صوّت الفريق الاشتراكي للمعارضة الاتحادية ضد مشروع القانون التنظيمي رقم 97.15 المتعلق بتحديد شروط وكيفيات ممارسة حق الإضراب، مشيراً إلى مجموعة من الإشكاليات الشكلية والموضوعية التي دفعت إلى هذا الموقف. وقال سعيد بعزيز، رئيس لجنة العدل والتشريع بمجلس النواب، في تصريح لموقع "لكم"، إن قرار التصويت بالرفض استند إلى غياب التوافق والحوار الجدي مع مختلف الشركاء الاجتماعيين.
أكد بعزيز أن الحكومة لم تلتزم بوعودها المتعلقة بفتح حوار جدي ومسؤول مع مختلف الشركاء الاجتماعيين قبل تقديم المشروع. وأضاف قائلا: "كنا ننتظر مشروع قانون متوافق عليه باعتباره قانوناً مجتمعياً يمس جميع فئات المجتمع، سواء الثلاثية التي تتكون منها المنظومة (المجتمع، المشغل، الأجير) أو باقي الفئات غير المعنية بشكل مباشر." واستدرك القيادي في حزب "الاتحاد الاشتراكي" قوله: "إلا أن الحكومة قدمت المشروع بشكل سريع في نهاية الدورة البرلمانية السابقة، وأعادت مناقشته في توقيت ضيق متزامن مع مناقشة مشروع قانون المالية لعام 2025، مما عرقل النقاش الجدي حوله." من الناحية الموضوعية، أوضح بعزيز أن الفريق الاشتراكي يعارض تجريم ممارسة حق الإضراب المكفول دستورياً. وأشار إلى أن الحكومة حذفت العقوبات السالبة للحرية من المشروع لكنها أبقت على الغرامات المالية، واصفاً ذلك بأنه تناقض مع روح الدستور. وتابع قائلا: "لا يجوز أن يُجرّم حق دستوري بالغرامات المالية. هذا تراجع عن المكتسبات الدستورية والحقوقية، خاصة أن الحكومة لم تأخذ بعين الاعتبار توصيات الهيئات الدولية مثل لجنة الحريات النقابية بمنظمة العمل الدولية، ولا مواقف المؤسسات الدستورية الوطنية كالمجلس الوطني لحقوق الإنسان والمجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي." واعتبر بعزيز أن المشروع لم يوسع من قاعدة الحرية في ممارسة الإضراب، بل ظل المجال ضيقاً أمام العديد من الفئات. وأشار إلى أن الحكومة استجابت لبعض المطالب، مثل السماح بالإضراب السياسي والتناوبي والتضامني، لكنها لم تذهب بعيداً في ضمان الحريات النقابية. ومن القضايا الخلافية الأخرى التي أثارها بعزيز ما يتعلق بمفهوم "عرقلة حرية العمل". وأوضح أن هذا المصطلح يُستخدم كسلاح فضفاض يمكن أن يُسيء تفسيره، مشيراً إلى أن الحكومة لم تحدد بدقة ما يُقصد ب"أماكن العمل"، وهي مسألة تحتمل عدة أوجه. وقال: "طلبنا من الحكومة أن تعتمد على القواعد العامة للقانون لتحديد هذه الأمور، وترك مجال متابعة المخالفات ضمن أحكام القانون الجنائي. لا حاجة لإعادة صياغة هذه المخالفات في إطار القانون التنظيمي للإضراب." وأضاف أن العقوبات المتعلقة بالعنف أو التهديد أو الأفعال الأخرى المنصوص عليها في القانون الجنائي كافية، ولا ضرورة لإدخالها في قانون الإضراب. وأوضح بعزيز أن الفريق الاشتراكي يعتزم رفع تعديلات على المشروع خلال الجلسة العامة، مشيراً إلى أن بعض النصوص القانونية القديمة لا تزال تعرقل حرية العمل النقابي. وتساءل مستنكرا: "هل يعقل أن نبقى ملتزمين بالفصل الخامس من مرسوم 1958 المتعلق بالانتماء النقابي للموظفين؟ وهل من المنطقي أن نحتفظ بالفصل 288 من القانون الجنائي المرتبط ب'عرقلة حرية العمل' ضمن الترسانة القانونية الحالية، رغم تعارضها مع المستجدات الدستورية والحقوقية؟"