عرت نقابتان في قطاع الصحة عن وضعية مصلحة الأمراض النفسية والعقلية بالمركز الإستشفائي الإقليمي لإنزكان على مستوى التجهيزات والبنية الاستشفائية والمرافق الخدماتية الصحية والأدوية، في وضعية كارثية غير مسبوقة، في تقرير بعث إلى وزير الصحة والحماية الاجتماعية خالد أيت الطالب وأوضح التقرير الذي بعثته نقابتي الجامعة الوطنية لقطاع الصحة (ا.ع.ش.م) والنقابة المستقلة لأطباء القطاع العام بإنزكان أيت ملول، وصل موقع "لكم"، نظير منها، أن " بنية و هندسة هذه المصلحة لا تساعد على السلاسة في العمل و تصعب من عملية مراقبة المرضى ، حيث إن أجنحتها متباعدة و متفرقة، وسط اكتضاض كبير بهذا القسم و تجاوز طاقته الإستيعابية المقدرة في 70 سريرا لتصل باستمرار إلى أزيد من 100 نزيلا، وكذا تحويل جزء مهم منه لمصلحة الترويض الطبي عوض استصلاحه و ضمه لمصلحة الطب النفسي خصوصا في ظل الاكتضاض و تزايد عدد النزلاء". وإلى جانب ذلك، رصد التقرير ، أوجاع المصلحة الاستشفائية، في أن "إجراء الإستشارات الطبية الخارجية للمرضى النفسانيين داخل هذا القسم مما يساهم في نشر الفوضى و يهدد سلامة المرتفقين، في الوقت الذي كان من المفروض الإستعانة بفضاء خارج المصلحة لإجراء هذه الإستشارات في ظروف ملائمة، إضافة إلى نقص في عدد غرف العزل مقارنة بعدد النزلاء حيث إن عددها لا يتجاوز 12 غرفة، وانعدام المياه بغرف العزل و بمراحيضها حيث يتم الإستشفاء في هذه الغرف في ظروف كارثية مع استنزاف مقدمي العلاج في السهر على تلبية حاجيات المرضى من المياه، فضلا عن انبعاث الروائح الكريهة من هذا القسم و من مراحيضه و النقص الملاحظ في خدمة النظافة يؤثر بشكل سلبي على المرضى و على المهنيين ". كما رصدت الهيئتان النقابيتان، وفق تقريرهما المشترك، "غياب وسائل التدفئة خصوصا مع قرب فصل البرد و الشتاء مع تسجلينا لنقص كبير على مستوى الأسرة التي لا يتجاوز عددها 16 سريرا مع نقص الأفرشة ، حيث يضطر العديد من النزلاء الى افتراش الأرض ، هذا بالإضافة إلى غياب المياه الساخنة من أجل الإستحمام، وسط غياب أسرة تتوفر على وسائل تثبيت طبية moyens de contention médicales للمرضى في حالة هيجان أو لديهم أفكار إنتحارية مما قد يساهم في تعريض سلامتهم للخطر و الوصول الى حد الإنتحار". ولم يتوقف نزيف الأوجاع عند هذا الحد، بل تعداه إلى "تواجد نوافذ زجاجية و قضبان حديدية ببعض الأماكن يشكل خطورة على المرضى خصوصا المتواجدين في حالة غير مستقرة، وإغلاق أبواب الإغاثة و تلحيمها، إلى جانب غياب كؤوس بلاستيكية ذات الإستعمال الوحيد ، حيث يضطر المرضى إلى استعمال نفس الكأس من أجل شرب الدواء مع ما يشكله هذا الأمر من خطر تنقيل العدوى و الأمراض التعفنية و الطفيلية و الفيروسية". وسار تقرير الهيئتين النقابيتين إلى وجود " صعوبة كبيرة في مراقبة جميع المرضى، فبالإضافة الى هندسة هذا القسم و تجاوز طاقته الإستيعابية و نقص في عدد الأطر التمريضية ، فإن عملية تثبيت كاميرات المراقبة داخله لا تراعي خصوصيته لا من حيث أماكن التثبيت و لا من حيث جودة و نوعية هذه الكاميرات، حيث إن مجموعة من الأماكن لا تشملها المراقبة و بعض هذه الكاميرات يسهل الوصول إليها من طرف المرضى و تعريضها للتلف إضافة الى ضبابية الرؤية في بعضها، في ظل تأخر إدارة المستشفى في إصلاح مجموعة من الكاميرات المتلفة و ذلك بالرغم من توصلها بعدد من الشكايات في هذا الشأن، وكذا ضعف كبير في عملية الصيانة و الإعتناء المستمر بمرافق هذا القسم .، وكذا غياب أماكن مخصصة لحفظ ودائع المرضى و غياب بروتوكول خاص بهذه العملية.، و غياب أماكن و وسائل الترفيه بهذا القسم رغم أهميتها، ينضاف إليها هزالة الوجبات الغذائية المقدمة للمرضى و التي لا تسد حاجياتهم كما و كيفا خصوصا و ان حالتهم الصحية و الأدوية التي يستعملونها تستلزم وجبات كافية و متوازنة و غنية". وعلى مستوى الأدوية، سجل تقرير الهيئتين، "نقصا حادا في مجموعة من الأدوية الضرورية و الأساسية و انقطاعات مستمرة في التزود بها و نخص بالذكر مضادات الدهان و مضادات الإكتئاب، إلى جانب النقص الكبير ، و في أغلب الأحيان، غياب مضادات الذهان التي تعطى عن طريق الحقن les neuroleptiques injectables، مع انعدام توفر الجيل الجديد من هذه الأدوية ذو الآثار الجانبية القليلة و الفعالية العالية، فضلا عن نقص حاد في الأدوية المزيلة للقلق les anxiolytiques .. وهذا النقص و الإنقطاع في التزود بالأدوية يؤديان إلى تدهور حالة المرضى و إلى طول مدة الإستشفاء و تعقيد مهمة مقدمي العلاج مع تزايد الخطر الذي يشكله المرضى على بعضهم البعض و على الأطر الصحية، إضافة إلى غياب الشروط السليمة لتخزين الأدوية بهذا القسم ، بالاضافة إلى غياب أماكن كافية ، سجلنا غياب المكيفات الهوائية و أجهزة قياس الحرارة و الرطوبة بمكان التخزين ، مع غياب ثلاجات خاصة ببعض الأدوية التي يستلزم حفظها درجة حرارة منخفضة مما من شأنه التأثير على فعالية هاته الأدوية أو تحولها إلى مواد سامة، وغياب مجموعة من الأدوية الخاصة بالأمراض العضوية الأخرى التي قد تصيب نزلاء هذا القسم اثناء عملية الإستشفاء". وبخصوص ظروف و وسائل العم، فقد رصد التقرير ذاته "نقصا حادا في الأطر التمريضية المختصة زاد من حدته تنقيل مجموعة من الممرضين في الصحة النفسية للعمل بأقسام أخرى و مغادرة البعض إما بسبب الإحالة على التقاعد أو بسبب إتمام مسارهم الدراسي حيث تمت مغادرتهم لهذا القسم دون تعويضهم. – وبسبب هذا الخصاص فإن اغلب فرق العمل تتكون من ممرضين اثنين إلى ثلاث يقومون بالإشراف على ازيد من 100 نزيل ، و يزداد الأمر تعقيدا اثناء العطل السنوية أو الاجازات المرضية". و مما زاد من تأزيم الوضع ، يوضح التقرير، "إقدام إدارة المستشفى دون أي مقاربة تشاركية على إحداث نظام عمل لا يراعي هذا النقص ، حيث تم تقسيم مصلحة الأمراض النفسية إلى أربعة أجنحة و تكليف ممرض واحد بكل جناح ، حيث تبقى بعض الأجنحة بدون أي ممرض، زيادة على أن ممرض واحد غير كاف بتاتا للإشراف على بعض الأجنحة التي تضم 60 مريضا في بعض الأحيان. هذا التقسيم لا يراعي إطلاقا طبيعة العمل بهذا القسم و التي تستدعي العمل ضمن فريق و ليس بشكل فردي ، حيث إن معظم الحالات غير مستقرة و تشكل خطورة على مقدمي العلاج ، خصوصا و أن تباعد الأجنحة بهذه المصلحة تصعب عملية التواصل مع باقي أعضاء فريق العمل أو طلب النجدة أثناء مواجهة أي خطر". ونبه تقرير الهيئتين إلى أنه "تم تنقيل مجموعة من المساعدين في العلاج les aides soignants الذين تم تعيينهم بمصلحة الطب النفسي للعمل بأقسام أخرى مما أثر سلبا على التكفل بالمرضى و بنظافتهم ، وسط إشراف طبيبة واحدة فقط مختصة في الطب النفسي على هذا القسم، إلى جانب عدم احترام المساطر القانونية في عملية استشفاء المرضى داخل المصلحة خصوصا خلال فترة الحراسة الليلية ، حيث يلج المرضى من مصلحة المستعجلات إلى مصلحة الطب النفسي بدون بروتوكول علاجي و بدون وصفة طبية مسلمة من طبيب مختص في الأمراض النفسية و العقلية و ذلك في مخالفة صريحة للفصل 51 من القانون الداخلي للمستشفيات". كما سجل، وفق التقرير ذاته، " عدم تمكين الممرضين العاملين بهذا القسم من الأمر بمهمة ordre de mission أثناء تأمينهم لنقل المرضى إلى مستشفيات أخرى رغم بساطة هذا الإجراء القانوني، وكذا عدم توفر قسم الطب النفسي على قاعة للعلاج تكون مجهزة و تراعي خصوصية المرضى و تحفظ كرامتهم.، إلى جانب توفر المصلحة على عربة وحيدة لتقديم الأدوية و العلاجات مع غياب أجهزة مراقبة المؤشرات الحيوية بل و حتى أجهزة قياس حرارة المريض، فضلا على عدم تجاوب الإدارة بالشكل المطلوب مع مختلف التقارير و الشكايات المرفوعة إليها بخصوص ظروف العمل"، وفق لغة التقرير النقابي المشتركة ذاته.