قال أحمد رضا الشامي رئيس المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي إنه بعد ثمانِ سنوات على الشروع في تنزيل ورش الجهوية المتقدمة، يلاحظ أن نموذج الحكامة الترابية المُعتمَد حاليا، مَا زال لَم يُمَكِّنْ بَعْدُ من تحقيقِ الطموح المُشترك في جعل المجالات الترابية، وخاصَّةً الجهات، الحاملَ الرئيسي للفِعْل التنموي. وأوضح الشامي في كلمة له في الملتقى البرلماني الخامس حول الجهات، الذي نظمه مجلس المستشارين، أمس الأربعاء، أن الجهودُ المبذولة على مستوى الجهوية المتقدمة، تظهر وجود صعوبةً في تحقيق النتائج المنشودة على مستوى تقليصِ التفاوتات المجالية والاجتماعية، أو فيما يتعلقُ بخلقِ نوعٍ من التوازنِ بين الجهات في المساهمةِ في الثروة الوطنية.
وأشار أن هذا الواقع يعكسه مؤشران رئيسيان، أولهما أن هناك ثلاثُ جهاتٍ فقط من أصل 12 جهة تساهم في خلق الجزء الأكبر من الثروة الوطنية (حوالي 60 % سنة 2020)، وهي جهات: الدارالبيضاء-سطات، والرباط-سلا-القنيطرة، وطنجة-تطوان-الحسيمة، وثانيهما استحوذات هذه الجهات الثلاث على أكثر من 52 % من الاستثمارات العمومية المعتمدة برسم سنة 2023. وأبرز الشامي أن أسبابُ هذا الوضع ترجع إلى عدد من أَوْجهِ القصور والاختلالات التي لا تزالُ تُعيقُ التنميةَ الترابيةَ في بلادنا، منها ضعفُ مردودية الاستثمار العمومي، حَيْث يبلغُ المُعامِل الهامِشي للرأسمال (ICOR) 9.4 في المتوسط خلال الفترة ما بين 2000-2019 ، مقابل 5.7 المُسَجَّل على مستوى فئة البلدان التي ينتمي إليها المغرب. إلى جانب محدوديةُ مساهمةِ الجهات في مجموع الاستثمار العمومي التي لا تتعدى 4 %، كما سجل ذلك المجلس الأعلى للحسابات في تقريره الموضوعاتي الأخير، وضعفُ مشاركة القطاع الخاص والقطاع الثالث في مسلسل بلورة الرؤية الاستراتيجية للجهة في ميدان الاستثمار، والبطء المسجَّل في التنزيل الفعلي لميثاق اللاتمركز الإداري، وهو الأمر الذي لا يُمَكِّنُ المصالح اللاَّمُمَرْكَزَة من الموارد البشرية والتقنية والمالية اللازمة لاتخاذ القرار التنموي تُرابيا وأوصى الشامي بإجراء تقييم مرحلي لورش الجهوية المتقدمة بإشراك الفاعلين الرئيسيين والأطراف المعنية، وإطلاقِ نقاشٍ بين هذه الأطراف في ضوء نتائج التقييم، من شأنه أن يُمَكِّنَ الفاعلين من تَمَلُّكِ رؤيةٍ مشتركة مُحَيَّنَة، تَحْظَى بالتَوَافُق (بين عَتَبة وسَقْفِ النظام الجهوي)، حول المراحل والخطوات المُقبلة في تنزيل هذا الورش، سواءٌ على مستوى المقاربةِ أو التنفيذ. وأوصى أيضا بمراجعةُ القوانين التنظيمية المتعلقة بالجماعات الترابية، من أجل المزيدِ من التوضيح لاختصاصاتها والتدقيق لنطاق تدخل كل مستوى من المستويات الترابية (الجهة، العمالة/الإقليم، الجماعة) حسب طبيعة الاختصاصات (الذاتية، المشتركة والمنقولة، وتحسينُ جودة الخدمات العمومية المقدمة للمرتفقين، من خلال تسريعِ مسلسل الرقمنة، لا سيما من خلال وضع نظام معلومات ترابي مندمج، يُمَكِّنُ من استعمال آلية التشغيل البَيْنِي (interopérabilité) بين الفاعلين في المنظومة الترابية.