لم أستطع رفقة عشرات المحللين و الملاحظين و المتابعين إلى يومنا هذا هضم حدث مروحية الرئيس الإيراني و مرافقيه رحمهم الله ، فلا يمكن البث القبول بالرواية " المناخية" لأن المروحيات المرافقة خرجت من الرحلة سالمة هذا أولا، و الأكيد أنها تشبه في "غياراتها" و " معاييرها" مروحية الرئيس، و إن كانت هناك تصريحات تم نسبتها للرئيس الروسي ، تقول بأن المروحيتين المرافقتين روسية الصنع و لذلك نجت، و لم يتسنى لي التأكد من صحة هذا التصريح، ومهما يكن لماذا كانت مروحية الرئيس الإيراني إستثناءا؟ و هل عجزت إيران بالفعل عن توفير طائرات رئاسية رغم العقوبات الاقتصادية أي من خلال السوق السوداء مثلا، أو من حلفاءها التقليديين الصين و روسيا؟ و هل روسيا و الصين عاجزتان عن توفير مروحيات أمنة لرئيس أبرز حليف لهما بالشرق الأوسط؟ على غرار ما تفعل أمريكا مع حليفها الإستراتيجي في الشرق الأوسط الكيان الصهيوني ، الذي تزوده بأخر "صيحات " المعدات العسكرية و التكنولوجية..!! لكن السؤال المطروح و الذي أحاول أن أجد له إجابة: ماذا لو كان إسقاط المروحية بفعل فاعل؟ و ليس الفاعل إيرانيا ، بمعنى أن ندع رواية الخلاف الداخلي جانبا و أن نبحث عن المستفيد الأكبر من عملية السقوط أي الولاياتالمتحدةالأمريكية و إسرائيل ..و إذا كان الأمر على هذا النحو، فإن ما حدث بمثابه إعلان حرب عالمية ثالثة وأخيرة ..فمن من القوى الدولية المتنافسة قادر على خوضها وتحمل تبعاتها؟ ولسنا بصدد الجزم بأن هذا الحادث مدبر، فمن المحتمل أن تكون الرواية الرسمية صحيحة، لكن لنفترض أن الحدث من تدبير جهة أجنبية، فهل باستطاعة إيران إعلان ذلك؟ ومارد فعل حلفاءها؟ استعدادات لتوسيع دائرة المواجهة: وسننطلق في تحليلنا من فرضية أن الحدث مدبر من جهة ما، وصك الإشتباه "من المستفيد؟" ، وللإستدلال على أن الرواية "المناخية" لا تفي بالغرض سأحاول الاعتماد على جملة من المؤشرات والأحداث التي أعقبت حادث سقوط الطائرة ..فالتحركات و القرارات التي أعقبت حادث السقوط تؤكد وجود استعدادات لتوسيع دائرة المواجهة بين الشرق والغرب .. وحتى نفهم الصورة علينا الربط بين الخيوط وتحليل الأحداث والقرارات المتخذة في الأيام الماضية من طرف حلفاء إيران : الصين و تايوان: لقد شرعت الصين قبل يومين و تحديدا يوم 23-05-2024 في إجراء مناورات عسكرية دامت يومين وهدفها محاكاة "غزو تايوان"، حيث طوقت الجزيرة بسفن وطائرات حربية معتبرة ذلك "عقوبة" على "أعمال انفصالية"، وذكرت وكالة شينخوا الصينية الرسمية أن الجيش الصيني "بدأ مناورات عسكرية مشتركة حول جزيرة تايوان اعتبارا من الساعة 7:45 من صباح الخميس (23:45 بتوقيت غرينيتش)"، مضيفة أن المناورات تجري في مضيق تايوان وفي شمال الجزيرة وجنوبها وشرقها"، في حين نشرت تايوان قوات في مناطق حول الجزيرة بعد بدء الصين هذه التدريبات ووصف الجيش الشعبي هذه المناورات بأنها "عقاب قوي" على "الأعمال الانفصالية" للجزيرة المتمتعة بالحكم الذاتي.. وأضافت الوكالة أن المناورات التي "تجري يومي الخميس والجمعة وتحمل اسم "السيف المشترك" سوف تركز على "الاستعداد القتالي لدوريات بحرية جوية مشتركة (...) وتوجيه ضربات دقيقة مشتركة على أهداف رئيسية". وأوضح خبراء عسكريون تايوانيون، أن مناورات الخميس" تحاكي لأول مرة هجوما واسع النطاق، وليس حصاراً اقتصادياً..وجرت التدريبات في جميع أنحاء الجزيرة الرئيسية، ولأول مرة استهدفت أيضاً جزر كينمن و ماتسو و كيو و دونغين التي تسيطر عليها تايبيه والتي تقع بالقرب من الساحل الصيني، وفقاً للخرائط الصادرة عن جيش التحرير الشعبي الصيني.." روسيا و بريطانيا : فيما اشتركت روسيا الحليف الاستراتيجي لإيران، في تهديد بريطانيا بضربها داخل أوكرانيا أو خارجها، فقد قالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الروسية "ماريا زاخاروفا" يوم الخميس 23-05-2024، إن موسكو سترد بضرب أهداف بريطانية إذا استخدمت أوكرانيا أسلحة بريطانية في ضرب مناطق روسية.. وأضافت للصحفيين أن أهدافاً بريطانية "داخل أوكرانيا وخارج حدودها" يمكن أن تتعرض لضربات في مثل هذا السيناريو. وهذا التهديد تكرار لتحذير سابق أطلقته موسكو في وقت سابق من هذا الشهر، بعد أن قال وزير الخارجية البريطاني ديفيد كاميرون إن أوكرانيا لديها الحق في استخدام الأسلحة التي زودتها بها لندن في ضرب أهداف داخل روسيا.. وقد أثار ذلك غضب روسيا، وقالت إن هذا التصريح من بين الأسباب التي دفعتها لإجراء تدريبات يوم الثلاثاء 21 من الشهر الجاري، لمحاكاة إطلاق صواريخ نووية تكتيكية… المقاومة في غزة تصعد من عملياتها النوعية و الكمية: المقاومة في غزة و بعد مرور أزيد من 230 يوم على عملية طوفان الأقصى، لازالت تحتفظ بأوراق ضغط سياسية على درجة كبيرة من الأهمية، والتي تضع صورة الكيان وجيشه في موضع لا يحسد عليه .. ففي ذات اليوم الذي نفذت فيه الصين مناورتها العسكرية بأطراف تايوان، وصعدت فيه روسيا من لهجتها وتهديدها لبريطانيا، كشفت كتائب القسام، الجناح العسكري لحركة حماس، للمرة الأولى عن أسرها قائد اللواء الجنوبي في فرقة غزة بالجيش الإسرائيلي "أساف حمامي" وقالت في مقطع مصور نشرته عبر منصة تلغرام الخميس 23-05-2024 : "اللواء أساف حمامي قائد اللواء الجنوبي في فرقة غزة، تم أسره في 7 أكتوبر، وتعرّض لإصابة أثناء اعتقاله" وفي ذات المقطع، وجهت القسام تساؤلا مفتوحا عن "مصير حمامي"، في ظل إصابته في هجوم 7 أكتوبر..وأضافت مستنكرة موقف حكومة بنيامين نتنياهو من "قيادة تترك قادة جيشها في الأسر!!" والجدير بالذكر أن الكيان الصهيوني قد أعلن في 2 دجنبر 2023 "إن العقيد أساف حمامي (41 عاما) قائد اللواء الجنوبي بفرقة غزة، من كريات أونو (وسط)، قُتل في 7 أكتوبر/تشرين الأول، وتم الاحتفاظ بجثمانه في قطاع غزة".، كما أخطر جيش الاحتلال أسرة العقيد بذلك، بل و أقيمت له جنازة رمزية في إحدى مقابر "تل أبيب" ، بحضور كبار القادة العسكريين و السياسيين… أذرع المقاومة في لبنان و اليمن و العراق تصعد هذا فضلا عن باقي تحركات أذرع المقاومة المدعومة من إيران، في سورياوالعراقولبنان.. فقد أعلن حزب الله يوم الجمعة 24 ماي 2024 استهداف قواته لثكنات جيش الاحتلال وأن المسيرات القادمة من جنوب لبنان تسببت في وقوع قتلى في صفوف الكيان، كما توعد الأمين العام لحزب الله إسرائيل ب"مفاجئات" ردا على تصريحات للمجرم المبحوث عنه دوليا "نتن ياهو" الذي قال أن هناك خططا مفاجئة تتعلق بجبهة جنوب لبنان، و أكد حسن نصر الله بمناسبة حفل تأبني للراحل رئيسي أن "نتن ياهو " عليه أن ينتظر المفاجئات من المقاومة … ومن جهة أخرى، أعلنت جماعة الحوثي في اليمن والمتحالفة مع إيران يوم الجمعة 24 ماي 2024 «شن هجمات على ثلاث سفن في البحر الأحمر والبحر المتوسط وبحر العرب، لكن الشركة المشغلة للسفينة التي زعمت الحركة استهدافها في البحر المتوسط قالت إنه لا يوجد ما يشير إلى وقوع مثل هذا الحادث.. وهذه الواقعة هي الأحدث في سلسلة الهجمات المستمرة منذ أشهر التي يشنها الحوثيون على سفن الشحن في إطار حملة تضامن مع الفلسطينيين خلال الحرب الإسرائيلية في غزة. أما في العراق، فقد تحدثت فصائل المقاومة الإسلامية المدعومة من الحرس الثوري الإيراني عما سمته عملية "اغتيال"..و لعل هذه الفصائل لديها معلومات "وثيقة" و غير متاحة للعموم ، تم الحصول عليها من داخل الحرس الثوري الإيراني في إيران.و هذا الطرح هو ما عبر عنه "حزب الله العراقي " الذي صرح بأن "هناك معطيات سياسية ترجح نظرية المؤامرة والاغتيال للرئيس الإيراني".. ماذا بعد؟ فهل بعد كل هذه الأحداث و التصريحات التي تزامنت مع وفاة الرئيس الإيراني و مرافقيه، ستبقى وسائل الإعلام الإيرانية متمسكة بسردية المناخ وصعوبة تضاريس المنطقة وتقادم طائرة الرئيس وما إلى ذلك من المبررات التي نرى أن الأحداث على الأرض تؤكد أن ما حدث هو عملية اغتيال و هناك "أيادي خفية" خططت ونفدت، خاصة وأن عمليات الاغتيال من هذا النوع متكررة في إيران وغيرها، وتم نسبتها للمناخ والأعطال التقنية؟ وتبعا لتسارع و تسلسل الأحداث والتصريحات التي سردناها أعلاه يمكن القول أن المحور الروسي الصينيالإيراني يعلن جهوزيته للرد على تغول الحلف الأمريكي-الأطلسي-الصهيوني.. وكنت أود أن أقول المحور الأروبي لكن واقع الحال يؤكد على أن أروبا تعيش على صفيح ساخن وفي مفترق طرق، وبدأت الكثير من بلدانها الفاعلة والمؤثرة تنزل من سفينة الحلف الصهيو -أمريكي ، و محاولة أخذ "مسافة أمان" من هذا الصراع الذي ينذر بحرب عالمية لا تبقي ولا تذر ، وبطوفان لا يتوقف إلى أن "تخرج الأرض أثقالها ويقول الإنسان مالها".. وحتى لا أطيل عليكم سأرحل ما تبقى من نقاش للمقال الموالي إن كان في العمر بقية .. والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون.. كاتب و أستاذ جامعي