قال أحمد لحليمي المندوب السامي للتخطيط، في كلمة له بمناسبة بلوغ سكان العالم ثمانية ملايير نسمة، إن هذا الحدث كان من المفروض أن يفرح الإنسانية الآخذة في التزايد، لكنه بدا وكأنه تنبيه في ظل التوزيع غير المتكافئ للسكان والثروات المتراكمة بين قارات ومناطق ودول العالم، مصحوبا بتهديدات وجودية من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون. وأشار لحليمي إلى أن المغرب من البلدان المتضررة من هذا المعطى الديمغرافي في ظل التوزيع غير المتكافئ للثروة والسكان، خاصة بالنظر لموقعه الجغرافي بين إفريقيا وأوروبا. وأوضح أن المغرب متاخم للمجالين الأوروبي والأفريقي، اللذين يتميزان بتطورات ديموغرافية واقتصادية متناقضة، الأمر الذي يجعله يواجه يوميا صعوبات لتدبير هذه الوضعية، كونه يعتبر في نفس الوقت قطبا للهجرة، ولفترة طويلة بلد عبور، وحاليا بلدا لإقامة المهاجرين. وأبرز لحليمي أن إفريقيا رغم ثروتها من حيث الموارد الطبيعية، لا تزال التنمية الاقتصادية فيها، بشكل عام، متخلفة مقارنة بمناطق أخرى من العالم، وستعرف دول أفريقيا جنوب الصحراء زيادة في عدد سكانها لينتقل من حوالي 1,17 إلى 2,11 مليار نسمة سنة 2050، في مقابل المسار التنازلي الذي يعرفه المعطى الديمغرافي بأوروبا. ويتزامن هذا النمو مع العدد الهائل للسكان في سن العمل والذين يتزايدون بوتيرة سريعة ويرون في دول الشمال أحد الحلول للهروب من البطالة والفقر، ومن تم تفاقم الضغط على بلدان الضفة الجنوبية للبحر الأبيض المتوسط كنقط للعبور القسري نحو أوروبا، ومنها المغرب. وتوقف المندوب السامي للتخطيط على جملة من الصعوبات التي تواجهها القارة الإفريقية، ومنها تداعيات الأزمات الاقتصادية والغذائية، و عدم الاستقرار ومخاطر الإرهاب، كما أن التغيرات المناخية ستؤدي إلى خسارة ثلثي الأراضي الصالحة للزراعة في القارة في أفق 2030، وفقدان ما بين 5 و15% من ناتجها الداخلي الإجمالي للفرد، و انتقال ما يقارب 43 مليون أفريقي إضافي للعيش تحت عتبة الفقر ابتداء من سنة 2030، ما يفاقم تيارات الهجرة. وفي هذا السياق الديموغرافي، يضيف المندوب السامي، تحول المغرب، الذي كان يعتبر بلد عبور لفترة طويلة، إلى بلد استقبال للهجرة بشكل متزايد، نتيجة سياسة هجرية انتقائية للدول الأوروبية. وبالتالي، فإن المغرب يعاني من ضغوط تيارات الهجرة من إفريقيا، ولا سيما من جنوب الصحراء، والتي استمرت في الازدياد في السنوات الأخيرة. وخلص لحليمي إلى التأكيد على أن المشاكل والتحديات التي تطرحها الديموغرافيا لا تزال إلى حد كبير رهينة بالسياسات الهيكلية المناسبة القادرة على ضمان التحول الهيكلي الذي يجعل من الممكن استغلال النمو السكاني بشكل أفضل من أجل تكوين المزيد من الثروة وتوزيع أفضل لثمار التنمية.