تساقطات ثلجية وأمطار قوية محليا رعدية مرتقبة الأحد والاثنين بعدد من أقاليم المغرب    نشرة انذارية…تساقطات ثلجية وأمطار قوية محليا رعدية مرتقبة الأحد والاثنين بعدد من أقاليم المملكة    توقيف ثلاثة مواطنين صينيين يشتبه في تورطهم في قضية تتعلق بالمس بنظم المعالجة الآلية للمعطيات الرقمية    توقيف 3 صينيين متورطين في المس بالمعطيات الرقمية وقرصنة المكالمات الهاتفية    ترامب يعلن عن قصف أمريكي ل"داعش" في الصومال    ريال مدريد يتعثر أمام إسبانيول ويخسر صدارة الدوري الإسباني مؤقتًا    ريدوان يخرج عن صمته بخصوص أغنية "مغربي مغربي" ويكشف عن مشروع جديد للمنتخب    "بوحمرون".. الصحة العالمية تحذر من الخطورة المتزايدة للمرض    الولايات المتحدة.. السلطات تعلن السيطرة كليا على حرائق لوس أنجليس    أولياء التلاميذ يؤكدون دعمهم للصرامة في محاربة ظاهرة 'بوحمرون' بالمدارس    البرلمان الألماني يرفض مشروع قانون يسعى لتقييد الهجرة    CDT تقر إضرابا وطنيا عاما احتجاجا على قانون الإضراب ودمج CNOPS في CNSS    هذا هو برنامج دور المجموعات لكأس إفريقيا 2025 بالمغرب    الشراكة المغربية الأوروبية : تعزيز التعاون لمواجهة التحديات المشتركة    تحويلات المغاربة المقيمين بالخارج فاقت 117 مليار درهم خلال 2024    مقترح قانون يفرض منع استيراد الطماطم المغربية بفرنسا    توقعات احوال الطقس ليوم الاحد.. أمطار وثلوج    اعتبارا من الإثنين.. الآباء ملزمون بالتوجه لتقليح أبنائهم    مقاييس الأمطار المسجلة بالمملكة خلال ال 24 ساعة الماضية    حجز أزيد من 700 كيلوغرام من اللحوم الفاسدة بطنجة    مؤسسة طنجة الكبرى تحتفي بالكاتب عبد السلام الفتوح وإصداره الجديد    انعقاد الاجتماع الثاني والستين للمجلس التنفيذي لمنظمة المدن العربية بطنجة    شركة "غوغل" تطلق أسرع نماذجها للذكاء الاصطناعي    تفشي "بوحمرون" في المغرب.. أرقام صادمة وهذه هي المناطق الأكثر تضرراً    BDS: مقاطعة السلع الإسرائيلية ناجحة    إسرائيل تطلق 183 سجينا فلسطينيا    ثمن المحروقات في محطات الوقود بالحسيمة بعد زيادة جديد في الاسعار    رحيل "أيوب الريمي الجميل" .. الصحافي والإنسان في زمن الإسفاف    الانتقال إلى دوري قطر يفرح زياش    زكرياء الزمراني:تتويج المنتخب المغربي لكرة المضرب ببطولة إفريقيا للناشئين بالقاهرة ثمرة مجهودات جبارة    مسلم يصدر جديده الفني "براني"    المجلس العلمي المحلي للجديدة ينظم حفل تكريم لرئيسه السابق العلامة عبدالله شاكر    تنس المغرب يثبت في كأس ديفيس    بنعبد الله يدين قرارات الإدارة السورية الجديدة ويرفض عقاب ترامب لكوبا    "تأخر الترقية" يخرج أساتذة "الزنزانة 10" للاحتجاج أمام مقر وزارة التربية    لمن تعود مسؤولية تفشي بوحمرون!    المغرب التطواني يتمكن من رفع المنع ويؤهل ستة لاعبين تعاقد معهم في الانتقالات الشتوية    توضيح رئيس جماعة النكور بخصوص فتح مسلك طرقي بدوار حندون    لقجع: منذ لحظة إجراء القرعة بدأنا بالفعل في خوض غمار "الكان" ولدينا فرصة لتقييم جاهزيتنا التنظيمية    العصبة الوطنية تفرج عن البرمجة الخاصة بالجولتين المقبلتين من البطولة الاحترافية    الولايات المتحدة الأمريكية.. تحطم طائرة صغيرة على متنها 6 ركاب    بنك المغرب : الدرهم يستقر أمام الأورو و الدولار    المغرب يتجه إلى مراجعة سقف فائض الطاقة الكهربائية في ضوء تحلية مياه البحر    القاطي يعيد إحياء تاريخ الأندلس والمقاومة الريفية في عملين سينمائيين    انتحار موظف يعمل بالسجن المحلي العرجات 2 باستعمال سلاحه الوظيفي    السعودية تتجه لرفع حجم تمويلها الزراعي إلى ملياري دولار هذا العام    الإعلان عن تقدم هام في التقنيات العلاجية لسرطانات البروستات والمثانة والكلي    غزة... "القسام" تسلم أسيرين إسرائيليين للصليب الأحمر بالدفعة الرابعة للصفقة    محاضرة بأكاديمية المملكة تُبعد نقص الذكاء عن "أطفال صعوبات التعلم"    حركة "إم 23" المدعومة من رواندا تزحف نحو العاصمة الكونغولية كينشاسا    هواوي المغرب تُتوَّج مجددًا بلقب "أفضل المشغلين" لعام 2025    أي دين يختار الذكاء الاصطناعي؟    الممثلة امال التمار تتعرض لحادث سير وتنقل إلى المستشفى بمراكش    الفنانة دنيا بطمة تغادر السجن    نتفليكس تطرح الموسم الثالث من مسلسل "لعبة الحبار" في 27 يونيو    أربعاء أيت أحمد : جمعية بناء ورعاية مسجد "أسدرم " تدعو إلى المساهمة في إعادة بناء مسجد دوار أسدرم    غياب لقاح المينانجيت في الصيدليات يعرقل سفرالمغاربة لأداء العمرة    أرسلان: الاتفاقيات الدولية في مجال الأسرة مقبولة ما لم تخالف أصول الإسلام    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



التحضر كقوة ناعمة
نشر في لكم يوم 26 - 05 - 2024

هل المغاربة متحضرون؟ هل المغاربة يملكون الحد الأدنى من قواعد الكياسة واللباقة والسلوك المدني المتحضر، ما قد يجعلهم يدعون الانتساب إلى شعوب معروفة بتحضرها وكياستها؟ وما قد يساهم في ترسيخ السمعة الطيبة للبلد وما يخلفه ذلك من أثر طيب لدى الرأي العام العالمي، وأثر طيب على السياسة الخارجية للبلد، وعلى الاستثمار الأجنبي فيه، وكذلك في رغبة الناس في العيش أو العمل فيه، و التأثير الذي يدخل في خانة القوة الناعمة كما يعرفها خبراء علم السياسة والعلاقات الدولية.
لكن قبل الإجابة عن هذه الأسئلة دعونا نتفق على ما نفهمه وما نقصد به هنا بالتحضر؟
تحتمل كلمة تحضر أكثر من تفسير وأكثر من معنى، والقصد هنا بالتحضر ليس مفاده الجغرافي الذي يفيد تحول الناس للعيش في الحواضر، القصد هنا التحضر بمعناه السوسيولوجي أي الانتماء لثقافة المدينة ولما يفترض أن يكونه نمط العيش بالمدن من سلوك وقيم وعلاقات بين سكان المدينة، علاقات قائمة على العيش المشترك وعلى احترام الآخر واحترام القانون، والتقيد بقواعد للسلوك في الفضاء العام أثناء الكلام والتحدت و أثناء استعمال المنشآت والمرافق العامة من شوارع وأزقة وحدائق ومنتزهات وغابات ومياه سطحية بالأنهار والبحار ووسائل النقل العمومية، قواعد تحرص على المحافظة والدفاع عن الممتلكات العامة باعتبارها ملكا جماعيا و ملكا خاصا في الوقت ذاته ، ما يجعلها جديرة بالصيانة والاستعمال الرشيد من قبل الناس، والحرص بالأساس على ديمومتها من أجل الأجيال القادمة. فالناس بتحضرهم وكياستهم ودرجة تمثلهم لثقافة المدينة ورقيهم الحضاري يلعبون دور الواجهة الحقيقة والفعلية للبلد وللصورة المشرقة والإيجابية التي نرسلها للعالم.
فمواطنو الشعوب الراقية المتحضرة لا يلتفتون أكثر للمكانة الاجتماعية للناس في الفضاء العام، لأنهم غالبًا ما يكونون من خلفيات اجتماعية، واقتصادية، وثقافية مختلفة، وحين يتحلّى جميع الأفراد بالسلوك المدني المبني على الكياسة خلال التعامل مع بعضهم، يُساعدهم ذلك على التحضر في تعاملهم، وبالتالي تقليل السلوكيات السلبية أو النمطية في تصرف الأشخاص مع بعضهم البعض، وهذا هو مفتاح العيش المشترك.
بعد هذا دعونا نعود لنقترب من المغاربة ومن سلوكهم لنتعرف هل فعلا نحن شعب متحضر بالمعنى الذي أشرنا إليه أعلاه؟
في المغرب تم تعميم التعليم ولم يتم تعميم التربية لاسيما في بعدها المدني، تحول الناس إلى السكن في المدن دون اكتساب قيم المدينة وسلوكيات المدينة، ارتقى عدد منهم اجتماعيا دون أن يترقوا تربويا وسلوكيا، يتكلم الجالسون في المقاهي بصوت مرتفع ويستعملون هواتفهم وهم يصرخون، يستعملون وسائل النقل الجماعي وهم يتدافعون، يتكلمون بأصوات مرتفعة مع مخاطبيهم عبر الهواتف النقالة، أما عبور الطريق من ممرات الراجلين فقد صار من سابع المستحيلات، و إلقاء النفايات في الفضاء العام فحدث ولا حرج، والاستجمام في الشواطئ والجبال لا يختلف عن سلوكيات زوار المواسم التقليدية، فلا فرق بين موسم قروي بخيامه وأجوائه وبين أجواء شواطئنا. ولا أريد الحديث هنا عن عينة من أصحاب السيارات الذين يتصرفون وكأن الطريق رصفت لهم لوحدهم وأن لا قانون يسري عليهم. ولا أحد يمكن أن يفسر لماذا استعمال أبواق السيارات "بشكل وحشي" داخل المدينة، علما أن الجميع يعرف أن ذلك ممنوعا بشكل قانوني صريح، ولا نفهم لماذا لا يتم ترتيب جزاءات من قبل شرطة المرور على مثل هذه المخالفات التي تساهم في الإساءة لسمعة مدننا ولسمعة بلدنا، دون أن ننسى ما تتعرض له النساء من أشكال مختلفة من العنف الرمزي و مضايقات بالفضاء العام بسبب سلوكيات مغرقة في "الوحشية الذكورية"، سلوكيات نستنكرها جميعا دون أن نتصدى لها جميعا، ما يجعلنا مساهمين في ترسيخ هذه الصورة السلبية عن بلادنا التي لا يشعر فيها نساؤنا بالأمن والآمان في الفضاء العام؛
عشرات الأمثلة يمكن أن نوردها هنا عن غياب الحس المدني والكياسة وقواعد التحضر عند الغالبية الساحقة من المغاربة، ولست أشك أن السلطات العمومية تدرك حجم الخسائر التي تخلفها مثل هذه السلوكيات على صورة البلد، وأنه لا بد من برنامج كبير يروم تأهيل سلوك المغاربة.
نحن مقبلون على طفرة نوعية تستعد فيها بلادنا لتقدم نفسها للعالم كبلد منفتح وكشعب متحضر مضياف، فلا يكفي الاهتمام بالبنيان دون الاهتمام بالإنسان.
يجب أن تكون مناسبة الاستعداد لاستضافة للمحافل الدولية الرياضية منها والاقتصادية فرصة لإطلاق برامج كبيرة لتأهيل سلوك الناس وتحسيسهم بأهمية احترام القوانين وجبرهم على ذلك إن اقتضى الحال، وأنه حان الوقت لكي يدخل المغاربة عصرا جديدا نزاوج فيه بين كل الإيجابيات الثقافية الموروثة لدى المغاربة ومن بينها كرم الضيافة وعراقة التاريخ وكل التراث المادي وغير المادي كاللباس والطبخ والفنون الشعبية الراقية، وبين اكتساب قيم وسلوك وكياسة ورقي سكان المدينة، كما هي متعارف عليها بعدد من البلدان الأوروبية والأسيوية.
فهل سيكون المغرب في مقدمة البلدان الإفريقية التي ستدخل نادي الشعوب والبلدان المعروفة بكياستها وتحضرها وبتجذر تاريخها وثقافتها ونوظف ذلك كقوة ناعمة اتجاه باقي شعوب العالم؟


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.