يقولون أن الأمازيغ عملاء إسرائيل ونقول أنهم هم العملاء، وأعني كل العرب عبر ربوع وطنهم الوهمي، أفليست القومية العربية هي العصا التي استعملت لضرب الخلافة العثمانية التي كانت درعا حاميا لفلسطين، ألم يكن العرب في مصر والأردن وسوريا من باعوا فلسطين مقابل الحصول على معاهدات واتفاقيات سلام لكل دولة على حدة، تاركين الفلسطينيين يواجهون مصيرهم، ثم ألا تجمع بين إسرائيل والفلسطينيين أنفسهم معاهدات واتفاقيات سلام ووقف إطلاق النار، وألا يزور المئات والآلاف من المغاربة ومن دول شمال إفريقيا والشرق الأوسط إسرائيل كل سنة، وألا يعمل عشرات الآلاف من الفلسطينيين داخل إسرائيل، وبل يعيش فيها ملايين منهم، ولديهم أحزاب وتنظيمات ونواب في الكنيست، وأليست شركة القدس للأسمنت المملوكة لعائلة رئيس الوزراء الفلسطيني السابق أحمد قريع من زود إسرائيل بمواد استخدمت في بناء الجدار العازل، كما تبيع الإسمنت لمستوطنات إسرائيلية، وأليس واقع العلاقات التجارية بين العرب وإسرائيل أمرا محسوما ومعلوما تؤطره اتفاقيات بإمكان أي كان أن يجدها ببحث بسيط في غوغل. وفي المغرب أليس هؤلاء المتبجحين بفلسطين والقومية العربية مجرد مرتزقة لأنظمة ديكتاتورية عروبية على حساب مصالح الوطن، هل سينفون علاقاتهم المادية والمخابراتية مع الخارج، ألم يسعى القوميون العرب في الثلاثينات من القرن الماضي للحصول على اتفاقية مع اسبانيا لتقسيم المغرب وتشكيل دويلة عروبية في الشمال، وأليس أمرا واقعا أن القوميون العرب من دعم ومول جبهة البوليساريوا لإنشاء جمهورية عربية بالصحراء المغربية، ثم ألم يكن القوميون العرب من يحكمون دول شمال افريقيا والشرق الأوسط، فلما لم نراهم يعلنون الحرب ضد إسرائيل أو يقطعون علاقاتهم مع الدول التي لديها اتفاقيات معها، أو يمنعون مواطنيهم والمواطنين الإسرائليين من السياحة المتبادلة، ألم يصل دعاة الإسلام السياسي في تونس ومصر والمغرب إلى السلطة مؤخرا ، فأين ذهبت شعاراتهم حول العدو الصهيوني وتدمير إسرائيل وتحرير الأقصى، ألم يكتفي مرسي بالحفاظ على أمن إسرائيل واحترام اتفاقيات مصر معها، بينما بنكيران في المغرب كان كل ما قام به ضد إسرائيل هو التقاط صور مع صهاينة مشهورين، ألم يزر مؤخرا صحافيين مغاربة إسرائيل وألم يستدعي أحد أفراد عائلة الفاسي وزيرة الخارجية الإسرائيلة إلى المغرب سابقا، وألا تجمع بين السياسيين المغاربة على اختلاف انتماءاتهم علاقات مع إسرائيل، وألا تكشف دائرة الإحصاء المركزية بإسرائيل كل سنة عن رقم معاملات تجارية يقارب المائة مليون درهم بين المغرب وإسرائيل، وعن زيارات لآلاف المغاربة لإسرائيل، وضمنهم حتى أعضاء في حزب العدالة والتنمية الإسلامي المغربي. سيطول بنا الحديث كثيرا جدا إن أردنا التدقيق في عمالة العرب والإسلاميين لإسرائيل، ورغم أن كل ما قيل هنا لا يخفى على أحد، إلا أن بعض القوميين والإسلاميين لا يجدون سوى النباح كل مرة محذرين من عمالة الأمازيغ لإسرائيل، تلك العمالة التي لا يملكون عليها ولو دليلا واحدا، فالثابت أن لا علاقة بين الأمازيغ وإسرائيل كيفما كانت، وحتى حديث لقاء بعضهم بكمشة من الطلبة اليهود مؤخرا بالمغرب، غابت عنه الإشارة إلى أن الملتقين ينتمون كذلك لتنظيمات تترأسها خديجة الرويسي عضوة حزب الأصالة والمعاصرة المؤسس من قبل مستشار الملك، فلما يبحث هؤلاء عن أية فرصة لإتهام الأمازيغ بالعمالة للخارج وألم يكن حالهم دوما هكذا، إن هذا الاستهداف الدائم للأمازيغ مرده بالأساس خوف القوميين والعروبيين من تخلص وتحرر الأمازيغ من أساطير ومسلمات، وجدت فقط لتكريس تبعية المغرب للشرق وجعله تحت وصاية العرب، وإلا فكيف نفسر محاولة إلصاق تهمة التطبيع بالأمازيغ أليست راجعة إلى التهديد الذي يستشعره ما تبقى من أتباع البعث والناصريين والقذافيين والصداميين حول نهايتهم المحتومة، وبمثابة إعلان فشلهم في الهيمنة على الأمازيغ. القومية العربية أفلست والديكتاتوريين الذين يدفعون ثمن نباح بعض القوميين بالمغرب يسقطون واحدا تلو الاخر، والمجتمع المغربي لم يتقبل أوهام القومية والمغرب يتجه عن المزيد من التمزيغ والإبتعاد عن وهم الوطن العربي، كما أن التاريخ يتجه عكس دعاة القومية العربية والإسلام السياسي، وخاصة بعد سقوط صدام والقذافي وبشار الذي لم يخجل القوميين والإسلاميين المغاربة من دعمهم ورفع صورهم رغم كل ما اقترفوه في حق شعوبهم من جرائم بشعة، ولكن يبقى على الأمازيغ فقط أن لا يعطوا فرصا مجانية لعروبيين وإسلامويين يحتضرون، وبالنسبة لنا فلا فرق بين إسرائيل والسعودية أو سوريا بشار أو ليبيا القذافي، مع فارق أننا لا نرى إسرائيل تحاول تعريبنا أو أسلمتنا أو تفعل ما يفعله العرب المسلمون في بلداننا، ويبقى صوت العقل أن نتمنى أن يسود السلام في الشرق الأوسط، ومن يملك وطنا فليحرره لأن لا شعب أخر سيفعل ذلك مكانه، والخزي لعملاء إسرائيل من القوميين العرب والإسلاميين.