يحاول البعض أن يقنع المغاربة بأن ما يسمى حفل الولاء ليس إلا البيعة الشرعية المنصوص عليها في الكتاب والسنة ، متجاهلا أن الركوع والسجود في الإسلام عبادتين خاصتين بالله تعالى لقوله(( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا وَاعْبُدُوا رَبَّكُمْ)) {الحج:77}وأن من أهم مقاصد الإسلام تحرير الإنسان من السجود والركوع للمخلوقات . وقد تشدد العلماء في هذا الأمر واعتبروا الركوع والسجود لغير الله – حتى لو كان احتراما - أمرا محرما بل و يدخل ضمن الشرك بالله مصدقا لقوله تعالى ::((وَمِنْ آيَاتِهِ اللَّيْلُ وَالنَّهَارُ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ لَا تَسْجُدُوا لِلشَّمْسِ وَلَا لِلْقَمَرِ وَاسْجُدُوا لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَهُنَّ)) {فصلت:37}، وقد حذر النبي صلى الله عليه وسلم من السجود للبشر فقال ": لا يصلح لبشر أن يسجد لبشر، ولو صلح أن يسجد بشر لبشر لأمرت المرأة أن تسجد لزوجها من عظم حقه عليها." رواه أحمد وصححه الألباني. أما البيعة الشرعية فهي نظام تعاقد بين الحاكم والمحكوم أساسه الرضا والاختيار تترتب عنه حقوق وواجبات متبادلة بين الطرفين ، فالحاكم ملزم بإقامة العدل بين الناس وحفظ مصالحهم الدينية والدنيوية، ومشورة أهل الحل و العقد في أمور الأمة مقابل الطاعة والنصرة في الحق . ثم إن النبي صلى عليه وسلم والخلفاء الراشدين من بعده لم يكونوا أبدا يأمرون الناس بالركوع لهم لا عند تقديم البيعة ولا في غيرها بل في أحسن الأحوال كانت البيعة تتم بالمصافحة يبسطون أيديهم ليبايعهم الناس ، لأن من المفترض أن البيعة تعاقد بين طرفين على نفس الدرجة من الإرادة والاختيار ولا وجه لإذلال فيها هكذا يتضح أن حفل الولاء لا علاقة له بالبيعة الشرعية إنما تأصيله الحقيقي هو ما جرت به عادة الأنظمة المتغلبة في أن تجبر رعاياها على الخضوع والطاعة بشكل مذل لأنها لا تحتكم لمنطق الرضا والاختيار بل لمنطق السيف والتغلب وهي تصر على تذكير شعوبها بغلبتها وقهرها لهم ، لأنه لا عقد لها مع الأمة سوى القهر والتغلب ، و رغم أن المغاربة متشبثين بملكيتهم إلا أنهم يشعرون أن هناك إصرار على اهانتهم وإذلالهم سواء من خلال تقريب من يكرهون، أو العفو عن من انتهك أعراضهم ،أو من خلال إمعان جهاز الأمن في اهانتهم ، أومن خلال إظهارهم للعالم كالعبيد يركعون ويقبلون الأيادي ... ولكنهم اليوم يريدون ملكية يكون فيها الملك رمزا لوحدتهم حريصا على كرامتهم حكما يحمي استقرارهم لا متحكما في تفاصيل حياتهم .... كل ذلك بعيدا عن طقوس المخزن الشركية المذلة.