نبه تقرير للمجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي إلى تفاقم التبعية الطاقية للمغرب، بشكل يؤثر على سيادته الطاقية، بفعل إغلاق مصفاة تكرير البترول الوحيدة بالبلاد، والتعثر الواضح في الطاقات المتجددة. وقال المجلس في تقرير له إن إغلاق "سامير" جعل المغرب يصبح مرتهنا بالأسواق الدولية للمنتجات المكررة، كما حرمه من قدرة تخزينية تبلغ حوالي 2 مليون متر مكعب، وقد تفاقمت أزمة الطاقة مع إغلاق خط أنبوب الغاز المغاربي الأوروبي في 2021. وأكد التقرير أن المغرب يجد نفسه في وضعية صعبة تهدد أمنه الطاقي بالنظر إلى أن المخزونات الاحتياطية من المنتجات الطاقية لم يسبق لها أن بلغت السقف القانوني المحدد في شهرين. وأبرز التقرير أن الإجراء الوحيد الذي تعتمده الحكومة حاليا، المتمثل في تتبع برامج الاستيراد التي تدلي بها الشركات المستوردة للمواد البترولية وكذا مخزونات المنتجات التي توجد بحوزة الشركات البترولية، لن يمكن من تحسين الأمن الطاقي. كما سجل التقرير تأخر المغرب في زيادة حصة الطاقات المتجددة، فرغم التزامه بزيادة حصة هذه الطاقات في المزيج الطاقي إلى 42في المئة في أفق 2020، إلا أن القدرة المنشأة خلال سنة 2021 بلغت بالكاد 37.8 في المئة، كما أن إنتاج الكهرباء من مصادر متجددة لا يتجاوز 20 في المائة من إجمالي الطاقة الكهربائية المنتجة بالمغرب. وقد أدت هذه التطورات، يضيف التقرير، إلى تزايد درجة اعتماد المملكة على واردات منتجات الطاقة والكهرباء وفاقمت من عجز ميزانها التجاري. وأبرز التقرير أن هذه التطورات مجتمعة، كان لها تأثير قوي على الوضعية الطاقية والاقتصادية بالمغرب، بحيث ارتفع معدلا لتضخم، وقد شهدت أسعار جميع المنتجات ارتفاعا كبيرا، لا سيما أسعار البيع في محطات التزود بالوقود، التي وصلت إلى مستويات غير مسبوقة في تاريخ المغرب، وهو ما دفع الحكومة إلى اتخاذ بعض التدابير للحفاظ على القدرة الشرائية للمستهلكين. ولفتت المؤسسة الدستورية إلى أن التدابير التي اتخذتها الحكومة، تظل غير كافية في ظرفية مطبوعة بعدم اليقين، وقد لا تسعف في تجاوز الاختلالات البنيوية والمؤسساتية الحقيقية التي تهدد السيادة الطاقية للبلاد وتعيق مسلسل انتقالها الطاقي. وانتقد التقرير التأخر المسجل في تطوير الطاقات المتجددة وعدم تحقق أهداف الاستراتيجية الطاقية الوطنية، وعزى هذه النتائج السلبية إلى غياب رؤية استراتيجية ملائمة يتقاسمها مختلف الفاعلون المعنيون، فضلا عن غياب قيادة استراتيجية تقوم على تدابير منسقة ومتسمة بالالتقائية بين مختلف المؤسسات المعنية، فضلا عن أن مختلف السياسات الصناعية والاقتصادية والاجتماعية تتم في إطار قطاعي محض، ولا يأخذ بالضرورة بعين الاعتبار الجانب المتعلق بالانتقال الطاقي وبالنجاعة الطاقية. وشدد المجلس على أن ما يطبع قطاع الطاقات المتجددة من غياب لوضوح الرؤية والحاجة الماسة لتأهيل إطاره القانوني، كلها عوامل قد تثني الفاعلين عن الاستثمار في هذا القطاع. وأوصى المجلس في تقريره بالعمل وفق مقاربة منسقة على وضع استراتيجية وطنية طاقية متجددة من خلال هيئة قوية مستقلة لتقنين قطاع الطاقة، وإصلاح المؤسسات العمومية العاملة في القطاع، وتسريع وتيرة اعتماد الطاقة الكهربائية النظيفة، وتشغيل محطات تحلية مياه البحر بالكهرباء المستمدة من الطاقات المتجددة. كما أوصى المجلس بتعزيز السيادة الطاقية للمغرب عبر مجموعة من التدابير، وتثمين قدرات الطاقات المتجددة بشكل أمثل، وتنويع مزيج الطاقة المتجددة، والنهوض بالنقل الكهربائي.