نبهت الجمعية المغربية لحقوق الإنسان الحكومة إلى أن المغاربة الأمازيغ عموما، وخاصة في العديد من المناطق الجبلية وشبه الصحراوية، يعيشون في عزلة مفروضة وغير إرادية، ويحيون على مآسي الفقر والبطالة والجوع والعطش وسوء الخدمات الاجتماعية كالصحة والتعليم، وغياب البنيات التحتية وتدهور القدرة الشرائية. وسجلت الجمعية في رسالة مفتوحة بمناسبة اليوم الدولي للشعوب الأصلية أن هذا الحرمان والتدهور، مرده إلى السياسات المجالية التمييزية تجاه سكان المناطق النائية، وما اصطلح عليه الاستعمار الفرنسي بالمغرب غير النافع، التي تعتمد على نزع الأراضي ونهب الثروات واستثمار ميزانية الخزينة العامة في جهات ترابية دون أخرى، خدمة لمصالح طغمة من الأغنياء والمستفيدين من الريع والامتيازات.
وتوقفت الجمعية على أن الحكومة تتخذ من القمع منهجا لفرض خياراتها المملاة من الدوائر الإمبريالية، وتشجع الريع، وتغض الطرف عن الفساد، وتضع الخطط "المنمقة" التي أكد الواقع فشلها وارتباطها بمصالح بعض ذوي الحظوة، ورعايتها لبعض الدوائر المالية الخارجية التي تخدم مصالح القوى الاستعمارية، ولا علاقة لها بسياسات تراعي حاجيات المواطن ومصلحة الوطن. ودعت الجمعية الدولة المغربية إلى الالتزام بما تتم المصادقة عليه من الوثائق الأممية في مجال حقوق الإنسان، والعمل على تفعيل التوصيات الصادرة من مختلف المؤسسات الأممية ذات الصلة باحترام وحماية وتعزيز حقوق الإنسان المتعارف عليها أمميا، كما جاء في ديباجة الدستور، واتخاذ التدابير الضرورية لحماية أشكال التنوع الثقافي التي تزخر بها البلاد، ومحاربة كل ما يهددها بالزوال والاندثار، لما لها من ارتباط وثيق بالتنمية ودورها في محاربة الفقر والتخلف، ولما تشكله من مصدر للثراء المادي وغير المادي. وطالبت بتفعيل التوصيات الصادرة من هياكل الأممالمتحدة في مجال حقوق الإنسان، وآخرها تلك الصادرة من لجنة مناهضة جميع أشكال التمييز العنصري ومن بينها؛ حماية الأمازيغ من مصادرة أراضيهم ومن التهجير القسري، ولا سيما النساء "السلاليات"، وإعادة الأراضي المصادرة، وضمان الحق في الانتصاف وولوج الضحايا إلى العدالة، مع تفعيل المنهجية التشاركية عبر إجراء مشاورات فعالة مع المعنيين قبل الترخيص بأي مشروع تنموي أو استغلال للموارد الطبيعية من شأنه أن يؤثر على أراضيهم. ومن جملة التوصيات التي دعت الجمعية إلى الالتزام بها؛ إجراء تحقيقات في جميع حالات الاستخدام المفرط للقوة من قبل الموظفين المكلفين بإنفاذ القانون ضد النشطاء الأمازيغ والمدافعين عن حقوق الإنسان والمتظاهرين، وضمان محاكمة المسؤولين عن ذلك، واستفادة الضحايا وأسرهم من التعويض المناسب، واتخاذ تدابير لاعتماد تشريعات محددة بشأن تعزيز وحماية المدافعي عن حقوق الإنسان، وتدريس اللغة الأمازيغية في جميع المراحل التعليمية. وعبر حقوقيو الجمعية عن انشغالهم المتواصل بما يتم إصداره من قوانين ومراسيم تطبيقية منافية لما تنص عليه المراجع الأممية في مجال حقوق الإنسان، ولا تراعي البعد الحقوقي ولا تستحضر الالتزامات الأممية للمغرب؛ كما هو حال قانون "الترحال الرعوي وتهيئة وتدبير المجالات الرعوية والمراعي الغابوية"، والقانون الخاص بالوصاية الإدارية على الجماعات السلالية وتدبير أملاكها، وغيرها. وأعرب ذات المصدر عن تخوفه من استمرار سياسة التماطل والتجاهل إزاء تفعيل الطابع الرسمي للغة الأمازيغية، بصفتها القاعدة والأصل في احتضان التنوع الثقافي، ورفع التهميش والإقصاء الممارس على المكون الأمازيغي. وانتقدت الجمعية عدم الحرص على الوقاية من المواقف العنصرية التي يتم الترويج لها عبر بعض وسائل الإعلام الرسمية والعديد من الدعاة الذين يستغلون الدين لتزوير التاريخ وطمس الهوية الحقيقية والأصيلة للشعب المغربي، مما يستدعي إعادة النظر في مناهج تدريس تاريخ الشعب المغربي وحذف كل ما يشوبه من أكاذيب ومغالطات، والقيام بحملة إعلامية للرقي بالوعي به. وخلص البلاغ إلى المطالبة باتخاذ الاجراءات الفعلية لترسيم اللغة الأمازيغية وجعلها لغة لها وجود في الفضاءات العمومية ورفع كل أشكال التمييز في حقها، والعمل على مراجعة المقررات الدراسية في مجال التاريخ بما يعيد للذات المغاربية شخصيتها المستلبة والاهتمام بالمآثر التاريخية وحمايتها، ومراجعة القوانين التي لا تستحضر البعد الحقوقي، والاستجابة للمطالب المتعلقة بإطلاق سراح جميع معتقلي الرأي والتعبير، وفي مقدمتهم معتقلو حراك الريف، والإسراع بتصفية ملف الاعتقال السياسي.