دعوة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إلى تشكيل تحالف دولي ضد حركة حماس وباقي فصائل المقاومة المسلحة في قطاع غزة دليل قاطع على أن مقولة جيش إسرائيل الذي لا يقهر مجرد بروبغندا لا تعكس حقيقة هذا الجيش الذي فشل في رصد تحركات المقاومة ومواجهتها بشرف يوم 7 أكتوبر الجاري. دعوة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بمثابة إقرار صريح بضعف الجيش الإسرائيلي الذي لا يستطيع خوض معركة برية في مواجهة مقاومة مسلحة دون حشد المزيد من الدعم الأمريكي والأوروبي رغم أن التقارير الدولية تضعه في مراتب متقدمة ضمن أقوى الجيوش في العالم. قمة الانهزامية وقمة الضعف وقمة الفشل أن يدعو رئيس الجمهورية الفرنسية إيمانويل ماكرون إلى تشكيل حلف دولي لمواجهة مقاومة مسلحة عوض الدعوة إلى وقف الحرب وحقن الدماء وتسريع المفاوضات لتنزيل حل الدولتين وإنصاف شعب سلبت منه أرضه وتعرض للاضطهاد مند خمسة وسبعين سنة. اقتراح ماكرون يكشف حقيقة واحدة وهي أن معنويات الجيش الإسرائيلي في الحضيض وأن هناك خوف كبير من خوض معركة برية في قطاع غزة في ظل وجود جبهات أخرى للقتال تتخوف منها إسرائيل ويتعلق الأمر تحديدا بجبهة حزب الله الذي كبد إسرائيل خسائر فادحة في حرب تموز 2006 وتمكن من إعادة بناء قوته العسكرية بأضعاف مضاعفة خلال السبعة عشر سنة الماضية وفق تقديرات عدد من الخبراء العسكريين. بهذهالدعوةالبليدة،أصبحالرئيسالفرنسيأضحوكةداخلفرنساوخارجها،لأنهشبهمقاومةمسلحةمشروعةبتنظيمإرهابيمشبوه،وتغاضىعنجرائمالحربوالجرائمضدالانسانية التي ارتكبها الكيان الصهيوني مند سنة 1948 ضد الشعب الفلسطيني، وصمت عن الجرائم التي ترتكب مند 7 أكتوبر في قطاع غزة، الذي يباد فيه الأطفال والنساء والرجال والشيوخ بدم بارد بأسلحة محظورة دوليا بشهادة يهود رافضين للحرب. قبل أن يتحدث الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون، عن إرهاب حماس وباقي فصائل المقاومة الفلسطينية المسلحة التي تواجه الاحتلال الصهيوني، كان من الأولى به وبغيره الحديث عن جرائم الاضطهاد التي تعرض لها اليهود في فرنسا وفي كل أوروبا، قبل أن يتم توطينهم في الشرق الأوسط للتملص من العار الذي ارتكبه أجدادهم. الإرهاب في الشرق الأوسط صنعه الغرب، وفرنسا الاستعمارية التي كانت تقطع رؤوس المغاربة، وتصورهم وتجعل من صورهم طوابع بريدية، على رئيسها إيمانويل ماكرون أن يخجل من نفسه قليلا، عندما يرغب في التحدث عن الإرهاب، لأن تاريخ فرنسا معلوم وجرائمها الاستعماربة موثقة. لنفترض أن حركة حماس تنظيم إرهابي يقتل المدنيين، وفق السردية الماكرونية التي لا يمكن فصلها عن السردية الصهيونية، فأي وصف نعطيه للكيان الصهيوني الذي قتل خلال ثلاثة أسابيع فقط، حوالي سبعة آلاف نصفهم أطفال ونساء، دون الحديث عن قتل الصحفيين وموظفين أمميين، وحصار غزة وتجويع سكانها وقصف الآمنين فيها؟ هل هناك من إرهاب أكثر من هذا الإرهاب الذي يمارس من طرف كيان عنصري مارق برعاية ودعم دول تعتبر نفسها راعية للسلام في الشرق الأوسط والعالم؟ بالأمس فقط يا ماكرون قصف الكيان الصهيوني مستشفى الأهلي المعمداني في قطاع غزة وقتل أكثر من 500 شخص منهم الطفل والمرأة والمسعف والطبيب بالصواريخ الحارقة، وعوض أن تدين هذا الفعل الإرهابي، جئت إلى تلئبيب لتقديم الدعم للقتلة، ووصفت المقاومة الفلسطينية بالارهاب، رغم أنك تعلم بأن إسرائيل دولة احتلال. المصيبة ليس فيك يا ماكرون، بل في من استضافك في أرض فلسطين الطاهرة، وسمح لك بإهانة المقاومة الفلسطينية المشروعة، وأيد سرديتك الصهيونية، وراهن على حكومتك التي منعت المسيرات التضامنية مع الشعب الفلسطيني، وهددت بمحاكمة المتظاهرين، ومارست التضييق على ناشطة فلسطينية تدافع عن حقوق شعبها المظلوم. في تاريخ فرنسا لم تكن السياسة الخارجية بهذا الانحطاط الذي جسدته مواقف الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون ومواقف وزيرة الخارجية الفرنسية في الأممالمتحدة وزميلها وزير الداخلية الفرنسي الذي وصل به الحقد إلى درجة اتهام اللاعب الدولي بنزيمة بالانتماء إلى تيار الاخوان المسلمين لمجرد أنه تضامن مع الفلسطينيين وأدان جرائم الكيان الصهيوني المارق الذي تهجم سفيره في الأممالمتحدة على الأمين العام للأمم المتحدة. خيرا فعل الملك محمد السادس عندما أخد المسافة اللازمة من الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، وخيرا فعلت المملكة المغربية عندما قبضت العصا من الوسط، وصرفت موقفا متزنا ومتوازنا، لم يعجب أزلام فرنسا، الذين خرجوا يصرفون الموقف الفرنسي عوض تصريف مواقف بلادهم من القضية الفلسطينية التي عبرت عنها بلاغات الديوان الملكي، وبلاغات وزارة الخارجية المغربية بكل وضوح.