ما كان مجرد حلقة من حلقات التنشيط اليومي على إذاعة خاصة سيتحول إلى قضية قضائية، بعدما اكتشفت الشرطة زيف الوقائع التي اعتمدتها الإذاعة للرفع من عدد مستمعيها. القضية تتعلق ببرنامج يومي ينشطه الإذاعي "مومو" على اذاعة "هيت راديو" الخاصة الموجود مقرها في الرباط، فينما كان المنشط يتلقى مكالمة على الهواء مباشرة من أحد مستمعي الإذاعة من الدارالبيضاء، انقطع الحط، قبل أن يغيد المستمع الإتصال مدعيا أن شخصا ما سرق هاتفه عنما كان يتحدث إلى الإذاعة، ولمكافئته على وفائه للبرنامج استدعاه المنشط وأهداه هاتفا جديدا.
إلى هنا، كان الأمر يتعلق بواقعة عادية يمكن أن تحدث في أي مكان، لكن المذيع وضيفه سيختلقون وقائع ويدعون أن الشرطة أهملت شكاية المتضرر الذي سرق هاتفه، مما أدى إلى تدخل الشرطة على الخط لتكتشف أن الواقعة كلها مفبركة بين المذيع والمستمع من أجل خلق الإثارة والرفع من جمهور الإذاعة المحلية. وبناء على المعطيات التي توصلت إليها قررن الشرطة فتح تحقيق في الواقعة تحت إشراف النيابة العامة. وقرر وكيل الملك بالمحكمة الابتدائية الدارالبيضاء، أمس الاثنين، إحالة المنشط الإذاعي محمد بوصفيحة الملقب ب"مومو" على أنظار النيابة العامة يوم الثلاثاء في حالة سراح، مع إحالة شخصين آخرين في حالة اعتقال بسبب "اختلاق جريمة وهمية" و"نشر خبر زائف". وكانت المصلحة الولائية للشرطة القضائية بمدينة الدارالبيضاء قد باشرت بحثا قضائيا تحت إشراف النيابة العامة المختصة، نهاية الأسبوع الماضي، من أجل تحديد جميع المتورطين في اختلاق جريمة وهمية، ونشر خبر زائف يمس بالإحساس بالأمن لدى المواطنين بواسطة الأنظمة المعلوماتية، وإهانة هيئة منظمة عبر الإدلاء ببيانات زائفة. وقال بلاغ للمديرية العامة للأمن الوطني، إن مصالح الأمن بمدينة الدارالبيضاء تفاعلت بجدية كبيرة مع اتصال هاتفي توصلت به محطة إذاعية خاصة، يتحدث عن ملابسات سرقة مزعومة وعن تقاعس مفترض من جانب مصالح الأمن، حيث تعاملت معه على أنه تبليغ عن جريمة حقيقية، وفتحت بشأنه بحثا قضائيا بغرض توقيف المشتبه فيهم وتحديد المسؤوليات القانونية اللازمة. وأكد المصدر ذاته، أن الأبحاث المنجزة، بتنسيق مع مصالح المديرية العامة لمراقبة التراب الوطني، أوضحت أن الشخص المتصل انتحل هوية مغلوطة، واختلق واقعة سرقة وهمية بمشاركة شخص ثان، ولم يراجع أي مصلحة أمنية، وأنه تحصل على الهاتف بغرض تحقيق منافع شخصية والرفع من مشاهدات الإذاعة المذكورة. ومكنت التحريات المتواصلة في هذه القضية من توقيف المشارك الثاني في ارتكاب هذه الأفعال الإجرامية، التي تمس بالشعور بالأمن والسكينة العامة، والذي تبين أنه سبق أن قام بعدة عمليات تدليسية مماثلة وفق نفس الأسلوب الإجرامي. وتواصل المصلحة الولائية للشرطة القضائية أبحاثها في هذه القضية تحت إشراف النيابة العامة، حيث يجري حاليا إجراء خبرات رقمية دقيقة بغرض التحقق من إمكانية وجود تحريض أو تنسيق مسبق بين المشتبه فيهما وطاقم البرنامج الذي تلقى هذا الاتصال، والذي تضمن عناصر تأسيسية مادية ومعنوية لعدد من الجرائم المعاقب عليها قانونا.