بعد سنتين من التوقف بسبب جائحة كوفيد 19، صدر بتاريخ 13 يوليوز الجاري قرار تنظيم البرنامج الوطني للتخييم وتعيين أطره برسم صيف 2022، يكون من المفيد جدا التذكير بأن المنظمات والجمعيات الفاعلة المهتمة بالشأن التربوي سبق لها ان تقدمت بعدد من المشاريع كلها ترمى الى اعادة الاعتبار لمؤسسة المخيم ال\ي يشكل احدى آليات التنشئة الاجتماعية. من بين هذه المقترحات، "المبادرة المدنية للنهوض بالمخيمات التربوية" التي تهدف بالخصوص الى بلورة خطة استراتيجية وطنية مندمجة عمومية ووضع ترسانة تشريعية وتنظيمية وتوسع رقعة مراكز التخييم وتنويعها وتعميمها والرفع من طاقتها الاستيعابية وتجويد مضامين ومناهج التكوين. فهذه المبادرة المدنية التي تأسست في اعقاب اللقاء الذي نظمته "حلقة الوفاء لذاكرة محمد الحيحي" حول موضوع "المخيمات الصيفية: رؤية من اجل المستقبل "بالرباط، تضم في عضويتها ممثلين عن مختلف الاتحادات الهيئات التربوية الوطنية، تدعو كذلك الى ادماج المخيمات التربوية ضمن السياسات العمومية والعمل على مواكبة التحولات التكنولوجية استجابة لحاجيات ومتطلبات الأجيال الصاعدة. كما تؤكد المبادرة على ضرورة التحسيس بالأدوار الطلائعية للمخيمات التربوية في التنشئة الاجتماعية وتفعيل المقاربة التشاركية لإيجاد الحلول الناجعة للتغلب على الخصاص الحاد الذي تعاني منه ماديا وبشريا المخيمات التي كان لها الفضل في تكوين العديد من الأطر الوطنية في مختلف المجالات. فبعد قرار الغاء تنظيم المخيمات الصيفية سنتي 2020-2021، كانت المبادرة المدنية للنهوض بالمخيمات التربوية، قد اقترحت أن يكون هذا التوقف الاضطرري بسبب الجائحة، فرصة مناسبة للعمل على وضع استراتيجية وطنية متعددة الأبعاد للنهوض بقطاع التخييم الذي يعاني من الاهمال والتهميش منذ عقود، تعود لأسباب متعددة منها ماهو هيكلي وتربوي وبرامجي وتنشيطي. وهذا ما يتطلب اعداد خطة شاملة لتجاوز المعيقات الذاتية والموضوعية للنهوض بقطاع التخييم الذي مازال يعيش أعطاب مزمنة تقتضي في الرحلة الراهنة الانتقال من التشخيص والتشكي الى إبداع حلول قابلة للتطبيق من خلال اتخاد مبادرات تكون قادرة على احدات تلك النقلة النوعية المطلوبة، مع استثمار المكتسبات المحققة وتطويرها اخدا بعين الاعتبار التطورات الرقمية وحاجيات الطفولة والشباب في القرن 21 . ويبدو أن الشق التشريعي، يأتي في مقدمة الإصلاحات المطلوبة، خاصة في ظل غياب تشريع وقانون يؤطر المخيمات الصيفية ومواصلة الاعتماد على نصوص موروثة عن المرحلة الاستعمارية. كما أن عدم وضوح الترسانة القانونية والتنظيمية للتخييم، يتطلب البدء بملائمتها مع اتفاقية حقوق الطفل لنة 1989 والفصل الثالث عشر من الدستور الذي ينص على احدات هيئات للتشاورلإشراك مختلف الفاعلين افي اعداد السياسات العمومية وتفعيلها وتنفيذها وتقييمها. فهذا الأمر يفرض فتح ورشات تشاورية لسد الفراغ وتحديث الآليات التنظيمية وذلك بشراكة واضحة بين القطاع الوصي وبمساهمة كافة المتدخلين والشركاء وفي طليعتهم منظمات المجتمع المدني الفاعل والمنشغل دوما بالشأن التخييمي. وإن كانت المسؤولية مشتركة للسلطات العمومية والقطاع الخاص والمجتمع المدني، فإنها تظل هي القادرة على الارتقاء بمستوى المقاربة التشاركية والحكامة لا يجاد حلول ناجعة لتطوير وتأهيل المخيمات. وعلى الرغم من المجهودات التي بذلت في السنوات الأخيرة خاصة على مستوى الرفع من عدد المستفيدين، فان ذلك يظل رهينا بتأهيل بنيات الاستقبال وتجويد المضامين والمناهج التربوية، وملائمة أنشطة المخيمات مع التحولات التكنولوجية. كما يتطلب الأمر تحديد مفهوم وتعريف مؤسسة المخيم واعتبار النشاط التخييمي حاضر في الحياة اليومية للطفال وليس موسميا.. واقترح الأستاذ محمد طارق فتح نقاش عمومي يشارك فيه ممثلين عن الوزارة والجمعيات وخبراء لبلورة رؤيا وطنية للتتبع والتقييم المؤسساتي. وعموما تظل التساؤلات التالية مطروحة -هل قضايا الطفولة تدخل ضمن أولويات السياسة العمومية ؟ -ماهي حدود مسؤولية المكونات المتداخلة الأخرى؟ -وهل العرض التربوي الحالي يلبي حاجيات طفولتنا اليوم؟ ان الاسراع بوضع خطة استراتيجية وطنية مندمجة وعمومية تبقى جد ملحة في الظرفية الحالية بهدف اصلاح وتطوير منظومة المخيمات التربوية سواء على المستوى التشريعي او الفضاءات أو مجال التكوين. وتجدر الإشارة الى أن قرار وزارة الشباب والثقافة والتواصل ( قطاع الشباب )، ينص في فصله الأول بالخصوص على أن تنظيم البرنامج الوطني للتخييم يهدف الى تمكين الطفولة والشباب من فرصة الترويح عن النفس والاستمتاع بعطلة صيفية ممتعة بعيدا عن الاكراه الدراسي وزمن كورون". ويشتمل هذا البرنامج المنظم بشراكة مع الجامعة الوطنية للتخييم على تنظيم الأكفال واليافعين والشباب المنتمين لمختلف الجمعيات والمنظمات والقطاعات الاجتماعية والعمل المباشر ونزلاء مراكز حماية الطفولة وأطفال المهاجرين المقيمين بالمغرب والأطفال ذوى الاحتياجات الخاصة. فاعل تربوي