منذ بداية الغزو الروسي لأوكرانيا، وحتى بعد ذلك، في الأيام الأخيرة، تم استخدام مصطلحات مثل "جرائم الحرب" و"الابادة الجماعية"، ولقد اتهمت روسيا بارتكاب إبادة جماعية في أوكرانيا، وهي جريمة حرب أفظع. ومع ذلك، فإن للإبادة الجماعية تعريفا قانونيا محددا فلقد اتهم الرئيس الأوكراني والرئيس الأمريكي وحتى رئيس الوزراء البريطاني، الجيوش الروسية بارتكاب هذه الإبادة، مستشهدين بأدلة، على الاغتصاب والتعذيب والإعدام في مناطق بالقرب من العاصمة كييف. ولكن ما هي جرائم الحرب، ما الذي يميزها عن عمليات القتل، وغيرها من التدخلات في النزاعات العسكرية بين الدول؟ و هل الجنود على أرض المعارك، مسؤولون وحدهم على ارتكاب مثل هذه الجرائم، أم أن القادة الذين يديرون الحروب، بقرارات صارمة من مكاتبهم، لهم دور فيها؟ من المهم التنبيه، إن هذه قضية قانونية معقدة للغاية، وفي حالة هذا الغزو للأراضي الأوكرانية، تصبح أكثر تعقيدا بسبب وضع عالمي مفارق، فروسيا (وكذلك الولاياتالمتحدة والصين) لا تشارك أو لا تعترف بقرارات المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي بهولندا، ولقد رفضت بالفعل تنديد أعضاء المحكمة للغزو و قرارها بانطلاق التحقيق الدولي لمعرفة هل ارتكبت جرائم جماعية أم لا، إلا أن مسؤولوا روسيا يصرحون مند أعوام، انهم انسحبوا نهائيا منها، لذا لا تنطبق قرارات المحكمة الدولية، وأحكامها على الحروب التي تعلنها روسيا. وللاشارة، تُعد جرائم الحرب انتهاكًا خطيرًا، للأحكام العرفية و للقانون الدولي، في حالة إذا أرتكبت، من قبل فرد أو مجموعة من الأفراد أو العسكريين أو حتى المدنيين. و لائحة جرائم الحرب تشمل انتهاكات عديدة، مثل إعدام الأبرياء بدون محاكمة، والتعذيب الجماعي، والاغتصاب والنفي والاستعباد، وتدمير العمران المدني الحيوي. استخدام أسلحة غير تقليدية (بيولوجية ، كيميائية ، نووية) للدمار الشمال. استغلال الأطفال، واستخدامهم كمحاربين.. إلخ فاللائحة طويلة…كما تحاكم محكمة العدل الدولية في لاهاي ثلاثة أنواع أخرى من الجرائم الكبرى: الجرائم ضد الإنسانية، والإبادة الجماعية، وجرائم العدوان. ويصرح خبراء قانونيون، ان هناك بالفعل، أساسا معقولا للاعتقاد، بأن كلا من جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية، ربما اقترفها الجيش الروسي في أوكرنيا0 الا انه، و على الرغم من الأدلة، التي تم الكشف عنها في الأيام الأخيرة، بعد معاينة و إحصاء الجثث في المدن المنكوبة، فإنه سيتعين، إثبات، أن الجيوش الروسية، قد اختارت فعلا، و بشكل منهجي الأهداف المدنية، وأن جرائم القتل، لم تكن نتيجة سلوكات عدوانية متفرقة، لجنود متهورين بدون ضمير0 وللمعلومة التاريخية ، فلقد طلبت أوكرانيا سنة 2014، بإجراء تحقيق، من قبل المحكمة الجنائية الدولية، بعد أن ضمت روسيا شبه جزيرة القرم غصبا. و في سنة 2018 أقر قضاة المحكمة الدولية، إن هناك أساسا معقولا، لافتراض أن جرائم الحرب، بما في ذلك التعذيب والاغتصاب وإطلاق النار على المدنيين، قد وقعت في المناطق الشرقية من أوكرانيا، حيث قاتل الانفصاليون الموالون لروسيا، ضد الحكومة في كييف. إلا أن التحقيق وقتها توقف بسبب تفشي وباء كورونا. من أجل محاكمة القادة العسكريون الروس ، كما يتمنى الغربيون، سيكون من الضروري إلقاء القبض عليهم اولا، ثم تسليمهم إلى المحكمة. لكن طالما أنهم هم قياد الأركان العسكرية للدولة الروسية، وأنه في الوقت الحالي، لا يبدو أن هناك أي هيئة في روسيا تتحدى قراراتهم ، فمن غير المرجح أن يتغير هذا الوضع – لذلك، ما داموا في السلطة، ستستخدم روسيا، حق النقض ضد كل خطوة، يتخذها مجلس الأمن الدولي، لإحالة الأحداث المشتبه في ارتكابها انها جرائم حرب، إلى المحكمة الجنائية في لاهاي للنظر فيها. لكن مرة أخرى ، حتى لو حوكموا من طرف الغربيين ، فإن العقوبة في حالة إدانتهم، ستكون بلا فائدة، طالما من المستحيل إحالتهم على المحاكمة.