لطالما ظل النظام المخزني التقليدي يحاول جاهدا التحكم في المشهد السياسي في المغرب بشكل عام، وذلك من خلال ضبط كل القوى السياسية التي تخالفه الرأي بشتى الوسائل، إما باحتوائها و تفتيتها أو تعريضها لآلة القمع الممنهج، إلى غيرها من الآليات التي تعمل بشكل منظم غايتها في أخر المطاف إلحاق أكبر خسارة بالطرف المستهدف، سواء كان إطار مدني أو سياسي معارض بل و حتى صحفيين و فنانين إلى غيرهم من الأصوات الحرة التي لحقها عقاب المخزن. إذ انه رغم كل المحاولات المتلاحقة التي يبذلها المخزن من اجل تلميع صورته لدى المجتمع الدولي، فإن عقدة التحكم تبقى لصيقة بنمط الحكم بالمغرب نظرا لهشاشة الأوضاع من مختلف المستويات الاجتماعية و الاقتصادية، لدى فإن النظام يظل حريصا كل الحرص على ضبط المشهد السياسي و الإعلامي، هذا الأخير الذي بدأ يلعب دورا هاما في توجيه الرأي العام المغربي من خلال العمل على نقل المعلومة بأمانة و كل موضوعية إلى المتلقي، خالية من كل حمولة سياسية موالية لأطروحة المخزن كما كان عليه الوضع في السابق، بحيث كان المخزن هو الفاعل الرئيسي في مجال الإعلام و بذلك فإن رؤيته هي المتحكمة، إلا أن التراكم الذي استطاع مجموعة من رجال الإعلام المغاربة المخلصين لمبادئ العمل الإعلامي الحر، ثم النجاح الباهر الذي حققه الإعلام الالكتروني بكافة ربوع المعمورة، قد خلق هامشا مهما من الحرية الإعلامية، إلا أن هذه الحرية بالطبع تظل عرضة لتقييد نظرا لكونها تشكل تهديدا حقيقي للنظم اللاديمقراطية، هكذا إذا يمكن القول بأن النظام المخزني معاد بطبيعته للعمل الصحفي الحر و النزيه و المرتبط بقضايا و هموم الشعب الحقيقية. في هذا السياق يأتي اعتقال الصحفي "علي أنوزلا" مدير جريدة "لكم" في نسختها العربية، تحت مبرر نشر الموقع لشريط صادر عن "تنظيم القاعدة بالمغرب الإسلامي" وهو ما اعتبرته النيابة العامة لدى محكمة الاستئناف بالرباط تحريضا على الإرهاب، هذا الصحفي المعروف بجرأته في نقد النظام الملكي عبر مقالاته و كذا المعروف بتوجهه التقدمي، والذي كان له الفضل في تفجير فضيحة العفو عن الوحش الآدمي "دانييل غالفان" و التي ألحقت ضررا كبيرا بصورة المؤسسة الملكية، إذ لعب موقع "لكم" للصحفي "علي انوزلا" دورا كبيرا في التفاعل مع مجريات هذه الواقعة التي تتبعها جمهور عريض من المغاربة و تفاعلوا معها بشكل كبير و منقطع النظير، هذا إلى جانب كونه وكما أسلفت يتميز بكتاباته الجريئة مثل: " غياب الملك" و "لماذا الخوف من المينورسو" إلى أخرها من المقالات الصحفية. بالإضافة إلى تركيزه بشكل كبير و بطريقة مهنية على مختلف الاحتجاجات الشعبية التي عرفها المغرب بالتزامن مع موجة "الربيع العربي" إذ ساهم بشكل كبير في تغطية هذه الاحتجاجات و كذا رصد حالات الاعتقال السياسي التي صاحبت الحملة الانتقامية من رموز هذا الحراك الشعبي، فعلى سبيل الذكر لا الحصر "أحداث مدينة تازة" " أحداث منطقة الشليحات"، إلى جانب تغطية الموقع للأحداث التي تشهدها الصحراء الغربية و ما تعرفه من حراك سياسي سواء ارتبطت بما يعرفه الملف من تطورات أو وقائع ذات صلة بالانتهاكات المرتكبة بالمنطقة. أعتقد بأن كل من يتابع المشهد السياسي بالمغرب قد يستطيع و بسهولة أن يكتشف على أن الصحفي "علي انوزلا" هو ضحية عملية انتقام مخزنية محضة نظرا لدوره إلى جانب مجموعة من الأصوات الحرة بالمغرب في فضح ممارسات المخزن البائدة المنتهجة ضد عموم أبناء الشعب المغربي، إذ إن الحملة التشهيرية التي يقودها مجموعة من أتباع المخزن منذ فترة طويلة ضد هذا الرجل لدليل واضح على هذه النتيجة التي كانت مترقبة نظرا لارتباط الخط التحريري للصحفي "علي انوزلا" بقضايا الشعب الحقيقة و نزاهته المهنية التي لم تقبل المساومة و لا التراجع، إذا فخير مساندة لكل الأحرار هي مزيد من النضال السلمي لمواجهة كل المخططات المخزنية التي تستهدف الشعب.