شدّد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو الأربعاء أمام الكونغرس الأميركي المنقسم حيال الحرب في غزة، على أن "انتصار" إسرائيل سيكون أيضا انتصارا للولايات المتحدة، داعيا البلدين إلى "البقاء متّحدين" بعد تسعة أشهر على اندلاع النزاع الأخير مع حركة حماس. وقال نتانياهو على وقع تصفيق حار في الكونغرس "لكي تنتصر قوى الحضارة يجب أن تبقى الولاياتالمتحدة وإسرائيل متحدتين".
وأضاف "في الشرق الأوسط يواجه محور الإرهاب بقيادة إيران، أميركا وإسرائيل وأصدقاءنا العرب. هذا ليس صراع حضارات. إنه صراع بين الهمجية والحضارة". وصفّق الجمهوريون وقوفا لنتانياهو عشرات المرات خلال الخطاب الذي قاطعه أكثر من 60 مشرعا ديموقراطيا بينهم رئيسة مجلس النواب السابقة نانسي بيلوسي. موقف هؤلاء يأتي احتجاجا على طريقة إدارة نتانياهو للحرب في غزة حيث قتل 39145 شخصا، معظمهم مدنيون ولا سيما من النساء والأطفال، وفق أرقام وزارة الصحة التابعة لحماس في القطاع. وتجمّع آلاف المتظاهرين أمام الكونغرس احتجاجا على خطاب نتانياهو وللمطالبة بوقف النار في غزة. ورفعت لافتات تحضّ الولاياتالمتحدة على "وقف المساعدات الأميركية لإسرائيل" وتصف نتانياهو بأنه "مجرم حرب". وقال نتانياهو متوجّها إلى المحتجين على الحرب في غزة "عندما يعمد طغاة طهران الذين يشنقون المثليين من على رافعات ويقتلون النساء لعدم تغطيتهن شعرهن، إلى الإشادة بكم والترويج لكم وتمويلكم، تكونون قد أصبحتم رسميا أغبياء تستفيد منكم إيران". تحية لترامب وحضّ نتانياهو الولاياتالمتحدة على رفع تجميدٍ تفرضه على حزمة مساعدات عسكرية لإسرائيل، مشيرا إلى أن غزة ستكون منزوعة السلاح و"خالية من المتطرفين" بعد انتهاء الحرب، مبديا "ثقته" بأن الجهود التي تبذل من أجل الإفراج عن الرهائن المحتجزين لدى حركة حماس ستُثمر. وقال أمام الكونغرس بحضور الرهينة السابقة نوعا أرغاماني البالغة 26 عاما "أنا واثق بأن هذه الجهود ستتكلل بالنجاح"، موجّها الشكر إلى الرئيس جو بايدن على "جهوده الحثيثة" من أجل الإفراج عن الرهائن. وشدّد على أن "انتصار" إسرائيل سيكون انتصارا للولايات المتحدة، وقال "نحن لا نحمي أنفسنا فقط. نحن نحميكم... أعداؤنا هم أعداؤكم، معركتنا هي معركتكم، وانتصارنا سيكون انتصاركم". إلى ذلك، لفت نتانياهو إلى أن اسرائيل "ستقوم بكل ما ينبغي" لضمان أمن حدودها الشمالية، حيث يستمر تبادل القصف بين الجيش الإسرائيلي وحزب الله اللبناني المدعوم من إيران. وهذه هي المرة الرابعة – وهو رقم قياسي بالنسبة إلى زعيم أجنبي – التي يخاطب فيها نتانياهو الكونغرس، وهو أمر عادة ما يكون مخصصا للقادة الذين يُجرون زيارات دولة. ويلتقي رئيس الوزراء الإسرائيلي الخميس في البيت الأبيض الرئيس جو بايدن الذي تربطه به علاقة متقلبة. أما نائبة الرئيس كامالا هاريس فغابت الأربعاء عن الكونغرس متذرعة بضيق الوقت، على الرغم من أنها هي من يجب أن يرأس الجلسة وفق البروتوكول. وأعلن مكتب هاريس الثلاثاء أنها ستلتقي نتانياهو "هذا الأسبوع"، في لقاء "منفصل" عن لقائه ببايدن. وردا على ذلك قال متحدث باسم الحكومة الإسرائيلية إن الخطاب "أهم من أي شخص". وسيزور نتانياهو الجمعة الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب، المرشح للرئاسة، في دارته في فلوريدا، بدعوة منه. وفي خطابه أمام الكونغرس قال نتانياهو "أحرص على شكر الرئيس ترامب على كل ما فعله لإسرائيل. من الاعتراف بسيادة إسرائيل على مرتفعات الجولان، إلى مواجهة عدوان إيران، إلى الاعتراف بالقدس عاصمة لنا ونقل السفارة الأميركية إلى هناك". "إدارة مدنية" في غزة وتتسبب زيارة نتانياهو الذي وصل إلى واشنطن الاثنين في إحداث فوضى لا تنحصر فقط في شوارع العاصمة. وتأتي الزيارة في خضم اضطرابات سياسية تشهدها الولاياتالمتحدة بدأت بمحاولة اغتيال ترامب وانسحاب بايدن من السباق إلى البيت الأبيض ودخول نائبته على الخط، ساعية إلى الحصول على ترشيح الحزب الديموقراطي لانتخابات نوفمبر. والولاياتالمتحدة هي الحليف الأول والداعم العسكري الرئيسي لإسرائيل. لكن إدارة بايدن أبدت انزعاجها في الأشهر الأخيرة من تداعيات رد إسرائيل على هجوم 7 تشرين الأول/أكتوبر الذي أشعل الحرب في غزة، وتصر على حماية المدنيين ودخول المساعدات الإنسانية. وتطرّق نتانياهو خلال خطابه إلى مرحلة ما بعد الحرب في غزة، وقال "بعد انتصارنا، بمساعدة شركائنا الإقليميين، فإنّ غزة منزوعة السلاح وخالية من المتطرفين يُمكن أيضا أن تُفضي إلى مستقبل من الأمن والازدهار والسلام. تلك هي رؤيتي حيال غزة". وأضاف "يجب أن تكون لغزة إدارة مدنية يديرها فلسطينيون لا يسعون إلى تدمير إسرائيل". وأشار إلى أن إسرائيل لا تسعى إلى إعادة وضع غزة تحت سيطرتها "لكن في المستقبل المنظور، يجب أن نحتفظ بسيطرة أمنية عليا هناك لمنع عودة الإرهاب، وضمان ألا تشكل غزة مجددا تهديدا لإسرائيل". لكن نتانياهو لم يُشر أبدا خلال خطابه إلى دولة فلسطينية يُعارض بشدّة قيامها. وعلى هذا الصعيد، تبقى الهوة كبيرة بين الولاياتالمتحدة وإسرائيل.