قررت حكومة الوحدة الليبية الدخول على خط المنافسة مع المغرب والجزائر لنقل غاز نيجيريا إلى أوروبا عبر أراضيها. ورغم الأوضاع الأمنية غير المستقرة التي تعاني منها ليبيا، إلا أنها تراهن على ميزة أفضلية مرور أنبوب نقل غاز نيجيريا عبرها نحو أوروبا. وهذه الأفضلية تتمثل في أن المسافة بين آبار الغاز في نيجيريا نحو الأسواق الأوروبية تقل بألف كلم على الأقل، بحسب وزير النفط الليبي محمد عون، مقارنة بمشروعي أنبوبي الغاز المارين عبر الأراضي المغربية أو الجزائرية، دون أن يذكر طوله، ولكن من المرجح أنه في حدود 3 آلاف كلم. يبلغ طول الخط المار عبر الجزائر 4 آلاف و181 كلم، بينما يبلغ طول الخط المار عبر المغرب 5 آلاف و660 كلم. وقِصر المسافة بألف كلم على الأقل، تقلل تكلفة المشروع، ومدة الإنجاز، وسعر الغاز النهائي؛ ما يجعله أكثر منافسة للخطين المغربي والجزائري. لكن ليبيا أمامها تحديات كثيرة لتحقيق هذا المشروع، فليست الجوانب الأمنية ما تعوقه، بل هناك أيضا الجوانب المالية والتكنولوجية والسوق، واستقرار أسعار الغاز، وعامل الوقت المرتبط بتحول الدول الأوروبية نحو الطاقات المتجددة والوصول إلى الحياد الكربوني في آفاق 2050. الأنبوب الليبي أول إعلان عن بداية التفكير في إنشاء مشروع لأنبوب لنقل غاز نيجيريا عبر ليبيا، كان في 16 يونيو الماضي. حينها كشف المتحدث باسم حكومة الوحدة الليبية محمد حمودة، في مؤتمر صحفي، أن الحكومة "منحت الإذن لوزارة النفط والغاز، لإجراء الدراسات الفنية والاقتصادية لجدوى إنشاء مشروع أنبوب غاز من نيجيريا عبر النيجر أو تشاد إلى أوروبا عبر ليبيا". وفي 25 سبتمبر، أعلن وزير النفط والغاز محمد عون، في مؤتمر صحفي بطرابلس، عن أن وزارته قدمت دراسة لحكومة الوحدة الليبية بشأن خط الغاز النيجيري المقترح إلى أوروبا. وحسمت الدراسة الأولية لصالح عبور الأنبوب من النيجر بدل تشاد، وأوضح الوزير الليبي في تصريح صحفي أنه ستجرى دراسة معمقة في غضون ستة أشهر. وبدأت بين مسؤولين ليبيين ونيجيريين مباحثات استكشافية حول جدوى هذا المشروع، على هامش اجتماع "منظمة منتجي البترول الأفارقة" (APPO) في سبتمبر، والتي تضم 16 دولة ، من إجمالي 55 عضو في الاتحاد الإفريقي. ومن الناحية النظرية، يمكن ربط خط أنابيب "أجاوكوتا-كادونا كانو" (AKK) في نيجيريا، بعد إنجازه، بخط "غرين ستريم" انطلاقا من حقل الوفاء (500 كلم جنوب غرب طرابلس) على الحدود مع الجزائر. ولفت عون، في تصريح لقناة "فبراير" المحلية، عن احتمال حاجة ليبيا لاستيراد الغاز من نيجيريا ما يمكنها من التعاقد معها. وهذا الاحتمال قائم، رغم أن ليبيا بلد مصدر للغاز وينام على احتياطات ضخمة منه، وهذا نظرا لقيام بعض الأطراف المحلية بغلق حقول الغاز بين الحين والآخر، ما تسبب في نقص تموين محطات الكهرباء بالغاز. الفيتو الروسي مشروع الأنبوب الليبي يواجه معضلة أخرى، تتمثل في تمركز مرتزقة شركة فاغنر الروسية بالجنوب على الطريق التي يفترض أن يمر عبرها الأنبوب، ما يمنح لموسكو ورقة في قبول أو رفض إنجازه. فموسكو مهتمة بشكل مثير بمشاريع خطوط نقل غاز نيجيريا نحو أوروبا، خاصة في ظل سعي أوروبا للتخلي عن استيراد الغاز الروسي. وليس من المستبعد أن تحاول روسيا بسط نفوذها على الأنبوب الليبي النيجيري، سواء بالمشاركة في إنجازه، أو عرقلته وتعطيله أو على الأقل وضعه تحت أعينها، واستخدامه كورقة ضغط ضد أوروبا. وفي ظل العلاقات السيئة بين حكومة الدبيبة وروسيا، فمن المستبعد أن توافق الأخيرة على هذا المشروع، إلا إذا تغيرت المعطيات، خلال السنوات التي سيتم خلالها دراسة جدوى المشروع وانطلاق إنجازه. ورغم صعوبة إنجازه أمنيا وماليا وسياسيا، فإن مشروع أنبوب غاز نيجيريا ليبيا، يعد ورقة يمكن ان تلعب بها حكومة الدبيبة، داخليا من خلال رفع شعبيتها، وخارجيا للحصول على مزيد من الاعتراف والدعم الدولي لأطول مدة، وإظهار ليبيا كفاعل دولي مهم في صراع الغاز. أنبوب المفرب نيجيريا بالنسبة لخط الغاز المغرب نيجيريا فقد وضع على سكة التنفيذ بعد توقيع المغرب ونيجيريا ودول غرب إفريقيا، قبل أسبوعين، في الرباط، مذكرة تفاهم لتأسيس هذا الخط. وقالت أمينة بن خضرة، المديرة العام للمكتب المغربي للهيدروكاربورات والمعادن ، في كلمة خلال حفل التوقيع: "الاتفاقية هي التزام الجميع بإقامة مشروع مهم سيوفر الغاز لجميع دول غرب إفريقيا". وأضافت بن خضرة أن هذا المشروع سيكون له أثر إيجابي مباشر على أكثر من 340 مليون نسمة. وتنص الاتفاقية على التزام المجموعة وجميع الدول التي يمر منها الأنبوب، على المساهمة في تفعيل المشروع، والذي سيوفر بمجرد اكتماله، الغاز لجميع دول غرب إفريقيا، وسيشكل أيضا محور عبور جديد لتصدير الغاز لأوروبا. ووصل المشروع في مرحلة الدراسات التقنية والهندسية التفصيلية، في حين أن الأطراف تبحث عن تمويل يقدر ب 25 إلى 30 مليار دولار، ما يجعل هذا المشروع الأعلى كلفة مقارنة مع المشاريع المنافسة. وسيعبر الأنبوب 13 دولة في غرب إفريقيا قبل أن يصل إلى أوروبا، وتم الاتفاق عليه مع المغرب في 2016، وسيمتد على طول 5660 كلم. كما سيتم تشييد الأنبوب على عدة مراحل ليستجيب للحاجة المتزايدة للبلدان التي سيعبر منها وأوروبا، خلال ال 25 سنة القادمة. وسيمكن هذا الخط من الربط مع احتياطات تصل إلى 5400 مليار متر مكعب من الغاز ودمج اقتصادات البلدان من خلال ناتج محلي إجمالي يصل إلى 670 تريليون دولار. وبحسب وزير البترول النيجيري فإن الروس "مهتمون جدا" بالاستثمار في هذا المشروع. أنبوب الجزائر نيحيريا الأنبوب المار عبر الجزائر وصل مرحلة متقدمة من الإنجاز بحسب وزير النفط بنيجيريا تيمبري سيلفا، في مقابلة له مع قناة الشرق، في سبتمبر. وقال الوزير إن "الجزائر أنهت شبكة أنابيب داخل أراضيها.. نحن استكملنا 70 بالمئة من الأنبوب الذي ينقل الغاز من الجنوب إلى الشمال (AKK)، بعدها سنكون جاهزين لنقل الغاز مباشرة إلى النيجر ثم الجزائر". وأوضح سيلفا، أن "هذا الأنبوب قيد التخطيط، وفي عام أو عامين يجب أن نصل إلى نقطة نبدأ فيها بالإنشاء". هذا يعني أن الجزائر أنهت إنجاز الجزء الخاص بها من الأنبوب العابر للصحراء (2300 كلم) والممتد من حدودها الجنوبية مع النيجر إلى غاية حقل حاسي الرمل للغاز (وسط)، والذي منه تنطلق شبكة أنابيب الغاز الجزائرية نحو إيطاليا شرقا وإسبانيا غربا. أما الجزء الخاص بنيجيريا (1040 كلم)، فالمقصود به أنبوب "أجاوكوتا-كادونا-كانو" (AKK)، والذي لم يتبق منه سوى 30 بالمئة لاستكماله (نحو 300 كلم)، وإيصاله من حقول الغاز في دلتا النيجرجنوبا إلى المناطق الشمالية الفقيرة. أي أنه تم لحد الآن إنجاز أكثر من 3 آلاف كلم من أنبوب الغاز في الجزائرونيجيريا، وهو ما يمثل أكثر من 72 بالمئة من المشروع. ومن المرجح أن تنطلق أشغال الجزء الخاص بالنيجر في عام 2024، بعد تحديث الدراسات السابقة. وخط الأنابيب الليبي يتخذ نفس المسار تقريبا مع الخط الجزائري فكلاهما يمر من شمال نيجيريا عبر النيجر. وتملك ليبيا أفضلية بالنظر إلى قربها من إيطاليا، بينما يعبر أنبوب "ترانسميد" من الجزائر عبر تونس حتى يصل إلى إيطاليا، إلا إذا تم إنجاز مشروع أنبوب غالسي، الذي يمر مباشرة نحو إيطاليا.