيئات النقابية والمدافعة عن حقوق المواطن، بل يتعدى الأمر ذلك، حيث تطال الحكومة الانتقادات من طرف الأحزاب المكونة لها، بل ومن طرف وزراء داخلها، كان آخرهم نزار بركة الذي استنكر الغلاء والممارسات المخالفة. ومع عودة النقاش حول الغلاء لتسيد الفضاء العمومي، مدفوعا بغلاء الأسماك، والمقاطع المصورة لبائع السمك في مراكش "عبد الإله"، بدأت تتناسل على مواقع التواصل الاجتماعي دعوات "المقاطعة" احتجاجا على الغلاء والجشع وغياب المراقبة والزجر. ويتداول رواد مواقع التواصل الاجتماعي تدوينات تستنكر الغلاء، مصحوبة بوسم "المقاطعة" في دعوات متفرقة، منها ما يدعو للاقتصار على الأسماك إلى حين رجوعها لأسعار تناسب جيوب المغاربة، ومنها ما يدعو لمقاطعة تشمل كل المنتجات "الغالية"، بما في ذلك اللحوم والبيض والدجاج وغيرها. وإذا كانت دعوات المقاطعة تعبر عن احتجاج المغاربة على الغلاء وغضبهم من الممارسات الجشعة، فإن العديد من الأصوات لا تنفك تحذر الحكومة، ومنذ أشهر، من تزايد الاحتقان الاجتماعي، بسبب لهيب الأسعار وانهيار القدرة الشرائية في ظل تفشي البطالة والفقر وضعف الثقة، وتدق ناقوس الخطر إزاء تبعات ذلك على السلم الاجتماعي.