تمر العلاقات الفرنسية المغربية بأزمة صامتة منذ عدة شهور، لكنها بدأت تخرج إلى العلن، وآخر تمظهراتها تلك التي كشف عنها اليوم بلاغ مقتضب صادر عن سفارة فرنسا في الرباط. البلاغ، الصادر مساء السبت، على الصفحة الرسمية للسفارة الفرنسية على موقع "فيسبوك"، جاء لينفي "بشكل قاطع المعلومات المغلوطة التي نشرها موقع هيسبرس حول العلاقات الفرنسية المغربية يوم الجمعة 2 شتنبر". واكتفى البلاغ بالقول بأن "السفارة الفرنسية في خدمة الصداقة الفرنسية المغربية وتجدد دعوتها إلى توخي الحذر إزاء بعض المعلومات التي قد تنشر في وسائل الإعلام أو شبكات التواصل الاجتماعي". ولم تمض إلى ساعات حتى قام موقع هيسبرس بحذف المقال الذي أخرج السفارة الفرنسية عن صمتها بالرغم من الانتقادات التي طاولتها طيلة الأشهر الماضية بسبب الرفض المبالغ فيه لعدد كبير من طلبات التأشيرة من مواطنين مغاربة. فما الذي جعل السفارة الفرنسية في الرباط تخرج عن صمتها، وما هي "المعلومات المغلوطة" التي تضمنها المقال الذي قام الموقع المغربي بحذفه؟ الجواب عن هاذين السؤالين تجمله مضامين المقال الذي حمل عنوان "لعبة فرنسا الصغيرة للضغط على المغربّ"، واطلع موقع "لكم" عليه. فالمقال عبارة عما وصفها الموقع بتسريب لمعلومات حساسة عبارة عن مقتطفات من تقارير يقول كاتب المقال إن مصدرها هو "المديرية العامة للأمن الخارجي" الفرنسي، أي الاستخبارات الخارجية الفرنسية. ويكشف صاحب المقال عما تضمنته تلك التقارير المرفوعة إلى الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون من رئيس مخابراته الخارجية برنارد إيمييه، بناء على طلب من الرئيس نفسه، حسب كاتب المقال، للتحقيق حول آخر التطورات الدبلوماسية والاقتصادية والجيوستراتيجية بين المغرب وفرنسا، ومستقبل علاقاتهما. وتضمنت المقتطفات التي أوردتها الصحيفة، ونسبتها إلى مدير المخابرات الخارجية الفرنسية، نصائح للرئيس الفرنسي للضغط على المغرب باستعمال عدة "أوراق" سياسية ودبلوماسية وإعلامية للحفاظ على مصالح فرنسا في المغرب وفي القارة الإفريقية. ويأتي هذا التطور ليزيد من تعميق الأزمة الصامتة بين البلدين التي باتت مرشحة لمزيد من التوتر في المقبل من الأيام. ويتزامن هذا التطور مع حملة إعلامية تشنها وسائل إعلام مغربية، وعلى وسائط التواصل الاجتماعي، تستهدف فرنسا ورئيسها إيمانويل ماكرون، على خلفية زيارته الأخيرة للجزائر، وعلى إثر الأزمة الدبلوماسية التي اندلعت مؤخرا بين المغرب وتونس، إذ يعتقد محللون مغاربة أن فرنسا هي التي تحرك خيوطها من الخلف.