جزء كبير ممن خرجوا للرد على تصريحات وزير العدل الأخيرة حول عدم قانونية طلب وثيقة عقد الزواج من طرف الفنادق للزبناء الذين يرتادون تلك الفنادق بمعية زوجاتهم أو صديقاتهم فعلوا ذلك من باب المزايدة لا أقل ولا أكثر رغم أن الجزء الأكبر منهم يعلمون بأن الوزير وهبي كان صادقا فيما قال وتحدث عن تصرفات موجودة في الواقع! أي محاولة لربط دائرة الدين بدائرة القانون في شأن هذا الموضوع اعتبرها شخصيا عملا تدليسيا الغاية منه تظليل الرأي العام وتوجيهه بشكل خاطئ من أجل تحقيق مآرب ربحية كما هو شأن صناع المحتوى في مواقع التواصل الاجتماعي أو من أجل تحقيق مآرب سياسية مثلما هو شأن الفاعل الحزبي والسياسي الذي يوظف الدين في معاركه السياسية لإظهار خصومه السياسيين كمعاول سياسية لهدم قيم المجتمع وضرب ثوابت الدولة الدينية مجسدة في إمارة المؤمنين! ما قاله عبد اللطيف وهبي أرى فيه شجاعة سياسية تحسب له لأن الفعل الذي تقدم عليه الفنادق فعل مناف للقانون ويمس في العمق بحق الإنسان في ارتياد الفنادق والاستفادة من خدماتها دون اي قيد أو شرط مثلما يحدث مع المرأة التي لا يسمح لها بالمبيت في الفنادق لمجرد أنها من نفس المدينة أو مع الرجل الذي ترافقه زوجته دون أن يكون معه عقد زواج أو مع أي شخص راشد يكون بمعية سيدة راشدة! تحوير نقاش وزير العدل عبد اللطيف وهبي وربطه بالدعارة والفساد الأخلاقي والزنى وغير ذلك من الأمور التي يراد تغليفها بالدين يعد في تقديري شكلا من أشكال الهروب الى الأمام وعدم القدرة على مواجهة الشطط الذي تقترفه الفنادق دون مراعاة تأثير ذلك على اقتصاد البلد لأن جزء كبير من الناس أصبحوا يفضلون كراء الشقق عوض اللجوء إلى الفنادق خوفا من الملاحقة والمتابعة على الرغم من أن هناك قاعدة قانونية واضحة تقول : لا جريمة ولا عقوبة إلا بنص. ومن هذا المنطلق استغرب لهؤلاء الجهابدة الذين يستحضرون دائرة الدين في مواجهة خصومهم وقتما شاؤوا ويتركونها وقتما شاؤوا أيضا!! ربط وجود رجل وامرأة في فندق بدون عقد زواج بالفساد والزنى والخيانة دون مناقشة الجرم الحقيقي الذي يتمثل في مطالبة الناس بما هو غير قانوني يعد بمثابة ضحك على الدقون وتبرير غير مقبول للتعسف في استعمال الحق والشطط في استعمال القانون. كما أن وجود شخصين من جنس مختلف داخل غرفة واحدة لا يمكن تفسيره بشكل اوتاماتيكي على أنه عهر أو ذعارة أو ماشابه ذلك من الأوصاف لأن الدعارة لها تعريفها والعهر له تمظهراته والحياة الخاصة لها قدسيتها وحرمتها أيضآ! وزير العدل لم ينطلق من فراغ بكل تأكيد ويمكن أن هناك أشياء تجنب الوزير عبد اللطيف وهبي الخوض فيها لدواعي ما، وحتى عندما تتفاعل الأجهزة المكلفة بانفاذ القانون مع تصريحات وزير العدل، فلا ينبغي تفسير ذلك بأنها تأتمر بأوامره، أو تخاف منه، أو تخدم أجندته السياسية والحزبية، أو أهوائه الاديولوجية أو الشخصية! الأجهزة الامنية تابعة لوزارة الداخلية التي تنتمي للحكومة التي ينتمي لها الوزير عبد اللطيف وهبي، ومنها من يشتغل تحت إمرة النيابة العامة المختصة كالشرطة القضائية، ولا أحد منا يعرف أو يعلم خلفيات تفاعلها مع تصريحات وزير العدل، هل تندرج في إطار تنفيذ تعليمات وزير الداخلية، أو تعليمات المدير العام للأمن الوطني، أو توجيهات النيابة العامة المختصة!؟ المغرب يرأس مجلس حقوق الإنسان وهو جهاز أممي يعني بقضايا حقوق الإنسان، ومقبل على تنظيم استحقاق رياضي عالمي لأول مرة في تاريخه، وله دستور متقدم أفرد بابا كاملا للحقوق والحريات، ويتوفر على مجتمع مدني جاد ومسؤول يطالب مند عقود بالديمقراطية وحقوق الانسان، وبفصل أمور الدين عن السياسة، وإحترام الحريات الخاصة… ولهذا فإن الرقص على حبل الدين لخنق المجتمع وكبح تطوره وتقييد مجال الحريات بدوافع انتهازية أمر مرفوض وإلا ما الذي يمنع هؤلاء الذين يرون في تصريحات وزير العدل الأخيرة دعوة للإباحية والعهر والدعارة من المطالبة بجلد الزاني ورجم الخائن الى حد الموت وقطع يد السارق مادام أن دائرة الدين عندهم تسمو على دائرة القانون؟ نختلف مع الوزير عبد اللطيف وهبي حول عدد من الامور التي لا نتفق معه فيها على الإطلاق بل ندين تصرفاته في أحيان كثيرة ولكن نرفض المزايدات السياسية والاعلامية المجانبة للصواب في مواجهة طروحات واراء وافكار الرجل الذي يمكن أن يخطئ أحيانا ويصيب أحيانا أخرى.. لا بأس من أن تكون لدينا الشجاعة والجرأة للاعتراف بصوابية رأي الوزير عبد اللطيف وهبي الذي انتفض ضد إجراء تعسفي يمارس من طرف أرباب الفنادق على المغاربة دون اي سند في القانون، بل وطالب بالقطع مع الممارسات التي تنتهك فيها الحياة الخاصة للمواطنين المغاربة