قدم المبعوث الشخصي للأمين العام للأمم المتحدة الى الصحراء ستيفان دي ميستورا احاطة الى مجلس الأمن مساء يوم أمس الثلاثاء في جلسة مغلقة وبالرغم من طابعها المغلق فان المتتبع للملف سيدرك ويعرف فحوى ومضمون مادار فيها وفقا للاطار القانون المحدد لها سلفا في الفقرتين العاشرة والأخيرة من قرار مجلس الأمن في متم اكتوبر من السنة الماضية. فمجلس دأب على اعطاء ترخيص دائم للأمين العام للأمم المتحدة لتقديم احاطة دورية حددها في منصف ولاية تمديد بعثة المينورسو، أي ستة اشهر وكذا تقديم احاطات كلما رأى ذلك ضرورية، طبقا للفقرة 11 من القرار 2703 ، إضافة الى الفقرة الأخيرة 17 من نفس القرار ، حيث يبقي مجلس الأمن المسألة قيد النظر ، ويفهم من ذلك أن الاحاطة إجراء وآلية عادية وروتينية ومؤطرة قانونيا. وإذا كان الأمر كذاك بخصوص الاجراء في حد ذاته . فان السؤال ينتقل الى مضمونها وجوهر أعمالها، وهو بدوره محدد في عمومية طلبات الاحاطات المطلوبة من قبل مجلس الأمن ، والتي يحددها عادة باعداد تقرير يتناول حالة المفاوضات التي يرعاها و بالتقدم المحرز فيها، وعن تنفيذ القرار 2703 وتقييمه لعمليات بعثة المينورسو والصعوبات والخطوات التي يتخذها للتصدي للتحديات، ويختلف مضمون تقرير الاحالة على تقرير دراسة الحالة الدورية التي يسبق قرار مجلس الأمن الخاص بتمديد مهام البعثة . بيد أن الذي يميز هذه الاحاطة وأصبغها بنوع من الهالة والخصوصية هو فشل المبعوث الشخصي نفسه في استناف العملية السياسية التي توقفت منذ 2019، ويسعى جاهدا للخروج من هذه الورطة بمحاولاته العثور على ضحية يحمله مسؤولية هذا العجز والفسل. لكون الوقت الطويل الذي انصرم منذ تعيينه خلفا لهورست كوهلر دون تحقيق نتيجة إيجابية ملموسة داهمه و أصبح اكراها يؤرقه ويحاول تجاوزه. ويعزى استمرار هذا الفشل الى الجزائر لتعنتها و رفضها الحضور مناقشات ومحادثات المائدة المستديرة، وتعبيرها له عن شكوكها حولها . وكذا ناتج عن استمرار البوليساريو في اعلانها عدم الالتزام باتفاقها مع الأممالمتحدة بوقف اطلاق النار وخرقها المستمر له واقرارها اليومي بذلك. اضافة الى ذلك فان ما شد الانتباه لهذه الاحاطة هو انحراف المبعوث الشخصي نفسه، محاولاته احياء النهج المبتكرة للمبعوث الشخصي ماقبل السابق كريستوفر روس باستشارته في موضوع مهمته بطرف جنوب افريقيا غير المعني وغير المالك للصفة وليس من أصحاب المصلحة ، و رغم عدائه المعلن للمغرب وملاءاته لخصومه في الجزائر والبوليساريو ورغم أم المغرب استبق تلك الزيارة بتنبيه للمبعوث الشخصي ورفضه لذلك.دون أن يكترث الأخير. وهو ما فرض على المغرب تذكير المبعوث الشخصي أثناء زيارته الأخيرة للمغرب بلاءات الأخير الثلاث التي هي اطار العملية السياسية الأممي.رغم ما يبدو من ظاهر التوجيه والتذكير المغربي ، والذي قد تكيف أنه تحفظات و شروط مسبقة فهي ليست كذلك؛ إذ أن المباحثات الجماعية ليست شرطا مغربيا بل هو أمر في بنود القرار الأممي موضوع الإحاطة والتنفيذ الحالي، الذي يعتبر الجزائر طرفا فيها ويدعوها للحضور فيها، وان رفضها يعطي المغرب كطرف أساسي الحق في التمسك به و تذكير المبعوث الشخصي الأمين العام ومجلس الأمن والدول اعضائه والدول اصدقاء الصحراء والمجتمع الدولي بذلك. كما أن رفض المغرب للمناقشات بينما البوليساريو غير ملتزمة بوقف اطلاق النار الذي هو التزام اممي وشرط مبدئي وأساسي في تدشين وبداية العملية السياسية منذ 1991 وفي القبول بها. ولا يعتبر تحفظا و شرطها مغربيا. وهو نفس الوصف الذي ينسحب ايضا على تذكير المغرب للمبعوث الشخصي للأمين العام بمبادرته بالحكم الذاتي، التي أشهد المغرب والعالم أنها ذات المصداقية والواقعية والعملية وتنطبق عليها كل نعوت توجيه مجلس الأمن الخاص بأوصاف الحل المطلوب الوصول اليه، ولا تكيف شرطا ولا تحفظا سيما وأن المغرب صرح للأمين العام أنه يقبل ببداية المناقشات والمباحثات المرتبطة بالخطوات العملية من أية مقترحات او مبادرات أخرى يطرحها باقي الأطراف خلافا لاصراره السابق عندما كانن يتمسك بجعل مبادرته هي المنطلق والبداية، وهو ليونة مغربية تعبر عن دعم الأخير للعملية السياسية. ومن تم فان احاطة المبعوث الشخصي للأمين العام حول الصحراء الى مجلس الأمن دارت حول رفض الجزائر حضور المناقشات واعتبارها شأن ثنائي بين المغرب والبوليساريو. وشملت الاحاطة ايضا عدم التزام البوليساريو باتفاق وقف اطلاق النار، وخرقها له وقصفها للمغرب للمدنيين في مدينة السمارة المغربية وخطورة ذلك. اضافة الى الصعوبات التي تختلقها البوليساريو شرق الدفاع الأمني المغربي، وما ينتج عنه من تهديد وخطر أمنى بسبب عرقلتها لعمل المينورسو في الاضطلاع بمهامها في مراقبة وقف اطلاق النار. الذي جعل المغرب يتحمل مسؤولية رد الفعل لذلك لحماية أمن مواطنيه وصيانة حقوقه حفاظا منه على حقوقه . كما انصبت الاحاطة على حصيلة زيارات المبعوث الشخصي لأصحاب المصلحة الدول اصدقاء الصحراء ، وطلب من مجلس الأمن حثها على بذل مجهود مضاعف عبر الضغط على الأطراف لابداء الليونة وتقديم تنازلات لاستئناف مناقشات المائدة المستديرة المنحصرة . وهو ما يفسره استباق الخارجية الجزائري انعقاد جلسة الاحاطة واستقبال وزير خارجيتها للمبعوث الشخصي للأمين العام للأمم المتحدة وكذا مساعد وزير الخارجية الأمريكي لينقل اليهما استعداد الجزائر لدعم العملية السياسية درءا لالقاء المسؤولية على الجزائر . وما هو يفسره ايضا اعلان بعثة مالطا الدائمة في مجلس الأمن التي تترأسه عبر موقعها في اكس دعوتها الأطراف الى التعاون مع المبعوث الشخصي دون تحفظات وتركيزها على الدور الذي تلعبه المينورسو لتثبيت الاستقرار. محامي بمكناس خبير في القانون الدولي قضايا الهجرة ونزاع الصحراء.