في خطوة غير مسبوقة من قبل، ولم يكن حتى الأشد إيمانا بالحريات الفردية والأكثر تأييدا للعلاقات الرضائية، يتوقع أن يأتي يوم يقدم فيه عليها عضو من أعضاء الحكومات المتعاقبة في بلد محافظ. غير أنه وفي لقاء لها مع وسائل الإعلام، اعتبرت فاطمة الزهراء عمور المحسوبة على حزب "الحمامة" ووزيرة السياحة والصناعة التقليدية والاقتصاد الاجتماعي والتضامني، أن الوقت قد حان لإعادة النظر في بعض الإجراءات التي تؤثر على السياحة، داعية إلى رفع القيود المفروضة على "الكوبل" غير المتزوج، والسماح له بالحجز في الفنادق مادام المغرب بلد الحريات. ثم أنها لم تلبث أن أضافت موضحة أن منع إيواء شخصين غير متزوجين في غرفة واحدة بفندق، تكون له انعكاسات سلبية على نشاط الفنادق، ولاسيما أن هناك عددا من الأشخاص غير متزوجين، طالما اصطدموا بإجراءات مشددة تحول دون إيوائهم بفنادق البلاد، مما يضطرهم إلى البحث عن وجهات أخرى خارج المغرب من قبيل تركيا وغيرها من البلدان الأوروبية لقضاء عطلهم في أجواء من الحرية التامة، وأنه على هذا الأساس تجري في الوقت الراهن مشاورات بين وزارتي العدل والداخلية، لمعالجة هذا الملف ورفع القيود المفروضة على المواطنات والمواطنين. وبصرف النظر عما ذهبت إليه من قول عن الآثار السلبية على السياحة الداخلية بسبب منع غير المتزوجين من حجز غرف لهم في الفنادق، وما تلا ذلك من تصريحات عن تعافي القطاع السياحي خلال الشهور الأخيرة من أزمة جائحة "كوفيد -19" التي كانت لها تداعيات كبيرة وخطيرة على السياحة ليس فقط في بلادنا، بل كذلك في مختلف بلدان العالم جراء القيود التي كانت مفروضة على المسافرين، وارتفاع عدد السياح الذين بدأوا في التوافد على بلادنا وارتفاع الموارد المالية إلى حوالي 41 مليار درهم، وتوقعات بتضاعف نسبة الزوار مع متم السنة الجارية 2023 حسب المعطيات المتوفرة. فإن ما يهمنا هنا هو ما أثارته تصريحات وزيرة السياحة فاطمة الزهراء عمور من ردود فعل متباينة بين رافض ومؤيد، حيث أنها تكون بذلك قد انتصرت بوعي أو بغيره لدعاة العلاقات الرضائية، من الرافضين لاستمرار صدور بعض الأحكام طبقا للفصل 490 من القانون الجنائي، الذي ينص على أن: "كل علاقة جنسية بين رجل وامرأة لا تربط بينهما علاقة الزوجية تكون جريمة الفساد، ويعاقب عليها بالحبس من شهر واحد إلى سنة". حيث سبق أن أطلق مجموعة من النشطاء في شهر فبراير 2021 حملة واسعة على مواقع التواصل الاجتماعي، يطالبون من خلالها السلطات المعنية بضرورة التعجيل بإسقاط الفصل 490، وذلك بتزامن مع الإفراج عن الشابة التي أدانتها محكمة الاستئناف بمدينة تطوان بالسجن شهرا واحدا بموجب ذات الفصل، على خلفية اتهامها بالفساد والإخلال العلني بالحياء، بعد انتشار مقطع فيديو يوثق لممارستها الجنس مع شاب يعيش خارج الوطن، الذي أصدرت السلطات القضائية في حقه مذكرة توقيف. فحجة دعاة إلغاء الفصل 490 من القانون الجنائي وفي مقدمتهم "ائتلاف 490" المعروف بحركة "خارجة عن القانون" قولهم بأنه ليس من شأن الدولة بمؤسساتها الأمنية اقتحام حميمية أشخاص راشدين داخل غرف بعيدة عن أنظار العموم، بالإضافة إلى أن الدين الإسلامي بدوره حرم العلاقات الجنسية خارج إطار الزواج، لكنه حصن الحياة الخاصة للأفراد وأحاط إثبات الزنا بمجموعة من الشروط، ومنها أربعة شهود. إذ أنهم طالبوا وزير العدل عبد اللطيف وهبي الأمين العام لحزب "التراكتور" في رسالة مفتوحة، بإلغاء الفصل من مشروع إصلاح القانون الجنائي، واصفين إياه ب"الفصل التمييزي"، خاصة أنه يزيد من الوصم وإدانة المرأة بعد خروجها من السجن... وفي المقابل يرى الرافضون السماح للفنادق بإيواء غير المتزوجين والمؤيدون لتجريم العلاقات الرضائية، أن المطالبة بإلغاء الفصل 490 من القانون الجنائي ستكون لها عواقب وخيمة من حيث ارتفاع معدلات الأطفال مجهولي الهوية، والمتخلى عنهم والأمهات العازبات والخيانة الزوجية والطلاق وجرائم الشرف بدافع الانتقام، تحول الفسق والزنا وغيرهما من الفواحش إلى مشروع حداثي سياسوي لشرعنة الفساد. وأن الهدف من ذلك جس نبض المجتمع المغربي والتمهيد لإسقاط باقي الفصول الأخرى المرتبطة بالجرائم الأخلاقية، إذ يمكن أن تليه المطالبة فيما بعد بإلغاء الفصل 489 المتعلق بتجريم الشذوذ الجنسي، ثم الفصل 491 الذي يجرم الخيانة الزوجية، ومن ثم الترخيص كذلك بفتح دور الدعارة وسط الأحياء السكنية، وتقنين ممارسة زنا الأطفال وغير ذلك، مما يجعل من تشريع العلاقات الجنسية خارج مؤسسة الزواج، إيذانا بانهيار منظومة القيم التي نشأ عليها المغاربة. نحن لا نعترض على الحريات الفردية والعلاقات الرضائية بين الراشدين، مادام الإسلام نفسه لا يتدخل في الجنس الرضائي إلا عندما تكون هناك مجاهرة، لكننا نرفض بشدة تمييع الأمور والإساءة إلى مجتمعنا المحافظ، من خلال فتح غرف الفنادق لاستقبال غير المتزوجين، وما يترتب عن ذلك من إضرار بالنسب والنسل والمس بالقيم الأخلاقية التي رضعها المغاربة من أثداء أمهاتهم.