أمس، اعتقل عناصر من فرع الشرطة القضائية التابعة ل«الأمن الوطني المغربي» مدير موقع «لكم» الإخباري، علي أنوزلا، بعدما نشر موقعه رابطاً لتسجيل تنظيم «القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي» حيث يهدّد ويهاجم ملك المغرب محمد السادس. وقد ألقي القبض على الصحافي في مقرّ الجريدة في الرباط، وحُجزت حواسيب الموقع الإخباري، بينما نُقل مديره إلى مقرّ الشرطة القضائية في مدينة الدارالبيضاء. وبحسب بيان الوكيل العام للملك في الرباط، فإنه «على أثر نشر الموقع الإلكتروني شريطاً منسوباً لتنظيم «القاعدة» تضمّن دعوة صريحة وتحريضاً مباشراً على ارتكاب أفعال «إرهابية» في المغرب، أمرت النيابة بإيقاف المسؤول عن الموقع بهدف البحث معه حول الموضوع»، علماً بأنّ الفيديو تقارب مدته 40 دقيقة، وهو يدعو إلى «الجهاد»، وينتقد النظام والملك، لكن إدارة اليوتيوب حذفت الشريط «لعدم احترام القواعد الخاصة المتعلقة بالتحريض على العنف». في السياق نفسه، استغرب الكثير من الإعلاميين الخطوة الجديدة بحقّ مدير الموقع، لأنّ الأخير تابع إعلامياً التهديدات الإرهابية ل«القاعدة»، ونشر رابط اليوتيوب للتسجيل فقط. فيما اعتبر البعض أنّ اعتقال أنوزلا مجرّد مبرّر لملاحقة الإعلامي المعروف بمواقفه المناهضة للسلطة المغربية، وللمقرّبين من الدولة، وقاربوه بنوع من السخرية. في الإطار ذاته، برّرت وزارة العدل في بيانها اعتقال الصحافي بأنه «أمر من وكيل الملك (مسؤول قضائي) للتحقيق معه حول ملابسات نشر التسجيل»، لافتة إلى أنه «سيتم ترتيب الآثار القانونية الملائمة على ضوء نتائج البحث المأمور به». أما مدير نسخة موقع «لكم» الفرنسية أبو بكر الجامعي، فقد أكّد عبر الموقع أنه منذ البداية، كانت هناك إشارة إلى أن الفيديو يدخل في «البروباغندا» الإعلامية، وأن نشر روابط هذه التسجيلات معمول به في دول أخرى مثل فرنسا وأميركا. المعروف عن علي أنوزلا أنه واحد من الصحافيين الذين لهم مواقف من السلطة. تمّ التحقيق معه أكثر من مرة ولوحق قضائياً على خلفية ملفات مختلفة. ويرى كثيرون أنّ الملاحقات التي تواجه الإعلامي تنبع من رغبة لدى دوائر في الدولة في إسكات «الصوت المشاغب» الذي لطالما انتقد الدولة في افتتاحياته، واستحواذ المؤسسة الملكية على جميع السلطات في المغرب. كما كان الإعلامي أكثر من مرة ضحية لانتقادات، إذ لطالما نشرت بعض المواقع والصحف المشبوهة أخباراً مغلوطة عنه بهدف المسّ بسمعته، كان من ضمنها خبر انتحاره. لكن أنوزلا لم يتوقف عن كتابة المقالات وتحريك الرأي العام في المغرب. يذكر أن موقع «لكم» الإخباري كان وراء الأزمة التي حصلت في المغرب قبل شهرين، يوم أُصدر العفو الملكي عن مغتصب الأطفال الإسباني دانيال كالفان الذي كان يفترض أن يقضي عقوبة سجن من ثلاثين سنة، فإذا به يفرج عنه بعد سنتين. يومها، نشر الموقع معطيات دقيقة من قبل محامي عائلات الضحايا، ما دفع إلى إقامة عشرات الوقفات في مدن مغربية مختلفة، وأرغمت الدولة المغربية على التراجع عن قرارها. كما نشر الديوان الملكي بياناً اشتمّت منه رائحة الاعتذار في سابقة لم يشهد المغرب مثيلاً لها من قبل. فهل سيظلّ التحقيق واحداً من عُدّة يخضع لها الصحافي أكثر من مرّة خلال السنة، أم سيكون تمهيداً لملف أكبر هذه المرة؟ المصدر: جريدة الأخبار اللبنانية